نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا أعده إيليان بيلتير، ‏وديكلان وولش، وعمر حما سالي، قالوا فيه إن رئيس النيجر ‏المعزول محمد بازوم تحول لشخصية محترمة دوليا، لكنه لم ‏يحظ بإجماع من مواطنيه الذين انتقدوه.

 فقد عبر بازوم عن خوف من الانقلابات العسكرية التي ‏اجتاحت دول الجوار، وبعد أسابيع حضر جنوده وسجنوه في ‏بيته.



وعندما استولى الجنود المتمردون على السلطة في ‏بوركينا فاسو، غرب أفريقيا العام الماضي، لم يهتم رئيس ‏النيجر، وقال في حديث مع دبلوماسيين غربيين جلسا في ‏مكتبه مع انتشار أخبار الانقلاب "هذه سخافة"، وهذه سخرية ‏أن يقوم الجنود المسؤولون عن أمن بوركينا فاسو بالاستيلاء ‏على السلطة وقلب الحكومة هناك وباسم إعادة الأمن.
 ‏
ويواجه بازوم نفس المصير، حيث أطاح جنود به في الشهر ‏الماضي ووجهوا له تهمة الفشل بحماية النيجر من الجماعات ‏المسلحة، ولا يزال رهينة في بيته بعد ثلاثة أسابيع من الانقلاب.



ويحاول حلفاء بازوم الغربيين والأفارقة التفاوض بشأن ‏الإفراج عنه.
 ‏
وتقول الصحيفة إنه تم الاحتفال ببازوم في العواصم الغربية ‏لسجله الديمقراطي وموقفه المتشدد من الجماعات الإسلامية المتطرفة.
 ‏
ويقول العالم السياسي النيجري رحمن إدريسا "كان بازوم ‏في جزيرة تحيط بها التماسيح وظل ملاحقا بشبح انقلاب ‏محتمل"،  وأصبحت النيجر الآن في يد الجنرال عبد الرحمن ‏تياني، قائد وحدة انقلبت على رئيس كان من المفترض أن ‏تحميه. ‏

وكان سقوطا وحشيا لبازوم (63 عاما) الذي عمل مدرسا في ‏الثانوية وخدم كوزير للخارجية والداخلية قبل انتخابه رئيسا ‏عام 2021. ولعب دورا في تحويل النيجر إلى حليفة الغرب ‏المفضلة، حتى في ظل تشكيك النقاد بشرعية انتصاره ‏والإحباط المتزايد من سياساته التي رأى الكثيرون أنها ‏مصممة لإرضاء الغرب.‏

‏وتعتبر النيجر واحدة من أفقر دول العالم، وتحولت ‏الصحراء الكبرى إلى مركز للجماعات الإسلامية المتطرفة، ‏رغم عقد من الجهود العسكرية الغربية. وبالنسبة للشركاء ‏الغربيين مثل فرنسا والولايات المتحدة، فقد كان بازوم يمثل ‏أملا بالاستقرار، وخلفهم انقلاب الجيش ضده بلا حليف. ‏وعندما حاصر الجنود مقر إقامته بالعاصمة نيامي في 26 ‏تموز/يوليو فر مع زوجته وابنه إلى غرفة آمنة واتصل مع ‏حلفائه الغربيين، حيث أعلمهم بمأزقه.

واعتقد بازوم أن الوحدات الموالية له في الجيش ستأتي ‏لنجدته وسيعود إلى السلطة مع حلول الظلام بدون أي أذى، ‏حسب قول مسؤول أمريكي سابق تحدث إليه في ذلك اليوم، ‏ووصف الحوار الذي دار بينهما بشرط الكشف عن هويته.



‏ولم يصل سلاح الفرسان أبدا، وأرسلت الوحدات الموالية ‏لبازوم إلى منطقة نائية من اجل التحضير ليوم الاستقلال في ‏‏3 آب/أغسطس، حسب المسؤول السابق، واستطاع الجنود ‏المتمردون بقيادة تياني السيطرة سريعا على الوضع.

‏وتحصن الحرس داخل بيت بازوم مع أقفال جديدة، حسب ‏واحد من أعضاء حكومته، طلب عدم الكشف عن هويته. ‏ورفض الاستقالة إلا أن النخبة العسكرية الحاكمة حلت ‏حكومته وأعلنت عن أخرى.  ‏

وعندما هددت مجموعة غرب أفريقيا الاقتصادية بالتدخل ‏العسكري وإعادته بالقوة إلى السلطة، هدد الجيش بقتله حالة ‏حدوث هذا، كما هدد قادة الانقلاب بأنه سيحاكم بتهمة الخيانة ‏العظمى.

وفي البداية لم يتفق بازوم مع واشنطن، ففي أول رحلة له ‏كوزير للخارجية عام 2011 انتقد التدخل الغربي في ليبيا، ‏حيث توقع أنه سيطلق العنان لموجة من عدم الاستقرار، ‏وذلك حسب جي بيتر فام، المبعوث الأمريكي السابق لمنطقة ‏الساحل والذي استضاف بازوم أثناء الزيارة.

‏وجاءت نبوءة بازوم من خلال توسع الجماعات الإسلامية ‏في منطقة الساحل واستخدموا الأسلحة التي قام ‏بعض الأطراف بتهريبها بسبب الفوضى في ليبيا. ونشرت فرنسا ‏آلافا من جنودها بمنطقة الساحل وأنشأت واشنطن قاعدة ‏للمسيرات كجزء من عملية مكافحة للإرهاب.

وكوزير ‏للداخلية أصبح الوجه العام للعلاقات في النيجر. وفي مقابلة ‏مع نيويورك تايمز عام 2018 قال "كل ما أعرفه أنهم ‏أمريكيون"، حيث كان يعلق على قاعدة المسيرات الأمريكية ‏في شمال- شرق البلاد.

وكرئيس دافع عن سياسات قربته من ‏القوى الغربية، فقد وعد ببناء مئة مدرسة داخلية لتعليم ‏الفتيات وتخفيض معدلات الزواج المبكرة، وكان هدفه ‏تخفيض معدل الولادة للمرأة النيجرية. ‏



وبدعم من القوى العسكرية الغربية وبرامج المساعدات ‏بالملايين من الدولارات، كثف من الحملات ضد الجماعات ‏الموالية لتنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة. وتبنى كذلك ‏الحوار مع المسلحين وإقناعهم على تسليم أسلحتهم مقابل ‏الدعم الاقتصادي والتدريب المهني. ‏

ومع تقاربه مع الغرب، تقرب بازوم من القوى الأجنبية ‏الأخرى في القارة، فقد اشترى مسيرات قتالية من تركيا ‏ودعم بناء خط أنبوب النفط الذي تشرف عليه الصين، ويمكن ‏أن يؤدي لازدهار اقتصاد النيجر. وأثمرت جهوده ثمارا على ‏ما يبدو، فبحسب مشروع بيانات مكان النزاع والحدث، ‏انخفضت الهجمات ضد المدنيين في النيجر، خلال الستة ‏أشهر الأولى من هذا العام إلى 39%، مقارنة مع مالي ‏وبوركينا فاسو، حيث  استولى الجيش على السلطة في  ‏‏2021 و 2022 ساء الوضع. ‏
لكن الدعم الحماسي لبازوم في الغرب لم ينعكس على ‏الداخل، حيث اتهم نقاده بأن انتخابه كان مزورا، مع أن ‏المراقبين من الإتحاد الأفريقي أكدوا النتائج.

وحاول الخروج ‏من ظل سلفه الرئيس محمدو يوسفو، وزار ضحايا الهجمات ‏الإرهابية ومحاكمة عدد من المسؤولين بتهمة الفساد، وهو ‏نهج أظهر العناية والشدة أكثر من يوسفو. لكنه لم ينجح ‏باستخدام قدراته التعليمية لإقناع الرأي العام بخططه لتعليم ‏البنات.

ويقول إدريسا، الباحث الآن في المركز الأفريقي في ‏جامعة لايدن بهولندا: "فرض أساليبه بنهج أبوي مخبرا ‏النيجريين ما هو صالح لهم". ومع زيادة السخط على تقارب ‏النيجر مع فرنسا، المستعمر السابق، لم يظهر بازوم تسامحا ‏مع المعارضة.

وزاد التوتر داخل الجيش، حيث عبر بعض ‏الضباط عن السخط من قرارات بازوم الإفراج عن إسلاميين قتلوا جنودا. ودعا بعض الجنرالات لعلاقات مع ‏مالي التي أقام حكامها العسكريون علاقات مع شركة فاغنر ‏الروسية للمرتزقة، وهو ما لم يرده بازوم.

وكان ينوي عزل ‏تياني، قائد الحرس الرئاسي المكون من 700 جنديا في لقاء ‏الحكومة يوم 27 تموز/يوليو، وذلك حسب مستشارين طلبا ‏عدم الكشف عن هويتهما، لكن تياني تحرك أولا في 26 ‏تموز/يوليو وأطاح بالرئيس.

واليوم هناك قلة تدعم علنا ‏بازوم، فقد اعتقلت النخبة العسكرية الكثير من حلفائه، فيما ‏فر آخرون إلى الخارج.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة النيجر بازوم الانقلابات الغربيين انقلاب النيجر روسيا الغرب بازوم صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

نتنياهو يتخطّى إدارة الجيش ويعيّن زيني رئيسًا للشاباك رغم التشكيك في مؤهلاته

بعد أن أثار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جدلًا بتعيين اللواء السابق دافيد زيني رئيسًا لجهاز الأمن العام (الشاباك) دون تنسيق مع رئاسة الأركان، رد الجيش الإسرائيلي بقرار مفاجئ أعلن فيه إقالة زيني. اعلان

وكان تعيين زيني قد أثار غضبًا واسعًا في الداخل الإسرائيلي، حيث اعتُبر تحديًا لقرار المستشارة القضائية للحكومة، التي أكدت أن إقالة الرئيس السابق للشاباك، رونين بار، كانت غير قانونية.

يعود أصل الأزمة إلى 6 مارس/آذار الماضي، عندما أعلن نتنياهو قراره بإقالة بار، مبررًا ذلك بفقدان الثقة به. غير أن هذه الخطوة أثارت تساؤلات واسعة، خاصة أنها جاءت في وقت حساس، إذ كان الشاباك يجري تحقيقات ضد ثلاثة من مستشاري نتنياهو بتهمة التورط في القضية المعروفة بـ"قطر غيت".

وتزعم هذه القضية أن المستشارين المذكورين تلقوا أموالًا من دولة قطر لتسريب وثائق سرية تخصّ الجيش الإسرائيلي. وقد أُشير إلى أن هذه الوثائق سُلّمت عبر شركة دولية تعاقدت معها الدوحة، بهدف تزويد صحافيين إسرائيليين بتقارير ذات طابع مؤيد لها.

منذ ذلك الحين، وتحت ضغوط كبيرة من المعارضة السياسية، تراجعت الحكومة الإسرائيلية عن قرار إقالة بار مرتين، رغم مصادقتها عليه، إلى أن أعلن بار بنفسه رغبته في إنهاء مهامه في 28 نيسان/أبريل الماضي.

رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار في المقبرة العسكرية بجبل هرتسل في القدس، 13 مايو/أيار 2024.Gil Cohen-Magen/Pool photo via AP, File

غير أن المحكمة العليا الإسرائيلية، ورغم انسحاب بار الهادئ، أصرت على استكمال التحقيقات في ظروف الإقالة، وأصدرت قرارًا يوم الأربعاء يفيد بأن الإقالة تمت نتيجة تضارب مصالح من قبل رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وبالتالي كانت غير سليمة.

بعد قرار المحكمة بيوم، جاء تعيين نتنياهو لزيني رئيسًا للشاباك بمثابة قنبلة، حيث اعتُبر تجاوزًا للبروتوكولات القانونية. كما أن هناك من يتهم المسؤول الأمني الجديد المقرب من رئيس الوزراء، بأنه يفتقر إلى المؤهلات الاستخباراتية اللازمة لتولي المنصب.

ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن 10 من كبار الضباط قولهم إن هناك علامات استفهام كثيرة بشأن رئيس الشاباك المعين، خاصة أنه لم يحظَ بتصنيف إيجابي كبير في المؤسسة العسكرية.

Relatedحكومة نتنياهو تلغي قرار إقالة رئيس الشاباك رونين بار"لست واهمًا.. ما أقوله يحدث": رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت يحذّر من اندلاع حرب أهلية في إسرائيلقضية تهز إسرائيل.. ماذا نعرف عن فضيحة "قطر غيت"؟

وعلقت المستشارة القضائية، غالي بهاراف ميارا، في بيان مقتضب على قرار التعيين بقولها: "رئيس الحكومة تصرّف على نحو يتعارض مع التوجيهات القانونية"، مضيفة أن هناك مخاوف جدية من أن هناك تضاربًا في المصالح، وأن عملية التعيين تشوبها عيوب. وأشارت إلى أن زعيم حزب الليكود لم ينتظر اكتمال التعليمات القانونية التي تضمن نزاهة التعيين، بل سارع إلى ذلك متجاوزًا كل الاعتبارات.

ومضى رئيس الوزراء في تمرّده، فعقد لقاءً خاصًا مع رئيس الشاباك المعيّن حديثًا، دون علم رئيس الأركان إيال زامير، الذي قيل إنه تفاجأ بالقرار، وأُخطر به قبل لحظات من إعلانه.

على الرغم من قيام زامير بفصل زيني من الجيش، فإن هذا الإجراء لا يبدو أنه سيمنعه من تولي منصب رئيس الشاباك، بل لا يعدو كونه رسالة موجّهة إلى زعيم حزب الليكود.

مكتب رئاسة الوزراء الإسرائيلي يعلن عن تعيين زيني خلفا لبار

في هذا السياق، هاجم رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، الذي حذّر قبل شهر من أن تعنّت اليمين المتطرف قد يكون فتيلًا لحرب أهلية، نتنياهو قائلًا: "لم يسبق لي أن رأيت حالة يكون فيها رئيس الحكومة قادرًا على التحدث مباشرة مع كبار ضباط الجيش دون تنسيق مع رئيس الأركان. المشكلة أن رئيس الحكومة فوق القانون، وما يحدث الآن هو تجسيد حقيقي للحظة الدستورية التي لطالما حذّرنا منها".

وأضاف: "عندما يخرق نتنياهو التعليمات الموجهة إليه، كما تجاهل بالأمس قرار وقف تعيين رئيس الشاباك، فإنه يتمرد على القانون ويعلنها حربًا على القضاء".

اعلان

من جهته، اتهم رئيس حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان نتنياهو بانتهاك قواعد الجيش وقيمه والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وبتقديم مصالحه الشخصية على أمن البلاد.

ليبرمان عبر "إكس": نتنياهو يواصل استغلال أمن الدولة لمصالحه الشخصية والسياسية.

أما يائير لابيد، زعيم المعارضة السياسية، فقد دعا زيني إلى الإعتذار عن قبول تعيينه حتى تصدر المحكمة العليا حكمها في هذا الشأن، وقال إن نتنياهو قام بكل هذه الخطوات للتستر على فضيحة "قطر غيت".

كما نقل موقع "واللا" العبري عن رئيس جامعة تل أبيب قوله للواء زيني: "تعيينك في منصب رئيس الشاباك سيؤدي إلى حرب أهلية".

اعلانانتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • بعد وفاة طالبين.. الجيش العراقي يغير أوقات التدريبات العسكرية
  • رئيس هيئة الأركان يعقد اجتماعاً عسكريا موسعاً في عدن ويوجه برفع مستوى الجاهزية القتالية في كافة الوحدات العسكرية .. عاجل
  • الجيش يتسلّم هبة مالية قطرية لدعم عناصر المؤسسة العسكرية
  • نائب رئيس أركان الجيش اللبناني الأسبق: المرحلة الحالية بداية عهد جديد
  • نتنياهو يتخطّى إدارة الجيش ويعيّن زيني رئيسًا للشاباك رغم التشكيك في مؤهلاته
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يستدعي رئيس الشاباك المُعيّن
  • رئيس وزراء النيجر يناقش التحديات الإقليمية المشتركة مع الفريق صدام حفتر
  • الجيش: مواصلة التمارين التدريبية في منطقة التدريب العسكرية في القرنة السوداء
  • الساعدي: القواعد الشرعية تقضي بأن مقترحات اللجنة الاستشارية هراء مثلما قال المفتي
  • شخبوط بن نهيان يلتقي رئيس النيجر