كنت من الذين رفضوا استخدام مصطلح "الإبادة الجماعية" لوصف الحرب في غزة، ولكن التطورات الأخيرة على الأرض لا تترك مجالا للشك حول الطبيعة الحقيقية للنوايا والأفعال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية.

هذا ما لخص به الكاتب الصحفي ورئيس التحرير السابق للمجلة الشهرية "البدائل الاقتصادية"، غيوم دوفال، موقفه الجديد مما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، وذلك في مقال رأي له بمجلة لوبس الفرنسية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2مخاوف روسية من مواجهة عسكرية وشيكة بين أميركا وإيرانlist 2 of 2صحيفة روسية: هل تستعد واشنطن لعملية برية في اليمن؟end of list

ولفت، في البداية، إلى أنه ظل، على الرغم من حقيقة أن العديد من المسؤولين الإسرائيليين أعربوا مرارا وتكرارا عن نوايا إبادة جماعية واضحة في هذا الصدد، يرى أن مصطلحي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كانا كافيين لوصف مثل هذه الأفعال، وكان يعتقد أن من المهم عدم المخاطرة بإساءة استخدام كلمة "الإبادة الجماعية".

لقد انتهكت الحكومة الإسرائيلية من جانب واحد الهدنة التي تم توقيعها برعاية الرئيس جو بايدن وقامت باستئناف الحرب والقصف، معرضة حياة الرهائن المتبقين للخطر ومتسببة، مرة أخرى، في مقتل الآلاف من المدنيين الإضافيين، بما في ذلك الكثير من الأطفال.

وأبرز دوفال أن إسرائيل لم تتوقف عند هذا الحد، بل فرضت حصارا كاملا على القطاع منذ أكثر من شهر، ومنعت دخول أي مواد غذائية أو وقود أو مياه أو كهرباء أو أدوية إلى غزة، مما يعني أن المجاعة لم تعد منتشرة في جميع أنحاء القطاع فحسب، بل هناك أيضا نقص في مياه الشرب والقدرة على الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية.

إعلان

وذكر بأن المادة 2 من الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها تعرف هذه الجريمة بأنها "أي من الأفعال التالية المرتكبة بقصد تدمير جماعة قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية بصفتها هذه، كليا أو جزئيا:

(أ) قتل أعضاء مجموعة معينة.

(ب) إلحاق ضرر جسيم بالسلامة البدنية أو العقلية لأعضاء المجموعة.

(ج) فرض ظروف معيشية متعمدة على تلك المجموعة من شأنها أن تؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا.

(د) فرض تدابير تفضي إلى منع الولادات داخل المجموعة.

(هـ) النقل القسري للأطفال من المجموعة إلى مجموعة أخرى".

وكما هي الحال منذ عام ونصف العام، فمن المستحيل تقديم تقارير دقيقة عن الوضع في غزة، لأن الحكومة الإسرائيلية تمنع أيضا وصول الصحفيين لهذه المنطقة، ولكن هذه التطورات الأخيرة لا تترك للأسف مجالا للشك حول الطبيعة الحقيقية للنوايا والأفعال التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية، وحتى لو كان الأمر متروكا بطبيعة الحال لقضاة المحكمة الجنائية الدولية لاتخاذ القرار في نهاية المطاف، فقد أصبح من المستحيل لأي شخص عاقل أن يرفض فكرة أننا نتعامل الآن بالفعل مع إبادة جماعية بموجب الحالات الثلاث الأولى المنصوص عليها في الاتفاقية، وفقا للكاتب.

وأردف دوفال قائلا: "أمام هذه القفزة النوعية الكبرى في فظاعة السياسة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية، بمباركة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، فإن استمرار تقاعس الاتحاد الأوروبي يصبح، بما في الكلمة من معنى، عملا إجراميا. ولكن على النقيض من هذا الوعي، اعتبرت كايا كالاس، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، أنه من الضروري تعزيز علاقات الاتحاد الأوروبي مع حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأسابيع الأخيرة، في حين انتقدت الموقف الذي كان سلفها جوزيب بوريل قد اتخذه إزاء نتنياهو".

إعلان

وانتقد دوفال، الذي تولى كذلك كتابة خطابات الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائب رئيس المفوضية جوزيب بوريل دول الاتحاد الأوروبي، قائلا إن "سلبية الزعماء الأوروبيين في مواجهة تصرفات حكومة نتنياهو لا يمكن أن توصف بأي شيء آخر غير التواطؤ النشط في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الحکومة الإسرائیلیة الإبادة الجماعیة الاتحاد الأوروبی

إقرأ أيضاً:

حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ليست إلا البداية

في 1 نوفمبر 2023، أي بعد أقل من شهرين من حرب الإبادة التي بدأتها إسرائيل في غزة بعد 7 أكتوبر 2023، استقال هاريسون مان، الضابط برتبة "ميجر" (رائد)، من المخابرات العسكرية الأمريكية بسبب الدعم الأمريكي لإسرائيل.

انتظر مان نحو ستة أشهر، أي في مايو 2024، لنشر رسالة على حسابه على "لينكد إن" للبوح ببواعث استقالته، قائلا "إن الخوف منعه من ذلك".

وفي نص استقالته أشار هاريسون مان إلى أن "الدعم الأمريكي غير المشروط" للهجمات الإسرائيلية على غزة أدى إلى مقتل عشرات آلاف الأبرياء من الفلسطينيين وتجويع آخرين.

وأضاف أنه شعر وكأنه يعيش في "عالم آخر موازٍ" عندما رأى حجم دعم زملائه في وكالة استخبارات الدفاع لإسرائيل وهجماتها على غزة.

الضابط الأمريكي أوضح أنه ينحدر من أسرة يهودية أوروبية، وأنه عمل طيلة 13 عاما في صفوف جيش بلاده، فيما كانت يعمل قبل استقالته في مهمة "محلل استخبارات الشرق الأوسط".

وأعرب حينها عن شعوره بـالخزي والذنب إزاء مشاهد القتل والدمار الوحشية "القادمة من غزة"، مؤكدا أنه "لم يكن بإمكانه مواصلة عمله متجاهلا كل ذلك".

وقد واصل الضابط ظهوره الإعلامي والتعبير عن إدانته لجرائم إسرائيل في حق الفلسطينيين والدعم الأمريكي لها من قبل إدارة بادين، حينها، والذي استمر، بل زاد وبشكل أكثر تبجحا وتواطؤا من قبل إدارة ترامب.

وقد نشر ضابط الاستخبارات السابق هذا الأسبوع على حسابه على "لينكد إن"، ما اعتقد أنه من أكثر المنشورات خطورة، وتعبيرا وتحذيرا مما يحدث في غزة.

وقد كتب مان مخاطبا أصدقاءه ومتابعيه في العاصمة واشنطن: "إذا كنتم مرعوبين من المجاعة في غزة الآن.. فإن غزة هي مجرد البداية".

وحذر من أنه "إذا لم يتم إيقاف إسرائيل، فستقتل أو تطرد كل رجل وامرأة وطفل في غزة، وهو ما لن يمثل نهاية الإبادة الجماعية، بل مجرد نهاية المرحلة الغزية منها". وأكد الضابط اليهودي على أن "قادة إسرائيل السياسيون صريحون في رغبتهم في تطهير ملايين الفلسطينيين من الضفة الغربية، وقد سرعوا بالفعل من التطهير العرقي هناك؛ ورؤى "إسرائيل الكبرى" لا تعرف حدودًا".

هذه التحذيرات تقرع أجراس خطر جدية، وفعلية خاصة وأنها تأتي من ضابط استخبارات أمريكي سابق، يتحدث عن قناعة وإطلاع، وشجاعة كبيرة، إن لم تكن نادرة، بالنظر لخلفيته اليهودية، التي لم تمنعه من أن يرفع صوته عاليا ليحذر من أن "ما تقوم الدولة العبرية في غزة ليس إلا البداية، وأن رؤى "إسرائيل الكبرى" لا تعرف حدودًا، كما يعلن ذلك قادتها".وشدد مان على "أن الصور المزعجة لمذابح غزة ستبدأ في التدفق من الضفة الغربية، وبعد ذلك من لبنان وسوريا، وبعد ذلك، من يدري؟ مصر، الأردن؟ وقد أشار وزير من حزب نتنياهو مؤخرًا إلى تركيا على أنها إيران القادمة".

وذهب الضابط الأمريكي السابق للقول إنه "بالنسبة لأولئك الذين تحركهم غزة، يجب أن نفهم أن هذه معركة طويلة ـ فنحن "فقط" في السنة الثانية من 5 أو 10 أو 15 سنة أخرى ـ وتذكير بأنه لا يزال هناك الكثير من الضرر الذي يمكننا منعه.

وفي ما بدت لي انتباهة مثيرة فعلا يستشف من كلام هاريسون مان أن هناك تنافسا بين الجمهوريين والديمقراطيين في دعم إسرائيل وحرب إبادتها، وأن الأمر يتجاوز ترامب وإدارته، واعتبر أن ما أسماهم "الرعاة الأصليون لحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة من إدارة بايدن يسعون للعودة إلى مناصب السلطة حيث يمكنهم مرة أخرى دعم جرائم إسرائيل ضد الإنسانية" إن "لم تكن هناك عواقب قانونية أو مهنية أو حتى اجتماعية في واشنطن العاصمة. على هؤلاء".

وكتب مان "أعلم أنهم يعتزمون العودة إلى السلطة لأنهم يقبلون أدوارًا مؤثرة ومعززة للمكانة في مؤسسات مرتبطة بالحزب الديمقراطي (انظر أنتوني بلينكن (وزير الخارجية السابق) في مجلس إدارة مركز التقدم الأمريكي أو جاك سوليفان (مستشار الأمن القومي السابق)، الذي يشارك في تأليف "مشروع 2029").

وأضاف هاريسون مان "أعلم أنهم سيسهلون الإبادة الجماعية القادمة لإسرائيل لأنه منذ مغادرتهم منصبهم، دافع بلينكن وسوليفان وبريت ماكغورك (المبعوث الأمريكي الخاص السابق للشرق الأوسط وشمال أفريقيا) بفخر عن سجلاتهم في دعم إسرائيل دون قيد أو شرط."

هذه التحذيرات تقرع أجراس خطر جدية، وفعلية خاصة وأنها تأتي من ضابط استخبارات أمريكي سابق، يتحدث عن قناعة وإطلاع، وشجاعة كبيرة، إن لم تكن نادرة، بالنظر لخلفيته اليهودية، التي لم تمنعه من أن يرفع صوته عاليا ليحذر من أن "ما تقوم الدولة العبرية في غزة ليس إلا البداية، وأن رؤى "إسرائيل الكبرى" لا تعرف حدودًا، كما يعلن ذلك قادتها".

لقد أعذر من أنذر.. ولا عذر لمن يتعذر!

مقالات مشابهة

  • الشرطة الإسرائيلية تعتدي على متظاهرين بتل أبيب
  • فلسطين: يجب وقف إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية في غزة
  • الاحتلال الإسرائيلي أمام اتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.. أدلة متزايدة ورفض رسمي
  • خبير دولي: إيصال المساعدات لغزة يُفشل أحد أدوات الإبادة الجماعية الإسرائيلية
  • حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة ليست إلا البداية
  • نشطاء ألمان يتظاهرون للمطالبة بوقف الإبادة الجماعية في غزة
  • كاتب بريطاني: جريمة التجويع المتعمدة بغزة لم تنجح لولا تواطؤ الغرب
  • لأول مرة.. عضوة جمهورية بالكونجرس تصف ما تفعله إسرائيل في غزة بـ الإبادة الجماعية
  • نائبة أوروبية: الاتحاد الأوروبي متواطئ في الإبادة الجماعية بغزة
  • ارتفاع ضحايا الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة إلى 60 ألفا و34 شهيدا