تستضيف واشنطن محادثات غير مباشرة بين الحكومة السودانية والإدارة الأميركية، لبحث سبل إنهاء الحرب واستكشاف ملامح “خارطة طريق” جديدة، يمكن أن تتبناها الولايات المتحدة، لتحقيق هذا الهدف.

وتعكس تشكيلة الوفد السوداني، الذي يجري هذه المحادثات حاليّا، الأهمية التي توليها الخرطوم للملف الأمني وطبيعة الرسائل التي يحملها، فإلى جانب وزير الخارجية المكلّف محي الدين سالم، الذي يترأس الوفد، يبرز حضور رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية، الفريق ركن أحمد علي صبير، والعقيد عمرو أبو عبيدة، بالإضافة إلى الملحق العسكري والمستشار الأمني في السفارة السودانية في واشنطن.

وتعتبر هذه المحادثات أوّل اختبار حقيقيّ لمدى قدرة “حكومة السودان” على التكيّف مع النهج الجديد للسياسة الخارجية الأميركية في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب، فالاتصالات لا تتمّ عبر القنوات الدبلوماسية التقليدية فحسب، بل تجري بتنسيق مباشر مع مسعد بولس، كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، وهو ما يعكس تحوّلاً أميركياً نحو تبني لغة التواصل المباشر، كبديل للمسارات السياسية المعقّدة التي سادت سابقاً.

وتأتي المحادثات في العاصمة الأميركية في ظل استفحال الكارثة الإنسانية في السودان.

وفي هذا الإطار، لا تتوقف الأمم المتحدة عن دق ناقوس الخطر والدعوة إلى وقف القتال من أجل إنقاذ أرواح المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية لمحتاجيها.

ويصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ومسؤولو الإغاثة الأمميون الوضع في بأنه “مجاعة كارثية”، ويؤكدون أن ما يحدث، خاصة في حصار مدينة الفاشر عاصمة إقليم شمال دارفور، يرقى إلى “جرائم حرب” و”تطهير عرقي”.

وتحاصر “قوات الدعم السريع” المدينة، وتشنّ هجمات مستمرة على مواقع الجيش السوادني فيها.

وقد أكدت مصادر سودانية لـ”الحرة” أن محادثات وفد الجيش السوداني في واشنطن تتمحور حول مقايضات محددة هي جوهر “الصفقة المحتملة”، التي تسعى الخرطوم لعقدها مع إدارة ترامب عبر بولس.

وتتحدّث هذه المصادر عن مقايضة “ورقة الفاشر” بـ”تصنيف واشنطن قوات الدعم السريع كمنظّمة إرهابية”، وتشير إلى أن ملف حصار المدينة يُستخدم كـ”دليل جنائي” لإقناع الولايات المتحدة بذلك.

ويجادل الوفد السوداني بأن ما تقوم به “قوات الدعم السريع بشكل ممنهج يثبت أنها ليست طرفاً سياسياً يمكن التفاوض معه، بل ميليشيا إجرامية”.

وتوضح المصادر نفسها أن ثمة مسعى لما أسمتها مقايضة استراتيجية كبرى، تشمل “ورقة روسيا” مقابل “الضغط على الإمارات”، حيث تدرك الخرطوم، كما تقول المصادر لـ”الحرة”، قلق واشنطن العميق من إنشاء قاعدة بحرية روسية في مدينة بورتسودان. لذلك تقدّم عرضاً مفاده: “نحن مستعدون لمراجعة الاتفاقيات مع موسكو، وتأمين مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في البحر الأحمر، مقابل قيام واشنطن بالضغط الحقيقي والفعال على الإمارات لوقف دعمها العسكري واللوجستي لقوات الدعم السريع”.

وتتحدّث المصادر عن مقايضة ثالثة: حكومة الأمن والاستقرار مقابل استبعاد الحكومة المدنية. وتبيّن أن “الوفد يطرح الآن فكرة حكومة كفاءات (تكنوقراط) موسعة، هدفها ليس السياسة، بل تحقيق الأمن والاستقرار وإدارة ملف الإغاثة وإعادة الإعمار. هذه الحكومة تعمل تحت حماية الجيش، وهي صيغة تهدف لطمأنة واشنطن بأنها ستتعامل مع دولة قادرة على فرض النظام”، تضيف المصادر نفسها.

وبالرغم من نجاح وفد الخرطوم في تجاوز المنابر الإقليمية والوصول مباشرة إلى واشنطن، فإن السؤال المطروح الآن هو: هل العرض الذي قدّمه الجيش السوداني على طاولة بولس، سيحظى بدعم إدارة ترامب كي تنخرط أكثر في جهود وقف الحرب في السودان؟

رشا ابراهيم – الحرة إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

احتجاجات عدن تكشف سياسة التجويع والترويع التي ينتهجها العدوان ومرتزقته

وأكدت مصادر محلية أن الانقطاعات المتكررة للكهرباء والمياه وتدهور البنية التحتية الصحية تسببت في معاناة يومية للسكان، مع ارتفاع الأسعار وتفاقم الأمراض، ما يجعل الحياة في عدن شبه متوقفة.

وأشارت المصادر إلى أن هذه الظروف ليست وليدة الصدفة، بل تأتي ضمن سياسة ممنهجة من تحالف العدوان ومرتزقته تهدف إلى إشغال المواطنين بمشاكلهم اليومية، حتى يتسنى لهم مواصلة نهب الموارد العامة وممارسة السيطرة على المحافظات المحتلة دون مقاومة فعلية.

وتؤكد المعطيات أن الهدف الحقيقي وراء هذه الإدارة الاستعمارية هو خلق حالة من التجويع والخوف، بحيث يُستنزف صبر المواطنين ويُشتت تركيزهم عن المخططات الاقتصادية والسياسية للعدو، بما في ذلك السيطرة على الموانئ والمرافق الحيوية وتهريب الموارد.

وأضافت المصادر أن هذه السياسة لا تؤثر فقط على الجانب المعيشي، بل تُعد محاولة لتفكيك النسيج الاجتماعي وتقويض إرادة الشعب في مواجهة الاحتلال ومرتزقته.

ويطالب المحتجون بسرعة التدخل لإصلاح البنية التحتية واستعادة خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي، مؤكدين أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تصعيد الاحتجاجات وانتشار الغضب الشعبي في المدينة والمناطق المجاورة.

وتشير المصادر إلى أن الاحتياجات الأساسية للسكان تتواصل لليوم الرابع على التوالي، فيما يظل تحالف العدوان ومرتزقته عاجزين عن معالجة الأزمة، ما يوضح حجم الفشل الإداري والسياسي لديهم ويعكس استمرار المعاناة الإنسانية التي فرضتها سياساتهم التدميرية المتعمدة.

وعلى غرار عدن، تعيش باقي المحافظات والمناطق المحتلة أوضاعاً مأساوية وتدهوراً معيشياً شاملاً، فضلاً عن غياب الأمن وانتشار الفوضى وأعمال السلب والنهب والتقطعات، ما جعل من تلك المناطق بيئة طاردة للحياة.

مقالات مشابهة

  • “الرباعية” تنطلق وتدفع بمبادرة واحدة تجاه الجيش السوداني و”الدعم السريع” كضربة بداية وعبد العزيز الحلو يتقدم بطلب غريب
  • كشف تفاصيل جديدة عن مفاوضات الجيش السوداني و”الدعم السريع” في واشنطن
  • الجيش السوداني يصد موجة هجوم جديدة على الفاشر
  • أنباء عن مفاوضات بين وفدي الجيش السوداني و”الدعم السريع” في واشنطن.. تقدم لافت يسود المباحثات
  • الخارجية تنفي إجراء مفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في واشنطن
  • إذاعة جيش الاحتلال: الجيش يشن هجوما في عمق لبنان
  • حقيقة التفاوض بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم في واشنطن
  • محادثات تجارية مرتقبة بين واشنطن وبكين في ماليزيا
  • احتجاجات عدن تكشف سياسة التجويع والترويع التي ينتهجها العدوان ومرتزقته