اللقاحات .. تكافح تفشي الأمراض وتمنع تحولها إلى جائحة عالمية
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
أثبتت اللقاحات فعاليتها في مكافحة الأمراض المعدية وخفض معدلات الإصابة، حيث تحقق معدلات وقاية تصل إلى 90%، وتمثل الجسر الأول للمناعة ضد الأمراض، وخط الدفاع ضد الميكروبات والفيروسات.
وقالت الدكتورة زهرة بنت محمد الفضلية -طبيبة عامة: إن آلية عمل اللقاحات، تتلخص في أنها تعمل كمدرب لجهاز المناعة، فبدلا من انتظار المرض ليهاجم الجسم، فإنها تُعلّمه كيفية التعرف على الميكروبات مثل الفيروسات والبكتيريا ومكافحتها، دون أن يتعرض الشخص للمرض في البداية.
وأضافت تحتوي اللقاحات على أجزاء غير ضارة من الميكروب أو نسخ مضعفة منه، وعند دخولها الجسم، يستجيب جهاز المناعة على الفور، ويتعرف على هذه الأجزاء كأجسام غريبة، ويبدأ في إنتاج أجسام مضادة متخصصة، بالإضافة إلى إنشاء "خلايا ذاكرة" تبقى مع الجسم لفترات طويلة، وهذا يعني أنه إذا واجه الشخص المرض الحقيقي في المستقبل، سيكون جهاز المناعة جاهزًا للرد بسرعة وبكفاءة، مما يحميه من الإصابة.
فعالية اللقاحات
وأوضحت أن فعالية اللقاحات تقيّم على مستويين الفعالية السريرية التي تُقاس في التجارب السريرية المتحكم بها، حيث تُظهر مدى نجاح اللقاح في منع المرض مقارنة بمجموعات تتلقى دواءً وهميا، والفعالية الواقعية التي تُقاس بعد ترخيص اللقاح واستخدامه في العالم الحقيقي، وتشمل ملاحظات عن انخفاض معدلات الإصابة بين المطعمين مقارنة بغير المطعمين، وكذلك انخفاض في الحالات الشديدة والوفيات. مشيرة إلى أن هذه المقاييس تسعى إلى تحقيق "المناعة المجتمعية"، مما يعزز صحة المجتمع بأسره.
فاعلية تفوق 90%.
وعند سؤالنا عن اللقاحات الأكثر فعالية في الوقت الراهن والأمراض التي تحمي منها، أكدت الدكتورة زهرة أن العديد من اللقاحات تتمتع بفعالية تفوق 90%، مما يجعلها أسلحة قوية في مكافحة الأمراض، من بين هذه اللقاحات، يبرز لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR)، الذي يُعتبر درعًا فعّالًا ضد هذه الأمراض الثلاثة، كما أن لقاح شلل الأطفال أحرز تقدمًا كبيرًا، حيث قضى تقريبًا على المرض في معظم أنحاء العالم، ولا يمكننا نسيان لقاح التيتانوس والدفتيريا والسعال الديكي (DTP)، الذي يحمي من هذه الأمراض الخطيرة، ولقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، الذي أثبت فعاليته العالية في الوقاية من أنواع السرطان المرتبطة به، مثل سرطان عنق الرحم.
وفي سياق حديثها عن لقاحات كوفيد-19 أشارت الدكتورة إلى أن اللقاحات القائمة على تقنية الـmRNA مثل فايزر وموديرنا، وكذلك الناقلات الفيروسية مثل أسترازينيكا، قد أظهرت فعالية ملحوظة في الوقاية من الأمراض الشديدة والوفيات، حتى مع ظهور متحورات جديدة، مؤكدة أن المتغيرات الجديدة يمكن أن تؤثر على فعالية بعض اللقاحات، إذا كانت الطفرات كبيرة بما يكفي لتغيير شكل المستضد المستهدف، فقد يحدث انخفاض في الحماية ضد العدوى الخفيفة، حيث قد لا تتعرف الأجسام المضادة على الفيروس المتحور بسهولة.
وأضافت: "لمواجهة هذه التحديات، تعمل الشركات المصنعة والجهات الصحية على تطوير "جرعات معززة" محدثة تتناسب مع السلالات السائدة، كما هو الحال مع لقاحات كوفيد-19، مما يعكس التزام المجتمع الطبي بحماية صحتنا ومواجهة التحديات الجديدة".
التحديات
وتناولت الدكتورة زهرة مجموعة من العقبات التي تعيق الوصول إلى اللقاحات بشكل فعّال، وأشارت إلى صعوبة نقل وتخزين اللقاحات، خصوصًا تلك التي تحتاج إلى سلسلة تبريد شديدة البرودة، مما يتطلب بنية تحتية قوية ووسائل نقل مناسبة، لكن التحديات لا تتوقف عند هذا الحد، فقد أكدت أن نقص المرافق الصحية والعاملين المدربين يمثل عائقًا آخر، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية والثقافية التي تؤثر سلبًا على الوعي الصحي، مثل المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات والحواجز اللغوية. وقدمت بعض الحلول الممكنة لتعزيز الثقة العامة في اللقاحات، منها الشفافية في مشاركة المعلومات حول فوائد اللقاحات ومخاطرها المحتملة، ومن الضروري التواصل الفعّال مع المجتمع. ودعت الفضلية إلى أهمية مواجهة المعلومات الخاطئة والشائعات المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، من خلال تقديم معلومات واضحة ودقيقة، ولتعزيز الوصول إلى اللقاحات من المهم جعلها متاحة بسهولة في أماكن مألوفة للمجتمع، إضافة إلى ذلك، أهمية تنظيم حملات توعوية تُظهر نجاح اللقاحات في القضاء على الأمراض عبر التاريخ.
وأكدت الدكتورة أن اللقاحات تلعب دورًا محوريًا في مواجهة تفشي الأمراض ومنع تحولها إلى جائحة عالمية، فهي تسهم في قطع سلاسل الانتشار وتقليل عدد الأشخاص القابلين للإصابة، مما يبطئ انتشار المرض وينهيه في كثير من الأحيان، وبرزت هذه الأهمية بشكل واضح خلال جائحة كوفيد-19، حيث أظهرت اللقاحات كأداة فعّالة للسيطرة على الوباء، موضحة أن برامج التطعيم الروتينية لا تساهم فقط في حماية الأفراد، بل تعمل أيضًا على تقليل انتشار الأمراض في المجتمع، ولتعزيز فعالية اللقاحات الحالية ضد السلالات الجديدة، يمكن مراقبة السلالات المنتشرة عالميًا، واختيار الأكثر شيوعًا وخطورة كأساس لتحديث اللقاحات، كما يحدث مع لقاح الإنفلونزا السنوي.
وأفادت أن استخدام منصات تقنية مرنة وسريعة، مثل تقنية mRNA، يسمح بإدخال المادة الوراثية للسلالة الجديدة بسرعة في اللقاح القائم، مما يسهل تطوير لقاحات تستهدف عدة سلالات في وقت واحد، وبالتالي توفير حماية أوسع.
الآثار الجانبية
وفيما يتعلق بالآثار الجانبية، أشارت الفضلية إلى أن الآثار الشائعة عادة ما تكون خفيفة ومؤقتة، مثل ألم أو احمرار في مكان الحقن، مع بعض الإحساس بالإرهاق أو صداع خفيف، أما الآثار الجانبية النادرة، مثل الحساسية المفرطة، فهي تحدث بنسبة ضئيلة جدًا. مشددة على أهمية المراقبة في كل مرحلة ما قبل الترخيص عبر التجارب السريرية المكثفة، ومرحلة ما بعد الترخيص من خلال أنظمة مراقبة نشطة وسلبية، مثل نظام VAERS في الولايات المتحدة، حيث تقوم الهيئات الصحية مثل FDA ومنظمة الصحة العالمية بمراجعة البيانات باستمرار لضمان سلامة اللقاحات وإجراء التعديلات اللازمة.
واختتمت الدكتورة زهرة حديثها عن المناعة المجتمعية أو مناعة القطيع، التي تتحقق عندما يتم تطعيم نسبة عالية من المجتمع، مما يجعل انتشار المرض من شخص لآخر صعبًا جدًا، وهذا يحمي حتى الأفراد الذين لا يمكنهم تلقي اللقاح، مثل الرضع أو أصحاب الأمراض المزمنة أو من يعانون من حساسية تجاه مكونات اللقاح.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
الصحة العالمية تُحذر من استمرار تفشي فيروس شلل الأطفال في اليمن
حذّرت منظمة الصحة العالمية، من استمرار انتشار فيروس شلل الأطفال في اليمن ودعت إلى تكثيف الجهود لحماية جميع الأطفال.
وقالت المنظمة -في بيان لها بمناسبة اليوم العالمي لشلل الأطفال الذي يصادف الـ 24 أكتوبر من كل عام إن شلل الأطفال ـوهو مرض يمكن الوقاية منه ويؤدي إلى شلل دائم ووفاة ـ لا يزال يُشكل تهديدًا لأطفال اليمن بينما تواجه البلاد مجموعة من الطوارئ الصحية المتداخلة بما في ذلك الكوليرا والحصبة والدفتيريا وسوء التغذية الحاد.
وذكرت أن اليمن تصارع منذ العام 2021 تفشي فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط 2، مع تسجيل 29 حالة مؤكدة حتى الآن خلال العام 2025، مقارنًة بـ 187 حالة من 15 محافظة في جميع أنحاء البلاد خلال العام 2024.وسط الأزمة الإنسانية المستمرة في البلاد، وانخفاض تغطية اللقاحات، والقدرة المحدودة على الوصول إلى خدمات الصحة الأساسية.
وأشارت إلى أنه تم الإبلاغ عن حالات العام الجاري من 10 محافظات، الغالبية العظمى (28 حالة) في المناطق الشمالية للبلاد الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مقابل حالة واحدة في مناطق سيطرة الحكومة.
ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، الدكتور سيد جعفر حسين أكد أن تفشي فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط 2 في اليمن لا يزال يشكل ضغطًا على النظام الصحي الذي يعاني من الضغط الشديد، ومن خلال تعزيز التنسيق مع السلطات الصحية والشركاء، وتجديد الجهود المتكاملة للوصول إلى جميع الأطفال في جميع المجتمعات، يُمكننا إيقاف انتقال فيروس شلل الأطفال ومنع المزيد من المعاناة".
وأضاف الدكتور جعفر:" إن القضاء على شلل الأطفال مُمكن، حتى في حالات الطوارئ المُعقدة مثل اليمن، ولكن ذلك يتطلب استثمارًا مستمرًا، والوصول غير المُقيد للفرق الصحية الصحة، واستمرار الشراكة على جميع المستويات".
وشددت منظمة الصحة العالمية على ضرورة توفير موارد إضافية ودعم تشغيلي للحفاظ على جهود التطعيم وتعزيز النظام الصحي في اليمن.
ودعت المنظمة السلطات الوطنية، والمانحين، والشركاء الإنسانيين إلى "إعطاء الأولوية لتطعيم جميع الأطفال دون سن 5 سنوات من خلال حملات وطنية؛ وتعزيز أنظمة التحصين الروتيني للحفاظ على الحماية على المدى الطويل؛ وحماية ودعم العاملين الصحفيين في الخطوط الأمامية الذين يوفرون اللقاحات في ظروف صعبة، وضمان وصولهم الآمن إلى جميع المحافظات".