أثبتت اللقاحات فعاليتها في مكافحة الأمراض المعدية وخفض معدلات الإصابة، حيث تحقق معدلات وقاية تصل إلى 90%، وتمثل الجسر الأول للمناعة ضد الأمراض، وخط الدفاع ضد الميكروبات والفيروسات.

وقالت الدكتورة زهرة بنت محمد الفضلية -طبيبة عامة: إن آلية عمل اللقاحات، تتلخص في أنها تعمل كمدرب لجهاز المناعة، فبدلا من انتظار المرض ليهاجم الجسم، فإنها تُعلّمه كيفية التعرف على الميكروبات مثل الفيروسات والبكتيريا ومكافحتها، دون أن يتعرض الشخص للمرض في البداية.

وأضافت تحتوي اللقاحات على أجزاء غير ضارة من الميكروب أو نسخ مضعفة منه، وعند دخولها الجسم، يستجيب جهاز المناعة على الفور، ويتعرف على هذه الأجزاء كأجسام غريبة، ويبدأ في إنتاج أجسام مضادة متخصصة، بالإضافة إلى إنشاء "خلايا ذاكرة" تبقى مع الجسم لفترات طويلة، وهذا يعني أنه إذا واجه الشخص المرض الحقيقي في المستقبل، سيكون جهاز المناعة جاهزًا للرد بسرعة وبكفاءة، مما يحميه من الإصابة.

فعالية اللقاحات

وأوضحت أن فعالية اللقاحات تقيّم على مستويين الفعالية السريرية التي تُقاس في التجارب السريرية المتحكم بها، حيث تُظهر مدى نجاح اللقاح في منع المرض مقارنة بمجموعات تتلقى دواءً وهميا، والفعالية الواقعية التي تُقاس بعد ترخيص اللقاح واستخدامه في العالم الحقيقي، وتشمل ملاحظات عن انخفاض معدلات الإصابة بين المطعمين مقارنة بغير المطعمين، وكذلك انخفاض في الحالات الشديدة والوفيات. مشيرة إلى أن هذه المقاييس تسعى إلى تحقيق "المناعة المجتمعية"، مما يعزز صحة المجتمع بأسره.

فاعلية تفوق 90%.

وعند سؤالنا عن اللقاحات الأكثر فعالية في الوقت الراهن والأمراض التي تحمي منها، أكدت الدكتورة زهرة أن العديد من اللقاحات تتمتع بفعالية تفوق 90%، مما يجعلها أسلحة قوية في مكافحة الأمراض، من بين هذه اللقاحات، يبرز لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR)، الذي يُعتبر درعًا فعّالًا ضد هذه الأمراض الثلاثة، كما أن لقاح شلل الأطفال أحرز تقدمًا كبيرًا، حيث قضى تقريبًا على المرض في معظم أنحاء العالم، ولا يمكننا نسيان لقاح التيتانوس والدفتيريا والسعال الديكي (DTP)، الذي يحمي من هذه الأمراض الخطيرة، ولقاح فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، الذي أثبت فعاليته العالية في الوقاية من أنواع السرطان المرتبطة به، مثل سرطان عنق الرحم.

وفي سياق حديثها عن لقاحات كوفيد-19 أشارت الدكتورة إلى أن اللقاحات القائمة على تقنية الـmRNA مثل فايزر وموديرنا، وكذلك الناقلات الفيروسية مثل أسترازينيكا، قد أظهرت فعالية ملحوظة في الوقاية من الأمراض الشديدة والوفيات، حتى مع ظهور متحورات جديدة، مؤكدة أن المتغيرات الجديدة يمكن أن تؤثر على فعالية بعض اللقاحات، إذا كانت الطفرات كبيرة بما يكفي لتغيير شكل المستضد المستهدف، فقد يحدث انخفاض في الحماية ضد العدوى الخفيفة، حيث قد لا تتعرف الأجسام المضادة على الفيروس المتحور بسهولة.

وأضافت: "لمواجهة هذه التحديات، تعمل الشركات المصنعة والجهات الصحية على تطوير "جرعات معززة" محدثة تتناسب مع السلالات السائدة، كما هو الحال مع لقاحات كوفيد-19، مما يعكس التزام المجتمع الطبي بحماية صحتنا ومواجهة التحديات الجديدة".

التحديات

وتناولت الدكتورة زهرة مجموعة من العقبات التي تعيق الوصول إلى اللقاحات بشكل فعّال، وأشارت إلى صعوبة نقل وتخزين اللقاحات، خصوصًا تلك التي تحتاج إلى سلسلة تبريد شديدة البرودة، مما يتطلب بنية تحتية قوية ووسائل نقل مناسبة، لكن التحديات لا تتوقف عند هذا الحد، فقد أكدت أن نقص المرافق الصحية والعاملين المدربين يمثل عائقًا آخر، بالإضافة إلى العوامل الاجتماعية والثقافية التي تؤثر سلبًا على الوعي الصحي، مثل المفاهيم الخاطئة حول اللقاحات والحواجز اللغوية. وقدمت بعض الحلول الممكنة لتعزيز الثقة العامة في اللقاحات، منها الشفافية في مشاركة المعلومات حول فوائد اللقاحات ومخاطرها المحتملة، ومن الضروري التواصل الفعّال مع المجتمع. ودعت الفضلية إلى أهمية مواجهة المعلومات الخاطئة والشائعات المنتشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي، من خلال تقديم معلومات واضحة ودقيقة، ولتعزيز الوصول إلى اللقاحات من المهم جعلها متاحة بسهولة في أماكن مألوفة للمجتمع، إضافة إلى ذلك، أهمية تنظيم حملات توعوية تُظهر نجاح اللقاحات في القضاء على الأمراض عبر التاريخ.

وأكدت الدكتورة أن اللقاحات تلعب دورًا محوريًا في مواجهة تفشي الأمراض ومنع تحولها إلى جائحة عالمية، فهي تسهم في قطع سلاسل الانتشار وتقليل عدد الأشخاص القابلين للإصابة، مما يبطئ انتشار المرض وينهيه في كثير من الأحيان، وبرزت هذه الأهمية بشكل واضح خلال جائحة كوفيد-19، حيث أظهرت اللقاحات كأداة فعّالة للسيطرة على الوباء، موضحة أن برامج التطعيم الروتينية لا تساهم فقط في حماية الأفراد، بل تعمل أيضًا على تقليل انتشار الأمراض في المجتمع، ولتعزيز فعالية اللقاحات الحالية ضد السلالات الجديدة، يمكن مراقبة السلالات المنتشرة عالميًا، واختيار الأكثر شيوعًا وخطورة كأساس لتحديث اللقاحات، كما يحدث مع لقاح الإنفلونزا السنوي.

وأفادت أن استخدام منصات تقنية مرنة وسريعة، مثل تقنية mRNA، يسمح بإدخال المادة الوراثية للسلالة الجديدة بسرعة في اللقاح القائم، مما يسهل تطوير لقاحات تستهدف عدة سلالات في وقت واحد، وبالتالي توفير حماية أوسع.

الآثار الجانبية

وفيما يتعلق بالآثار الجانبية، أشارت الفضلية إلى أن الآثار الشائعة عادة ما تكون خفيفة ومؤقتة، مثل ألم أو احمرار في مكان الحقن، مع بعض الإحساس بالإرهاق أو صداع خفيف، أما الآثار الجانبية النادرة، مثل الحساسية المفرطة، فهي تحدث بنسبة ضئيلة جدًا. مشددة على أهمية المراقبة في كل مرحلة ما قبل الترخيص عبر التجارب السريرية المكثفة، ومرحلة ما بعد الترخيص من خلال أنظمة مراقبة نشطة وسلبية، مثل نظام VAERS في الولايات المتحدة، حيث تقوم الهيئات الصحية مثل FDA ومنظمة الصحة العالمية بمراجعة البيانات باستمرار لضمان سلامة اللقاحات وإجراء التعديلات اللازمة.

واختتمت الدكتورة زهرة حديثها عن المناعة المجتمعية أو مناعة القطيع، التي تتحقق عندما يتم تطعيم نسبة عالية من المجتمع، مما يجعل انتشار المرض من شخص لآخر صعبًا جدًا، وهذا يحمي حتى الأفراد الذين لا يمكنهم تلقي اللقاح، مثل الرضع أو أصحاب الأمراض المزمنة أو من يعانون من حساسية تجاه مكونات اللقاح.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی ت

إقرأ أيضاً:

بعد تحولها إلى غرف لتنظيم الاحتجاجات.. هل تحظر دول عربية ديسكورد؟

تصدر تطبيق "ديكسورد" (Discord) مؤخرًا ريادة المشهد السياسي في عدة دول بعد أن كان له دور فعال في تنظيم عدد من المظاهرات التي قادها أبناء الجيل "زد"، شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي انطلقت شرارتها الأولى من هذه المنصة قبل أن تمتد إلى الشارع.

اليوم تشير وسائل التواصل الاجتماعي إلى حظر تطبيق "ديكسورد" في الأردن، فضلا عن دراسة حظره في مصر أيضا، رغم أن الحكومة الأردنية أو المصرية لم يعلنا حظر التطبيق أو اتخاذ أي خطوات مضادة له، إذ تظل الأخبار المتعلقة بحظر التطبيق في كلا البلدين معتمدة على تجارب المستخدمين الذين يواجهون صعوبة في الوصول إلى المنصة، وهو أثار تساؤلات بشأن هذا الاهتمام العالمي بالمنصة ودورها وظيفتها، وماهيتها، وإن كانت حقا تستخدم في إثارة الشغب.

ما منصة "ديسكورد"؟

هي منصة تواصل اجتماعية أمريكية، صممت أساسًا لتسهيل التواصل بالصوت والفيديو والدردشة المباشرة بين هواة الألعاب الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية، طورها ستانيسلاف فيشنيفسكي وجيسون سيتورن عام 2015 مستفيديْن من تجربتهما المشتركة في تصميم لعبة "فيتس فور إيفر".

وحتى أيلول/سبتمبر 2025 بلغ عدد مستخدمي ديسكورد النشطين شهريًا نحو 200 مليون شخص، و90 بالمئة من المستخدمين يستعملونه للعب بمقدار تشغيل 1.9 مليار ساعة، وعلى الرغم من شهرتها الواسعة بين مجتمعات ألعاب الفيديو عبر الإنترنت، فإن المنصة أصبحت فضاءا أوسع للتواصل بين المستخدمين حول اهتمامات متنوعة، من الفنون والموسيقى إلى القراءة والنقاشات العامة.
النشأة والتأسيس.

✔✔✔ Discord Checkpoint ✔✔✔

Your Discord recap is here! See the fun things you did in 2025 — # of messages sent, top games played, friends you spent the most time with, your favorite emojis, and more. Update your app to get started. pic.twitter.com/Cv1MgUGI4g — Discord (@discord) December 4, 2025
تعود البدايات الأولى لمنصة "ديسكورد" إلى عام 2012، حين أسس جيسون سيترون أستوديو ألعاب باسم "فينيكس غيلد" بهدف بناء تجارب تفاعلية تجمع اللاعبين حول ألعاب جماعية، وانطلق المشروع الأول للأستوديو بلعبة "فيتس فور إيفر" المخصصة للهواتف المحمولة، والتي شكّلت الخطوة التأسيسية لفكرة دمج أدوات التواصل مع بيئة اللعب، وفي نيسان/أبريل 2013 انضم المطوّر ستانيسلاف فيشنيفسكي إلى سيترون، وواصلا العمل على تطوير اللعبة، وفي أواخر 2024 بدأ ديسكورد توفير الدردشة النصية والصوتية مباشرة داخل الألعاب، وكانت أولى الألعاب التي اعتمدت هذه الخاصية هي "باكس داي" و"أوميغا سترايكرز".

ورغم أن شعبية ديسكورد اقتصرت في بداياته على مجتمع اللاعبين عبر الإنترنت، فإن قاعدة مستخدميه توسّعت على نحو هائل في جائحة كورونا، إذ أتاحت المنصة للأفراد الحفاظ على مجتمعهم الافتراضي والتواصل أثناء فترات الإغلاق. وبعد رفع القيود، استمر الفنانون وصانعو المحتوى والمعلمون والشركات وفئات أخرى في استخدامه.

غرفة عمليات لتنظيم التظاهرات

في خطوة غير مسبوقة، استخدم شباب من جيل زد في نيبال والمغرب تطبيق ديسكورد باعتباره أداة رئيسية لتنظيم احتجاجاتهم السياسية ضد الحكومة، فضلا عن إدارة عمليات اتخاذ القرار وتنظيم الانتخابات.

في النيبال.. برلمان افتراضي على "ديسكورد"

ففي نيبال، تحولت الاحتجاجات الشعبية في غضون أيام قليلة إلى ثورة رقمية، وأسقط المحتجون الحكومة القديمة وأقاموا برلمانًا افتراضيا على ديسكورد، وانتخبوا القاضية السابقة سوشيلا كاركي لتقود المرحلة الانتقالية، وأثار تعيين كاركي، التي أدت اليمين الدستورية في 12 أيلول/سبتمبر 2025، بمنصب رئيسة مؤقتة للوزراء تفاعلا واسعًا على المنصات الرقمية بعد احتجاجات دامية أسفرت عن سقوط الحكومة السابقة.

ولكن ما فجر الأزمة، هو إعلان الحكومة في 4 أيلول/سبتمبر 2025 حجب نحو 26 منصة للتواصل الاجتماعي، لتندلع الاحتجاجات في 8 أيلول/سبتمبر الماضي، وواجهتها الشرطة بحملة قمع عنيفة أسفرت عن 25 قتيلًا ومئات الجرحى، وفق وزارة الصحة النيبالية.

مقـ ـتل 10 أشخاص وإصابة 87 آخرين في أعمال شغب وإطـ ـلاق نـ ـار على متظاهرين في النيبال بسبب تظاهرات على على حجب مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد pic.twitter.com/hWafZ6p2wb — عربي21 (@Arabi21News) September 8, 2025
ولتنظيم احتجاجاتهم وسط العنف، أنشأ الشباب مساحة رقمية على ديسكورد لمناقشة شؤون الحكومة، وإقامة برلمان افتراضي، وإجراء تصويت لاختيار رئيسة وزراء مؤقتة، واعتمدوا على مجموعة "هامي نيبال" لإدارة المناقشات الرقمية ضمن مجموعة "شباب ضد الفساد"، مستفيدين أيضا من تطبيق الذكاء الاصطناعي "تشات جي بي تي" لتوليد قائمة بالمرشحين المحتملين، قبل اختيار كاركي للتفاوض مع الجيش وإدارة الحكومة الانتقالية.

في المغرب.. تصويت جماعي داخل ديسكورد لحسم القرارات

أما في المغرب، فقد تحوّل تطبيق ديسكورد في 27 أيلول/سبتمبر 2025 من منصة للألعاب والتواصل الرقمي إلى أداة مركزية في تنظيم احتجاجات واسعة في مدن عدة، فقد اعتمدت مجموعة شبابية أطلقت على نفسها اسم "جيل زد 212" على التطبيق منذ المراحل الأولى للتحرك، ليس فقط للتواصل، بل لتخطيط أماكن المظاهرات ومواعيدها، وصياغة التعليمات للحفاظ على سلمية التحرك.

أنشأ القائمون على المبادرة مساحة رقمية خاصة باسم المجموعة، تضم قسما للإعلانات الرسمية ومساحة للتنسيق على المستوى الوطني، إضافة إلى غرف محلية لكل مدينة أو منطقة تعمل باعتبارها مراكز مصغرة لتبادل المعلومات وصياغة الخطط.

الدار البيضاء تشهد عودة جيل زد إلى الشارع، معبرين عن آمالهم وطموحاتهم في المغرب عبر احتجاجات سلمية ومطالب اجتماعية pic.twitter.com/hQUmnQKpPi — عربي21 (@Arabi21News) December 12, 2025
ومع اتساع رقعة الاحتجاجات، تحولت هذه المساحات إلى بنية تنظيمية رقمية أشبه بـ"غرف عمليات" افتراضية للتنسيق بين مختلف المناطق، وبدأت المجموعات بعدد محدود من الأعضاء، لكنها شهدت نموا متسارعًا تجاوز 150 ألف عضو، معظمهم من الفئة العمرية بين 15 و28 عاما، واعتمد المشاركون على آلية التصويت الجماعي داخل ديسكورد لحسم القرارات، إذ أجري في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2025 تصويت داخلي حول استمرار المظاهرات بعد اندلاع أعمال شغب، وانتهى القرار بمواصلة الاحتجاجات لليوم السادس على التوالي.

مقالات مشابهة

  • حملة عيشها بصحة.. فعالية توعوية لتعزيز النظافة والوقاية من الأمراض المعدية
  • تحذيرات من تفشي الأمراض بين أطفال غزة
  • “يونيسف” تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة وتدعو لتكثيف المساعدات الإنسانية
  • بعد تحولها إلى غرف لتنظيم الاحتجاجات.. هل تحظر دول عربية ديسكورد؟
  • اليونيسف تحذر من مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال غزة وسط شح المساعدات
  • «اليونيسف» تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة
  • اليونيسف تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة
  • "اليونيسيف" يحذر من مخاطر تفشي الأمراض بين أطفال غزة
  • "يونيسف" تحذر من تفشي الأمراض بين أطفال غزة
  • “الدولية للهجرة” تحذر من تفشي الأمراض في غزة