جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-26@16:35:35 GMT

زنجبار.. حكاية لا تُنسى

تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT

زنجبار.. حكاية لا تُنسى

 

 

د. سليمان بن عمير المحذوري

abualazher@gmail.com

 

خلال فترة قصيرة أتيحت لي فرصة زيارة زنجبار ودار السلام في جمهورية تنزانيا المتحدة. زيارتي الأولى لها كانت في عام 2016 وأستطيع القول إنها تشهد تطورات متسارعة خاصة على مستوى البنية التحتية والإنشاءات. للوهلة عندما وطئت قدمي أرض المطار لم أشعر بغربة البتة والتي عادة ما ترافق المسافر عند زيارته الأولى لمكان آخر بعيد عن وطنه وغريب عن أرضه.

هنا تجد الملابس ذاتها، والمأكولات عينها، وفنون العمارة مشتركة، واللغة السواحلية مألوفة بالنسبة لنا في عُمان؛ بل إن بعض ملامح الوجوه تشي باستمرارية علاقة الدم مع هذه الأرض في القارة الأفريقية. ولا أظنني مبالغًا إن قلت إن بعض العادات اختفت من عُمان إلا إنها ما زالت ماثلة وباقية في زنجبار. ومن يقرأ التاريخ يُدرك جيدًا أنّ هذه المؤثرات الحضارية الثقافية والاجتماعية بين الجانبين هي نتاج تواصل بشري مستمر يتدفق من عُمان إلى ساحل إفريقيا الشرقي منذ القرن الأول الميلادي كما يوثق ذلك صاحب كتاب الطواف حول البحر الأرتيري وربما قبل ذلك. فخلال فصل الخريف مع هبوب الرياح الموسمية الشمالية الشرقية كانت السفن الشراعية تخرج من مختلف الموانئ العُمانية وهي محملة بالسلع المحلية مثل التمور والليمون والأسماك وغيرها ثم تبدأ عملياتها التجارية من الموانئ الصومالية شمالًا حتى تصل لامو وممباسا وجزر القمر، وكانت المحطة الرئيسية هي زنجبار فيما تواصل بعض السفن طريقها جنوبًا حتى سفالة في موزمبيق. ومع تبدل الموسم وهبوب الرياح العكسية تعود السفن إلى عُمان وهي محملة بالأخشاب والبهارات والعاج والقرنفل في رحلة تجارية بحرية تستمر عدة أشهر. هذه السفن لم تكن تحمل التجارة فحسب؛ بل مسافرين من مختلف المناطق العُمانية كان هدفهم الالتحاق بذويهم، والاستقرار في شتى المناطق في إفريقيا الشرقية؛ إذ إن استقراهم لم يكن على السواحل أو الجزر مثل ممباسا وزنجبار والجزيرة الخضراء؛ بل امتد الى داخلية افريقيا حتى منطقة البحيرات الاستوائية مشكلين مجتمعات عربية معروفة بتجارتها وعاداتها وتقاليدها التي نقلوها معهم من عُمان وما تزال تلك التجمعات العُمانية باقية حتى اليوم.

ومن الأحداث المفصلية في علاقة عُمان بشرق افريقيا نقل السيد سعيد بن سلطان الذي حكم خلال الفترة 1804-1856 مقر حكمه إلى زنجبار في عام 1832 واستقر بها حتى وفاته. وبطبيعة الحال انتقل معه كثير من العُمانيين واستقروا بها وفي غيرها من المناطق خاصة الداخلية منها رغم بعدها عن الساحل طلبًا للتجارة. وهذه الهجرات العُمانية المتواصلة وعلى مدى فترات زمنية مختلفة ساهمت في ظهور اللغة والثقافة السواحلية، ووجود علاقة خاصة جدًا وقديمة جدًا تربط عُمان بالمنطقة، وما تزال شواهدها باقية إلى يومنا هذا.

لذا؛ وأخذًا في الاعتبار الثروات الطبيعية الوفيرة في إفريقيا، وسياحتها النشطة، إلى جانب الفرص الاستثمارية الواعدة؛ فإنِّه من الأهمية بمكان استثمار المُناخ السياسي المواتي؛ وذلك بالبناء على الإرث الحضاري المتراكم كقوة ناعمة لعُمان في كل المجالات. وفي هذا الصدد، يُمكن مراجعة ملف ذوي الأصول العُمانية؛ سواء في زنجبار أو الجزيرة الخضراء والمناطق الداخلية كافة وحصر هذه الأعداد، وإيجاد معالجة مناسبة لأوضاعهم، والاستفادة منهم، وتوفير بعثات تعليمية كافية لأبنائهم من أجل توثيق صلتهم بوطنهم الأم عُمان، فضلًا عن توفير تسهيلات للتنقل بين البلدين، وفي ذات الوقت تحقيق رؤى وتطلعات سلطنة عُمان حاضرًا ومستقبلًا، وكما يقول أهل هذه الديار مرحبين بضيوفهم "كريبو تينا".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

"الحُزن يُخيم علي".. حكاية عن الفقد واللغة في مهرجان "دي-كاف"

يقدم مهرجان دي-كاف مساء اليوم الجمعة العرض المسرحي المؤثر “الحُزن يُخيم عليّ (Tá Brón Orm)” للفنان مايكل مكفوي (مصر/أيرلندا الشمالية)، في تمام الثامنة مساءً بـ ساحة روابط للفنون.

 

يستوحي العرض فكرته من تاريخ أيرلندا وثلاثية “أطفال المجاعة”، مجسدًا حالة من الحزن الجمعي على فقدان اللغة والثقافة والهوية عبر الأجيال، من خلال أداء حي يجمع بين الموسيقى والحركة والتعبير الجسدي.

 

يؤدي العرض أحمد غريب، سارة جبر، وشادي عبد الرحمن، على موسيقى فرقة ØXN الأيرلندية.


العمل يأتي ثمرة تعاون فني دولي في إطار مشروع “صوتنا معًا الآن”، الذي يجمع بين المشرق للإنتاج (مصر)، وسرية رام الله الأولى (فلسطين)، ومهرجان بلفاست الدولي للفنون (أيرلندا الشمالية)، بدعم من المجلس الثقافي البريطاني.

 

ويعكس العرض توجه “دي-كاف” لتقديم أعمال تستكشف الذاكرة الجماعية وقضايا الهوية من منظور إنساني عابر للحدود.

تفعيل المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الإعاقة في الجامعات الملك تشارلز يوجه ضربة جديدة للأمير أندرو ويزيل رموزه من قلعة وندسور محافظ الجيزة يخصص شاشات عرض كبرى بالميادين لمتابعة افتتاح المتحف المصري الكبير وزيرة التنمية المحلية تبحث مع رئيس مجلس إدارة غرفة الغوص سبل التعاون سبع شركات مياه شرب وصرف صحى تشارك في البرنامج التدريبى بسوهاج الإسماعيلية تعيد افتتاح النصب التذكاري لضحايا الحرب العالمية الأولى بعد الإنجاز التاريخي للمصارعة المصرية.. وفد رسمي من وزارة الشباب والرياضة فى استقبال الأبطال تصدير 3500 طن حديد تسليح إلى جدة عبر موانئ البحر الأحمر اليوم.. ديفيله عروض مهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية رئيس جهاز العاشر من رمضان يتابع أعمال التطهير ورفع كفاءة شبكات الصرف بيطري المنوفية: لجان ميدانية لتقديم التحصينات للحفاظ على الثروة الحيوانية

مقالات مشابهة

  • حماية الهوية العُمانية
  • بنك نزوى يطلق حملة "هي تُلهم" لتقديم حلول مالية للمرأة العُمانية
  • محمد سلام.. "حكاية فنان" خذله الأصدقاء وأنصفته الأيام
  • ترامب يطلق مشروع الأسطول الذهبي بعد فشله بالبحر الأحمر
  • "العُمانية لنقل الكهرباء" تصدر صكوكًا خضراء بـ750 مليون دولار
  • الطائرة العُمانية.. نجاح تنظيمي باهر وطموح مستقبلي
  • "الحُزن يُخيم علي".. حكاية عن الفقد واللغة في مهرجان "دي-كاف"
  • وزير الدفاع البريطاني: ارتفاع عدد السفن الروسية التي تهدد مياهنا بنسبة 30%
  • يديعوت احرنوت: الملاحة الاسرائيلية تنهار بقرار يمني