قال موقع أوريان 21 الفرنسي إن "خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام"، التي أُعلن بموجبها وقف إطلاق النار مقابل تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ليست سوى إعادة إنتاج لفكر ومقاربة سياسية قديمة تعود إلى بداية الألفية، يوم ظهرت "اللجنة الرباعية للشرق الأوسط" عام 2002.

وأوضح الموقع -في مقال بقلم كريستيان جوريه- أن اللجنة الرباعية، التي ضمت حينها الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، كانت محاولة لإحياء عملية السلام بعد انهيار اتفاق أوسلو، وثمرة لحقبة ما بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لو باريزيان: هكذا تهدد روسيا دول الناتو بعسكرة القطب الشماليlist 2 of 2هآرتس: عرب إسرائيل غارقون في الدماء ولهذا تجب إقالة بن غفير فوراend of list

وأشار الكاتب إلى أن اللجنة الرباعية كانت جزءا من سعي واشنطن لتوحيد جهودها الدبلوماسية تحت شعار "الحرب على الإرهاب"، والضغط على الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات للانخراط في التوجه الأميركي الجديد، ومنذ ذلك الحين، أصبحت إدارة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني جزءا من منظومة أمنية أميركية هدفها حماية إسرائيل وتطويع الفلسطينيين، لا تحقيق السلام الفعلي.

ويرى الكاتب أن خطة ترامب 2025، مثل "خريطة الطريق" التي قدمتها الرباعية عام 2003، ليست سوى أداة لفرض "سلام على الطريقة الأميركية" يقوم على نزع السلاح الفلسطيني، وتفكيك المقاومة، وإقامة سلطة تكنوقراط محلية، لا طابع سياسيا لها.

وتنص النقاط الأولى من الخطة على أن "غزة ستكون منطقة منزوعة التطرف، خالية من الإرهاب، وتحت رقابة مراقبين دوليين"، وهو ما يعني عمليا نزع سلاح حماس والفصائل تحت إشراف أميركي مباشر.

ويفسر جوريه هذا الكلام بأنه استمرار للمقاربة الأمنية الغربية، التي تخلط بين الإرهاب الدولي والمقاومة الوطنية، وتتعامل مع غزة كملف أمني، لا سياسي.

الوصاية الدولية

وتقوم الخطة الجديدة على إنشاء سلطة انتقالية مؤقتة في غزة، تدار من قبل لجنة تكنوقراطية فلسطينية دولية لا علاقة لها بحماس، على أن تتولى إدارة الخدمات اليومية فقط، ويرجح أن تضم 7 إلى 10 أعضاء، يكون واحد منهم فقط فلسطينيا، وربما من رجال الأعمال أو الأجهزة الأمنية، مثل محمد دحلان، الذي طرح اسمه مجددا رغم تراجع شعبيته في غزة.

أما الإشراف العام، فسيكون بيد "مجلس السلام الدولي" الذي سيكون برئاسة ترامب شخصيا، وعضوية شخصيات دولية، من بينها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي سبق أن مثل "الرباعية" عام 2007، وركز آنذاك على مشاريع اقتصادية تجميلية لم تغير من واقع الاحتلال شيئا.

إعلان

وهكذا، يرى الكاتب أن الفلسطينيين يعاد حصر دورهم في المهام البلدية البسيطة، كما حدث في اتفاق أوسلو الثاني عام 1995، في حين تبقى مفاتيح القرار الحقيقي بيد القوى الدولية، وفي مقدمتها واشنطن.

وذكّر الكاتب بأن الرباعية كانت واجهة للدبلوماسية الأميركية، تتحكم واشنطن في قراراتها وتستعملها للضغط على الطرف الفلسطيني عبر حلفائها الأوروبيين والعرب، وأكد أن هذا الأمر يتكرر اليوم، إذ لا توجد آليات للمساءلة أو للمحاسبة داخل "مجلس السلام"، ولا أحد يعلم من سيقيّم قراراته أو يتحمل تبعاتها.

وبهذا، تتحول المؤسسات الدولية -حسب الكاتب- إلى أدوات لتكريس التفرد الأميركي وحماية المصالح الإسرائيلية، في الوقت الذي يقصى فيه الفلسطينيون من أي دور فعلي في تقرير مصيرهم.

وتوضح خطة ترامب أن الهدف الأساس هو أمن إسرائيل لا إقامة دولة فلسطينية، فهي تنص على إنشاء قوة أمنية فلسطينية جديدة بإشراف دولي لتأمين الحدود ومنع أي هجمات أو تسللات إلى الأراضي الإسرائيلية، في إعادة لإنتاج المنطق الأمني الذي ساد في عهد عرفات، حين كان المطلوب من السلطة الفلسطينية مكافحة "الإرهاب" بدل مقاومة الاحتلال.

خطة ترامب ليست مشروع سلام بقدر ما هي خطة وصاية سياسية واقتصادية لإخضاع غزة للإشراف الأميركي، مع دور شكلي للفلسطينيين، ومباركة عربية ودولية محدودة

الربح من أجل السلام

وتنتقل خطة ترامب من فكرة "السلام من أجل التنمية" إلى "الربح من أجل السلام"، لأن ترامب، كونه رجل أعمال قبل أن يكون رئيسا، يرى في دمار غزة فرصة لبناء "مدن حديثة" على شاكلة دبي أو موناكو.

وقد روج جاريد كوشنر صهر ترامب، منذ عام 2024، لفكرة تحويل غزة إلى "منتجع عالمي"، كما صرح ترامب نفسه عام 2025 بأن "غزة يمكن أن تصبح ريفييرا الشرق الأوسط".

وتنص الخطة على إطلاق "برنامج ترامب للتنمية الاقتصادية"، الذي يستقطب كبار مطوري العقارات العالميين لإقامة مشاريع استثمارية ضخمة على شاطئ البحر المتوسط، ولكنه يطرح سؤالا محرجا لم يغب عن الكاتب الذي تساءل: "هل يعني ذلك تهجير سكان غزة لإفساح المجال لهذه المشاريع العملاقة؟".

وخلص جوريه إلى أن "خطة ترامب" ليست مشروع سلام بقدر ما هي خطة وصاية سياسية واقتصادية لإخضاع غزة للإشراف الأميركي، مع دور شكلي للفلسطينيين، وبمباركة عربية ودولية محدودة، ومن ثم فهي استمرار مباشر لمشروع "الرباعية" القائم على أمن إسرائيل أولا، ونزع سلاح المقاومة ثانيا، وتحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين بدلا من منحهم حقوقهم السياسية.

وبذلك، يرى الكاتب أن ما يسمى "السلام الأميركي" ليس سوى إستراتيجية متواصلة لإدامة السيطرة وإعادة إنتاج الإخفاقات ذاتها التي عرفها الشرق الأوسط منذ أوسلو حتى اليوم، مع تغيّر الأسماء والأدوات فقط.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات خطة ترامب

إقرأ أيضاً:

شويغو: محاولات الغرب تصوير روسيا والاتحاد السوفييتي كقوى احتلال مصيرها الفشل

الثورة نت/وكالات أكد سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو، أن محاولات الغرب المتكررة لتصوير الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفييتي كقوى “احتلال واستعمار” ليست سوى محاولات يائسة محكوم عليها بالفشل. وقال شويغو، في مقال نُشر على موقع “آيه.آي.أف” ونقلته وكالة “سبوتنيك” اليوم الثلاثاء،: “يُصوّر الغرب الإمبراطورية الروسية والاتحاد السوفييتي على أنهما محتلان ومُستعمِران، ويزعم أنهما يستغلان موارد المناطق الوطنية لمصالحهما الخاصة، ويعيقان تطور الدولة وهوية شعوبها. ومع ذلك، فإن هذه المحاولات لا تصمد أمام أي نقد علمي، بل يدحضها التاريخ نفسه”. وأضاف أن انضمام الأراضي الجديدة إلى روسيا، في معظم الحالات لم يكن نتيجة غزو أو قهر، بل جاء استجابة لحاجة تلك الشعوب لحماية نفسها من الغزوات الخارجية، ورغبتها في استعادة أراضيها، التي كانت قد سُلبت منها في الماضي. وتابع: “نحن لسنا بوتقة انصهار أمريكية تُفني تفرد الشعوب، ولسنا إمبراطورية تزعم أنها تحمل الحضارة كما كانت تفعل بريطانيا العظمى، حيث بقي احترام الشعوب مجرد شعارٍ شكلي”. وأشار إلى أن “روسيا تُعد موطنًا لأكثر من مئتي قومية تعيش في انسجام وسلام منذ قرون”، ولفت إلى أن جميع هذه الشعوب قدّمت “مساهمات هائلة ومتنوعة في تعزيز الدولة الروسية وتطويرها” مشددا على أن أبناء هذه القوميات “يفتخرون بإرثهم المشترك ويحرصون على صون لغاتهم وعاداتهم وتقاليدهم”. وقال شويغو: “جميع شعوب روسيا انضمت في صف واحد من المشاركين في العملية العسكرية الخاصة”، مشيرًا إلى أن “المقاتلين الروس من مختلف القوميات يصلون بلغات متعددة من أجل نصر واحد ومشترك”. وأضاف: “العمليات القتالية تشكل اختبارًا صعبًا للشعب الروسي، إلا أنها زادت من تلاحمنا، ففي الخنادق وفي مناطق القتال يصلّي الجنود بلغات مختلفة من أجل نصر مشترك”، معتبرًا أن “العدو، بغض النظر عن جنسيته، ينظر إلى الجميع على أنهم جنود روس”.

مقالات مشابهة

  • شويغو: محاولات الغرب تصوير روسيا والاتحاد السوفييتي كقوى احتلال مصيرها الفشل
  • لولا دا سيلفا: لقاء ترامب الذي بدا مستحيلا في السابق تحقق اليوم وكان مثمرا
  • الكشف عن هوية المتبرع الذي أنقذ "البنتاغون" خلال أزمة الإغلاق
  • عاجل: السودان .. مستشار ترامب يكشف تفاصيل اتفاقات في اجتماعات الرباعية في واشنطن .. هدنة انسانية عاجلة ووقف اطلاق النار ووقف التدخل الخارجي
  • هل حقق لقاء الرباعية في واشنطن تقدما نحو السلام بالسودان؟
  • دبلوماسي خدم في عدة دول .. من هو السفير ستيفن فاجن الذي اختير من واشنطن لتنفيذ خطة ترامب؟
  • مستشار «ترامب» يكشف عن مخرجات إجتماع «الرباعية» في واشنطون أمس
  • مستشار ترامب: اجتماع الرباعية بحث جهود تأمين هدنة إنسانية ووقف إطلاق النار بالسودان
  • يديعوت أحرونوت: ذعر في واشنطن .. ما الذي يهدد خطة ترامب لوقف الحرب؟