دراسة: تعدين البحار يدمر شبكة الغذاء البحرية
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
حذر العلماء من أن أعمال التعدين في أعماق البحار قد تؤدي إلى تدمير العوالق والكائنات البحرية الصغيرة، مما يؤدي في النهاية إلى تعطيل شبكات الغذاء ويهدد البيئة البحرية برمتها.
وتشير دراسة جديدة إلى أن الحفر للبحث عن المعادن في أعماق المحيط قد تكون له عواقب وخيمة على الكائنات الصغيرة التي تُعد في قلب شبكة الغذاء البحري الضخمة، وقد يؤثر في نهاية المطاف على العديد من الحيوانات الأكبر حجما، بما فيها الأسماك والطيور والثدييات البحرية.
وتتعلق عمليات الاستخراج أساسا بما تسمى العُقيدات المتعددة المعادن، وهي نوع من الحصى بحجم حبات البطاطا تشكلت عادة عبر مئات آلاف أو ملايين السنين وتكون غنية بالمعادن مثل المنغنيز والنيكل والكوبالت والنحاس والمعادن النادرة، وهي مواطن أساسية لكائنات البحر العميق.
ورغم عدم تسويقها تجاريا بعد فإن الدول تسعى إلى تنفيذ عمليات في أعماق البحار، وسط الطلب المتزايد على هذه المعادن في المركبات الكهربائية والهواتف وأجهزة الحاسوب وأجزاء أخرى من التحول في مجال الطاقة، فضلا عن الاستخدام العسكري.
ودرس الباحثون من جامعة هاواي منطقة في المحيط الهادي تسمى "منطقة الشفق"، وتقع على عمق يتراوح بين 200 و1500 متر تحت مستوى سطح البحر.
وتشير نتائجهم إلى أن نفايات التعدين قد تؤثر على أي شيء، بدءا من الروبيان الصغير الذي يقل طوله عن مليمترين وصولا إلى الأسماك التي يبلغ طولها 5 سنتيمترات.
وأثناء التعدين العميق تُخرج شركات التعدين العُقيدات الغنية بالمعادن إلى السطح، ثم تعيد مياه البحر الزائدة وأوساخ قاع المحيط ورواسبه إلى المحيط، ويؤدي ذلك إلى تكوين سحابة كثيفة من الجسيمات الملوثة التي تتغذى عليها العوالق والكائنات التي تسبح في ذلك العمق.
وإذا تغذت هذه الكائنات التي تشكل مصدر الغذاء في السلسلة الغذائية على جزيئات النفايات، أو ما سماه الباحث الرئيسي في الدراسة برايان بوب "الطعام غير الصحي" فإن ذلك يؤثر على 60% من الكائنات الأخرى التي تتغذى على العوالق الحيوانية.
إعلانوقال مايكل داود المؤلف الرئيسي للدراسة والخبير في علم المحيطات "يمكن للأسماك السطحية أن تغوص في أعماق المياه، فهي تتغذى على الكائنات الحية في العمق".
وفي حين سلطت أبحاث أخرى الضوء على الآثار البيئية السلبية لاستخراج العُقيدات من أعماق البحار فإن التركيز غالبا ما ينصب على قاع البحر، وتتناول هذه الدراسة الطبقات الوسطى من المياه.
وقال بوب إن حفر أعماق البحار قد لا يكون ضروريا، وأشار بدلا من ذلك إلى مصادر بديلة للمعادن، بما في ذلك إعادة تدوير البطاريات والإلكترونيات أو غربلة نفايات التعدين ومخلفاتها.
وإذا كانت شركة واحدة فقط تُعدّن في موقع واحد فلن يؤثر ذلك على مصائد أسماك ضخمة أو مساحة هائلة من المياه.
لكن إذا كانت شركات عديدة تُعدّن لسنوات طويلة وتُنتج كميات كبيرة من المواد فسينتشر هذا التلوث وآثاره في جميع أنحاء المنطقة، كما قال داود.
وفي أبريل/نيسان الماضي وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يوجه الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بتسريع عملية منح التصاريح للشركات لاستخراج المعادن من قاع المحيط.
وأعلنت الإدارة الأميركية في مايو/أيار الماضي أنها ستنظر في بيع عقود إيجار لاستخراج المعادن قبالة جزيرة ساموا الأميركية في جنوب المحيط الهادي.
وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي أرسلت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي مسودة قانون إلى البيت الأبيض لتبسيط العمليات.
وتدعو منظمات حماية البيئة إلى منع التعدين في أعماق البحار، مشيرة ليس فقط إلى الضرر المباشر الذي يلحق بالحياة البرية وأجزاء من البحر، ولكن أيضا إلى اضطراب ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري، والذي يتم احتجازه حاليا في المحيط وعلى قاعه.
وتشير الدراسات إلى أنه حتى الآن لم يستكشف البشر سوى أقل من 0.001% من قاع البحار العميقة، أي ما يعادل عُشر مساحة بلجيكا تقريبا، ولذلك يفتقر العلماء إلى فهم كاف لهذه النظم البيئية الغامضة.
ويحذر العلماء من أن بعض كائنات المحيط العميق قديمة للغاية، فبعض الأسماك فيها تعيش مئات السنين، وتعيش الشعاب المرجانية آلاف السنين، في حين يصل عمر الإسفنج البحري أحيانا إلى 11 ألف سنة.
وقد تكون آلاف الكائنات فيها غير مكتشفة بعد، وهي كلها "أنظمة بيئية لا تتجدد ضمن مقاييس الزمن البشري، وإذا فُقدت فإن ذلك يكون إلى الأبد"، كما تقول حسب فرح عبيد الله الناشطة البيئية ومؤسسة ومديرة منظمة "نحن والمحيط" في إسبانيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات تلوث أعماق البحار فی أعماق التی ت
إقرأ أيضاً:
اكتشاف لغز المحيط الهادئ في اليابان.. ما علاقته بأهرامات الجيزة؟
في خطوة قد تعيد كتابة صفحات التاريخ، أعلن تقرير حديث لوكالة الشؤون الثقافية اليابانية عن وجود "نصب يوناغوني"، وهو هرم بحري عملاق يقع قبالة جزيرة يوناغوني في أرخبيل ريوكيو.
يعتقد أن هذا النصب يعود تاريخه إلى أكثر من 12 ألف عام.
تم اكتشاف نصب يوناغوني الغامض بواسطة الغواص المحلي كيهاتشيرو أراتاكي في عام 1986 خلال رحلة صيد تحت الماء. يرتفع الهرم بحوالي 27 مترًا عن قاع البحر، ويبلغ عرضه 50 مترًا وارتفاعه يصل إلى 90 قدمًا، وهو مكون من صخور رملية منحوتة بطريقة دقيقة تشبه السلالم والتراسات.
يُشير هذا التصميم المعقد إلى أن النصب قد يكون من صنع الإنسان، وليس مجرد تشكيل طبيعي كما يدعي البعض.
قاد الباحث البحري ماساكي كيمورا الفرق التي أجرت الدراسات الأولى حول هذا النصب. ووفقًا لكيمورا، فإن هذا الهيكل يعتبر جزءًا من مدينة غارقة، تحتوي على قلاع وطرق ومدرجات، غُمرت نتيجة لارتفاع مستوى سطح البحر بعد العصر الجليدي الأخير.
وقد أظهرت التحاليل الجيولوجية والكربونية الحديثة التي أعلنت في مؤتمر علمي في طوكيو أن تاريخ هذا النصب يصل إلى 12 ألف عام، ما يستدعي التفكير في حضارات مفقودة من التاريخ.
هل أقدم من أهرامات الجيزة؟رفض بعض الجيولوجيين هذه الادعاءات بأن النصب الياباني أقدم من أهرامات الجيزة، مثل روبرت شوخ من جامعة بوسطن، حيث اعتبروا أن التشكيلات هي نتيجة لعوامل الطبيعة والتآكل بفعل التيارات البحرية، ووصفوا هذا الاكتشاف بأنه "أسطورة حديثة".
بينما أكد كيمورا أن هذا الاكتشاف يفتح أبوابًا جديدة لفهم الحضارات القديمة، ويرفع تساؤلات حول وجود حضارات ربما انقرضت بسبب الكوارث الطبيعية.
تعد جزيرة يوناغوني، التي تقع في أقصى جنوب اليابان، منطقة غنية بالتنوع البيولوجي والتاريخي. حيث كانت في زمن ما جزءًا من جسر أرضي يربط اليابان بتايوان خلال العصر الجليدي، مما سمح بانتشار البشر والحيوانات.
يأتي اكتشاف هذا النصب في سياق البحث العالمي حول الحضارات المفقودة، مثل أطلانتس الشهيرة التي تحدث عنها أفلاطون أو ليموريا الأسطورية التي تقع في المحيط الهادئ.
وبحسب العلماء، فإن حجم النصب يشبه أهرامات المايا، لكنه أكبر وأعمق، ما يثير الشكوك حول طبيعة حضارة قديمة عاشت في المحيط الهادئ، إلا أن الاكتشاف بمثابة جسر يربط الماضي بالحاضر ويوفر نافذة جديدة لفهم تاريخ البشرية وحضاراتها.
ولا يزال الجدل مستمرًا حول المنشأ الحقيقي لهذا النصب، لكن الأبحاث والدراسات الجارية قد تكشف المزيد من الأسرار المتعلقة بتاريخ الحضارات القديمة وأسرار المحيطات.