منظمات نيجيرية تنقذ أطفالا متهمين بالسحر
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
بعد أن اتهمتها عمتها في سن الـ13 بأنها ساحرة مسؤولة عن مصائب الأسرة، فرت "فايث" من منزلها الريفي في ولاية أكوا إيبوم جنوبي نيجيريا، بعدما حرمت من الطعام لأيام.
واليوم، وهي في الـ19 من عمرها، تدرس تكنولوجيا المختبرات العلمية في معهد تقني بمدينة إيكيت، وتحلم بأن تصبح طبيبة.
تغير مصير فايث بعد أن قطعت سيرا على الأقدام مسافة 20 كيلومترا بلا طعام، لتصل إلى مركز إيواء تديره شبكة إنقاذ الأطفال وإعادة تأهيلهم (كرارن)، المعنية بمساعدة الأطفال المتهمين بالسحر.
وتقدر المنظمة أن أكثر من 30 ألف طفل نيجيري واجهوا مثل هذه الاتهامات خلال العقدين الماضيين، رغم وجود قوانين تحظر إساءة معاملة الأطفال بسبب مزاعم السحر.
وقال إيما إيتاوما، مدير البرامج في كرارن "حين يتهم الطفل بالسحر، غالبا ما يضرب ويهمل ويترك في الشوارع. نحن ننقذهم ونمنحهم فرصة للتعلم".
تنتشر هذه الظاهرة بشكل خاص في ولايات الجنوب الساحلية مثل أكوا إيبوم وكروس ريفر، حيث تسود المعتقدات التقليدية التي تربط المصائب بالقوى الخارقة، إلى جانب تأثير بعض القساوسة والمشعوذين الذين يزعمون قدرتهم على "طرد الأرواح الشريرة" مقابل المال.
ورغم جهود التوعية، لا تزال المشكلة قائمة. وتقول منظمات مثل "شبكة التوجيه المجتمعي للأطفال المشردين" ومؤسسة "الطريق إلى الشعوب" إن التعليم هو السبيل لبناء مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال.
وتوفر هذه المنظمات، التي تعتمد جزئيا على التمويل الذاتي، الغذاء والمأوى والتعليم.
ومنذ عام 2003، ساعدت كرارن نحو 200 طفل متهم بالسحر على الوصول إلى التعليم العالي.
وقالت أنيتا مايكل، مؤسسة شبكة التوجيه المجتمعي للأطفال المشردين "حين يتعلم الطفل القراءة والكتابة والتفكير، يكتسب قوة الاختيار".
ورغم أن الاتهامات تطلق غالبا داخل الأسر أو أثناء طقوس دينية، فإن القليل من المؤيدين لهذه الممارسات يبدون استعدادا للحديث عنها علنا. ورفض قس في إيكيت التعليق، في حين تجاهل آخر بارز الاتصالات بشأن القضية.
إعلانوقال ليوناردو سانتوس، المؤسس المشارك لمنظمة "واي تو ذا نيشنز" (الطريق إلى الشعوب)، إن التقدم بطيء رغم سنوات من المناصرة، وإن الاتهامات لا تزال تتكرر.
في مركز كرارن، روى طفل يبلغ 13 عاما كيف اقتادته والدته إلى الأدغال في سن التاسعة وهاجمته بساطور، مما تسبب في جروح بالرقبة والكتف والظهر، ثم غطته بالأعشاب وتركته ليموت، بعد أن اتهمه قس محلي بالسحر.
قال الطفل باكيا "مكثت في الأدغال 3 أيام. لم أستطع المشي، فزحفت على ركبتي حتى وصلت إلى الطريق" حيث عثر عليه أحد المارة، وأطعمه وأخذه إلى المستشفى، ثم نقل إلى مركز إعادة تأهيل حيث يعيش الآن ويتابع دراسته.
ويحلم هذا الطفل بأن يصبح محاميا "لكي أرفع دعوى ضد أمي بسبب ما فعلته بي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً:
هل تنقذ انتخابات العراق اقتصاده؟
بغداد – بعد الانتخابات العامة التي انطلقت اليوم في العراق، وما يليها من مسار في تشكيل حكومة جديدة، ستتجه الأنظار بعدها نحو التحدي الأكبر الذي يواجه العراق والمتمثل في الوضع الاقتصادي الهش والمعرض للصدمات العالمية.
تأتي هذه الهشاشة من الاعتماد شبه المطلق على النفط، الذي يستحوذ على ما يقارب 90% من الإيرادات العامة للدولة، ما يضع مستقبل البلاد المالي في قبضة أسواق الطاقة المتقلبة.
ويطرح هذا المشهد تساؤلا جوهريا حول ما إذا كانت هذه الانتخابات نقطة تحول حاسمة تستغل الإرادة السياسية للتحول نحو اقتصاد منتج ومتنوع، أم أنها مجرد استمرار للمأزق الهيكلي الراهن.
تحديات هيكليةأكد الخبير الاقتصادي، حميد الساعدي، أن الاقتصاد العراقي يواجه تحديات هيكلية عميقة، أبرزها الاعتماد على إيرادات النفط، إذ يمثل أكثر من 90% من عائدات الدولة، ما يجعل الاقتصاد هشا وعُرضة لأي صدمة مفاجئة في الأسواق العالمية.
وقال الساعدي في حديث للجزيرة نت، إن العراق يواجه تحديين آخرين لا يقلان خطورة:
أولهما الخلل في سوق العمل، المتمثل في ارتفاع البطالة بين الشباب وتضخم حجم القطاع العام "غير المنتج" والمكلف بشكل غير اقتصادي. وثانيهما الفساد الإداري والمالي المستشري الذي يعيق أي خطوة جادة نحو التنمية والاستثمار المحلي والأجنبي، ويؤدي إلى هدر مستمر للموارد.ويرى الساعدي أن دور الانتخابات يكمن في توفير الاستقرار السياسي والمؤسسي اللازم لإقرار موازنة تنموية لعدة سنوات والابتعاد عن الموازنات المؤقتة، مؤكدا أن هذا الاستقرار هو الأساس للبدء في تنويع مصادر الدخل وإصلاح النظام المصرفي وتقوية البنك المركزي.
ولفت إلى أن وعود الحملات الانتخابية تركزت على 3 نقاط رئيسة:
مكافحة الفساد: عبر إصلاح الإجراءات الحكومية واستخدام الأتمتة لسد منافذ الهدر. تنويع الاقتصاد: بدعم القطاعات غير النفطية مثل الزراعة والصناعة والسياحة. معالجة البطالة: عبر دعم وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة لاستحداث فرص عمل خارج التوظيف الحكومي. إعلانوشدد الساعدي على أن التحول من اقتصاد ريعي إلى منتج يتطلب إرادة سياسية حقيقية لاستغلال الاستقرار الانتخابي كفرصة للإصلاحات الجريئة والشاملة.
مأزق الحكومةعلى نقيض الآمال، استبعد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي أن يختلف الوضع الاقتصادي جوهريا في ظل الحكومة والبرلمان القادمين، محذرا من مشكلة عدم كفاية الإيرادات العامة لتغطية النفقات المتزايدة.
وانتقد المرسومي عبر حديثه مع الجزيرة نت، غياب الرؤى والبرامج الاقتصادية الواضحة لدى الكتل السياسية للتحول من دولة ريعية إلى دولة متنوعة، مشيرا إلى أن الإيرادات غير النفطية لا تزيد على 10 مليارات دولار سنويا.
وسلط المرسومي الضوء على الأزمة المالية الناتجة عن تضخم الجهاز الإداري للدولة، حيث تلتهم رواتب الموظفين وشبكات الحماية الاجتماعية تقريبا الإيرادات النفطية كلها.
وأدى الإفراط في الإنفاق إلى ارتفاع الدين الحكومي الداخلي ليصبح الأعلى في تاريخ المالية العامة في العراق منذ عام 1991، وبلغ الدين حاليا نحو 91 تريليون دينار (69 مليار دولار)، وهو مرشح للوصول إلى 100 تريليون دينار (75.6 مليار دولار) بنهاية هذا العام، بسبب استمرار الإنفاق بما يتجاوز قدرة الإيرادات.
وتوقع أن يجبر هذا الوضع الحكومة القادمة على تبني برنامج إصلاحي قاس شبيه بـ"الورقة البيضاء" التي طرحها رئيس الحكومة الأسبق مصطفى الكاظمي.
وأكد المرسومي أن هذه الورقة ستكون باهظة التكاليف اقتصاديا واجتماعيا، لتضمنها تعديل سعر صرف الدينار وإلغاء أو تقنين الدعم الحكومي ورفع مستوى الضرائب، وهو "الحل الاضطراري الذي لا بد منه، والذي سيضع الحكومة في مواجهة كبيرة مع مجتمع تعود أن يعيش في كنف رعاية الدولة".
التحدي الأبرزويرى الخبير الاقتصادي، الدكتور محمود داغر، أن التحدي الأهم أمام تنويع الاقتصاد العراقي ومعالجة اختلالاته الهيكلية هو هيمنة القطاع العام على القرار الاقتصادي، مبينا أن هذه الهيمنة تعيق توجيه الموارد البشرية والمالية نحو الأنشطة الاقتصادية القادرة على تحقيق التنويع.
وقال داغر في حديث للجزيرة نت، إن الموارد المالية المتأتية من النفط تُدار "بشكل شعبوي" لكسب التأييد والرضا الشعبي المباشر والفوري، خاصة عبر زيادة النفقات التشغيلية وعلى رأسها رواتب الموظفين، مشيرا إلى أن هذا الإنفاق يمثل عائقا أمام توجيه الأموال نحو قطاعات حيوية مثل الصناعة، والزراعة، والمشاريع الريادية.
وشدد على أنه "بلا قطاع خاص، لا يمكن لأي اقتصاد أن يُبنى"، داعيا الحكومة المقبلة إلى معالجة الحجم الكبير للإنفاق التشغيلي، وضرورة إنشاء هيكل صحيح للإنفاق وتأسيس صندوق سيادي بعيدا عن يد القطاع العام والمحاصصة.
كما انتقد الحملات الانتخابية لتركيزها على "السلطة وكيفية الحصول على جزء من الكعكة" وتقديم وعود بالوظائف بدلا من التركيز على خلق القطاع الخاص، مؤكدا أن الاقتصاد العراقي يحتاج إلى "جراحات اقتصادية وتحمل ألم، لا إلى وعود مخملية".
مفتاح الحلفي سياق متصل، أكد الخبير بالشأن المالي، حيدر الشيخ، أن السياسة الاقتصادية للمرحلة المقبلة ستتحدد بشكل رئيسي من خلال البرنامج الحكومي والمنهاج الوزاري لرئيس الوزراء المكلف، الذي يتم اختياره بعد إعلان نتائج الانتخابات.
إعلانوقال الشيخ للجزيرة نت إن هذا البرنامج يجب أن يتضمن دراسة اقتصادية طويلة الأجل ورسم خارطة طريق اقتصادية تعتمد على المبلغ الكلي المتوقع من الإيرادات المالية، مشددا على أهمية فتح حلقة وصل فاعلة مع الشركات العالمية للاستثمار وتطوير البنى التحتية.
وأشار إلى أن إقرار القوانين الأساسية للإصلاح الاقتصادي، مثل قانون النفط والغاز، يظل مرهونا بشكل وثيق بالتوافقات السياسية داخل مجلس النواب، مبينا أن قانون النفط والغاز معطل منذ الدورة الأولى بسبب خلاف سياسي عميق بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، مؤكدا أن حل الخلاف بين الحكومتين هو العامل الحاسم الذي سيساهم في إقرار هذا القانون الحيوي.