تهدد الأمن الغذائي.. الحرب تفتك بالثروة الحيوانية في غزة
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
غزة - خاص صفا
في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة، يواجه مربو المواشي والدواجن كارثة غير مسبوقة، إذ أدى القصف المكثف والحصار الخانق إلى تدمير واسع في مزارع الثروة الحيوانية، ما ينذر بأزمة غذائية ومعيشية حادة في القطاع المحاصر.
وحسب تقديرات أولية لوزارة الزراعة فإن هذا القطاع تكبد خسائر مباشرة في المواشي والدواجن، حيث نفق آلاف الرؤوس من الأبقار والأغنام والدواجن نتيجة الاستهداف المباشر للمزارع أو بسبب انقطاع الإمدادات الغذائية والمياه، كما تضررت البنية التحتية الحيوية، بما في ذلك الحظائر، والمعدات، ومخازن الأعلاف، ما جعل من الصعب على المزارعين الاستمرار في تربية الحيوانات.
وحول قطاع الدواجن، يقول المختص بالشأن الاقتصادي أحمد أبو قمر:" إنها تظهر كصورة واضحة لحجم التدهور الاقتصادي الناتج عن القيود المفروضة على المعابر، فوفق البيانات الرسمية، لا تسمح "إسرائيل" إلا بدخول 30% فقط من احتياجات السكان والمطاعم، ما تسبب باضطراب حاد في سلاسل التوريد وارتفاع غير مسبوق للأسعار".
ويضيف أبو قمر، أنه ومع تدمير العشرات من مزارع الدواجن التي كانت تنتج قرابة 2 مليون دجاجة شهريا قبل الحرب، فَقَد القطاع قدرته على الاكتفاء الذاتي بشكل شبه كامل.
ويؤكد أنه ورغم الجهود الحكومية لتنظيم الاستيراد واعتماد نقاط توزيع رسمية، فإن غياب السيطرة الفلسطينية على المعابر وتنامي السوق السوداء فاقم الأزمة، فالكيلوغرام الذي تُحدده الوزارة، يُباع فعليًا في السوق السوداء بسعر مضاعف، بينما تصل رسوم التنسيق على الشاحنة الواحدة إلى 400–500 ألف شيكل.
ويتابع المختص بالشأن الاقتصادي، أن هذه الأرقام تعكس بوضوح كيف تحولت الأزمة من مجرد نقص في الإمدادات إلى تحدٍ هيكلي يضرب الأمن الغذائي ويُبقي مظاهر الحصار الاقتصادي قائمة.
ويختم أبو قمر أن تداعيات الأزمة تتجاوز المستهلك لتصل إلى القطاع الخدمي ومطاعم غزة، التي باتت عاجزة عن الاستمرار في ظل نقص الغاز وارتفاع سعره إلى 80 شيكلا للكيلوغرام، وأن هذا الوضع يهدد بإغلاق العديد من المنشآت الصغيرة، ويعمّق الفجوة الاجتماعية، ويزيد اعتماد الأسر على بدائل غذائية أقل جودة.
تدمير كامل
من جانبه قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن "إسرائيل" دمّرت 97% من الثروة الحيوانية والحيوانات العاملة في قطاع غزة بالقصف والتجويع والنهب.
وقال المرصد في بيان اطلعت عليه وكالة "صفا" إن الاستهداف الإسرائيلي للثروة الحيوانية بغزة يأتي ضمن سياسة مدروسة تهدف لتجويع السكان وتجفيف مواردهم الغذائية وفرض معاناة إنسانية ونفسية شديدة عليهم.
وأشار إلى أن سياسات "إسرائيل" تُجسّد نمطًا منهجيًا ومتواصلًا من الإبادة الجماعية من خلال فرض ظروف معيشية يستحيل البقاء تحتها.
وأوضح المرصد أن أكثر من 93% من مزارع الدواجن دُمّرت بالكامل بسبب العدوان الإسرائيلي فيما توقّفت المزارع المتبقية عن العمل والانتاج كليًا.
وأضاف أن "فريقنا الميداني وثّق نفوق عشرات الآلاف من الطيور بسبب القصف المباشر أو انعدام الأعلاف والمياه".
وبيّن المرصد أن أكثر من 97% من الأبقار والأغنام التي كانت موجودة في غزة قبل الحرب هلكت إمّا بالقتل المباشر نتيجة القصف أو بسبب الجوع.
وأردف أن من أصل نحو 20 ألف حمار وآلاف الخيول والبغال في قطاع غزة قبل العدوان نفق نحو 43٪ من هذه الحيوانات حتى أغسطس 2024 فيما تُظهر التقديرات الأحدث أنّ ما تبقى منها اليوم لا يتجاوز 6% فقط.
ولفت "الأورومتوسطي" إلى أن نفوق أغلب الحمير والبغال يشكل معضلة أساسية لدى السكان لأنها وسيلة النقل الأساسية التي يعتمدون عليها في ظل التعطّل شبه الكامل لحركة النقل بسبب انعدام الوقود.
تحذيرات أممية
وتوجه المؤسسات الدولية تحذيرات من أزمة غذائية وانهيار كامل للثروة الحيوانية، ما سيؤدي إلى انهيار منظومة الأمن الغذائي في غزة، خاصة مع تعطل سلاسل التوريد وغياب البدائل المحلية.
ودعت تلك المؤسسات إلى ضرورة تسهيل إدخال الأعلاف والمستلزمات البيطرية، إضافة إلى دعم المزارعين المتضررين لإعادة بناء ما دمرته الحرب.
وحسب تقارير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) فإن 75% من الأراضي الزراعية في غزة تضررت أو دمرت، مع خسائر في الثروة الحيوانية وصلت إلى 96%، مما يعكس حجم الكارثة التي لحقت بالقطاع الزراعي والحيواني بعد الحرب.
ويفاقم إغلاق المعابر من الأزمة بشكل كبير، حيث تعطل دخول الأعلاف والمستلزمات البيطرية، مما زاد من نفوق الحيوانات وصعوبة إعادة تأهيل المزارع.
ووجهت دعوات دولية بضرورة فتح المعابر وتسهيل دخول المساعدات الزراعية والبيطرية، ودعم جهود إعادة الإعمار لضمان استقرار القطاع الحيواني والزراعي في غزة.
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: الامن الغذائي حرب الابادة غزة قطاع غزة الثروة الحيوانية الدواجن فی غزة
إقرأ أيضاً:
الأوتشا تتوقع زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في اليمن خلال الأشهر المقبلة
توقع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا"، ارتفاع أسعار المواد الغذائية في اليمن، وتدهور الأوضاع المعيشية خلال الـ 8 الأشهر المقبلة.
وقال مكتب "أوتشا" في بيان له، إنه من المتوقع ظهور نتائج الأزمة في اليمن (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) والطوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) حتى مايو، حيث لا تزال الآثار طويلة المدى للصراع تُحدّ من فرص توليد الدخل، ولا تزال الأزمة الاقتصادية تُؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، ولا تستطيع الأسر شراء ما يكفيها من الغذاء والاحتياجات الأساسية الأخرى باستمرار.
وأشار إلى أنه من المتوقع أن يُخفف الغذاء الموسمي والدخل من حدة انعدام الأمن الغذائي الحاد من نوفمبر إلى مايو، لافتا إلى أنه من المتوقع أن يُعاني أكثر من ثلث الأشخاص من فجوات في استهلاك الغذاء.
وذكر البيان، أنه وفي المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين في صنعاء، فإنه "من المتوقع تحقيق نتائج طارئة (المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) في محافظات حجة والحديدة وتعز".
وأوضح أن هذه المناطق، تضررت بشدة من تدمير البنية التحتية للموانئ وانقطاعات التجارة المرتبطة بالصراع بين الحوثيين في صنعاء وإسرائيل، بالإضافة إلى الفيضانات الأخيرة، مشيرا إلى أن هذه الظروف أدت إلى تفاقم ضعف الطلب على العمالة، وانخفاض مصادر دخل الأسر الرئيسية، وتضرر محاصيل الحبوب والمحاصيل النقدية. وتواجه الأسر الفقيرة عجزًا كبيرًا في استهلاك الغذاء.
وحول الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا (IRG)، قال البيان، إنه "من المتوقع أن تكون نتائج الأزمة (المرحلة 3 من التصنيف المرحلي المتكامل) واسعة النطاق".
وأشار إلى أن الحكومة اليمنية نفذت تدابير اقتصادية صارمة في أغسطس 2025، مما سمح للريال اليمني في عدن بالارتفاع السريع، مما خفّض أسعار المواد الغذائية الأساسية. لافتا إلى أن نقص العملة الصعبة ونقص الإيرادات العامة أدى إلى تأخيرات مستمرة في رواتب موظفي الخدمة المدنية، في الوقت الذي لا تزال تكلفة المعيشة مرتفعة للغاية بشكل عام، مؤكدا أن انقطاع الخدمات العامة، مثل الكهرباء، يحد من الأنشطة المدرة للدخل.
وقدرت مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، احتياجات المساعدات الغذائية بما يتراوح بين 15 و15.99 مليون شخص (40-45% من السكان) في أكتوبر، منوها إلى أنه من المتوقع انخفاض هذه الاحتياجات نسبيًا من نوفمبر إلى مايو، مدعومةً بموسم حصاد الحبوب والمحاصيل النقدية الرئيسية، والدخل الموسمي من ارتفاع مبيعات الماشية، والزكاة/الهدايا خلال شهر رمضان وعيد الأضحى.
وأفاد البيان، أنه من المتوقع أن يحتاج ما بين 13 و13.99 مليون شخص (35-40%) إلى مساعدات غذائية خلال هذه الفترة.
ونوه بأن إيصال المساعدات الغذائية الإنسانية يعد منخفضًا مقارنةً بالسنوات الماضية. في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مشيرا إلى أنه "من غير المتوقع وصول أي مساعدات غذائية إنسانية نظرًا لتعليق برنامج الأغذية العالمي لعملياته وتصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية"، في الوقت الذي قال إنه من المتوقع أن تصل المساعدات الغذائية إلى 3.4 مليون شخص أو أقل في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.