قلق إسرائيلي من تقارب واشنطن وحماس وكاتس يتوعد
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
عبر مسؤولون بإسرائيل عن مخاوفهم مما سموه التقارب بين الإدارة الأميركية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في حين هدد وزير إسرائيلي بتجريد الحركة من سلاحها "حتى آخر نفق".
ونقل موقع واللا عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن التقارب بين المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف وحركة حماس "مثير للقلق".
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" نقلت عن مصدرين مطلعين قولهما إن ويتكوف يخطط لعقد لقاء مع القيادي في حركة حماس خليل الحية قريبا.
وأشار مصدر مطلع للصحيفة إلى أن وقف إطلاق النار في غزة سيكون أحد المواضيع التي يعتزم ويتكوف مناقشتها مع الحية.
ولا يزال الموعد الدقيق للقاء غير واضح حسب مصادر "نيويورك تايمز"، كما أن هناك احتمالا لتغيّر الخطط.
وقالت الصحيفة إن مثل هذا اللقاء يؤكد حفاظ إدارة ترامب على خط اتصال مباشر مع حماس، رغم تصنيف الولايات المتحدة للحركة "منظمة إرهابية".
وفي شأن متصل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن قطاع غزة سيجرد من السلاح حتى آخر نفق وسيتم نزع سلاح حماس في الخط الأصفر من قبل القوة الدولية أو الجيش الإسرائيلي.
وأفادت هيئة البث الإسرائيلية في وقت سابق بأن حكومة بنيامين نتنياهو تقوم بتحركات من أجل أن يكون تفويض مجلس الأمن للقوة المرتقب نشرها في قطاع غزة واسعا، ويسمح لها بالعمل بقوة ضد حماس بهدف نزع سلاحها.
وتأتي التحركات الإسرائيلية قبيل التصويت المتوقع بهذا الشأن في مجلس الأمن الدولي غدا الاثنين.
وأضاف كاتس في منشور على منصة إكس إن سياسة إسرائيل واضحة أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية.
مسافة صفروفي ذات السياق، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن إسرائيل "لن تقبل بإقامة ما سماها دولة فلسطينية إرهابية في قلب أرض إسرائيل وعلى مسافة صفر من سكانها".
إعلانوخلفت حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 69 ألف شهيد وما يزيد على 170 ألف جريح، معظمهم نساء وأطفال، ودمار أكثر من 90% من مباني القطاع.
ولا تزال إسرائيل تواصل قصفها لقطاع غزة ونسفها لما تبقى من مساكنه، رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل له في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما أسفر عن مئات الشهداء والجرحى الفلسطينيين، فضلا عن تقييد إدخال المواد الغذائية والمستلزمات الطبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً:
غزة بين مشروع التقسيم ولقاء ويتكوف والحية
يتسارع الانتقال الأمريكي من منطق دعم العمليات الإسرائيلية إلى بناء تصور ميداني وسياسي جديد داخل غزة. هذا التحول لا يقوم على إعلان نظري، بل يظهر من خلال خرائط أمنية، ومسودات قرارات، واتفاقات إقليمية، وتحركات دبلوماسية مباشرة؛ أبرزها اللقاء المتوقع بين المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وعضو المكتب السياسي لحماس خليل الحية. ويكشف تداخل هذه المسارات عن محاولة لصياغة بيئة جديدة في غزة تسبق أي تفاوض رسمي حول مستقبل الدولة الفلسطينية.
تشير المعطيات الميدانية إلى إعادة انتشار واسع للقوات الإسرائيلية داخل القطاع، بما يتيح لها التحكم في مساحات تفوق نصف أرض غزة، خصوصا في الممرات الاستراتيجية ومناطق الزراعة وشريط رفح وغزة سيتي. وفي مقابل هذا التوسع، يعيش الفلسطينيون على امتداد ما يسمى الخط الأصفر في وضع إنساني بالغ التوتر، داخل نطاق ضيق يفتقر إلى الحد الأدنى من الحاجات الأساسية. هذا الواقع يشكل الإطار الأولي لما تسميه واشنطن في وثائقها "المنطقة الخضراء" التي تستند إلى ترتيبات أمنية وإدارية دولية، في مقابل "منطقة حمراء" تستمر فيها العمليات العسكرية وتتحرك فيها الأجهزة الإسرائيلية بحرية شبه كاملة.
ذا الاصطفاف لا يمثل بالضرورة موقف الشعوب العربية التي تنظر إلى التقسيم باعتباره تثبيتا لواقع الاحتلال، وإعادة إنتاج لهيمنة إسرائيلية بصيغة مدنية ودولية
يعتمد المشروع الأمريكي على مرحلة انتقالية تديرها قوة دولية لمدة عامين على الأقل، مع إمكانية تمديد المهمة حتى 2027. وتتولى هذه القوة مراقبة الأمن، وضبط الحدود، وتأمين الممرات الإنسانية، وتفكيك القدرات القتالية للفصائل. وفي الجانب السياسي، يتولى مجلس السلام إعادة تنظيم الإدارة المدنية، وترتيب المؤسسات، وتوجيه عملية الإعمار وفق تصور يراعي إعادة بناء السلطة الفلسطينية داخل إطار جديد يخضع لإشراف إقليمي ودولي.
ولإضفاء ثقل إقليمي على هذه الخطة، وقعت واشنطن بيانا مشتركا مع ثماني دول عربية وإسلامية. ويوفر هذا البيان غطاء سياسيا ضروريا للمشروع، ويعكس إدراكا إقليميا بأن استمرار الحرب يهدد الأمن الجماعي. غير أن هذا الاصطفاف لا يمثل بالضرورة موقف الشعوب العربية التي تنظر إلى التقسيم باعتباره تثبيتا لواقع الاحتلال، وإعادة إنتاج لهيمنة إسرائيلية بصيغة مدنية ودولية.
في هذا السياق جاء الإعلان عن لقاء ويتكوف بالحية، وهو لقاء يحمل دلالات تتجاوز التواصل السياسي العابر؛ واشنطن تختبر قدرة حماس على التعامل مع المرحلة الانتقالية، وتبحث عن صيغة تسمح بإشراك القوى الفاعلة داخل غزة في ترتيبات ما بعد الحرب، دون منح الحركة موقعا عسكريا. ويتيح هذا المسار للأمريكيين جمع معطيات دقيقة حول استعداد حماس للانخراط في عملية سياسية مرنة، وفهم الفجوة بين قيادتها السياسية والعسكرية، وتحديد الأطر التي يمكن من خلالها إدماج الحركة في النظام الإداري الجديد أو تحييد دورها المسلح.
أما إسرائيل فتتعامل مع هذه التطورات باعتبارها جزءا من معركة أطول. وقد جاءت تصريحات نتنياهو الأخيرة واضحة عندما أكد أن الجيش الإسرائيلي جاهز لنزع سلاح حماس كاملا إذا لم تحقق الخطة الأمريكية نتائجها، وأن أي ترتيبات سياسية في غزة لن تنجح دون إنهاء القوة العسكرية للحركة. هذا التصور الإسرائيلي يضع حدودا صارمة للمسار الأمريكي، ويضيف مستوى جديدا من الضغط على حماس وعلى الأطراف العربية المشاركة في الإشراف على المرحلة الانتقالية.
ع مشهد غزة اليوم بين مشروع تقسيم، ومرحلة انتقالية دولية، وتنسيق عربي، وتواصل أمريكي مباشر مع حماس، وضغط إسرائيلي عسكري وسياسي. وتحدد هذه العناصر مجتمعة شكل المرحلة المقبلة داخل القطاع
على المستوى الاستراتيجي، يكشف المشروع الأمريكي عن محاولة لإنتاج واقع سياسي جديد يسبق الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فبدل النقاش التقليدي حول حدود الدولة ووضع القدس واللاجئين، تبني واشنطن مسارا يبدأ من الداخل عبر إعادة صياغة الجغرافيا وتقليص القدرة المسلحة للفصائل وإنشاء إدارة انتقالية تخضع لمراقبة صارمة. وتعمل المنطقة الخضراء ضمن هذا السياق كنواة أولى لبيئة سياسية قابلة للتطوير، بينما يتحول النطاق الأحمر إلى فضاء تتحكم فيه القوة العسكرية بهدف الضغط المستمر وتفكيك أي بنية مسلحة خارج التصور الأمريكي.
وتشير التجارب السابقة إلى أن هذا النموذج يحمل مخاطر جدية، فقد أدى إنشاء مناطق آمنة في العراق وأفغانستان إلى إنتاج جيوب مستقرة سطحيا لكنها محاطة بغضب اجتماعي، مما خلق بيئة قابلة للانفجار. وفي غزة، قد يؤدي الفصل الجغرافي والسياسي إلى انقسام طويل المدى، ويتحول إلى بنية دائمة تصعب إزالتها إذا غابت إرادة سياسية فلسطينية تتجاوز حدود التقسيم وترفض تحويل القطاع إلى إدارتين غير متوازنتين.
في الخلاصة، يجمع مشهد غزة اليوم بين مشروع تقسيم، ومرحلة انتقالية دولية، وتنسيق عربي، وتواصل أمريكي مباشر مع حماس، وضغط إسرائيلي عسكري وسياسي. وتحدد هذه العناصر مجتمعة شكل المرحلة المقبلة داخل القطاع، وتفتح الباب أمام سؤال محوري: هل يقود هذا المسار إلى تأسيس كيان فلسطيني قابل للحياة، أم أنه يرسّخ انقساما جديدا يدخل غزة في دورة طويلة من التحكم الأمني؟ الجواب لن يصنعه القرار الأمريكي وحده، بل تحدده قدرة الفلسطينيين على فرض شروطهم، وقدرة الإقليم على رفض إعادة إنتاج السيطرة الخارجية في ثوب إداري جديد.