د. سيف بن علي الخميسي -

تعد ندرة المياه العذبة وتفاقم ملوحة التربة من أبرز التحديات التي تواجه الزراعة في المناطق الجافة وشبه الجافة حول العالم، وخاصة في المنطقة العربية. مع تزايد عدد السكان وتأثيرات التغير المناخي، بات البحث عن حلول مستدامة أمرًا حتميًا. وهنا يبرز مفهوم الزراعة الملحية كاستراتيجية واعدة، حيث تسمح بزراعة أنواع من المحاصيل تتحمل الملوحة باستخدام المياه المالحة أو قليلة الملوحة.

هذه الطريقة تشكل نقلة نوعية في التعامل مع الموارد المائية المتاحة، وتقدم حلًا عمليًا لاستغلال الأراضي المتأثرة بالملوحة والتي كانت تعد في السابق غير صالحة للزراعة. من ناحية أخرى تواجه العديد من المناطق الجافة وشبه الجافة حول العالم، وخاصة في المنطقة العربية، تحديات متصاعدة بسبب ندرة المياه العذبة وارتفاع ملوحة التربة والمياه. في هذا السياق، تبرز الزراعة الملحية بصفتها حلًا مبتكرًا يمكن أن يسهم في تحقيق الأمن الغذائي واستدامة الموارد. يسلط هذا المقال الضوء على مفهوم الزراعة الملحية وأهميتها العالمية.

بدأ التوسع في البحث العلمي الخاص بزراعة النباتات الملحية في أواخر السبعينيات، حيث عملت مراكز بحثية عديدة على تطوير تقنيات جديدة واستنباط أنواع جديدة من المحاصيل المقاومة للملوحة. ويحظى هذا المجال باهتمام عالمي متزايد، إذ تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 25% من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم قد تأثرت بالملوحة، مما يهدد سبل عيش حوالي 1.5 مليار شخص، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم بحلول عام 2050. الزراعة الملحية هي ممارسة زراعية تستهدف زراعة محاصيل وسلالات نباتية لها القدرة على تحمل مستويات عالية من الملوحة والحرارة، باستخدام المياه المالحة أو شبه المالحة في الري. وقد نبعت فكرتها من ملاحظة نمو نباتات مقاومة للملوحة بشكل طبيعي في المناطق الساحلية والأراضي السبخية.

في هذا المقال سيتم التعرف على الزراعة الملحية باعتبارها نهجًا زراعيًا مبتكرًا يرتكز على استغلال النباتات المتكيفة مع الملوحة العالية، حيث يتم استخدام المياه المالحة أو شبه المالحة في ري محاصيل متخصصة. وقد اكتسب هذا النهج أهمية عالمية متزايدة في ضوء التحديات المائية والمناخية التي تواجهها العديد من الدول، لا سيما في المناطق الجافة وشبه الجافة. وتكمن الأهمية الاستراتيجية لهذا النوع من الزراعة في قدرته على تحويل التحديات البيئية إلى فرص تنموية حقيقية، حيث تشير التقديرات إلى تأثر أكثر من 800 مليون هكتار من الأراضي الزراعية على مستوى العالم بدرجات مختلفة من الملوحة، مما يهدد الأمن الغذائي لأكثر من مليار نسمة. كما سيناقش الجدال في الري بالمياه المالحة في زراعة المحاصيل بين التأييد لاستغلال المياه المالحة في الزراعة بداعي الحفاظ على الموارد المائية العذبة، والمعارضة بسبب تلويث الأراضي بالأملاح وتدهور التربة. وسيخلص المقال بتقديم عدد من التوصيات المستقبلية التي يمكن تطبيقها لاستدامة وتطوير الزراعة الملحية.

تقنيات وأساليب الزراعة الملحية

تشمل الاستراتيجيات الحديثة في الزراعة الملحية مجموعة متكاملة من الحلول التقنية. في مقدمة هذه الحلول يأتي تطوير أصناف نباتية متحملة للملوحة من خلال برامج التربية التقليدية والتقنيات الحيوية المتقدمة، حيث تم تحديد أكثر من 1500 نوع نباتي ملحي واعد. كما تشمل التقنيات المبتكرة استخدام أنظمة الري الذكية التي تتيح إدارة دقيقة لكميات المياه المالحة المستخدمة، إضافة إلى تطوير أنظمة الزراعة المائية والزراعة في البيئات المحكومة. وقد أسهمت هذه التقنيات في رفع كفاءة استخدام المياه بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالزراعة التقليدية. شهدت الأبحاث الزراعية في الدول الآسيوية خلال العقد الأخير توسعًا ملحوظًا في مجال الزراعة الملحية، إذ ركّزت على تطوير أصناف نباتية قادرة على النمو في الأراضي المتأثرة بالأملاح، وتحسين إدارتها المائية والبيئية. ففي باكستان وبنجلاديش، أظهرت التجارب الميدانية أن استخدام أصناف أرز مقاومة للملوحة أدى إلى زيادة الغلة بمعدل يتراوح بين 1 و2 طن للهكتار، مقارنة بالأصناف التقليدية، مع ارتفاع صافي الدخل للمزارعين الذين تبنوا هذه الأصناف. غير أن تبنّي هذه الحلول ما زال يواجه تحديات مؤسسية تتعلق بتوفير البذور والدعم الفني والتسويقي للمزارعين. كما أثبتت الدراسات في باكستان والهند فعالية زراعة النباتات الملحية الـ(Halophytes) مثل Salicornia في إنتاج الكتلة الحيوية واستصلاح التربة في الوقت نفسه. فقد تبين أن زراعة هذه الأنواع تقلل من ملوحة التربة (EC) وتحسّن بنية التربة، إلى جانب إنتاجها لأعلاف وزيوت غذائية يمكن

أن تدخل في سلاسل قيمة اقتصادية واعدة. وتعد هذه المقاربة مثالًا على دمج البعد البيئي مع البعد الاقتصادي في استغلال الأراضي المتدهورة.

وفي السياق ذاته، أظهرت أبحاث حديثة في إيران والهند أن استخدام البكتيريا المحفّزة لنمو النباتات في البيئات المالحة (Halo-tolerant PGPR) يسهم في تحسين النمو النباتي والتقليل من آثار الإجهاد الملحي من خلال تعديل النشاط الهرموني للنبات ورفع كفاءته المائية. هذا الاتجاه يعد واعدًا كحل بيولوجي منخفض التكلفة يمكن تطبيقه ميدانيًا دون الحاجة إلى تعديلات جذرية في أنظمة الري أو التربة. أما إدارة المياه فقد تبين أنها العامل الحاسم في نجاح الزراعة الملحية، حيث تؤكد الدراسات في حوض نهر السند بباكستان وبنجلاديش على أهمية الجمع بين الأصناف المقاومة وإجراءات الري المحسنة مثل الري بالتنقيط واستخدام المياه العذبة في المراحل الحساسة من نمو النبات. هذه الممارسات ساهمت في تقليل فقد الإنتاجية وتحسين كفاءة استخدام المياه.

وقد توسعت التجارب أيضًا إلى محاصيل أخرى مثل الشعير والقطن والكينوا والبطاطا المالحة، حيث أظهرت نتائج متفاوتة حسب مستويات الملوحة ونوع التربة، إلا أن بعض هذه المحاصيل حققت مردودًا اقتصاديًا مجزيًا في الأراضي ذات الملوحة المتوسطة. وبرزت كذلك توجهات نحو استثمار النباتات الملحية والطحالب في إنتاج الوقود الحيوي والأعلاف، بما يفتح آفاقًا لاقتصاد دائري يعتمد على الموارد المحلية . وفي ضوء هذه الجهود، شددت الأبحاث في إيران وباكستان وبنجلاديش على أهمية إعداد خرائط دقيقة للملوحة ومراقبتها زمانيًا ومكانيًا باستخدام أجهزة قياس الموصلية الكهربائية (EC) وتقنيات الاستشعار عن بعد. إذ يساعد ذلك على توجيه التدخلات الزراعية بدقة ورفع كفاءة استخدام الموارد . تتفق معظم هذه الدراسات على أن النجاح في الزراعة الملحية لا يتحقق بحل منفرد، بل عبر تكامل منظومة من الإجراءات تشمل تطوير الأصناف المقاومة، وتحسين الري، واستخدام الكائنات الدقيقة المفيدة، وزراعة النباتات الملحية الاقتصادية، إلى جانب توفير الدعم الفني والمالي للمزارعين لضمان استدامة هذه الأنظمة الإنتاجية.

ومن خلال هذه المشاريع والدراسات ولمواجهة تحديات الزراعة الملحية، تم تطوير عدة تقنيات لتعزيز الزراعة الملحية. من أهم هذه التقنيات تطوير أصناف نباتية مقاومة للملوحة، حيث يعد البحث والتطوير في مجال الهندسة الوراثية والتهجين لإنتاج نباتات تتحمل مستويات عالية من الملوحة هو حجر الزاوية في هذا المجال. من أمثلة هذه النباتات الكينوا والشعير والعديد من أنواع الأقحوان. أما بالنسبة لتحسين التربة فيمكن استخدام تقنيات مثل إضافة الجبس أو المواد العضوية لتحسين بنية التربة وتقليل تأثير الملوحة. وهناك تقنيات الري المبتكرة عن طريق استخدام أنظمة ري دقيقة مثل الري بالتنقيط يقلل من استهلاك المياه ويقلل من تراكم الأملاح في منطقة الجذور. كما يمكن استخدام تقنيات غسل التربة (leaching) بشكل دوري لإزالة الأملاح الزائدة. وتعد الزراعة المائية والملحية (Hydroponics & Saline Agriculture) من الحلول المتقدمة التي لا تعتمد على التربة، وتسمح بالتحكم الدقيق في تركيز المغذيات والملوحة، مما يجعلها مثالية لإنتاج بعض المحاصيل مثل الطماطم والورقيات في بيئة محكومة.

استخدام النباتات الملحية في الري بالمياه عالية الملوحة

تمثل النباتات الملحية (Halophytes) أنواعًا نباتية متخصصة تتحمل مستويات عالية من الملوحة تصل إلى 70 جرامًا/لترًا وأكثر، وذلك بفضل آلياتها الفسيولوجية الفريدة التي تشمل تنظيم الأسموليت داخليًا وعزل الأيونات السامة في الفجوات الخلوية أو إفرازها عبر الغدد. هذه الخصائص تجعلها مرشحة مثالية للري بمياه الإنتاج البترولية (Produced Water)، وهي مياه عالية الملوحة والملوثة تنتج كمنتج ثانوي أثناء استخراج النفط والغاز. توفر هذه النباتات فوائد متعددة تشمل معالجة التربة والمياه، حيث تعمل على تخفيض ملوحة التربة بنسبة تصل إلى 37.7% كما في تجربة بحيرة أورمية بإيران، وامتصاص الملوثات والمعادن الثقيلة عبر عملية المعالجة النباتية (Phytoremediation). كما يمكن استخدامها لإنتاج منتجات قيمة مثل الأعلاف الحيوانية الغنية بالبروتين (نبات الأتريبلكس)، والمحاصيل الزيتية للطعام أو الوقود الحيوي (الساليكورنيا التي تحتوي بذورها على 30% زيت)، والوقود الحيوي من الكتلة الحيوية (عشبة السويتشغراس)، بالإضافة إلى الغذاء البشري (الساليكورنيا التي تباع كـ«هليون بحري»). وتساهم أيضًا في إعادة تأهيل الأراضي عبر استصلاح التربة المالحة والمتدهورة ومنع التعرية. تمتد سجل النجاحات لتشمل تجارب متنوعة، مثل نجاح زراعة الساليكورنيا في الإمارات باستخدام مياه البحر لإنتاج الزيوت، واستخدام الديستيشليس بالميري في أمريكا كبديل للحبوب، وإثبات كفاءة الهالوكنيوم والساليكورنيا في خفض ملوحة تربة بحيرة أورمية.

رغم هذه الإيجابيات، تواجه هذه التقنية تحديات مهمة تشمل صعوبة إنبات البذور في وسط ملحي عالي، وانخفاض الإنتاجية مقارنة بالمحاصيل التقليدية مما يتطلب برامج تربية لتحسين الصفات الوراثية، وارتفاع التكلفة الاقتصادية لضخ المياه المالحة وتطبيق النظام على نطاق واسع. للتغلب على هذه التحديات، تبرز الحاجة إلى توصيات عملية تشمل تصميم تجارب ميدانية مباشرة باستخدام مياه الإنتاج البترولية الفعلية، وإجراء تحليل دقيق لموازنة الأملاح وتراكم الملوثات في النبات، ودراسة الجدوى الاقتصادية للتكلفة والعائد من المنتجات المختلفة، ودمج زراعة الهالوفيتات في نظم زراعية متكاملة مثل الدورة الزراعية.

أمثلة تطبيقية ودراسات حالة

تعد هولندا من الدول الرائدة في تطبيق الزراعة الملحية ، حيث تستخدم

تقنيات متطورة لزراعة البطاطس المالحة في الأراضي الساحلية، مما يحقق إنتاجية عالية وجودة فريدة. في المنطقة العربية، تظهر المملكة العربية السعودية التزامًا كبيرًا بهذا المجال، حيث تقام العديد من المشاريع البحثية والتطبيقية لزراعة المحاصيل الملحية مثل الساليكورنيا (نبات الهليون البحري) التي تستخدم كعلف للحيوانات، وأشجار المانغروف التي تساعد في حماية السواحل واستعادة النظم البيئية إضافة إلى محصول الرغل العلفي الذي يستخدم لتغذية الحيوان. هذه المشاريع أُثبتت أن الزراعة الملحية ليست مجرد أبحاث نظرية، بل هي حل قابل للتطبيق وذو جدوى اقتصادية. في جمهورية مصر العربية نجح العلماء في إدخال وزراعة أكثر من 15 نوعًا نباتيًا عالي القيمة، مثل الشعير والكينوا والساليكورنيا، والتي أظهرت إنتاجية مرتفعة حتى في ظروف الملوحة العالية. أما في مجال تطوير نظم الزراعة المستدامة، خاصة في مناطق الساحل الشمالي الغربي، فقد تطبيق ممارسات صديقة للبيئة لزراعة نباتات الأعلاف الملحية، مع تعظيم الاستفادة من نباتات كـ الساليكورنيا لكونها مصدرًا واعدًا للزيوت والأعلاف والصناعات التجميلية. وتم بناء القدرات ونقل التكنولوجيا، عبر تنفيذ برامج تدريبية ومدارس حقلية للمزارعين في محافظات مثل السويس والوادي الجديد وشمال سيناء، لتمكينهم من تطبيق هذه الأساليب المربحة والجديدة في بيئاتهم.

بشكل عام تشهد المنطقة العربية طفرة ملحوظة في تطبيقات الزراعة الملحية. تبرز دولة الإمارات العربية المتحدة رائدة في هذا المجال من خلال المشاريع النموذجية التي ينفذها المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا)، حيث نجحت في تحقيق إنتاجية قياسية لمحصول الساليكورنيا بلغت 3.25 طن للهكتار الواحد. وسجلت المملكة العربية السعودية نجاحات ملموسة في زراعة نبات الكينوا الملحي، بينما تميزت مصر في تطوير أنظمة الري بالتنقيط باستخدام المياه قليلة الملوحة. وتشير الدراسات إلى أن هذه المشاريع ساهمت في زيادة الدخل الزراعي بنسبة تصل إلى 30% في المناطق المتأثرة بالملوحة.

التحديات الزراعية

المرتبطة بالزراعة الملحية

تواجه القطاعات الزراعية في المناطق المتأثرة بالملوحة جملة من التحديات المعقدة التي تتفاقم بسبب التغيرات المناخية. يأتي في مقدمة هذه التحديات تدهور خصوبة التربة حيث تؤدي التراكيز العالية من الأملاح إلى إعاقة امتصاص النبات للمغذيات، مما ينعكس سلباً على الإنتاجية. كما تشكل ندرة المياه العذبة عائقاً رئيسياً، حيث تستهلك الزراعة التقليدية ما يصل إلى 70% من إجمالي الاستهلاك المائي في العديد من الدول العربية. ويضاف إلى ذلك محدودية التنوع المحصولي، حيث تفشل معظم المحاصيل التقليدية في التأقلم مع الظروف الملحية الصعبة. وتؤثر الملوحة بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي بعدة طرق. أولًا، تؤدي إلى تدهور التربة وتغيير تركيبتها، مما يُقلل من خصوبتها وقدرتها على امتصاص العناصر الغذائية. ثانيًا، تُسبب الإجهاد الأسموزي للنباتات، حيث تُعيق قدرتها على امتصاص الماء، مما يؤدي إلى ذبولها ونقص نموها. هذا الإجهاد ينتج عنه انخفاض كبير في الإنتاجية، وفي بعض الأحيان فشل كامل للمحصول. بالإضافة إلى ذلك، تُقيد الملوحة خيارات المحاصيل المتاحة، حيث أن معظم المحاصيل التقليدية مثل القمح والذرة حساسة جدًا للملوحة.

الأبعاد الاقتصادية والبيئية

تقدم الزراعة الملحية فوائد اقتصادية وبيئية هائلة. اقتصاديًا، تتيح استغلال الأراضي المتأثرة بالملوحة، مما يوسع الرقعة الزراعية ويزيد من الإنتاج المحلي، وبالتالي يسهم في تحقيق الأمن الغذائي. كما تُوفر هذه التقنية فرصًا جديدة للمزارعين وتُقلل من الاعتماد على المياه العذبة التي تُعد موردًا نادرًا ومُكلفًا. بيئيًا، تقلل من الضغط على مصادر المياه العذبة، وتُساعد في استعادة النظم البيئية المتدهورة. بعض النباتات الملحية مثل الساليكورنيا يمكن أن تُستخدم لإنتاج الزيوت الحيوية، مما يُضيف قيمة اقتصادية وبيئية.

تمتلك الزراعة الملحية أبعاداً اقتصادية وبيئية متعددة الجوانب. فمن الناحية الاقتصادية، تسهم في خلق فرص استثمارية جديدة في المناطق الهامشية، حيث تصل عوائد الاستثمار في بعض المشاريع إلى 15% سنوياً. أما بيئياً، فإنها تساهم في مكافحة التصحر من خلال زيادة المساحات الخضراء بنسبة 25% في المناطق المتأثرة بالملوحة. وفيما يخص الأمن الغذائي، فإنها تتيح إنتاج محاصيل بديلة عالية القيمة الغذائية، حيث تحتوي بعض النباتات الملحية على بروتين بنسبة تصل إلى 18%، مما يعزز من تنوع السلة الغذائية في المناطق التي تعاني من شح الموارد.

الزراعة الملحية في سلطنة عمان: التطبيقات العملية والنتائج المتحققة

أدركت سلطنة عُمان مبكرًا خطورة مشكلة الملوحة، حيث أدى التوسع الزراعي وزراعة الأعلاف في تسعينيات القرن الماضي إلى استنزاف كبير للموارد المائية وتملحها، مما أثر سلبًا على الإنتاجية الزراعية. وتعد الزراعة الملحية في سلطنة عُمان استجابة استراتيجية حتمية لمواجهة تحدي تملح التربة وتدهور المياه الجوفية، خاصة في الباطنة وظفار. ولهذا، أطلقت سلطنة عمان الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الملوحة عام 2008 بالتعاون مع المركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA) ، بهدف إدارة الموارد المائية وحماية التربة لضمان استدامة الأمن الغذائي. وتتبنى هذه الاستراتيجية مسارين أساسيين: تطوير تقنيات استصلاح التربة المالحة، وتنمية أصناف نباتية مقاومة للملوحة. واشتركت في وضعها عدة جهات منها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وجامعة السلطان قابوس، والمركز الدولي للزراعة الملحية (ICBA).

تركز الجهود الوطنية في سلطنة عُمان على ثلاثة محاور رئيسية، تبدأ بمحور الوقاية الذي يهدف إلى حماية الأراضي الزراعية من التملح من خلال تطوير نظم فعالة لمراقبة الموارد المائية ومنع تدهورها. ويأتي بعد ذلك محور الإدارة الذي يتضمن تطبيق حلول علمية للتعامل مع الملوحة الحالية، وذلك باستخدام تقنيات الري الذكية واختيار

محاصيل متحملة للملوحة مثل بعض سلالات الدخن والذرة البيضاء. يعنى محور التعافي باستعادة إنتاجية الأراضي المتأثرة بالملوحة عبر إدخال محاصيل جديدة مقاومة للإجهاد الملحي وتحسين تقنيات إدارة التربة، مما يشكل نهجاً متكاملاً لمواجهة تحدي التملح.

ركزت الدراسات العلمية في عُمان على إيجاد حلول مبتكرة لتحسين خصائص التربة. ففي مجال تعديل التربة، أثبتت الأبحاث نجاح استخدام الأسمدة الخاصة التي تعتمد على تقنية «Shell Thiogro» (مثل منتج «Special-S») في تحمض التربة المالحة وتعزيز عملية ترشيح أملاح الصوديوم بشكل فعال، متفوقة على الطرق التقليدية كالجبس الزراعي. وقد انعكس هذا التطبيق على زيادة إنتاجية المحاصيل مثل عشب الرودس والقمح. كما تضمنت الأبحاث دراسات معمقة من جامعة السلطان قابوس حول استخدام المحسنات العضوية، مثل الفحم الحيوي المنتج من مخلفات النخيل والمسكيت، بالدمج مع الكبريت العنصري لمعالجة الأراضي القلوية والمالحة.

تم تحويل هذه الأبحاث إلى تطبيقات عملية من خلال برامج نقل التقنيات والإرشاد الزراعي. فقد تم اختبار وتطبيق نظم وتقنيات الزراعة الملحية بشكل مباشر في حقول المزارعين، خصوصًا في منطقة الباطنة، لزراعة الأصناف المتحملة للملوحة. كما يشتمل الجانب التطبيقي على تقديم خدمات تحليل التربة والمياه للمزارعين، وتطبيق ممارسات الإدارة المتكاملة للتربة والمياه لتحديد الاحتياجات السمادية المناسبة. وتشير الدراسات الاجتماعية والاقتصادية إلى استعداد عالٍ لدى المزارعين لتبني حلول تعديل التربة الجديدة وإدارة الملوحة، مما يؤكد على أهمية البحث العلمي في تحقيق الاستدامة الزراعية والأمن الغذائي في سلطنة عُمان.

أما في جانب تطوير المحاصيل، فيقوم مركز بحوث التربة والمياه التابع لوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بتطوير واختبار سلالات محلية ودخيلة من النباتات المتحملة للملوحة، لا سيما محاصيل الأعلاف مثل الدخن والذرة البيضاء، إلى جانب النباتات الزيتية والبقولية. وقد أسفرت هذه الجهود البحثية عن تحديد أصناف ذات إنتاجية اقتصادية عالية تحت ظروف الري بالمياه المالحة. شهدت سلطنة عمان نقل الخبرات الدولية بشكل فعال من خلال تعاونها مع المركز الدولي للزراعة الملحية (إكبا)، حيث تم تدريب الكوادر المحلية واختبار سلالات محاصيل أعلاف متحملة للملوحة في محافظتي شمال وجنوب الباطنة. كما تستمر الجامعات ومراكز الأبحاث العمانية، وعلى رأسها جامعة السلطان قابوس، في قيادة المشاريع المبتكرة، حيث نظمت مؤخرًا ندوة متخصصة حول «التقنيات الحديثة الذكية للتربة والمياه في إدارة ملوحة التربة». أسفرت هذه الجهود عن تحقيق نتائج ملموسة، حيث تم تحديد أصناف عالية الإنتاجية والقيمة الغذائية من المحاصيل المتحملة للملوحة. كما ساهمت هذه المشاريع في تطوير حلول عملية مستدامة تواجه تحدي الملوحة، حيث تهدف إلى دمج التقنيات الذكية في إدارة التربة والمياه، مما يعزز الإنتاجية الزراعية ويحقق الأمن الغذائي في السلطنة.

أظهرت الدراسات البحثية التي أُجريت حول استخدام الري بالمياه المالحة نتائج علمية مهمة، حيث بينت دراسة أجريت في عام 2010 أن نمو شتلات نخيل التمر يتأثر تدريجيًا بزيادة ملوحة مياه الري، إلا أن النخيل يعد من أكثر المحاصيل قدرة على التحمل، مع انخفاض واضح في النمو والإنتاج عند مستويات الملوحة العالية جدًا. وأكّدت دراسة أخرى أن استخدام المياه الجوفية المالحة لري أصناف مختلفة من التمور مثل «الخلاص» و«اللولو» يؤدي إلى تفاوت في الإنتاجية بين الأصناف، مع توصيات دقيقة بكمية مياه الري المطلوبة تبعًا لدرجة الملوحة. كما تناولت مشاريع بحثية بجامعة السلطان قابوس بين عامي 2010 و2016 مفهوم «التكيّف مع الملوحة» من خلال إدارة الأراضي المالحة وزراعة محاصيل وأعلاف متحملة للملوحة، واقتراح حلول عملية كتقنيات تحسين التربة والتغطية السطحية. وفي تجارب حديثة بالتعاون مع شركات محلية، تم اختبار تقنيات وأسمدة متخصصة لمعالجة التربة المالحة، وأظهرت النتائج تحسنًا ملموسًا في خصوبتها وزيادة إنتاجية المحاصيل. كذلك قيمت دراسات ميدانية الخصائص الفيزيائية والكيميائية لترب المزارع العُمانية وحددت توزيع ملوحة المياه الجوفية وعلاقتها بانخفاض الغلات وتدهور التربة، فيما أظهرت بحوث تقنية أخرى أن استخدام نظم ري مزدوجة (عذبة ومالحة)، وإضافة معدلات للتربة مثل الفحم الحيوي والهيومات، وتطبيق التغطية العضوية تعد من الوسائل الفعالة لتقليل تراكم الأملاح وتحسين كفاءة استخدام المياه. وتوصلت مجمل هذه الدراسات إلى أن الملوحة تمثل تحديًا متناميًا، إلا أن إدارتها عبر اختيار المحاصيل المناسبة والممارسات الزراعية السليمة يمكن أن يتيح استدامة الري بالمياه المالحة دون الإضرار بالإنتاج الزراعي. أظهرت الدراسات التي تناولت زراعة القمح باستخدام المياه المالحة في سلطنة عُمان نتائج متقاربة من حيث الاتجاه العلمي، حيث أوضحت التجارب التي أُجريت في جامعة السلطان قابوس أن القمح من المحاصيل الحساسة نسبيًا للملوحة، إذ يؤدي ارتفاع تركيز الأملاح في مياه الري إلى انخفاض ملحوظ في نسبة الإنبات، وعدد السنابل، ووزن الحبوب، خاصة عند تجاوز ملوحة المياه 6 ديسيسمنز/متر، في حين أظهرت بعض الأصناف المحلية والمستوردة تفاوتًا في قدرتها على التحمل. وبينت الدراسة الثانية، التي أُجريت في مركز بحوث التربة والمياه، أن الإدارة الجيدة يمكن أن تحد من آثار الملوحة، إذ ساهم تطبيق نظام الغسيل الدوري للتربة واستخدام التغطية العضوية والهيومات في تقليل تراكم الأملاح وتحسين النمو والإنتاجية بنسبة تتراوح بين 15 و25% مقارنة بالري المستمر بالمياه المالحة دون معالجة. أما الدراسة الثالثة، وهي «مراجعة تطبيقية لأبحاث إنتاج القمح في المناطق شبه الجافة بعُمان»، فقد خلصت إلى أن الجمع بين استخدام أصناف متحملة، وجدولة الري وفق احتياجات النبات، واستخدام مياه مالحة بنسب مخففة أو متدرجة، يمكن أن يتيح إنتاجًا اقتصاديًا مستدامًا للقمح في المناطق الساحلية والداخلية ذات الملوحة المتوسطة. وتوصي هذه البحوث بضرورة تطوير برامج وطنية لاختيار وتحسين أصناف القمح المقاومة للملوحة، واعتماد استراتيجيات متكاملة لإدارة المياه والتربة لتحقيق الأمن الغذائي في ظل ندرة المياه العذبة.

الجدل حول الري بالمياه

المالحة بين الاستدامة وتدهور التربة

يشهد موضوع الري بالمياه المالحة في الزراعة جدلًا واسعًا بين الباحثين والمزارعين المؤيدين للحفاظ على البيئة، إذ يرى فريق من المؤيدين أنه يمثل خيارًا استراتيجيًا للحفاظ على الموارد المائية العذبة، في حين يحذر آخرون من مخاطره على التربة والإنتاج الزراعي على المدى الطويل. ففي ظل تزايد ندرة المياه العذبة في المناطق الجافة وشبه الجافة، يُنظر إلى المياه المالحة أو متوسطة الملوحة بوصفها موردًا غير تقليدي يمكن استغلاله لتوسيع الرقعة الزراعية دون استنزاف الموارد العذبة. وقد أكدت عدة دراسات أن الري بالمياه المالحة قد يكون مقبولًا إذا أُدير بصورة علمية دقيقة، من خلال تحديد مستوى الملوحة المسموح به (قيمة الناقلية الكهربائية EC ضمن الحدود الآمنة)، واختيار محاصيل تتحمل الملوحة، وتطبيق ممارسات زراعية مناسبة مثل الري بكميات كافية والغسيل الدوري للأملاح من منطقة الجذور. كما أظهرت أبحاث حديثة أن تحسين بنية التربة بإضافة مواد مثل «البايوتشـار» أو الأسمدة العضوية يساعد على تخفيف التأثيرات السلبية للمياه المالحة ويعزز قدرة النباتات على النمو والإنتاج. في دراسة على محاصيل مثل التريتيكال (Triticale) في تربة رملية، أُشير إلى أن الري بالمياه المالحة المعتدلة قد يكون مقبولًا بشرط اختيار المحاصيل المناسبة وإدارة الأملاح. وفي إطار الزراعة المستدامة وتنويع المصادر، يرى بعض الباحثين أن المياه المالحة أو غير التقليدية (brackish water) تمثل خيارًا في المناطق التي لا يمكن الاعتماد فيها بالكامل على المياه العذبة ، وبالتالي ينظر إلى المياه المالحة كجزء من الحل وليس كبديل كامل للمياه العذبة. يوصي الباحثون بضرورة اتباع مجموعة من الإجراءات لضمان الاستخدام الآمن للمياه المالحة في الري الزراعي. ففي المقام الأول، يجب أن يتم استخدام المياه المالحة ضمن حدود «الأمان»، بحيث لا تتجاوز قيمة الملوحة (EC) الحد المسموح به لكل نوع من المحاصيل، لتفادي التأثيرات السلبية على النمو والإنتاج. كما يعد اختيار المحاصيل المتحملة للملوحة وتطبيق ممارسات زراعية معدّلة أحد أهم عناصر الإدارة الفعالة، إذ تتيح هذه الاستراتيجيات استمرار الإنتاج الزراعي دون تدهور التربة. كذلك من الضروري وجود نظام تصريف فعّال للأملاح أو تنفيذ عملية «غسيل التربة» (Leaching) بشكل دوري، لضمان عدم تراكم الأملاح في منطقة الجذور، وهو ما أكدته دراسة منشورة في مجلة (Soil Research) التي بينت فعالية الغسيل في الحد من تراكم الأملاح في التربة الصحراوية. وإلى جانب ذلك، ينصح بدمج ممارسات زراعية داعمة مثل استخدام الأسمدة العضوية والمهاد (mulching) وتحسين بنية التربة. وقد أظهرت دراسة بعنوان (Effects of saline water on soil properties and biochar) أن إضافة مادة «البايوتشـار» إلى التربة ساهمت في تحسين نمو نبات الفجل عند الري بالمياه المالحة، مما يعكس أهمية الإدارة المتكاملة للتربة والمياه في الحد من أضرار الملوحة وتحسين كفاءة استخدام الموارد المائية.

في المقابل، يذهب المعارضون إلى أن الري بالمياه المالحة يحمل مخاطر حقيقية على المدى الطويل، أبرزها تراكم الأملاح في التربة وتدهور بنيتها الفيزيائية والكيميائية. فقد بينت دراسات ميدانية أن ارتفاع الملوحة يؤدي إلى زيادة الناقلية الكهربائية للتربة (ECe) ونسبة الصوديوم المتبادل (SAR)، مما يضعف تماسك التربة ويقلل من نفاذية المياه فيها. كما أظهرت تجارب طويلة الأمد أن استخدام مياه ري ذات ملوحة مرتفعة يؤدي إلى انخفاض كبير في إنتاجية المحاصيل، خصوصًا في القمح والذرة والخضروات الحساسة للملوحة، حيث يبدأ الانتاج بالتراجع عند قيم ECw تتجاوز 0.9 إلى 1.5 ديسيسيمنز/متر بحسب نوع النبات. ويضاف إلى ذلك أن تراكم الأملاح في الطبقات السطحية يصعب التخلص منه لاحقًا، وقد يؤدي إلى تملح المياه الجوفية وصعوبة استصلاح الأراضي. من المرجح أن استخدام مياه مالحة بدون إدارة صارمة يؤدي إلى تراكم الأملاح في منطقة الجذور، وقد يصبح الأمر غير قابل للتراجع بسهولة. وتبين إحدى الدراسات بأن استخدام مياه ذات ملوحة (0.7 - 1.4 ديسيسمين/م) لمدة سنتين فقط في تربة طينية أنتج تراكمات ملحية بمقدار (3-5 ديسيسمين/م) داخل عمق 20-30 سم من السطح، مما قلل الإنتاج بصورة كبيرة. كما أن استمرار صرف هذه الأملاح قد يثقل الأحواض الجوفية أو يعيد تغذية المياه الجوفية بمياه مالحة، ما يؤثر على العمق الزراعي في المستقبل.

من هذا المنطلق، يمكن تبني موقف وسطي يرى أن استخدام المياه المالحة في الزراعة ممكن بشرط أن يتم ضمن نظام إدارة متكامل ودقيق، وليس كبديل مطلق للمياه العذبة. ويتطلب ذلك مراقبة مستمرة لمستويات الملوحة في التربة والمياه، واستخدام ممارسات زراعية واقية مثل الغسيل الدوري واختيار المحاصيل الملائمة وتحسين الصرف الزراعي. فالمياه المالحة قد تكون جزءًا من الحل في مواجهة ندرة المياه، لكنها في الوقت ذاته قد تتحول إلى مصدر خطر إذا أسيء استخدامها. وعند استخلاص الدروس من هذا الجدل، يمكن القول إن الاستفادة من المياه المالحة تعتمد على التوازن بين الحاجة إلى استدامة الموارد المائية وحماية التربة والإنتاج الزراعي. فالمياه المالحة ليست بديلًا تامًا للمياه العذبة، لكنها خيار تكميلي يحتاج إلى إدارة واعية ومعرفة علمية دقيقة. ومن ثم، فإن تحقيق الاستدامة في هذا المجال يتطلب دمج تقنيات الري الحديثة، ومراقبة خصائص التربة بانتظام، ووضع سياسات مائية تراعي اختلاف البيئات الزراعية وقدرتها على تحمّل الملوحة.

لا يمكن النظر إلى المياه المالحة باعتبارها بديلًا تلقائيًا للمياه العذبة في الري دون أخذ ظروف التربة ونوع المحصول والإدارة الزراعية والبيئة المحيطة بعين الاعتبار، إذ تختلف قدرة الأنظمة الزراعية على تحمل الملوحة تبعًا لهذه العوامل. وتوجد حدود أمان تقريبية لاستخدام المياه المالحة، حيث يؤدي تجاوزها إلى زيادة احتمالية انخفاض الإنتاج وتدهور بنية التربة. ومع ذلك، فإن الإدارة الجيدة -التي تشمل ضبط كميات الري، وتنفيذ الغسيل الدوري للأملاح، وتحسين بنية التربة، واختيار المحاصيل الملائمة- يمكن أن تقلل من المخاطر المرتبطة بالملوحة وتزيد من جدوى استخدام هذه المياه في الزراعة. ويعد عامل الزمن عنصرًا حاسمًا في هذا السياق، إذ قد لا تظهر آثار الري بالمياه المالحة مباشرة، بل تتراكم تدريجيًا عبر سنوات من الاستخدام، مما يجعل المتابعة والمراقبة المنتظمة للتربة والمياه أمرًا ضروريًا. ومن منظور التنمية المستدامة، يفضل أن يكون استخدام المياه المالحة جزءًا من استراتيجية متكاملة لإدارة الموارد المائية، وليس بديلًا كاملًا عن المياه العذبة، خصوصًا في المناطق التي تتوفر فيها إمكانية خلط المياه أو تحسين نوعية مياه الريّ عبر التقنيات الحديثة.

توصيات مستقبلية لاستدامة

وتطوير الزراعة الملحية

لضمان استدامة وتطوير الزراعة الملحية، تبرز الحاجة إلى تبني حزمة من التوصيات الاستراتيجية. يأتي في مقدمتها تعزيز التعاون الإقليمي والدولي من خلال إطلاق منصات بحثية مشتركة، وزيادة الاستثمار في البحث والتطوير حيث لا تتجاوز حصة الزراعة الملحية حاليًا 2% من إجمالي الاستثمارات الزراعية على مستوى العالم. كما تشمل التوصيات تطوير سياسات داعمة توفر حوافز للمزارعين، وبناء القدرات المحلية من خلال برامج تدريبية متخصصة، إضافة إلى تعزيز الربط بين مخرجات البحث العلمي ومتطلبات السوق عبر تطوير سلاسل القيمة للمحاصيل الملحية. ولضمان استدامة وتوسع الزراعة الملحية، يجب التركيز على زيادة الاستثمار في البحوث والتطوير عن طريق تحديد المزيد من الأصناف النباتية المقاومة للملوحة وتطوير تقنيات ري أكثر كفاءة. كما يجب تشجيع السياسات الحكومية الداعمة من خلال تقديم الحوافز والدعم المالي للمزارعين الذين يتبنون هذه التقنيات ، ونقل المعرفة والتدريب لتمكين المزارعين من تطبيق أفضل الممارسات في الزراعة الملحية.

ختاما نستطيع القول إن الزراعة الملحية هي أكثر من مجرد تقنية، إنها رؤية مستقبلية تمكننا من التكيف مع التحديات البيئية وتحول الملوحة من عائق إلى فرصة للتنمية المستدامة والأمن الغذائي. والزراعة الملحية تشكل ركيزة أساسية في تحقيق الأمن الغذائي والاستدامة البيئية في المناطق الجافة وشبه الجافة. وقد أثبتت التجارب الدولية نجاح هذا النهج في تحويل التحديات إلى فرص تنموية حقيقية، وعلى ذلك يتطلب تعميم هذه النجاحات مزيدًا من الاستثمار في البحث والتطوير وتبني سياسات متكاملة. ومع التطور التقني المتسارع، يمكن التوقع أن تشهد السنوات القادمة طفرة حقيقية في اعتماد الزراعة الملحية كبديل استراتيجي للزراعة التقليدية في المناطق المتأثرة بالملوحة.

د. سيف بن علي الخميسي مدير مركز بحوث النخيل والانتاج النباتي وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدولی للزراعة الملحیة تحقیق الأمن الغذائی المیاه المالحة فی الأراضی المتأثرة الأمن الغذائی فی باستخدام المیاه الزراعة الملحیة المنطقة العربیة الموارد المائیة الإنتاج الزراعی المیاه الجوفیة ممارسات زراعیة التربة والمیاه تطبیق ممارسات السلطان قابوس کفاءة استخدام للمیاه العذبة لضمان استدامة بنسبة تصل إلى هذه المشاریع الاستثمار فی استخدام میاه ملوحة التربة من المحاصیل فی الزراعة أن استخدام الحاجة إلى الملحیة فی من الملوحة هذا المجال العدید من إضافة إلى الزراعة ا میاه الری إلى جانب عالیة من فی منطقة یؤدی إلى فی تحقیق یمکن أن أکثر من إلى فرص إنتاج ا فی الری فی مجال من خلال التی أ إلى أن فی هذا التی ت تحدی ا ا یمکن

إقرأ أيضاً:

مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق يسهم في تعزيز الأمن الغذائي

العُمانية/ يعد مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق بمحافظة شمال الباطنة أحد المشروعات الناجحة التي تسهم في توفير أجود أنواع الموز، ويقام على مساحة تتجاوز 267 ألف متر مربع وبقيمة استثمارية تتجاوز 446 ألف ريال عُماني.

وبدأ مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق في مرحلته الأولى بزراعة 50 ألف شتلة موز موزعة على الأصناف ذات الجودة العالية وهي صنف وليم، وصنف (G9) وأصناف مطوّرة منهما، كصنف رزات، وسيتم خلال السنوات القادمة استكمال زراعة 80 ألف شتلة بحسب مراحل التنفيذ المخطط لها في المشروع.

ويأتي مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق في إطار مبادرات وزارة الإسكان والتخطيط العمراني وبالشراكة والتكامل مع وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بهدف دعم القطاع الزراعي في سلطنة عُمان وتنويع مصادر الأمن الغذائي ضمن أهداف رؤية عُمان 2040.

وأوضح المهندس سليم بن سيف الحاتمي المشرف على مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق لوكالة الأنباء العُمانية أن حجم الإنتاج في المرحلة الأولى بلغ 50 طنًّا شهريًّا، ويتم العمل على خطط طموحة للتوسع في المشروع والذي يتوقع أن يصل حجم الإنتاج السنوي له إلى 800 طن مع نهاية عام 2027م.

وقال إن المشروع يهدف إلى إنتاج وتزويد السوق المحلي والخارجي بموز عالي الجودة، وتعزيز الأمن الغذائي في سلطنة عُمان، حيث يتم استخدام أفضل الممارسات الزراعية الملائمة للظروف المناخية المحلية والتي ستسهم مستقبلًا إلى إنتاج حوالي 1400 طن سنوي.

وبيّن المهندس سليم بن سيف الحاتمي بأنه يتم جلب شتلات الموز من المختبرات النسيجية في سلطنة عُمان؛ حيث يتم حجز الشتلات المطلوبة وأحجامها ونوعيتها قبل الموسم الزراعي بـ 8 أشهر تقريبًا، مشيرًا إلى أنه يتم توزيع ثمار الموز في السوق المحلي عبر المراكز التجارية والأسواق المركزية والشركات المتخصصة في هذا المجال، منوهًا بأن عمليات التوزيع تحتاج إلى دعم لوجستي متنوع ومخازن إنضاج، وتوفير سلاسل التوريد من المزارع إلى الأسواق ومنافذ البيع الأخرى.

وأكد أن هناك تعاونًا وتسهيلات تقدمها وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه في مختلف الجوانب منذ إعداد دراسة الجدوى وأخذ الموافقات وتخصيص الأرض الأنسب لإقامة المشروع من حيث نوعية التربة ووفرة المياه والزيارات المستمرة من المهندسين للمشروع والوقوف على ما يتم إنجازه في كل مرحلة من مراحل الخطة التنفيذية، حتى بداية الإنتاج والتسويق.

مقالات مشابهة

  • «الأسبوع» ترصد الأزمة بالأرقام.. التعديات على الأراضي الزراعية تهدد الأمن الغذائي
  • الزراعة العراقية تطلق خطتها الشتوية وسط شحّ المياه
  • قطع المياه عن بعض المناطق في أسيوط لمدة 13 ساعة
  • تهدد الأمن الغذائي.. الحرب تفتك بالثروة الحيوانية في غزة
  • مشروع إنتاج وتسويق الموز في ولاية السويق يسهم في تعزيز الأمن الغذائي
  • وزير الري يبحث إجراءات إعداد دراسة لتقييم معدلات الملوحة بشبكة المصارف الزراعية
  • وزير الري: دراسات متكاملة لقياس معدلات الملوحة بالمصارف
  • اقتصادية النواب تطالب بتحويل المحافظات لمصانع وحقول إنتاج لتحقيق الأمن الغذائي والصناعي
  • وزير الري: إعادة استخدام المياه أبرز محاور الجيل الثاني لمنظومة الري 2.0