هل تسعى الدعم السريع إلى جر جوبا لحرب السودان؟
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
الخرطوم- وسعّت قوات الدعم السريع من نطاق استهداف منشآت النفط في السودان وخاصة التي يجري فيها معالجة نفط دولة جنوب السودان قبل تصديره عبر أراضي جارتها الشمالية، في تطور عدّه مراقبون محاولة من قيادة الدعم السريع لجر جوبا إلى حرب السودان، وخنق الاقتصاد السوداني.
وقبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023 كان السودان ينتج نحو 60 ألف برميل من النفط يوميا، لكنه تراجع لأقل من 40 ألفا، ومع امتداد نيران الحرب إلى الحقول في غرب البلاد، وصل الإنتاج حاليا إلى 21 ألف برميل يوميا، مع توقعات بانخفاض جديد إذا أُغلق حقل هجليج، بعد إغلاق 10 حقول أخرى غرب كردفان في وقت سابق.
ويضم حقل هجليج الواقع في ولاية غرب كردفان -التي يتصاعد فيها القتال حاليا بين الجيش السوداني والدعم السريع- 75 بئرا نفطية، ويحتوي على محطة معالجة مركزية لـ130 ألف برميل من نفط جنوب السودان الذي ينتج في حقول ولاية الوحدة الجنوبية ويصدر عبر الأراضي السودانية.
ويعني توقُّف معامل الحقل خسارة جنوب السودان لمعظم إيراداته من العملات الأجنبية، إذ يشكل النفط 90% من الإيرادات، وخسارة السودان نحو 21 ألف برميل من الخام ورسوم العبور والتصدير التي تقدَّر بأكثر من مليون دولار يوميا.
ابتزاز جوبا
ويرى المختص في العلاقات الدولية والشؤون الأمنية والعسكرية، عامر حسن، أن استمرار استهداف قوات الدعم السريع منشآت النفط التي يعالج فيها نفط دولة جنوب السودان قبل تصديره يأتي ضمن أجندة داخلية وخارجية لإدخال جوبا في الحرب وابتزازها عبر قطع شريان اقتصادها الوحيد.
ويشير حسن، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن جهات أجنبية خططت لزرع أيدي داخل مراكز القرار في دولة الجنوب، فجنَّدت ودفعت من خلف الحكومة مرتزقة لصالح قوات الدعم السريع وفتحت خطوطا للإمداد العسكري وإخلاء الجرحى.
إعلانويوضح المختص ذاته، أنه إذا لم تتحرك الحكومة السودانية عاجلا لضبط بوصلة العلاقة مع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت الذي يقوم بحملة تغيير واسعة في دولابه القيادي والتنفيذي والعسكري، فستعود الدولتان لمرحلة التوتر والعداء التي كانت قبل 13 عاما، حينما شارك جيش جنوب السودان مع الحركات المتمردة بمهاجمة حقل هجليج عام 2012 وخسر حينها البلدان أرواحا ودُمّرت البنية التحتية للنفط.
ويستهدف المخطط الحالي -وفق الخبير حسن- السيطرة العسكرية على منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان لتعزيز تحالف الدعم السريع مع "الحركة الشعبية – شمال"، بقيادة عبد العزيز الحلو والضغط على السودان وشعبه للتراجع عن مقارعة العدوان على البلاد والاستسلام له.
في حين يعتقد الباحث السياسي المهتم بشؤون جنوب السودان، مصطفى عبد الحفيظ، أن الدعم السريع يريد من قصف منشآت النفط الإضرار بالاقتصاد السوداني عبر إيقاف الإنتاج وحرمانه من رسوم عبور نفط الجنوب، وتهديد دولة جنوب السودان بخنق اقتصادها، وذلك لمنع سلفاكير من وقف التسهيلات التي تجدها القوات عبر أراضي دولته.
ويقول للجزيرة نت إن عودة "الحرس القديم" لمركز القرار في جنوب السودان، في ظل التغييرات التي أحدثها سلفاكير، أقلقت قيادة الدعم السريع خصوصا بعد المعلومات التي بثتها منصات وناشطون في الدولتين بأن سلطات جنوب السودان طلبت من المستشفيات عدم استقبال جرحى الدعم السريع الذين ينقلون من دارفور وكردفان، وطرد مرتزقة أجانب من فنادق بجوبا.
تدمير المقدراتوكان جنوب السودان قد استأنف تصدير النفط عبر الأراضي السودانية في مايو/أيار الماضي بعد توقف دام قرابة عام بسبب الأوضاع الأمنية والعمليات العسكرية في ولاية إقليمي كردفان ودارفور.
وبعد فترة من الهدوء قصفت قوات الدعم السريع، الخميس الماضي، معامل نفط هجليج بمسيرة انتحارية "انقضاضية" ما أدى لمقتل مهندس وإصابة عاملين.
كما قصفت القوات ذاتها بطائرة مسيرة، يوم الجمعة الماضي، معمل تكرير النفط في منطقة الجبلين ولاية النيل الأبيض السوداني حيث تجري معالجة نفط دولة جنوب السودان المنتج في حقول فلج وعداريل قبل تصديره.
وأدان تجمع العاملين بقطاع النفط في السودان الاستهداف، وقال -في بيان أمس الاثنين- إن هذه الهجمات تكشف بوضوح مشروعا يستهدف تدمير مقدرات البلاد.
وذكر أن الهجوم أسفر عن مقتل عدد من العمال وإعلان "حالة القوة القاهرة" وإغلاقٍ طارئ لعمليات ضخ نفط جنوب السودان من حقل هجليج عبر خطوط الأنابيب المتجهة إلى ميناء بشائر في بورتسودان.
إجراءات جوباوتزامن قصف منشآت النفط في السودان مع تغييرات كبيرة في مواقع سيادية ووزارية وأمنية وعسكرية أجراها رئيس دولة جنوب السودان سلفاكير ميادريت، حيث أقال شخصيات تمدد نفوذها وشكل بعضهم مراكز قوى وباتوا يتصرفون بمعزل عنه.
وكان سلفاكير قد أعاد بعض رموز "الحرس القديم" ممن تربطهم بدولتهم السابقة "السودان" علاقات متينة بعد انفصالهم عنها، إذ شغلوا فيها مواقع مؤثرة، ويعتقدون أن من مصلحة جوبا تعزيز التعاون مع الخرطوم.
إعلانوأقال سلفاكير، نائبه لشؤون الاقتصاد بنجامين بول ميل، وجرّده من رتبة فريق بجهاز الأمن الوطني ووضعه قيد الإقامة الجبرية وذلك بعد 8 أشهر من تصعيده، وأعاد جيمس واني إلى مكانه الرئاسي والسياسي الذي ظل يشغله منذ 2013.
وتحدثت مجالس السياسة في جوبا -في وقت سابق- أن سلفاكير يُعد بول -وهو زوج ابنته- ليكون خليفة محتملا له، خاصة بعد اتهام النائب الأول للرئيس رياك مشار بالخيانة، إذ تجري محاكمته حاليا.
كما أعاد سلفاكير تعيين مستشاره السابق للشؤون الأمنية الجنرال توت قلواك بعد شهور من إقالته، إذ يملك خبرة في الخرطوم قبيل الانفصال، حين كان من القيادات السياسية والأمنية وله قدرات على إدارة الملفات المشتركة بين البلدين، خصوصا العلاقات الثنائية المعقدة والمتشابكة أمنيا واقتصاديا.
وعزل سلفاكير أيضا قائد الجيش وأعاد سلفه الذي أقاله قبل 3 أشهر، وكذلك شملت التغييرات مدير الاستخبارات وعدد من الوزراء والمسؤولين.
ووصف ناشطون في جوبا "ثورة كير" بأنها تتجاوز مجرد تغييرات، إلى ترتيبات لانتزاع السيطرة، وإعادة تأكيد سلطة الرئيس، وفرض الانضباط الصارم داخل صفوف الحزب الحاكم.
ويوضح المدير التنفيذي لمركز السلام والمناصرة في جوبا، تير منيانق قاتويج -عبر منشور له على فيسبوك- أن تعديلات سلفاكير تستهدف تفكيك "شبكات القوة المرتبطة بالدولة" التي قوضت القيادة المركزية التي تسمى "مافيا الدولة"، واستعادة السلطة التي أضعفتها تلك الشبكات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات قوات الدعم السریع دولة جنوب السودان منشآت النفط ألف برمیل النفط فی
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يطالب العالم بوقف تدفق السلاح للدعم السريع
الجيش السوداني قال إن حماية المجتمعات تبدأ بتجفيف منابع السلاح المتدفق للعصابات الإجرامية والإرهابية “مثل الدعم السريع”.
الخرطوم: التغيير
طالب الجيش السوداني “الشركاء في الإقليم والعالم”، بالعمل لإيقاف تدفّقات الأسلحة إلى قوات الدعم السريع ومنع شبكات الجريمة المنظمة من تحويل حدود البلاد مسرحاً لنشاطها.
ويخوض الجيش حرباً شرسة في مواجهة قوات الدعم السريع منذ منتصف ابريل 2023م، تسببت في مقتل ما لا يقل عن 120 ألف شخص ونزوح نحو 14 مليونًا، مما جعلها أكبر أزمة نزوح في العالم.
وأصدر الجيش السوداني بياناً أمس، بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الجريمة المنظمة الذي وافق 15 نوفمبر الحالي.
وقال إنه في هذا اليوم “يذكّر بأن تدفّق السلاح إلى المجموعات غير الشرعية ليس مجرد خرق للقانون، بل هو الخطر الأكبر على استقرار دولنا ومسار تنميتها”.
وأضاف أن السودان يعيش اليوم آثار هذا الخطر بصورة مباشرة، “فشحنات السلاح المهرّب التي تعبر بعض المناطق والدول والمرسلة من سلطة أبوظبي لا تهدد حياة الأبرياء فحسب، بل تجعل المجتمعات المحلية عرضة للاستقطاب وتغذية الصراعات وتمديد أمد الفوضى والحرب”- حسب البيان.
ويتهم الجيش دولة الإمارات بتمويل حرب الدعم السريع ضده وتوفير السلاح والمرتزقة والتقنيات المتطورة، وهو ما تنفيه أبوظبي وتؤكد سعيها للوساطة وحل الأزمة ضمن مبادرة “الرباعية الدولية”.
وقال الجيش في بيانه: “إن تمويل الأنشطة الإرهابية والإجرامية مهدد حقيقي لكل الفاعلين في مكافحة الجرائم المنظمة التي تعيق جهود تنمية المجتمعات والدول”.
وأضاف: “إننا ندعو شركاءنا في الإقليم والعالم إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والقانونية لفضح سلطة أبوظبي لإيقاف تدفّقات الأسلحة ومنع شبكات الجريمة المنظمة من تحويل حدودنا وأسواقنا وأرواح شعبنا إلى مسرح لنشاطها”.
وأكد أن السودان- وهو يخوض معركة استعادة أمنه وسيادته- يرى أن حماية المجتمعات تبدأ بتجفيف منابع السلاح المتدفق للعصابات الإجرامية والإرهابية “مثل مليشيا أسرة دقلو” ومكافحة تمويل الأنشطة المرتبطة بالجرائم، وبناء تعاون إقليمي ودولي صارم يضع حدًا لهذه الظاهرة الخطيرة”.
واختتم بأن “سلام السودان لن يكتمل إلا بسلام محيطه، وأمن المنطقة يبدأ من وقف تدفّق أدوات الموت”.
الوسومأبوظبي الإرهاب الإمارات الجريمة المنظمة الجيش السوداني الرباغية الدولية السودان اليوم العالمي لمكافحة الجريمة المنظمة تمويل الأنشطة الإرهابية تهريب السلاح قوات الدعم السريع