ما حدث كان مشابها جدا، من حيث المفاجأة، لهجوم عام 1973، وربما تكون الأسباب هي نفسها، لكن عندما نحاول فهم تاريخنا على المدى الطويل، ستبدو صفحة 2023 أكثر جدية، وهذا الهجوم سيغير وجه إسرائيل، لأن هذه هي المرة الأولى منذ إنشاء الدولة اليهودية التي يتم فيها قتل مئات الإسرائيليين في منازلهم على أراضينا.

هكذا بدأ الأدميرال عامي أيالون الرئيس السابق للشين بيت، جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلي حديثه في مقابلة حصرية مع صحيفة لوفيغارو، أشار فيها إلى أن الأمر سيستغرق سنوات حتى نفهم التأثير الطويل المدى الناجم عن الرعب والخوف المرتبط بهذه الأحداث، وإلى أن "الهجوم البري في غزة أمر لا مفر منه للقضاء على الجناح المسلح لـ(حركة المقاومة الإسلامية) حماس".

وأوضح عامي أيالون –في مقابلة بقلم باتريك سانت بول- أن إسرائيل استثمرت مبالغ ضخمة من المال لضمان أن يكون جيشها هو الأقوى والأكثر كفاءة، فانهار كل شيء في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولم يعد معظم الناس يتوقعون أي شيء من قادتهم السياسيين، ولكنهم كانوا يتوقعونه من قادتهم العسكريين، وها قد فشل ذلك.


أجهزتنا عمياء

هناك فشل كبير من قبل أجهزتنا الأمنية –وفق قول أيالون- لأن كل المعلومات الاستخبارية في غزة كانت مبنية على المراقبة الإلكترونية، مع أن قادة الجناح العسكري لحماس، مثل محمد ضيف يعرفون كيفية التواصل دون هاتف أو إنترنت، إضافة إلى أن عددا قليلا جدا من المسؤولين هم من يكونون على علم بالعملية التي قاموا بها، ولذلك كانت أجهزتنا عمياء.

ومن الواضح أن جزءا كبيرا من المسؤولية يقع على عاتق الحكومة، لأن قادة جميع الأجهزة الأمنية أوضحوا لها أن السياسة المتبعة خاطئة، وهم يروننا نضعف ويرون صمودنا ووحدتنا تضعف، خاصة مع لحظة الانقسام الكبير في الأزمة التي سببها إصلاح العدالة في البلاد.

ولكن السياسيين لم يستمعوا للنصيحة، لأن مفهوم الأمن في إسرائيل –وفق أيالون- غير واضح، فقبل حرب 1973 كانت تل أبيب تفضل الأرض على السلام، وكان علينا أن ننتظر صدمة "حرب أكتوبر" لنصل إلى نتيجة مفادها أنه لكي يكون هناك أمن، يجب أن يكون هناك سلام، فإسرائيل لم تحقق السلام مع مصر إلا بسبب صدمة الحرب، ولم تبدأ أوسلو مع الفلسطينيين إلا بعد الانتفاضة الأولى، ولم تغادر لبنان إلا تحت ضغط الهجمات والتفجيرات الانتحارية، ولم تنسحب من غزة إلا تحت تأثير الانتفاضة الثانية.


لا بديل لهجوم بري

ومع تخلي إسرائيل عن السلطة الفلسطينية، لم يبق لها إلا حماس في غزة، وقد تمكنت من إدارة مشكلة حماس من خلال فترات من الهجمات العسكرية أعقبتها هدنة، وفي كل مرة كانت حماس أقوى قليلا، غير أن الحكومة اعتقدت أن المشكلة الرئيسية في غزة مشكلة اقتصادية، ومنحتها بعض الوقت للتنفس من خلال إصدار تصاريح عمل لآلاف الفلسطينيين الذين دخلوا البلاد، مع العلم أن حماس منظمة للغاية، وهي حركة اجتماعية، وعلينا أن نقاتل جناحها العسكري، كتائب عز الدين القسام، وأن نضمن أنه لن تكون هناك بعد الآن هذه القدرة العسكرية الهائلة على أعتابنا، وهذا يتطلب عملية عسكرية ضخمة، ولا خيار أمام إسرائيل سوى تدمير كتائب عز الدين القسام.

أما عن الهجوم البري وهل سيكون فخا تقع فيه إسرائيل، فيرى أيالون أن الأمر سيكون صعبا للغاية، وأنه لا بد من قتل آلاف الفلسطينيين لتحقيق ذلك، دون أن تكون لديه فكرة عن عدد الجنود والمدنيين الإسرائيليين الذين سيموتون، مؤكدا أنه كلما زاد عدد القتلى في غزة، زادت فرص تدخل حزب الله في شمال البلاد، وزاد مستوى الإرهاب في الضفة الغربية، وقد تحدث أشياء أخرى في الشوارع العربية في الأردن وفي مصر وغيرها.

ولكن، حسب رأيه، لا بد من القضاء على قدرات حماس العسكرية، لأننا نجد أنفسنا اليوم في وضع بالغ الصعوبة، فقدت فيه القدرة الرادعة لجيشنا مصداقيتها إلى حد كبير، ولتدمير الجناح العسكري لحماس، ليس هناك بديل عن الهجوم البري، لأننا لا نستطيع أن نقتل مليوني إنسان تحت القصف.

وعند سؤاله هل هذه نهاية اتفاقيات إبراهام، قال أيالون إنه لا شيء قد انتهى بعد، ولكن الغريب هو الفرق بين ما نتصوره عندما وقعنا على اتفاقيات إبراهام وما يتصوره العالم العربي الذي وقع على المعاهدات بشرط وقف عمليات الضم الفورية التي خطط لها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لكن حكومتنا التي وافقت، أوضحت لجمهورنا أنها لم تدفع ثمنا للسلام، وأنها لن توقف عمليات الضم على الفور، بل خطوة بخطوة، وبالتالي فهي لا تحافظ على كلمتها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

ترامب: هناك دول حليفة رحبت بتشكيل قوة عسكرية كبيرة والذهاب إلى غزة إذا لزم الأمر

قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن هناك دول حليفة رحبت بتشكيل قوة عسكرية كبيرة والذهاب إلى غزة إذا لزم الأمر، حسبما أفادت قناة "القاهرة الإخبارية"، في نبأ عاجل.

إسرائيل تطالب بتأجيل إعادة إعمار غزة حتى نزع سلاح حماس "حماس" تطالب بتوفير دعم إغاثي إضافي لقطاع غزة قبل الشتاء إسرائيل تطالب بتأجيل إعادة إعمار غزة حتى نزع سلاح حماس

على صعيد متصل، أفادت مراسلة "القاهرة الإخبارية" من القدس المحتلة، دانا أبو شمسية، أن هيئة البث الإسرائيلية كشفت عن طلب رسمي قدمته إسرائيل إلى الإدارة الأمريكية يقضي بتأجيل بدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة إلى حين التأكد من استعداد حركة حماس لنزع سلاحها بشكل كامل، موضحا أن إسرائيل تشترط وجود آلية دولية رقابية تضمن التزام الحركة بنزع السلاح، وترى أن هذه الخطوة ضرورية قبل المضي في أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو صفقات تبادل أسرى.

كما أكدت أبو شمسية خلال رسالة على الهواء، أن ملف الأنفاق يشكل أحد أبرز القضايا المطروحة على طاولة المباحثات بين إسرائيل والولايات المتحدة، إلى جانب وسطاء مثل مصر وقطر وتركيا، وتطالب إسرائيل بإغلاق كافة الأنفاق في قطاع غزة، حتى تلك الواقعة خارج نطاق سيطرتها الحالية، وتريد أن يتم ذلك تحت إشرافها الكامل. وبحسب هيئة البث، فإن واشنطن اقترحت البدء بنموذج تجريبي في مدينة رفح الفلسطينية، وقد وافقت إسرائيل مبدئياً على هذا المقترح.

زيارة نائب الرئيس الأمريكي للأراضي المحتلة

وتأتي هذه المطالب الإسرائيلية بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الأمريكي للأراضي المحتلة، حيث من المتوقع أن يناقش خلال زيارته عدداً من الملفات، منها آليات إدخال المساعدات الإنسانية، ومراقبة وقف إطلاق النار، وتطبيق ما تسميه إسرائيل بـ"الخطة الإنسانية" في جنوب القطاع. وأشارت أبو شمسية إلى أن إسرائيل تحاول تحميل حماس مسؤولية تعثر الاتفاق، ملوحة بإمكانية تدخلها العسكري المباشر إذا لم تتم الاستجابة لهذه الشروط، خاصة ما يتعلق بنزع السلاح والسيطرة على الحدود والأنفاق.

مقالات مشابهة

  • الرئيس السيسي: هناك إرادة سياسية لبناء علاقة متوازنة وطموحة بين مصر وأوروبا
  • إنفاذًا لتوجيهات القيادة| نجاح عملية جراحية لطفلة فلسطينية كانت تعاني من عيب خلقي في القلب
  • عملية إنزال خاطفة في قلب دير الزور.. التحالف الدولي يضرب بقوة ويشعل جبهة الشرق السوري!
  • حازم إمام: مواجهة ديكيداها كانت فرصة مثالية لتجهيز الزمالك واستعادة الثقة
  • ترامب: هناك دول حليفة رحبت بتشكيل قوة عسكرية كبيرة والذهاب إلى غزة إذا لزم الأمر
  • ترامب: لا يزال هناك أمل في أن تفعل حماس الصواب
  • نائب الرئيس الأمريكي يتوجه إلى إسرائيل لبحث مستجدات وقف إطلاق النار
  • جيش الاحتلال: حماس عززت سيطرتها في غزة وليس هناك أي تحرك ضد الحركة
  • تفاصيل الزنزانة التي ستحتضن ساركوزي وصحف تؤكد لقاءه سرا بماكرون
  • نتنياهو: إسرائيل كانت على حافة الزوال ووجهت ضربات قاصمة للمحور الإيراني