الأحياء العشوائية وإشكالية التسوية العقارية
تاريخ النشر: 5th, November 2023 GMT
تجتاح مدن المغرب وضواحيه منذ عدة عقود، أنماط من الأحياء، تم إحداثها خارج نطاق القانون، أصبحت تعرف بالأحياء العشوائية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الأحياء المقصودة بهذا الوصف، لا تنفرد وحدها بالخروج عن القانون، فالمدن والضواحي تعج بالمستوطنات البشرية والمنشآت العمرانية التي – إن دققت فيها مدى تطبيقها للنصوص السارية المفعول – ستجدها خارجة عن نطاق القانون إما بصفة جزئية أو كلية.
فالأمر يتعلق هنا – حسب ما تم تداوله من أخبار – برسم عقاري ثابت الملكية. وقع تقسميه إلى بقع تم تداولها بالبيع أو غيره بين الناس، خارج إطار القانون رقم 25-90 المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، كما تم بناؤها خارج إطار القانون رقم 12-90 المتعلق بالتعمير.
وطبعاً فإن البيع والشراء، والتداول والبناء، وغيرها من المعاملات ذات الصلة، تمت خارج إطار القوانين الجاري بها العمل، إما بصفة كلية أو جزئية.
وهي بطبيعة الحال معاملات يشوبها الغش والتدليس وأكل أموال الناس بالباطل في جل مراحلها.
إن هذا الوصف، ينطبق على جميع الأحياء المماثلة بجميع أرجاء المملكة، بل أصبحت اليوم مُدُنٌ قائمة الذات يصل عدد سكانها إلى ما يزيد على 160.000 نسمة، تدخل بكاملها ضمن خانة التعمير العشوائي.
لقد قامت الإدارة منذ أربعين سنة بدراسات ميدانية لهذه الظاهرة العمرانية همت ثلاثين مدينة، أسفرت آنذاك عن حقائق صادمة، سواء فيما يتعلق بسرعة وتيرة إنتاج هذا النمط من التعمير، أو فيما يتعلق بعجزه المتزايد على مستوى التجهيزات والمرافق العمومية والبنيات التحتية.
إلاّ أن الإشكالية الكبرى التي ابانت عنها الدراسة هي صعوبة التسوية العقارية في حالة التقسيم والبناء عندما يكون الوعاء العقاري مُحَفَظاً ومستلزما لجميع شروط الملكية، وحاصلا على الرسم العقاري. ذلك لأن هذا الأخير يتمتع بحماية قانونية ثابتة تجعله غير قابل للتصرف إلاّ بموجب القانون.
لقد كان النقاش آنذاك عميقا ومتعدد الأبعاد حول هذه النقطة المستعصية. فكان الحل هو الذي يضمنه القانون رقم 25-90، المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات، لا سيما في بابه الثاني (المواد 49 إلى 55).
ذلك أن هذا القانون الذي يعتبر مرجعا أساسيا في هذه النازلة، ينص على أن إعادة هيكلة التجزئات غير القانونية يكون مقرونا بإمكانية نزع الملكية من طرف الدولة والجماعات المحلية (الترابية حاليا) تشمل الأراضي اللأزمة لمباشرة ” عمليات التقويم التي تقتضيها متطلبات الصحة والأمن والراحة العامة ”.
كما أن جل تصاميم التهيئة التي أحدثت بعد هذا القانون، تخص هذه الأحياء بعبارة: ”مناطق إعادة الهيكلة”. وهو ما ينطبق على تصميم التهيئة الذي يغطي ”حومة الشوك”.
ولقد قامت السلطات بأشغال ميدانية هائلة، من أجل تحسين هذه الأحياء من الوجهة المعمارية، وذلك في جميع أرجاء المملكة، ومن بينها ” حومة الشوك ”. إلاّ أن الوضعية العقارية لم تكن موضوع تسوية إطلاقاً، سواء في هذه الحالة أو فيما يتعلق بالحالات المشابهة في جميع أرجاء الوطن. وهو – في الحقيقة – خلل كبير على مستوى الحكامة الجيدة وتسيير الشأن العام.
ذلك لأن المشكل العقاري الحالي المتعلق ” بحومة الشوك”، ما كان ليحدث لو تم تطبيق المادة 50 من القانون رقم 25-90 السالف الذكر، أي إذا تمت عملية نزع الملكية بتزامن مع إعادة الهيكلة واستخلاص المبالغ المستحقة كما تنص عليها المادة 51 والمادة 52 من هذا القانون.
ولا شك أن عدداً كبيراً من الأحياء العشوائية قد أحدثت فوق أوعية عقارية محفظة، ولا شك أن جلها لم يحظ بعملية التسوية العقارية، لاسيما عن طريق نزع الملكية واستخلاص المبالغ المستحقة.
ولعل نازلة ” حومة الشوك ” تكون جرس إنذار للمسؤولين لإطلاق عمليات شاملة للتسوية العقارية للأحياء أو المدن العشوائية المنتشرة عبر تراب المملكة، فالأمر يحتاج إلى استدراك ما فات لتجنب كوارث اجتماعية مستقبلية.
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: القانون رقم حومة الشوک
إقرأ أيضاً:
عاجل|ترامب بعد تحرير عيدان ألكسندر: لن نترك أحدًا خلفنا ونواصل استعادة الأحياء والجثامين من غزة
أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن ترحيبه بالإفراج عن الجندي الأمريكي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي كان محتجزًا لدى حركة حماس منذ أكتوبر 2023، مشددًا على أن إدارته لن تدخر جهدًا في إعادة جميع الرهائن الأحياء، واستعادة جثامين القتلى الأمريكيين الذين فقدوا حياتهم خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وجاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده ترامب اليوم الإثنين، حيث وجه رسائل واضحة إلى الداخل والخارج، معبرًا عن اعتزازه بجهود المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، ومؤكدًا أن ما جرى يمثل خطوة أولى نحو إنهاء الصراع الوحشي.
كما أشارت مصادر مطلعة إلى أن الإفراج عن ألكسندر سيمهد الطريق أمام مفاوضات شاملة تقودها الولايات المتحدة ومصر وقطر، لإطلاق سراح باقي الأسرى الإسرائيليين والأمريكيين المحتجزين في غزة.
ترامب: عيدان ألكسندر عاد حيًا وسنعيد البقية
خلال المؤتمر الصحفي، أكد ترامب أن "لدى الولايات المتحدة 20 أسيرًا أحياء وسنعمل على الإفراج عنهم" مضيفًا أن بلاده لا تكتفي بالجهود الخاصة بالأحياء فقط، بل تسعى أيضًا إلى استعادة جثامين المواطنين الأمريكيين الذين قُتلوا خلال فترة الأسر.
وشدد الرئيس الأمريكي على أن "حماية الرهائن مسؤولية إنسانية لا تقبل المساومة"، في إشارة إلى التزام إدارته الكامل بإعادة كل من فقدوا في الصراع المستمر بغزة.
الصليب الأحمر في طريقه لاستلام الأسير المحرر
أكد ترامب أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر باتت في طريقها إلى خان يونس لاستلام عيدان ألكسندر رسميًا، وذلك ضمن إجراءات منسقة بين الأطراف الدولية المعنية، ما يعكس تصاعد التنسيق بين الفاعلين الدوليين لإنهاء ملف الأسرى.
إشادة بدور ستيف ويتكوف
لم يغفل ترامب الإشادة بجهود مبعوثه الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، واصفًا إياه بأنه "رجل صفقات يقوم بعمل جيد".
وكان ويتكوف قد وصل مؤخرًا إلى إسرائيل، حيث أجرى اجتماعات مكثفة مع المسؤولين الإسرائيليين، في إطار دفع عجلة التفاوض باتجاه صفقة موسعة تشمل إطلاق سراح الأسرى وتثبيت هدنة إنسانية في القطاع.
مفاوضات شاملة مرتقبة بعد تحرير ألكسندر
حسب مصدر أمريكي لشبكة CNN، فإن خطوة الإفراج عن ألكسندر ستمهد الطريق أمام انطلاق مفاوضات مباشرة بين الأطراف المعنية، بهدف الوصول إلى اتفاق شامل يشمل باقي الأسرى.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" بأن إسرائيل سترسل وفدًا تفاوضيًا إلى القاهرة اليوم، ما يعكس تحركًا دبلوماسيًا مكثفًا على عدة مستويات.
ترامب: بادرة حسن نية وخطوة نحو نهاية الحرب
في منشور سابق له على منصة "تروث سوشيال"، وصف ترامب الإفراج عن ألكسندر بأنه بادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة، مضيفًا: "نأمل أن تكون هذه خطوة أولى نحو إنهاء هذه الحرب الوحشية".
وختم رسالته بعبارة عاطفية: "إنني أتطلع إلى يوم الاحتفال" في إشارة إلى أمله بعودة جميع الأسرى إلى ديارهم سالمين.
بيان عائلة ألكسندر
من جهتها، أصدرت عائلة عيدان ألكسندر بيانًا رسميًا مساء أمس، أكدت فيه تلقيها إشعارًا بالإفراج، مشيرة إلى تواصلها المستمر مع الحكومة الأمريكية بشأن تفاصيل العملية.
وجاء في البيان: “بصفته مواطنًا وجنديًا إسرائيليًا ومواطنًا أمريكيًا، فإن دولة إسرائيل والولايات المتحدة ملتزمتان بسلامته وعودته سالمًا إلى وطنه.”
وأكدت العائلة أن عدد الأسرى المتبقين بلغ 58 أسيرًا، مشددة في رسالتها على أن "لا ينبغي ترك أي شخص خلفنا"، في مطالبة واضحة بمواصلة الجهود حتى تحرير الجميع.