جبهة موّحدة على خط الثورة: استعادة الدولة من رجس الفلول !!
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
بعد وقف هذه الحرب اللعينة..وقبل ذلك.. نحن في هذا الوطن في معركة فكرية وطنية اجتماعية ثقافية حضارية مع الفلول..! هذا مما لا مناص منه حتى نطهر بلادنا من كل رجس و(نستعدل حياتنا) على درب الحرية والعدالة والسلام والمعافاة..!
مكافحة هذه الحرب اللعينة أسلحتها ثلاثة: الفكر والسلمية والقانون وهكذا يتم إبطال سلاح العنف والإرهاب الذي لا يملكون سواه.
لقد بدأ عهد الكيزان الأغبر بتغييب العدالة وتدجين القضاء الذي جعلوه (أمانة) من أمانات حزب الإجرام والسجم والرماد وبعدها طفح الكيل..ذلك أن القضاء هو عصمة كل دولة ومتى فسد عمّت الفوضى واستباح المجرمون البلاد والحرمات..ومن المرويات أن الجنرال ديجول عندما دخل باريس منتصراً سأل من حوله عن حال الخراب بعد الاحتلال النازي فقالوا له كل شيء في فرنسا في وضع سيئ..قال لهم: وكيف القضاء؟ قالوا له القضاء بخير..قال (إذاً فرنسا بخير)..!
الكيزان بنزعتهم الشيطانية يعرفون هذا..لذلك قاموا (مِن قولة تيت) بتدمير صرح القضاء وجلبوا له كل (العُرج والمكاسير) منزوعي الضمير..وكان رؤساء قضائهم وكبار قضاتهم باستئنافهم ومجلسهم الأعلى (أجارك الله) من نوع الزواحف (ذات الحراشيف)..ولا تسأل عن صغار القضاة الذين جلبوهم من فاسدي جهاز أمنهم ومن قاعات الدرس..فكانوا مثالاً للتلاعب بالقانون وحقوق البشر وعنواناً للارتشاء و(دناوة النفس)..!
أردت أن أقول إن غياب القانون وفساد القضاء دعا بعض الناس إلى مقاومة فساد الكيزان عن مقاطعتهم اجتماعياً..حتى يرعووا عن شرورهم.. لكننا في الغالب تسامحنا معهم اجتماعياً..وكان أن جعلوا من ذلك التسامح (أداة أخرى) من أدوات النصب والاحتيال والتخابث والتمادي في الغدر والاستهبال واللصوصية والفجور والتعالي على البشر والانتفاخ الأجوف مثل (البو) وهو العجل النافق الذي يتم حشوه بالقش طمعاً في استدرار لبن أمه البقرة..أو هو مثل انتفاخ (عجل السامري) الفارغ معبود الضلال الذي كانت الريح تدخل من أنفه وتخرج من دُبره لتحاكي صوت خوار الثور....!
فلتكن معركتنا الفكرية والاجتماعية مع الكيزان حتى نحمي أرضنا الطيبة من خبائثهم.. فهي معركة حق وقودها القانون والعدالة والسلمية والتنوير ومحاربة الباطل..وقد دعاني إلى ذلك مقال كتبه احد النابهين من أبناء الوطن (ليتني لو عرفت اسمه)..وهو يضع تصنيفاً ذكياً دقيقاً للكيزان..ويقول أنهم (سبع طبقات) ثم يذكرهم (طبقة طبقة) مع التمثيل الحصيف بذكر أسماء تمثل كل طبقة: ويقول إن الطبقة الأولى هي (كبار الكيزان) أصحاب الجرائم والسرقات الكبرى والملكيات التي حازوها عن طريق السلطة والمنصب و(الكروَتة)..!
ثم الطبقة الثانية ويسميهم أصحاب الاستثمارات الكبرى والشركات ومنهم الولاة وكبار النظاميين والوزراء الاتحاديين و(أهل قرابة رئيس جمهوريتهم) ويعطي أمثلة لهم ويذكر أحوالهم من الثراء..ثم الطبقة الثالثة ويسميها (نص ترطيبة) ويذكر حال مساكنهم وعدد الزوجات والسيارات..إلخ.. أما الطبقة الرابعة فيسميهم (الانتهازيين والمتسلقين) الذين استطابوا الاستباحة ولم تسعفهم مؤهلاتهم فخمشوا خمشتهم (قدر الاستطاعة)..!
الطبقة الخامسة هم (المطبلاتية من صحفيين وإعلاميين) ويذكر أسماء "مشاهيرهم"..ويضيف إليهم العديد من أئمة المساجد الذين يشددون في النهي عن (الخروج على ولي الأمر الكيزاني) ثم يسمي الطبقة السادسة (كيزان الضل) ومكانهم "تحت الكيزان الكبار".حيث يعيشون على (الرمرمة) وما يقع من قادتهم من فتات..!
وبسمى الطبقة السابعة- أكرم الله السامعين (كلاب الحراسة)..ويمثل لهم بالأمنجية الصغار والموترجية و(الجداد الاليكتروني) من ذوي "البدلة الاشتراكية" و"النظارة السوداء"..الذين يقلدون عناصر الصف الثاني في الأفلام الهندية..ويتميّزون بمحبة (الباسطة)..!
استسمح صاحب هذا التصنيف بأني أوردت تصنيفه هنا..وله كامل التمتع بحقوق الملكية الفكرية..!
معركتنا مع الكيزان معركة (فكرية حضارية عدلية) لإنقاذهم من أنفسهم..فإنك لا تقنط من رحمة الله...الله لا كسّبكم..!
murtadamore@yahoo.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
كيف تكونت الطبقة العاملة السودانية؟
بقلم :تاج السر عثمان
١
نتابع بمناسبة أول مايو اليوم العالمي للعمال ونعيد نشر هذا المقال عن تكوين وجذور نشأة الطبقة العاملة والعمل المأجور.
ترجع جذور الطبقة العاملة السودانية إلى فترة الحكم التركي _ المصري ( ١٨٢١ - ١٨٨٥) عندما قامت ترسانة الخرطوم للنقل النهري ومصانع الذخيرة والنيلة والصابون وتطور العمل المأجور ، وظهرت فئات عاملة بأجر مثل : الكتبة والموظفين والقضاء والمعلمين ، وكذلك نتيجة لترك أعداد كبيرة من المزارعين سواقيهم واراضيهم الزراعية بسبب الضرائب الباهظة ، أي تحررت أعداد كبيرة منهم من الارتباط بالأرض ، ولكن نظام الرق ونظام السخرة الذي كان موجودا في بعض المؤسسات لم يساعد في إيجاد عمال أحرار في التنقل ، إذ أن من الشروط الأساسية لظهور ونشؤ الطبقة العاملة أن يكون لها حرية التنقل وحرية التعاقد ، أي حرية بيع قوة عملها . ذلك أنه في نمط الإنتاج الرأسمالي كما يقول ماركس في مؤلفه " الرأسمال "أصبحت قوة العمل بضاعة ، وقيمة قوة العمل هذه شأن قيمة كل بضاعة أخرى تتحدد بكمية العمل الضروري اجتماعيا لإنتاجها ، إذن قيمة قوة العمل هي تكاليف إعادة تكوين قوة العمل هذه في إطار اجتماعي محدد ( المأكل ، الملبس ، المسكن ، . الخ ) .
(للمزيد من التفاصيل : راجع تاج السر عثمان الحاج.. خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية.. ١٩٠٠-١٩٥٦، الشركة العالمية ٢٠٠٧).
وبالتالي يمكن القول وبهذا المفهوم أن الشكل الحديث لتكوين ونشوء وتطور الطبقة العاملة لم يظهر إلا مع بداية القرن العشرين عندما تم إلغاء نظام الرق والسخرة في السودان .
٢
كان من ضمن أهداف الاحتلال الإنجليزي للسودان إلغاء تجارة الرقيق ، وجاء في صلب اتفاقية 1898 م إلغاء تجارة الرقيق ومنعها منعا باتا في السودان وإلغاء كل أشكال التعامل بالرقيق . جاء في المادة ( 11 ) من الاتفاقية ( ممنوع منعا مطلقا إدخال الرقيق إلى السودان أو تصديره منه ).
وفى بداية الحكم الاستعماري واجهت الإدارة البريطانية مشكلة الرقيق التي وصفها أحد السياسيين الإنجليز كما يلي : كان على الحكومة الخيار بين أمرين أحلاهما مر : فإما الاعتراف المؤقت بالرق السائد أو التحرير الفوري للرقيق ، الأمر الذي كان يؤدى إلى تقويض الاقتصاد في البلاد ، ذلك لأن التحرير الفوري كان يؤدي إلى هجر أكثر المزارع الكائنة على ضفاف النيل ، والى فقدان قطعان كثيرة من الماشية التي يملكها البدو والى موت آلاف من الأبرياء الذين أجبروا على العيش دون خطأ من جانبهم على العيش في ظلال نظام اجتماعي معاد للأفكار الغربية ، والتي قبلوها باعتبارها أمرا ضروريا لاغنى عنه لممارسة الحياة اليومية ، والتحرير الفوري للرقيق كان يعنى إطلاق سراح آلاف الرجال والنساء دون تحمل للمسئولية في مواجهتهم والذين كانوا يصبحون مصدرا للشغب والإخلال بالآداب ( محمد عمر بشير : مشكلة جنوب السودان ، 1983 م ، ص 59 . )
ولحل مشكلة الرقيق كانت السياسة الحكومية تقوم على المبادئ والإجراءات التالية :
_ العمل على تخديم الأفراد وتطوير نظام العمل بالأجر ( كبديل عن العمل عن طريق السخرة ) وذلك عن طريق تطوير الاقتصاد .
_ اتخاذ إجراءات مضادة ومعادية لتجارة الرقيق ، مماثلة لتلك السياسة التي اتبعت فى بلدان أخرى خضعت للسيادة الأوربية .
_ السماح لكل رقيق بترك سيده إذا قرر ذلك طائعا مختارا .
_ حرمان السيد من ممارسة حقوقه القانونية لاسترداد الرقيق الذي أثر الحرية . ( بشير المرجع السابق ص 59 _ 60 ، وللمزيد من التفاصيل راجع محمد إبراهيم نقد : علاقات الرق في المجتمع السوداني ، 1995 . ) وللقارئ الذي يرغب في المزيد من آليات التحول من نظام الرق إلى العمل المأجور يمكن أن يرجع إلي بحث د . أحمد العوض سكنجة
(Slaves Into Workers ,1898 -1956 , )
بهذا الشكل حاربت والغت الإدارة الاستعمارية نظام الرق المتخلف ، وكان ذلك خطوة للأمام وعممت نظام العمل بالأجر ، أي خلقت شكلا جديدا أرقى من الاستغلال وهو العمل بالأجر بدلا عن نظام السخرة ( الرق ) الذي كان يعمل فيه الرقيق طول الوقت لصالح سيده مقابل معيشته ومعيشة أولاده .
هذا فضلا عن أن الإدارة البريطانية كانت محتاجة لهذا الشكل ( نظام العمل بالأجر ) ، حيث كانت تحتاج لعمال متحررين من قيود العبودية لكي يعملوا في المشاريع الاقتصادية والعمرانية التي كانت تخطط لها في بداية دخولها للسودان مثل : مشروع الجزيرة ، السكك الحديدية ، والميناء . الخ . وان نظام العبودية كان نظاما متخلفا ولا يتناسب مع الشكل الجديد للاستغلال الرأسمالي الذي كانت الإدارة البريطانية تريد غرسه في السودان .
٣
على انه يجب القول أن تحرير الرقيق كان خطوة إنسانية تقدمية في سلم تطور الإنسان السوداني ، فالسودان عرف نظام الرق منذ أقدم مملكة سودانية ( مملكة كرمة عام 2000 ق . م ) ، واستمر هذا النظام في كل الممالك السودانية القديمة والوسيطة ، والتاريخ الحديث حتى نهاية القرن التاسع عشر . هذا إضافة إلى أن المشاريع الجديدة كانت محتاجة إلى عقلية جديدة تتعامل مع أدوات الإنتاج الحديثة التي أدخلها المستعمر ، والواقع أنها بدأت تدخل السودان منذ بداية الحكم التركي مثل : البواخر النهرية التي بدأت تحل محل المراكب ، والتلغراف الذي بدأ يحل محل الهجانة ، والأسلحة النارية التي حلت محل الأسلحة البيضاء وما احتاجته من مصانع للذخيرة والبارود ، كما دخل نظام التعليم الحديث الذي بدأ يحل محل الخلاوى الذي انتشر في فترة السلطنة الزرقاء .
ومنذ نهاية القرن الثامن عشر اندفعت الثورة الصناعية في إنجلترا ومنها إلى بلدان العالم الرأسمالي الأخرى والمستعمرات . بإعادة احتلال السودان عام 1898 م ارتبط السودان مرة أخرى عن طريق إنجلترا بالنظام الرأسمالي العالمي ، وبدأ السودانيون يعرفون القاطرات ، والعربات والشاحنات ، كما بدأت تحل طلمبات الري محل السواقي ، وحلت الطواحين محل المرحاكة ( والفندك والهون ) ، كما حلت عصارات الزيوت الميكانيكية محل عصارات الجمال ، وبدأت التراكتورات تدخل في الأساليب الحديثة للإنتاج الزراعي .
كل هذه التطورات والآلات الحديثة التي بدأت تدخل السودان واتسعت منذ بداية القرن العشرين ، كانت محتاجة إلى قوى عاملة جديدة ، وكانت محتاجة إلى نوع جديد من التعليم للتعامل معها ، وبالتالي طور الاستعمار نظام التعليم ليتواءم مع احتياجاته الجديدة لتسيير مشاريعه الصناعية والخدمية ، ولسد النقص في الإداريين والكتبة لتسيير دولاب الدولة .
هكذا بدأت تظهر طبقة عاملة وفئات متعلمة تعليما حديثا ، وظهرت شركات ومشاريع زراعية وصناعية ، وبالتالي تطورت طبقة التجار الأجانب والمحليين واصحاب الملكيات الزراعية ، وهكذا ظهرت علائق انتاج جديدة ، وتوسع العمل المأ جور الذي حل محل نظام الرق .
alsirbabo@yahoo.co.uk