صفقة الإمارات تفجر صداما بين مفتي ليبيا وحكومة الدبيبة.. ما تداعياته؟
تاريخ النشر: 29th, December 2023 GMT
طرح هجوم مفتي ليبيا العام، الصادق الغرياني على مؤسسة النفط بخصوص الصفقة الأخيرة مع دولة الإمارات ومطالبته بخروج الشعب ضد المؤسسة بعض الأسئلة عن تداعيات هذا التحريض في هذا التوقيت، خاصة أن المفتي وصف الإمارات بحليفة "الصهاينة".
ودعا الغرياني جموع الليبيين إلى الخروج على المؤسسة الوطنية للنفط ورفض أي اتفاقية أو تعاون مع دولة الإمارات كونها دولة "عدوة لليبيين" و "حليفة للصهاينة"، مكررا هجومه على مؤسسة النفط ورئيسها الحالي بسبب اتفاقية الشراكة مع الإمارات لتطوير حقل "الحمادة" النفطي جنوب طرابلس.
"تحريض ورفض"
وشدد الغرياني على ضرورة أن "يخرج الشعب الليبي بقضه وقضيضه على مؤسسة النفط ولا يسكتوا عن هذا التلاعب وهذا الإهدار للمال العام والتضييع لثروات ليبيا التي هي مستقبلها"، وفق وصفه.
وبعد الكشف عن اتفاقية حكومة الدبيبة ومؤسسة النفط مع دول الإمارات وإيطاليا وتركيا، توالت ردود الفعل الرافضة للاتفاقية كونها تمنح هذه الدول 40 بالمئة مقابل التطوير، طالب النائب العام وكذلك ديوان المحاسبة حكومة الدبيبة بوقف إجراءات التوقيع على الاتفاقية المقررة في أواخر كانون الثاني/ يناير المقبل.
كما رفض مجلس النواب الليبي الخطوة من قبل الدبيبة، مؤكدا أن الحقل يحتوي على احتياطات كبيرة جدا من الغاز والنفط والمكثفات ما يجعل طرحها للاستثمار والشراكة الخارجية خسارة كبيرة للدولة الليبية، خصوصا أن توفير التمويل اللازم ممكن محليا، وهو ما أكده خبراء النفط في مناشدتهم لوقف هذه الصفقة، وفق بيان.
فما تداعيات دعوة المفتي العام للتظاهر ضد حكومة الدبيبة ومؤسسة النفط؟ وهل يتحول الأمر لصدام مسلح؟
"استجابة ودعم للمفتي"
في حين أكد عضو التجمع السياسي للجنوب الليبي، وسام عبد الكبير أن "المفتي العام ودار الإفتاء لها حاضنة كبيرة في الغرب الليبي، وبالتالي فإن هذه الدعوة من الشيخ الغرياني ستدفع المؤسسة الوطنية للنفط وحكومة الدبيبة إلى إعادة حساباتهم حول هذه الصفقة، لأن خروج مظاهرات أمام مبنى مؤسسة النفط والحكومة أمر متوقع جدا".
وأشار في تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "التظاهر والاحتجاج مع الموقف الرافض للصفقة سيجبر المؤسسة على التراجع لكن لن يتطور الأمر إلى صراع مسلح، كما أن الدبيبة الآن يخوض صراعا سياسيا شرسا مع البرلمان الذي يسعى لإسقاطه، وبالتالي ليس من مصلحته التصعيد مع قوى في غرب البلاد، كون الوضع يتطلب التهدئة والتراجع خطوات للخلف"، بحسب تقديره.
"نهاية الدبيبة"
الصحفي والناشط الليبي، إسماعيل بازنكة قال من جانبه إن "الصفقة التي تنوي حكومة الدبيبة توقيعها مع شركة إماراتية يكتنفها الكثير من الغموض والشبهات، وأعتقد أن جهات ومؤسسات ليبية عدة وقفت ضدها بالإضافة للمفتي العام، منها مجلس النواب وديوان المحاسبة والنائب العام وبالتالي من الصعب أن تعقد هذه الصفقة".
وبين أن "توقيع الدبيبة والمضي في الصفقة سيكون بمثابة إنهائه لحكمه ودخوله في صراع مع تيار المفتي في هذا التوقيت الحساس ولا ننسى صراعه الأخير مع محافظ المصرف المركزي، كما أن للمفتي قاعدة شعبية كبيرة ومجموعات عسكرية قوية ضمن ذلك التيار يستطيع تحريكها ضد الدبيبة ومؤسسة النفط"، حسب معلوماته.
واستدرك قائلا لـ"عربي21": "لكن أعتقد أن الدبيبة سيتراجع وسيحاول احتواء المسألة، وإلا ستكون جبهة المناوئة له أكثر قوة بعد انضمام عدد من حلفائه الأقوياء للطرف المضاد، وسيخسر حكمه في أيام معدودة وبدون صراع كبير"، كما رأى.
"توازنات في طرابلس"
ورأى المحلل السياسي الليبي المقيم في كندا، خالد الغول أن "المفتي اشترط للخروج حال لم تستجب مؤسسة النفط للمناشدات بوقف المضي في الاتفاقية، لذا لا أظن أن تتحرك مظاهرات حاشدة وكبيرة إلا إذا دُعم الموقف إعلاميا من قبل النائب العام وديوان المحاسبة اللذان طالبا بالتوقف عن المضي بالاتفاقية".
وأضاف: "لا أظن أن تتحول المظاهرات ضد الدبيبة ومؤسسة النفط إلى صدام مسلح لوجود توازنات في القوى داخل طرابلس قد عملت عليها حكومة الدبيبة منذ فشل دخول حكومة باشاغا، إلى جانب أن الشعب لم يعد يتحمل أي صدام في العاصمة، أما بخصوص استغلال خصوم الدبيبة للأمر فهذا حسب جدية مجلس النواب في رفض الاتفاقية وكذلك حليفهم "خليفة حفتر"، وفق قوله.
وتابع: "هذا لن يكون إلا إذا كان هناك تخطيط كبير في الخفاء، وإن كان حسب ظني لن يحدث ذلك إلا أن حكومة الدبيبة ستتوقف عن المضي وعدم التسرع في إمضاء الاتفاقية حال كانت جديدة وليست منذ عقود "ليبيا الغد" التابع لسيف القذافي"، بحسب تصريحه لـ"عربي21".
"تطاول وتوظيف"
في المقابل، قال المتحدث السابق باسم رئيس المجلس الرئاسي الليبي، محمد السلاك إنه "يجب استنكار هذه الدعوة إلى العنف من قبل المفتي ضد مؤسسات الدولة خاصة أننا هنا نتحدث عن شريان الحياة لليبيين مصدر الدخل الوحيد "النفط".
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "أما عن هذا الوصف للإمارات فهو تطاول وسلوك غير مسؤول ضد دولة شقيقة تربطنا بها علاقات وثيقة، ولا أدري ما علاقة المفتي بمؤسسة النفط وتعاقدات الدولة ولماذا يصر على إقحام نفسه في كل مسألة وتوظيف النصوص الدينية ولي عنقها لخدمة أجندات سياسية ضد خصومه، وإلى متى يستمر الغرياني في إطلاق فتاوي التحريض وبث الفرقة بين الليبيين؟"، حسب كلامه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية ليبيا الغرياني الإمارات اتفاقية الدبيبة ليبيا الإمارات اتفاقية الغرياني الدبيبة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکومة الدبیبة مؤسسة النفط
إقرأ أيضاً:
الصين الشريك الاقتصادي الأول للعراق في ظل حكومة الإطار الإيرانية
آخر تحديث: 9 أكتوبر 2025 - 11:52 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- تُظهر البيانات الاقتصادية أن الصين أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للعراق في مجالات النفط والتجارة. إذ تدير الشركات الصينية – وفي مقدمتها بتروتشاينا وسينوبيك وسي إن بي سي – ما يزيد على ثلثي إنتاج النفط العراقي الحالي، وتتحكم في نحو ثلث الاحتياطيات المؤكدة، وفق تحليل نشرته منصة S&P Global عام 2024، أشارت فيه إلى أن الصين تستورد ما يقارب 1.18 مليون برميل يوميًا من النفط العراقي، أي ما يعادل 35٪ من إنتاج البلاد تقريبًا.كما وقّعت شركات صينية عدة اتفاقات جديدة عززت حضورها في العراق، أبرزها عقد شركة Geo-Jade Petroleum في أيار 2025 لتوسعة حقل توبا في البصرة بقيمة 848 مليون دولار، وإنشاء مشروع متكامل للطاقة. وفي تشرين الأول 2024، أبرمت شركة CNOOC الصينية عقدًا لتطوير الحقل رقم (7) في ديالى بنظام مشاركة الأرباح. هذه المشاريع، إلى جانب العقود السابقة في ميسان وذي قار، جعلت من العراق ركيزة أساسية في مبادرة الحزام والطريق، وأحد أهم موردي النفط إلى الصين بعد السعودية وروسيا. ووفق بيانات Trading Economics، بلغت واردات الصين من النفط العراقي في 2024 نحو 37 مليار دولار، فيما تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 53 مليار دولار سنويًا.إلى جانب قطاع الطاقة، توسّعت الشركات الصينية في مجالات البنى التحتية والنقل والاتصالات، عبر مشاريع ضمن اتفاق “النفط مقابل الإعمار”، حيث موّلت الصين إنشاء طرق ومجمعات سكنية ومحطات كهرباء. ويشير تحليل البنك الدولي (2024) إلى أن العراق أصبح من بين أكبر خمسة متلقّين للاستثمارات الصينية في الشرق الأوسط، بنسبة بلغت 10.2% من إجمالي استثمارات بكين الإقليمية، ما يعكس اتساع نطاق النفوذ الاقتصادي الصيني خارج قطاع النفط. في المقابل، تحاول الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون استعادة نفوذهم في السوق العراقية بعد سنوات من الانكفاء بسبب الفساد وعدم الاستقرار. ويشير الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي في حديث، إلى أن الأشهر الأخيرة شهدت موجة استثمارات غربية غير مسبوقة، منها مشروع توتال إنرجيز الفرنسي بقيمة 27 مليار دولار لتطوير أربعة محاور للطاقة في العراق، والتزام بي بي البريطانية باستثمارات تصل إلى 25 مليار دولار لتطوير خمسة حقول نفطية، إلى جانب اتفاق شيفرون الأمريكية لتطوير حقل الناصرية وأربع رقع استكشافية، وعودة إكسون موبيل للاستثمار في حقل مجنون بعد سنوات من الانسحاب.وبحسب تقارير بلومبيرغ (2025)، بلغت قيمة العقود الغربية الجديدة الموقّعة في العراق أكثر من 60 مليار دولار خلال عام واحد، معظمها موجه لقطاعي النفط والغاز. ومع ذلك، تبقى حصة هذه الشركات محدودة مقارنة بالوجود الصيني، إذ تمثل نحو 30٪ فقط من إجمالي الاستثمارات الأجنبية الفاعلة في البلاد.ويرى المرسومي أن طبيعة القوى السياسية التي ستنتجها الانتخابات المقبلة ستحدد إلى حدٍ بعيد الوجهة الاقتصادية للعراق: إما الانحياز شرقًا نحو الشراكات الصينية الراسخة، أو الميل غربًا نحو الاستثمارات الأمريكية التي تحاول استعادة موقعها عبر “دبلوماسية الطاقة”. ويضيف أن “الولايات المتحدة تراهن على استقرار العملية الانتخابية لإعادة تفعيل مشاريعها النفطية، لكن استمرار النفوذ الصيني قد يحدّ من قدرة الشركات الأمريكية على المنافسة دون تدخل سياسي مباشر”. من جانبه، يشير الخبير الاقتصادي منار العبيدي إلى أن ملامح التحوّل نحو الصين لم تعد مقتصرة على قطاع النفط، بل امتدت إلى السوق التجارية والاستهلاكية. ففي تموز 2025، سجّلت صادرات السيارات الأمريكية إلى العراق أسوأ أداء لها منذ سنوات، إذ لم تتجاوز 594 سيارة، مقابل أكثر من 22 ألف سيارة صينية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام.كما أظهرت بيانات التجارة الخارجية أن الصين أصبحت الشريك التجاري الأول للعراق بصادرات بلغت 8.8 مليار دولار في النصف الأول من عام 2025، مقابل تراجع الصادرات الأمريكية تدريجيًا. ويضيف العبيدي أن “التحوّل في السوق يعكس تفضيلات المستهلك العراقي نحو السلع الصينية الأرخص والأكثر توافراً، فضلاً عن توسع شبكات التوزيع والتسهيلات الائتمانية الصينية مقارنة بالشركات الأمريكية التي ما زالت تعتمد على وكلاء محليين محدودي القدرة”.وتشير أرقام منظمة التجارة العالمية (WTO, 2025) إلى أن الصين تسيطر على أكثر من 40% من واردات السلع الاستهلاكية العراقية، متقدمةً على تركيا والإمارات والولايات المتحدة. وهذا الاتجاه يعكس، بحسب العبيدي، “تحولاً هيكليًا في الاقتصاد العراقي باتجاه التبعية التجارية لشرق آسيا، ما يضعف قدرة الولايات المتحدة على التأثير الاقتصادي من خلال أدوات السوق”. يخلص المرسومي إلى أن نتائج الانتخابات المقبلة ستكون محددة لمستقبل العراق الاقتصادي، إذ سيعتمد شكل الحكومة المقبلة على توازن القوى بين الكتل السياسية المؤيدة لكل من واشنطن وبكين. فوز تحالفات تميل إلى الصين يعني استمرار نموذج “الانفتاح الشرقي” والتوسع في الاستثمارات الآسيوية طويلة الأمد، بينما فوز قوى أكثر قربًا من الولايات المتحدة قد يفتح الباب أمام سياسة موازنة جديدة تعيد التوازن في عقود الطاقة والتجارة.وفي حال تبنّت الحكومة المقبلة خيار الحياد الاقتصادي المنضبط، فسيكون عليها إدارة شبكة معقدة من العلاقات المتداخلة مع الطرفين، خاصة أن نحو 70% من عقود الطاقة الحالية مرتبطة بالشركات الصينية، في حين تمثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية المصدر الرئيس للتكنولوجيا النفطية والمعدات المتقدمة. يتجاوز المشهد العراقي البعد الاقتصادي البحت ليصبح جزءًا من معادلة التوازن الدولي في الشرق الأوسط. فالصين تراهن على النفوذ عبر التنمية والاستثمار طويل الأمد، في حين تراهن واشنطن على النفوذ عبر التحالفات السياسية والأمنية. وتوضح المقارنة الكمية بين الاستثمارات أن إجمالي الوجود الصيني في الاقتصاد العراقي يفوق نظيره الأمريكي بثلاثة أضعاف من حيث القيمة الفعلية للمشاريع الجارية، وبنحو خمسة أضعاف من حيث حجم التبادل التجاري.وعليه، وبحسب مراقبين، فإن الانتخابات العراقية المقبلة تمثل متغيرًا اقتصاديًا حاسمًا سيحدد مدى قدرة الدولة على تنويع شركائها الاقتصاديين أو استمرار اعتمادها المفرط على الصين. وفي جميع الأحوال، فإن إدارة هذا التوازن ستبقى التحدي الأبرز للحكومة العراقية المقبلة، التي ستجد نفسها مطالبة بتحديد موقع العراق في معادلة الاقتصاد العالمي بين الشرق والغرب.