جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-11@18:51:35 GMT

جنودٌ مجهولون

تاريخ النشر: 6th, January 2024 GMT

جنودٌ مجهولون

 

نور بنت أحمد الشحرية

 

هو لم يُكرم يومًا على منصّة الأحرار لكنه عاش طوال حياته كريمًا حُرًّا..

كان كل همّه أن يُرضي ربه، وأن يرى أولاده يعيشون حياة شريفة.

صارع أمواجًا من الرغبات والأهواء، وجازف بالكثير ليحتفظ بكرامته.

وبات كثيرًا وهو جائع..

لم يرتوِ يومًا من زخات الأيام...

نطق حقًا في زمن الخداع والخذلان.

أشهر سيفه في زمن الغدر والجُبن..

وحمل بندقيته في معترك الحياة..

ابتسم في وجه الشدائد وترك خلفه تاريخا من الشهامّة..

تاريخًا من الرجولة... والعزم....

ورحل عن هذه الدنيا بعد أن شيّع جنازته أصحاب قريته البسطاء وأولاده.

ولم تكتب الجريدة في الصباح سطرًا واحدًا تنعي فيه شخصه المفقود.

ولم يعلن الحداد عليه ولم تنكس الأعلام لفقدانه كما هو الحال حين يموت ملوك الأرض ووجهائها.

ولكن وحده الله يعلم بتلك الروح النقيّة التي صعدت إليه.. وحسبه ذلك..

هي لم تقرأ يومًا جريدة ولا مكاتيب..

لم تحضر تجمعًا نسويًا أو مُنظمة لحقوق النساء..

لم تعش فترة المراهقة ولا حتى الطفولة..

حياتها كُلُها صراعات منذ الصغّر...

حملت هم أن تبني جيلًا صالحا.. جيلاً لا يُعاني مثلها ولا يعيش همومها..

وبينما كانت تضع مولودها الصغير،، يبكي آخر على حضنها فتضعهم جانبًا لتصنع لهم الطعام وتحكي لهم حكاية المساء الحالمة..

ونسيت أن حكايتها هي أطهر الحكايات وأجمل الروايات..

حكايتها أجمل من قصة السندريلا التي كابدت الشقاء والضيم..

ومعاناتها أعمق من رواية بائعة الكبريت التي باعت الدفء وماتت بردا..

ما تزال تجاعيد الزمن على وجهها تحكي تاريخًا من المعاناة.. وأيامًا من القهر والحرمان..

أصبحت جدّة ومازالت تحنُ على الحفيد ومازال وجودها يبارك كل ما حوله...

هي أيضا لم تُكرّم يوماً كنساء الأرض وأميرات الكون، والحقيقة أنها هي من صارعت محطات من الحرمان والغربة، وكابدت من القهر أزمان، وهي وحدها من تستحق لقب الأميرة ولقب الأسطورة، والمرأة المثالية.

هؤلاء جنودٌ مجهولون ثبتوا في المعاناة لنعيش نحن اليوم ولم يلقوا حفاوة ولا تكريماً كما يلاقي أصحاب النفوذ والأبطال البارزون في الساحة لأنهم جنودٌ مجهولون..

أدوارهم الكبيرة كلها خلف الكواليس.

وأجسادهم الطاهرة كانت ترسًا لنا يحمينا، ومازال صيتهم وتاريخهم يحمينا، ويقوينا.

قلوبهم الصابرة تغلبت على كل الليالي العصيبة الطويلة من أجلنا...

وأحاسيسهم المرهفة ما تزال إلى اليوم تلهمنا..

لو بحثنا حولنا لوجدنا الكثير منهم..

الجنود المجهولون هم آباؤنا وأمهاتنا وأجدادنا وإخوتنا، وصحبتنا..

منهم من فارق الحياة بهدوء ومنهم من لايزال يعيش ذلك الدور المجهول بصمت..

يزرعون زهورًا على دروبنا لننعم نحن.

نعيش الحياة بألوانها بينما يصارعون هموم الأيام الباهتة..

يبتسمون في وجوهنا حتى نحب الغد ونراه جميلًا مُشرقًا..

يُكابدون آلام الماضي ومعاناة الحاضر ولا نشعر بهم..

إليكم أيها الجنود المجهولون.. إلى قلوبكم الكبيرة تقديرًا بحجم هذه السماء.. وحسبكم ربُ السماء.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فنلندا تتصدر القائمة.. كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم ؟

للعام الثامن على التوالي، تتربع فنلندا على قمة مؤشر السعادة العالمي الصادر عن الأمم المتحدة، مستندة إلى مزيج من التوازن، والانسجام مع الطبيعة، والشعور بالرضا البسيط.

كيف تبدو الحياة فى أسعد دول بالعالم

ورغم هذا التصنيف، يواجه الزائرون واقعاً مغايراً بعض الشيء عند الوصول إلى هلسنكي.

في حين قد يتوقع البعض استقبالاً مليئاً بالضحكات والابتسامات، فإن فنلندا تميل إلى الواقعية والبساطة.

فالفنلنديون يتعاملون مع لقب "الأسعد في العالم" بفتور مشوب بالدهشة.

راتب غير تقليدي.. كيف يعيش بابا الفاتيكان ماديا؟من المصلحين.. سر اختيار اسم ليو الرابع عشر لـ بابا الفاتيكان الجديد

 وتعكس تصريحات الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب على وسائل التواصل الاجتماعي هذا التوجه، حيث كتب: "لا يشعر أحد بالسعادة طوال الوقت. الأمان والحرية والمساواة هي البداية، لكن تحقيق السعادة ليس أمراً دائماً".

مفهوم السعادة الفنلندية توازن ورضا

تتجاوز السعادة في فنلندا المعنى التقليدي المتمثل في البهجة والانشراح، لتتحول إلى حالة من الرضا والقناعة.

يرى تييمو أهولا، مدير العمليات الدولية في مؤسسة "زوروا فنلندا"، أن السعادة هنا تقاس عبر خمسة عناصر و التفاعل مع الطبيعة، ثقافة الساونا، الاستمتاع بالطعام المحلي، التصميم المستدام، والبساطة، “لكننا لا نقوم بقياسها كعنصر جذب مستقل”.

التفاعل مع الطبيعة 

ويعد التفاعل مع الطبيعة جزءا محوريا من التجربة الفنلندية، وهو ما تعززه مؤسسة "سايما لايف" التي تديرها ماري أهونين.

تقدم أهونين تجارب غامرة للزوار مثل "شينرين-يوكو" أو "الاستمتاع بالغابة"، والساونا التقليدية على ضفاف البحيرات، فضل عن رحلات الطهي في الهواء الطلق.

الثقافة والطعام مذاق السعادة الفنلندية

لا يقتصر الأمر على الطبيعة فحسب، بل يمتد إلى مشهد الطهي الذي يشهد نمواً لافتاً، حيث يبرز مطعم "تابيو" الحائز على نجمة ميشلان في منطقة روكا-كوسامو. 

كما تُعد منطقة "سايما لايكلاند" مركزا مزدهرا لفنون الطهي، إذ حصلت على لقب "منطقة فن الطهي الأوروبي" لعام 2024.

وتزخر مطاعم هلسنكي بمكونات طبيعية مثل الفطر والتوت والأسماك البرية، التي تتوفر بفضل قانون "حق كل إنسان"، الذي يسمح للجميع بالتجول في الغابات وجمع ثمارها.

التوازن النفسي مفتاح السعادة

في فنلندا، ترتبط السعادة بالقدرة على العيش بتوازن مع الذات والطبيعة، فقد تبدو الحياة بسيطة، لكنها محكومة بنمط معيشة يضمن الأساسيات، دون الإغراق في الطموحات المادية.

وهكذا، تبقى فنلندا نموذجاً لدولة تعيد تعريف السعادة من منظور أعمق وأكثر ثباتاً لا يعتمد على لحظات مؤقتة من البهجة، بل على شعور دائم بالرضا والتوازن.

طباعة شارك السعادة فنلندا أسعد دولة فى العالم الحياة داخل فنلندا

مقالات مشابهة

  • بعد سنتين.. الحياة تعود إلى شاطئ صور
  • لماذا الغت شركة التأمين العربية التأمين على الحياة ؟
  • فنلندا تتصدر القائمة.. كيف تبدو الحياة في أسعد دولة في العالم ؟
  • الإمارات في البندقية.. العمارة تحاور الحياة «على نار هادئة»
  • قواعد من الحياة
  • مسلحون مجهولون يختطفون ستة إداريين في مصنع أسمنت الوحدة بأبين
  • جامعة الشارقة تستكشف حماية الحياة البرية
  • بالفيديو.. مجهولون يُحرقون مسجداً في لبنان!
  • مسيرات الدعامة لا تستطيع أن توقف الحياة إلى يوم القيامة
  • محمد بن راشد بن محمد: رقمنة الحياة في دبي خيار استراتيجي