الأسبوع:
2025-10-20@23:44:25 GMT

احذروا أمريكا

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

احذروا أمريكا

يعتقد البعض أن فلسطين وغزة والسودان واليمن والعراق وسوريا وليبيا والصومال هي فقط المستهدفة من التحالف الأمريكي الإسرائيلي الغربي في المنطقة، ولكن مع محاولة واعية للقراءة الصحيحة لابد أن يكتشف أصحاب العقول أن مصر تأتي في مقدمة المستهدفين وقد ضُربت بالفعل ضربات اقتصادية قاتلة، وضربات تمس أمنها القومي، واقتربت تلك الجيوش الغازية من جغرافيا مصر حتى أصبح الفارق بين الهجوم والوضع الحالي هو إطلاق الطلقة الأولى.

ومن حسن الحط أن أمريكا وإسرائيل، والإعلام الصهيوني على وجه الخصوص لا يخفي تلك المخططات، ربما لأن فائض القوة عندهم جعلهم يتصرفون بغرور شديد، ولا يخافون من إعلان أنهم يستهدفون مصر.

لا يمكن أن يعتبر ما يحدث في السودان من تقسيم وتقتيل وحروب أهلية بعيدًا عن جغرافيا وأمن مصر، كما أن ما يحدث في غزة من ارتكاب أكبر جريمة في التاريخ للإبادة وسحق البشر والأطفال والنساء وابتلاع الأرض والدخول على الحدود المصرية، لا يمكن اعتباره بعيدًا عن مصر.

وروسيا أطلقت حربها ضد أوكرانيا لأنها قررت أن تجلب إلى حدودها أمريكا ودول أوروبا وحلف الناتو، وهي دخلت الحرب ليس عدوانًا، ولكن دفاعًا عن أمنها القومي أولًا، واستباقًا لحرب مؤكدة كانت ستنطلق من أوكرانيا ضد أراضيها ثانيًا. ولأن روسيا دولة عظمى فقد نجحت بضربتها الاستباقية في تحويل ميدان الحرب من المدن الروسية إلى المدن الأوكرانية. ولو أن مصر تملك نصف القوة الروسية لفعلت الأمر نفسه في تلك الحروب التي تعمّد الغزاة الجدد إشعالها في السودان وفي غزة وعموم فلسطين.

ولأن ماكينات الغرور العسكري، والغزو الاستعماري لا تتوقف عن انتاج دفعات الشر على مدار الساعة، فقد كان قرار عسكرة البحر الأحمر مستهدفًا بشكل مباشر لقناة السويس واقتصاد مصر، وخاصة العملة الصعبة التي تحتاجها بشدة هذه الأيام.

وكلنا يعلم أن القناة قبل عسكرة البحر الأحمر من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما كانت قد أعطت للبلاد أكبر دخل في تاريخها العام الماضي عندما اقتربت من 9 مليارات دولار.

ولا يمكن لأصحاب العقول أن يضعوا أيديهم على رؤوسهم، أو يضعوا غمامة على أعينهم كي يتناسوا أن قناة السويس قد تناقص دخلها بفعل العسكرة الأمريكية إلى أقل من النصف خلال الشهرين الماضيين، كما أن تحميل البلاد كل هؤلاء المهاجرين واللاجئين من السودان وليبيا واليمن وسوريا والعراق يشكل أكبر عملية ضغط اقتصادي مرت بها البلاد، وعلى مصر أن تختار إما أن تكون الشقيقة الكبرى التي تحتمل شعوبها العربية، بما يكبدها ذلك من خسائر اقتصادية في ظل حصار معلن وسري ضدها، وإما أن تقوم بطرد هؤلاء وتخسر إلى الأبد دورها ومكانتها كشقيقة كبرى يلجأ إليها المحتاجون، يطالبون الأمن والاستقرار من الشعوب العربية.

التحالف الاستعماري الجديد إذًا، يحاصر مصر على كافة الاتجاهات، ولا يبدو لأي عاقل أن يستبعد أن الضربة القادمة ستكون هنا، إلا إذا تفاعلت العقول المصرية لتنتج خيارات متعددة لإنقاذ البلاد من هستيريا حرب الحضارات التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية الآن ضد بلادنا والعالم كله، لأن ما تقوم به تلك الجيوش وما كشفت عنه الجرائم المذهلة ضد شعبنا الفلسطيني في غزة لا يمكن أبدا تفسيره بأنه حروب على المصالح أو حروب على الحدود.

إن ما حدث في غزة يثبت أن هذا اللون من الحروب هو حروب وجودية تستهدف الوجود العربي وليس المصالح العربية أو أراضي وبحار العرب، إنه الحقد الحضاري الأسود الذي يذكرنا بمئات الآلاف من القتلى عند كل غزو جاءنا من الخارج، سواء كان مع الصليبيين الذين قتلوا في يوم واحد 70 ألفا من أبناء العرب عند دخولهم بيت المقدس عام 1099 ميلاديا، أو مع التتار الذين أحالوا لون نهري دجلة والفرات إلى اللون الأحمر بعد أن تحولت شوارع بغداد إلى أنهار من الدماء اندفعت إلى النهرين.

ولا يمكن أن يغفل التاريخ تلك الهجمة الاستعمارية الساحقة التي سحقت شعبنا في العراق في العام 2003 بحجج كلها كاذبة وللأسف هم من اعترفوا أنها كاذبة ولم نستطع نحن أن نبرهن للعالم أنها كاذبة.

الأمر وكأنه محطة مفصلية في التاريخ تحتاج إلى استخدام كل المخزون الفكري والتاريخي والثقافي والعسكري والاستراتيجي لتضع ملامح للخروج من هذا الطريق المظلم، وقاتم السواد الذي يحاول التحالف الاستعماري الجديد أن يقذف بنا إليه.

ليست المرارة في أن نجد شعبًا يباد بتلك الطريقة في غزة، وأمة تسحق بتواطؤ دولي في السودان، وشعبًا يتم إفشاله في اليمن، ودولة تقسم فعليًا في ليبيا، وأخرى تقتطع منها أجزاء وتضم علانية في الصومال لصالح إثيوبيا، ولكن المرارة الأكبر أن العرب تائهون، وكأنهم أصيبوا بالخبل لا يعرفون كيف يتصرفون، أو كيف يخرجون من هذا المأزق الحضاري والتاريخي، منهم من يعتقد أن الأمر حله باستبدال دينه والكفر والتسليم بما يقولون، وقد جرب هذا الأمر وفشل فشلًا زريعًا في تركيا، ومنهم من يعتقد أن العمل مع الأعداء كعملاء هو الطريق للنجاة، والتاريخ أثبت أن الأقوياء يسحقون العملاء عندما ينهون مهامهم، ومنهم من يعتقد أنه ذكي يتجنب الصدام، وهم لا يعلمون أن هؤلاء لا يحتاجون لمبررات أو حجج كي يدخلوا عليهم.

وبقي هناك مجموعات مشتتة من حركات مسلحة تعتقد أنها تستطيع أن تقاوم كل هذا الغرور وهذه القوة العسكرية والإعلامية الطاغية التي تسود العالم، ربما يكون هؤلاء أقرب للحقيقة، وأقرب للوعي، ولكن ينقصهم العلم والأخذ بأسبابه، وينقصهم القراءة الجيدة لموازين القوى، ولضبط الخطاب الإعلامي، لأن الآخر يلتقط الكلمات ويعيد استخدامها لتنفيذ مشروعه في كل خطوة ويحشد بها هذا العالم خلفه.

وأخيرًا، تبقى هناك ملامح مضيئة في هذا النفق المظلم، وهي المعرفة لحقيقة الأهداف والنوايا وعدم الاستسلام للخداع والشراك الذي احترف الأعداء نصبه لصناع القرار في العالم العربي

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: لا یمکن فی غزة

إقرأ أيضاً:

في ذكرى رحيله.. «معمر القذافي» صفحة لا يمكن تجاوزها في تاريخ العرب المعاصر

قبل أربعة عشر عاما، وفي مثل هذا اليوم (20 أكتوبر 2011) طويت صفحة واحد من أكثر الزعماء العرب إثارة للجدل في التاريخ الحديث وهو العقيد معمر القذافي، حاكم ليبيا منذ عام 1969 وحتى سقوط نظامه في 2011.

اقتحم القذافي المشهد السياسي في ليبيا عندما كان عمره 27 عاما إثر قيام ثورة الفاتح من سبتمبر عام 1969 التي أطاحت بالملك إدريس السنوسي، ليبدأ مشروعا سياسيا خاصا به جمع بين الفكر الثوري، والاشتراكية، والقومية العربية.

وترك القذافي الذي حكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود، إرثا متناقضا، حيث أنشأ مشروعات ضخمة مثل «النهر الصناعي العظيم»، ودعم حركات تحرر عربية وأفريقية، لكنه أيضا واجه اتهامات من معارضيه بانتهاك حقوق الإنسان.

وانتهت مسيرة القذافي بطريقة مأساوية إثر اندلاع ما يسمى بـ «الثورة الليبية» عام 2011، لكن الجدل حول شخصه لا يزال قائما بين من يراه «شهيدا قاوم التدخل الغربي»، ومن يراه «حاكما أضاع ثروة شعبه وفرصة بناء دولة مستقرة».

النشأة.. والانطلاقة

بالقرب من مدينة سرت الليبية، ولد معمر القذافي عام 1942 لعائلة بدوية فقيرة، ومن تلك الخلفية البسيطة انطلق بقوة نحو حلم التحرر والكرامة، إذ تأثر في شبابه بحركات القومية العربية، وكان يحمل شعورا واضحا بأن بلاده يجب أن تحرر نفسها من نفوذ القوى الخارجية والمسارات التقليدية.

وقبل أن يتجاوز الثلاثين من عمره، وفي الأول من سبتمبر 1969، قاد القذافي ثورة عسكرية أطاحت بالملك إدريس السنوسي، ليعلن على إثرها بداية عهد جديد لليبيا تحت قيادة «ثورة الفاتح»، ومن هذه اللحظة، ظهرت شخصيته باعتباره قائد الثورة والقائد «الأخ» لأبناء ليبيا، والذي يسعى ــ على قناعة ــ إلى أن ينقلب النظام القديم إلى نظام للناس، وليس للنخبة فقط.

رؤية سياسية واجتماعية

ومنذ اعتلائه سدة الحكم في ليبيا، وضع القذافي هدفا بارزا: «تحرير ليبيا من الاستعمار النفطي والاحتلال الثقافي»، وقام في عام 1970 بطرد القواعد الأميركية والبريطانية من البلاد، وأعلن تأميم النفط والكيانات الأجنبية.

وبالتوازي مع ذلك، دشن القذافي مسارات اجتماعية واقتصادية تريد أن تشكل نموذجا مختلفا، من خلال برنامجه «الإسلامي الاشتراكي» القائم على العدالة الاجتماعية، والتعليم المجاني، والرعاية الصحية، وبناء السكن، وتحسين مستوى المعيشة.

ويعد مشروع «النهر الصناعي العظيم»، واحدا من أبرز مشاريع القذافي، حيث يعد إنجازا عملاقا، يرمز إلى طموح الدولة التي تؤمن مياهها بمفردها، وتحول الصحراء إلى مورد للبناء والتنمية.

وفي جانب الفكر السياسي، أصدر القذافي عام 1975 كتابه الشهير «الكتاب الأخضر» الذي يعد متنا فلسفيا من وجهة نظره، ويقدم تفسيرا لنظام الحكم الجماهيري (حكم الجماهير) كبديل عن الديمقراطية الغربية أو الشيوعية التقليدية.

ووفق هذه الرؤية، أراد القذافي أن يضع ليبيا في موقع عالمي متميز، ليس مجرد قوة نفطية، بل نموذج لبلد عربي-إفريقي يستطيع أن يقول «نحن مختلفون» ونتحكم بثرواتنا وفقراتنا.

علاقاته العربية والأفريقية

وبرز دور القذافي خارجيا على اعتبار أنه ليس مجرد زعيم لوطنه، بل حاول أن يكون «أخا» للعرب، و«رئيسا إفريقيا» بالمعنى الرمزي، وكان من المعجبين بالزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكان يحلم بتوحيد الدول العربية وهو الحلم الذي لم يكتمل.

وبمرور الوقت، انتقل تركيز القذافي إلى القارة الإفريقية: فقدم الدعم لحركات التحرر، وطرح فكرة «الولايات المتحدة الإفريقية»، وحاول أن يجعل ليبيا جسرا بين الساحل والشمال، بين الصحراء والبحر.

ومن هذا المنطلق، ينظر إلى القذافي لدى أنصاره باعتباره «زعيما من طراز مختلف» في عالم عربي غالبا ما كان أسيرا للتقليد وتبعية الخارج، بينما هو كان يحاول أن يقول: «نحن من نحدد مصيرنا».

نهاية الملحمة

وخلال موجة ما يسمي بـ «الربيع العربي» عام 2011، اندلع تمرد كبير في ليبيا، بدأ شرق البلاد وامتد إلى العاصمة، سيطرت خلاله قوات المعارضة المدعومة من الخارج على السلطة في البلاد، وحاولت إدخال ليبيا في مسار سياسي جديد.

وفي 20 أكتوبر 2011، تم القبض على القذافي في سرت، وأعلن مقتله، لتسطر نهاية مأساوية لمن عاش أطول من أربعين عاما في السلطة، نهاية لم تكن مجرد سقوط عسكري، بل رمز لانتهاء عهد وعصر كامل في ليبيا.

خلاصة وتأمل

وفي ذكرى رحيله اليوم، يمكن النظر إلى معمر القذافي كرمز طموح عربي-إفريقي حقيقي كان يسعى للكرامة والوطن.

ورغم كل ما قيل ويقال، يبقى معمر القذافي «صفحة لا يمكن تجاوزها في تاريخ العرب المعاصر».. صفحة تختصر أسئلة الحرية، والسلطة، والمصير في عالم عربي لم يزل يبحث عن توازنه.

اقرأ أيضاً«بعد إدانة ساركوزي»: ابن عم القذافي يطالب بمحاكمته بسبب التدخل في ليبيا عام 2011

شبيه القذافي يثير ضجة في ليبيا خلال احتفالات الذكرى 54 لـ"ثورة الفاتح" (فيديو)

محيي إسماعيل يكشف عن تقديمه شخصية معمر القذافي

مقالات مشابهة

  • تقرير بريطاني: هل يمكن لترامب نزع سلاح حماس فعلا.. وكيف؟
  • احذروا شاشة الهاتف قبل النوم
  • ما هي أخطر أنواع الأمراض النفسية؟.. وهل يمكن تجاوزها؟
  • في ذكرى رحيله.. «معمر القذافي» صفحة لا يمكن تجاوزها في تاريخ العرب المعاصر
  • الرئيس السيسي: الكلمة يمكن أن تُخرب دولة
  • 5 أنواع من النوم تظهر شخصيتك
  • تحذير.. هؤلاء الأشخاص الأكثر عرضة لأورام الغدد اللعابية
  • تقرير صادم يكشف: محادثات عنصرية وفاشية لقادة حزب ترامب
  • الدواعش الحقيقيون
  • مسؤول أممي: نطاق الدمار بغزة لا يمكن تصديقه