العقل أعظم هبة ربانية بها تتحقق وتتميز ماهية الإنسان (هو الذى أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).
فهو مناط التكليف فى الإنسان وإذا غاب سقط التكليف، فقدْ رُفع القلم عن ثلاث: النائم حتى يستيقظ والصبى حتى يبلغ والمجنون حتى يعقل، ولذلك كان العقل إحدى الكليات الخمس التى جاءت الشرائع والأديان لحفظها (النفس، العقل، الدين، العِرض، المال)، وتم تحريم كل ما يعطل العقل أو يمنعه من القيام بوظائفه، كما تم التحذير من العاقبة الوخيمة التى سيلاقيها مَن ألغى إعمال العقل :(وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا فى أصحاب السعير).
وقد يُقصد بالعقل الآلة الغريزية القائمة بعملية التفكير التى هى كما عيَّنها عملاق الفكر العقاد (فريضة إسلامية)، وقد يقصد به ما أنتجته تلك الآلة من أدلة وبراهين ومعارف وقوانين.
ونظراً لأهمية العقل الجوهرية، فإن القرآن الكريم قد تضمن التنبيه على وظائفه وخصائصه وأنواعه ووسائل الحفاظ عليه والخلاص من معوقات عمله، وذلك فى ٤٩ موضعاً قرآنياً شملت الجوانب التالية:
أولاً: ألقاب العقل وأسماؤه
لم يرد لفظ العقل إلا بصيغة الفعل دليلاً على أهمية العقل الوظيفى العملى وليس المجرد لأن الدين عمل ومعاملة.
لكن وردت مرادفات وأسماء وألقاب عدة للفظة العقل مثل: (اللُّبُّ، الحِجْر، النُّهى، النظر، التدبر، التفقّه، الرشد).
ثانياً: أنواع العقل، وهى ثلاثة أنواع تمثل مراتب ودرجات تصنيفية يستهدفها العقل الوظيفى :
١. العقل الوازع، وهو الذى يتضمن المعنى اللغوى الاشتقاقى فى التقييد والمنع والمَسْك إذ يَحُول بين الإنسان وبين الشرور والمعاصى والمحظورات : (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون)، (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتَّى ذلك بأنهم قوم لايعقلون).
٢. العقل المُدْرِك، وهو العقل الواعى الذى يستقبل الإشارات الواردة من الحواس ويترجمها إلى مفاهيم ومدركات ومنطلقات ومرتكزات وحقائق عقلية حول الله والعالم والإنسان تكون أساسا لقراراته وتصرفاته ومخزونه الفكرى وعلومه ومعارفه: (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب).
٣. العقل المتأمل، وهو الذى يقوم بالتدبر والتعمق والتحليل والاستنباط لأجل الوصول للحقائق: (الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقتَ هذا باطلاً سبحانك فقِنا عذاب النار)، (وفى أنفسكم أفلا تبصرون).
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: العقل الم د ر ك
إقرأ أيضاً:
حبيسة الأحلام
بقلم: دانيال حنفي
القاهرة (زمان التركية)ــ لو أنه عاش لبقى فى السلطة يصارع من أجل الجميع حتى الآن -نظريا على الأقل- كما قال بنفسه فى تصريح واضح للرجل الراحل العظيم ، ولكنه مات ورحل فورا ولم يعش ليرى كيف تعاقبت العقود وليس فقط السنين، دون أن ترى القضية الفلسطينية الحل المنشود للأسف العميق.
فلسطين والقضية الفلسطينية هدف نبيل وحلم كبير عند الكثيرين، حتى أن البعض ربط كل شىء بحلول أجل هذا الهدف وتحقيق هذا الرجاء.
كثيرون يرون أن التوصل إلى رؤية الحلم العربى تتجسد في الدولة الفلسطينية الحقيقية، ولكن الأحلام تحتاج الى الكثير لترى النور وتصبح جزءا من الواقع. الأحلام تحتاج الى أرجل قوية من التعليم والصحة والتصنيع والحياة السياسية الحقيقية وحرية الرأى وتنوعه والتناوب السلمى على السلطة الذى يحمى من النزاعات الداخلية ومن الاغتيالات ومن التردى الشعبى فى بئر الخوف والاعتقالات والهروب إلى دول أخرى بحثا عن حياة آمنة.
الأحلام تحتاج إلى الصدق والشفافية والعمل الكثير والتصنيع والتجارة والتنوع داخل المجتمع، لأن التنوع هو سر الابتكار . الأحلام بضاعة باهظة وتحتاج إلى التسامح والى الإيمان بأن الغد لا يمكن أن يأتى بضياء لفرد يختص نفسه بكل شىء أو لشلة فى مجتمع ما تختص نفسها من دون شعبها بكل شىء ، لأن النجاح والنجاة والاستمرارية لا يحققهم الا المجموع. والمجموع فقط – بجميع أجزائه دون إقصاء- يمثل الشرط الجامع المانع. على مستوى الفرد: ينجح الفرد وحده لأنه لابد له من قرار ينبع من رأسه، ولابد له من رضاء وعزيمة وارادة ينبعون من روحه وفلبه وعقله هو نفسه ، حتى يستطيع التحرك بخطوة جادة قوية موجهة نحو أهدافه . وذات الشىء على مستوى المجتمعات التى ترغب فى التقدم الى الأمام بخطى واثقة هادفة نحو أهداف وطنية تضيف الى رصيده المزيد من الحقائق المهمة التى كانت يوما مجرد أحلام ولا شىء غير الأحلام أو ربما بعض رسم على بعض ورق. وفلسطين هى الحلم الذى ينزف دما منذ الأزل وحتى الآن ، بينما تخلو الأيدى من كل شىء الا القليل.
وقد رأى الرجل -قبل سنوات بعيدة- أن يكون الآمر الناهى فى كل شىء وفى كل الأمور وفى كل المناحى وفى جميع الأحوال وطوال العمر ، حتى يضمن أن تسير الأمور بشكل جيد، وحتى يتحقق الحلم العربى القومى، وحتى ترى فلسطين الحياة على الأرض الفلسطينية فى بهاء ورخاء وعزة بقوة اليد العربية. ومات الرجل ومرت عشرات السنين، وما زالت فلسطين حبيسة الأحلام تنتظر الرجل الآمر الناهي الذى يرى كل الأمور ويتخذ كل القرارات فى كل النواحى وفى كل الموضوعات ويصبغ الحياة كلها بحكمته الصائبة الثرية رغم أنف الجميع.
Tags: القضية الفلسطينيةفلسطين