بين الواقع والمأمول.. للأسف هذا حال الناس في رمضان
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
جعل الله الصيام منحة للمؤمنين، وجل في الجنة باب الريان يدخل منه الصائمون، لهذا جعل للصيام آداب وضوابط لنكون بحول الله من الغانمين، لكن المشاهد لحال المسلمين في هذا الزمان يجد أن واقع الكثير منهم مخالف للمأمول منه في دينيا الحنيف، في صور متعدد، تعكس واقعا مؤسفا، صورا تحكي مرضا أصاب المسلمين في قلوبهم، وطمس بصيرتهم عن نعمة الإسلام التي أنعم بها عليهم، وبدل من اغتنام الفرصة وتدريب النفس على أجواء هذا الشهر الإيمانية، نجد الكثيرين مفتونون بسلوكيات غير مجدية.
1- العبادة صارت مجرد عادة
فقد تحولت العبادة عند الكثير من المسلمين إلى عادة، فهو يصلي عادة لا عبادة، ويصوم لأن المجتمع من حوله يصوم، وهذا لم يصم رمضان إيمانا واحتسابا، وقد قال صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمان واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”
2- بدل التنافس على الطاعات.. نتنافس على ما لذ وطاب
فهذا الشعر الفضيل هو شهر المنافسة في الطاعات، ولكن للأسف أصبحت منافسة الناس فيه على التنويع في المآكل والمشارب، فتجد الناس في رمضان وحتى قبل رمضان يتوافدون على الأسواق بأنواعها لاقتناء حاجيات رمضان، فهؤلاء يذهبون إلى أسواق المواد الغذائية، وأولئك يذهبون إلى المطاعم، بل وتجدهم يقفون أمامها بالصفوف في انتظار الدور في الحصول على مختلف أنواع الحلويات، والآخرون يذهبون إلى محلات الأواني المنزلية، وآخرون يذهبون للاشتراك في القنوات الفضائية، بل حتى حركة المرور تضطرب أمام هذه الأماكن، ثم إذا أتيت إلى المنازل تجد النساء في البيوت ينهمكن طوال الليل والنهار في إعداد الأكلات المختلفة والأصناف المتنوعة، ويتنافسن فيما بينهن في ذلك، وحدث ولا حرج عن الصور التي تتنشر في مواقع التواصل الاجتماعي، وستكون لنا وقفة في هذا الشأن بحول الله.
3- الوقت يضيع في فتن الدنيا.. ونسينا أنها أيام معدودات
فالكثير من المسلمين يضيع وقته في رمضان فيما لا يعود عليه بالنفع في الدنيا ولا في الآخرة، بل ربما انهمك في المحرمات، فهؤولاء يتسامرون أمام القنوات الفضائية لتلقف السموم التي تبثها تلك المحطات الشيطانية في هذا الشهر المبارك، فينتقل من تمثيلية مليئة بالأفكار الهدامة، والأغني الماجنة، وبرامج توهمك بالأرباح الطائلة، فتفوته صلاة التراويح، وتفوته قراءة القرآن، وتفوته الأعمال الصالحة في هذا الشهر المبارك، بل تفوته ليلة هي خير من ألف شهر، يا حسرته، بل ربما قصر بعضهم في أداء الواجبات التي أوجبها الله عز وجل، ولا شك أنه بفعله هذا قد جرح صومه ونقص ثوابه، وآخرون تجدهم يجتمعون من بعد الإفطار ويبدؤون بالعبث من ذلك الوقت إلى وقت السحور، وربما امتد الأمر ببعضهم إلى ما بعد صلاة الفجر، ثم ينامون، وقليل منهم من يستيقظ لأداء الصلاة في أوقاتها، أما أن يشغلوا وقتهم بقراءة القرآن والذكر والمكث في المساجد، فهذا ما لا يخطر لهم على بال، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
4- غياب الخشوع.. والتلذذ بالعبادات
فالناس ثقلت عليهم العبادات، وأصبحوا يطلبون الراحة منها، لا بها، ولا تحصل لهم بها أي لذة، في حين هذا خير خلق الله صلى الله عليه وسلم يخبرنا أن للصائم فرحتين، فإن هؤلاء يفرحون لوجود عذر يسقط حمل الصيام عنهم ومشقته، وهذا يرجع إلى المعاصي التي طمست القلوب، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد سئل أحد الصالحين: “هل يجد طعم الإيمان من يعصي الله؟ قال: لا، ولا من هَمَّ بالمعصية
5- من شهر الهدى والفرقان إلى شهر الإسراف
رمضان شهر شرع صيامه للاقتصاد في المآكل والمشارب، لما في ذلك من الفوائد الحسية والمعنوية، ولكن واقع الكثير من الناس اليوم عكس ذلك، فتجدهم يسرفون في المآكل والمشارب فيه أكثر من بقية الشهور، وقد قال الله تعالى: “وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ”
فإلى أين نحن ماضون، ومتى نتراجع ونعود إلى جادة الصواب..؟، حقا نحن بحاجة لاستثمار هذه الأيام لمجاهدة النفس، والتخلص من التبعية لحياة فانية، والالتزام بالقيم الفاضلة، لنحقق الغاية النبيلة من هذه الشعيرة، ونرتقي درجات ونرضي المولى، أسأل الله عز وجل الهداية لي ولكم ولسائر المسلمين لما يحبه ويرضاه، وأن يرزقنا توبة نصوح من جميع الذنوب والخطايا، آمين، آمين، آمين.
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: فی هذا
إقرأ أيضاً:
خطيب الجامع الأزهر يكشف عن سلوك يرفع شأن الإنسان في الدنيا والآخرة
قال الدكتور إبراهيم الهدهد، خطيب الجامع الأزهر، إن الله تعالى قد بين لنا في القرآن الكريم أجر حسن الخلق في الدنيا، ففي الدنيا قال الله (وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
وأضاف إبراهيم الهدهد، في خطبة الجمعة من الجامع الأزهر، أن حسن الخلق يخرج العداوة والبغضاء من العبد، وعلى المسلم أن يتأسى بحديث النبي الذي يقول فيه (خالق الناس بخلق حسن) وحديثه الآخر (عامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به).
وأشار إلى أن حسن الخلق يكون مع الله ويكون مع الخلق، فالدين هو أن تحسن العبادة لله الحق، وأن تحسن إلى كل الخلق.
كما نصح النبي أمته قائلا (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) وقال كذلك (إن أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا).
وتابع: من فعل ذلك وعاش على حسن الخلق مع الله وحسن الخلق مع الخلق، ارتفع شأنه في الدنيا وكان شأنه كذلك في الآخرة أرفع.