يمانيون:
2025-06-01@17:58:28 GMT

رحلة ما بين الصرخة والانتصار

تاريخ النشر: 17th, May 2024 GMT

رحلة ما بين الصرخة والانتصار

إيناس عبد الوهاب

فليسرع الجميع وليصعد مركبي فلي معكم قصص وحكايات …
أي حكايات تقصد!
………..
أعرني مسامعك وأنصت ….
ها أنا ذا كُلي أذانّ صاغية، فقل ما عندك ، هل رأيت الأفق البعيد؟….هناك .
أين؟
ذلك المكان البعيد، حيث تنفح رائحة العزة وتلمع الكرامة ما بين الصخور ليصل ضوئها للسماء، تلك المنطقة التي نُقشت على جُدرانها الحقيقة ورُفعت على منصاتها الأصالة، وكُسرت فيها حواجز الخوف، وبدأ من داخل أسوارها الضوء الذي بدد الظلام، أي منطقة تقصد؟
شوقتني لمعرفتها ومعرفة السر في حديثك عنها بكل هذا الفخر.


يا عزيزي عندما يتحول المرء من شخص تائه لا مبالٍ وغير مسؤول، كل ما يهتم به هو التركيز على بعض العبادات، ويتمنى الوصول لدرجة من المستوى الدراسي الذي يطمح إليه، وجُل ما يسمو إليه النجاح في تكوين أسرة سعيدة، ويسعى جاهدًا ليحصل على وظيفة مرموقة ليؤمن مصدر رزقه، هذا كل ما يتمناه وانتهى الأمر، إلى شخص لا يتوقف عند حدود في الارتقاء في السلّم الإيماني، يعرف كيف يصارع كل أنواع المسخ الشيطاني، ويقف أمام كل الزوبعات التي تريد أن تشكك في مبادئه وعقائده الثابتة، وكل ما يرجوه أن يكون الشخص الذي أراد له الله أن يحمل كل معاني الخير، ويستشعر المسؤولية التي حمّله الله إياها، ويعرف معنى وجوده على هذه الأرض، مستعد أن يقدم أغلى ما يملك بأن ينتزع قلبه من بين ضلوعه حتى يحمي دينه ويدافع عن أرضه وعرضه وعن المستضعفين، ويعرف أين الهدف الحقيقي الذي يتمنى تحقيقه، ألا يستحق كل ذلك الفخر.
لدي هنا سؤال يفرض نفسه … كيف تغير هذا المرء كل هذا التغيير؟
عندما يريد الله أن يُنزل فضله وخيره على عبده الشكور الذي ما يزال يحمل بذور الخير في نفسه ويتقبل الحق، فلا يستطيع أحد أن يمنع إرادته عز وجل، فمن هذه المنطقة التي وضع الله فيها السر، الذي أنطق الجدران، وفجّر البركان، وخرق الواقع، الذي وصلت إليه الأمة من الخنوع والخضوع للظالم، إلى أمة غيرت وجه التاريخ.
كيف كان ذلك؟
بداية بالفهم الحقيقي للمشروع القرآني من خلال رجلٌ عظيم أٌطلق عليه (قرين القرآن)، حمل همّ الأمة وارتبط الارتباط الحقيقي بخالقه وحمل على عاتقه نُصرة الدين وعزة المستضعفين، يعز عليه أن يسمع آهات الثكالى وأنين الجرحى دون أن يحرك ساكنا، عرف أين تكمن المشكلة وأوجد الحل الذي أخرج الناس من قوقعة الخوف والتيه والظلام والمصالح الشخصية، ومن عالم مدّجّن يقوده الطاغوت، مهزوم النفسية منكسر الجناح يستحوذ عليه ويطوقه اليأس، إلى أمة وقفت في وجه الطاغوت، ليرتعب من خطواتها ويهتز جبروته من صرخاتها، لتكون بداية لمشروع جسده قرين القرآن صرخة في وجه المستكبرين (شعار الصرخة) الذي كان كالفتيل الذي أوقد صاروخ العزة والكرامة ليسقط بحممه المحرقة والمشتعلة على رؤوس أعداء الأمة .
وهذه حكاية الحقيقة، التي تحمّل فيها قرين القرآن الأعباء والمتاعب، وضحى بحياته في سبيل أن يوصل الهدى والمنهج القرآني للعالم، وكانت منطقة (صعدة) هي المركز التي قدم منها الشهيد القائد الدروس للعامة الموضحة للمنهج القرآني والدافعة بالناس لصُنع الثقة بالله عز وجل لتنتشر دروسه التي كشفت الحقائق وأزاحت الغمة، لتصل إلى كثير من مناطق الجمهورية ومنها إلى كثير من بقاع هذا العالم، رغم ما واجهه من تحديات حيال ذلك، ليتحول من احتضن هذا المشروع وآمن به، كالصاروخ لا يوقفه أحد، لتكون بداية الرحلة ما بين الصرخة والانتصار، وصرخة الأمس هي صاروخ اليوم الذي زاد من وهجّه واستعاره البحر الأحمر الذي لقن العدو الدروس والعبر لمن تحدى هذا القائد ومشروعه العظيم لتزداد يوما بعد يوم الانتصارات بفضل الله وعونه ومنته، لتظل الصرخات عالية والقبضات مرتفعة، لتستمر الرحلة ما بين الصرخة والانتصار

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: ما بین

إقرأ أيضاً:

في اليوم الذي يسمونه يوم القدس

في اليوم الذي يسمونه "يوم القدس"، لا يتم الاحتفاء بالقدس وإنما تتعرض البلدة القديمة للتدنيس، حيث تتحول مسيرة العلم الإسرائيلي، التي تنظم سنوياً تحت راية الفخر القومي إلى مشهد من مشاهد الكراهية التي لا حدود لها.

وهذا العام انحطت إلى قعر الخسة والفجور.

أوردت صحيفة هآريتز أن الفتيان الإسرائيليين انطلقوا في مسيرة عبر الحي الإسلامي وهم يهتفون "الموت للعرب"، "امسحوا غزة"، "لا توجد في غزة مدرسة، لم يبق فيها أطفال". كانت صواري الأعلام تدق في الأبواب العتيقة، بينما ينهال المشاركون في المسيرة بالسباب والشتائم على النبي محمد ويسخرون من ذكرى فلسطين.

لم يُلق القبض على أحد بتهمة التحريض.

في يوم القدس يتم فعلياً تجميد قانون التحريض، وتصبح الكراهية سلوكاً تحض عليه الدولة. ما تنطلق به الحناجر من شعارات ليس هتافاً موجهاً ضد حماس، وإنما إعلان حرب على العرب والمسلمين – وعلى روح المدينة نفسها.

وعلى النقيض من المزاعم بأن هذا من فعل مجموعة هامشية، تبدو الحقيقة أكثر بشاعة. فكما يلاحظ صحفي هآريتز نير حسون، الهاشميون ليسوا العنصريين، وإنما أولئك الذين يرفضون الانضمام إليهم.

وحتى المنظمات المتحالفة مع التيار اليميني السائد، مثل إم ترتوز المنتسب إلى الليكود، انطلقت عناصرها وهي ترفع لوحات كتب عليها "لا نصر بلا نكبة". تلقى مسرح الكراهية هذا تمويله بشكل مباشر من بلدية القدس، التي خصصت 700 ألف شيكل (ما يعادل 200 ألف دولار) – بدون مناقصة عامة – لدعم منظمي المسيرة.

الغزو والتطهير

هذه ليست فورة عاطفية، وإنما عقيدة قيد التطبيق، واستعراض للاهوت يقوم على الاعتقاد بالتفوق العنصري على الآخر، تتواجد في القلب منه رؤية تنبؤية ليس من أجل إقامة السلام أو التعددية وإنما من أجل الغزو والتطهير.

من أبرز مهندسي هذه الرؤية الحاخام إسحق غينزبيرغ، الأب الروحي لما يسمي "شباب رؤوس التلال"، وهي مليشيا مكونة من المستوطنين، تمارس العنف قتلاً وإفساداً في مختلف أرجاء الضفة الغربية. يشيد غينزبيرغ علانية بباروخ غولدستين الذي ارتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل في عام 1994 وأزهق أرواح 29 فلسطينياً بينما هم ركوع في صلاة الفجر بالحرم الإبراهيمي. بل نشر غينزبيرغ كتابات يحض فيها على قتل نساء وأطفال غير اليهود.

وكان غينزبيرغ قبل عقدين اثنين من الزمن قد ألقى خطبته الشهيرة بعنوان "حان الوقت لكسر الجوزة"، حيث شبه إسرائيل بثمرة محاطة بأربعة أغلفة – تتكون من الدولةل العلمانية ومؤسساتها – كانت لها من قبل غاية ومبررات، ولكنها باتت الآن عقبة تعيق الخلاص.

أعلن في خطبته أنه ينبغي تدمير هذه الأغلفة، ألا وهي الإعلام، والقضاء، والحكومة، والميثاق الأخلاقي للجيش. فقط من خلال القضاء عليها يمكن أن يبرز اللب الخالص للتفوق اليهودي ويمكن للعهد المهدوي أن ينطلق.

هذه ليست حالة من الفوضى وإنما عملية منظمة قيد تنفيذ.

إن الهتافات التي تردد صداها في طرقات القدس هذا العام لم تكن تشوهات، بل أعراضاً لمنظومة تخلصت من رداء الديمقراطية العلمانية. وما تبقى منها غير قومية عرقية ومهدوية معراة، رؤيتها مستمدة من سفر الرؤيا، وتوجهاتها تشي بارتكاب الإبادة الجماعية.

من الوزراء اليمينيين المتطرفين إيتامار بن غفير وبيزاليل سموتريتش، لم تعد النزوة مقصورة على الهمس، بل باتت تذاع على الملأ. في هذه الأثناء، انطلق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عبر نفق "طريق الحاج" تحت المسجد الأقصى، معلناً أمام طلاب المعاهد الدينية اليهودية: "سوف تنطلقون من هناك وتخرجون [إلى الهيكل]."

إلا أن سموتريتش، كعادته، كان أكثر صراحة، فقد أعلن في نفس ذلك اليوم، متحدثاً أمام جمهور من الأتباع المتحمسين: "بعون من الرب، سوف نوسع حدود إسرائيل، ونحقق الخلاص التام، ونعيد بناء الهيكل ههنا."

إن الدعوة إلى بناء الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى ليست مجرد انتهاك للوضع القائم، وإنما هي إعلان شامل للحرب الدينية، الأمر الذي يتبدد معه وهم التعايش، وذلك أن المشروع الصهيوني ليس إعلان حرب على المسلمين فقط، وإنما هو حرب معلنة على المسيحيين كذلك. ها هو الوجود المسيحي في القدس – بكل عراقته وأصالته وقدسيته – يتعرض للاستئصال بشكل منتظم.

حقبة جديدة

في وقت مبكر من عام 2023، أي قبل شهور من السابع من أكتوبر، حذر زعماء الكنائس من الهجمات المتصاعدة، ومن الاستيلاء على الأراضي، ومن الحصانة من المساءلة والمحاسبة التي تمنح لمن يرتكبون ذلك.

أعلن الأب دون بيندر، من كنيسة القديس جورج، قائلاً: "إن العناصر اليمينية المتطرفة عازمة على تهويد البلدة القديمة." أما الكاردينال بيتزابالا فقال إن عام 2024 كان "أسوأ فترة عشتها على الإطلاق." وبحلول عام 2025، مُنع المسيحيون من حضور الصلوات في عيد الفصح، وارتفع منسوب المضايقات التي يواجهونها والاعتداءات التي تتعرض لها ممتلكاتهم وأعمال التخريب. وغدا البصق على المسحيين روتينا، بحث عليه بن غفير ويصفه بأنه "تقليد يهودي".

هذه ليست أعمالا معزولة، بل جزءا من حملة منظمة. فالصهيونية لا تسعى فقط إلى الهيمنة على المدينة، وإنما إلى مسح خصائصها العربية والإسلامية والمسيحية كذلك.

ما نشهده ليس مجرد عنصرية، بل تهويد، مشروع الغاية منه إعادة تشكيل المدينة لتجسد عقيدة التفوق العرقي اليهودي.

ومع ذلك ثمة نموذج آخر ينبع لا من القهر بل على التعايش. في القرن السابع، كانت القدس المدينة الوحيدة التي شد إليها الخليفة عمر بن الخطاب  الرحال لتسلم مفاتيحها، نزولا عند طلب زعيمها الديني المسيحي البطريرك صوفرونيوس. رفض عمر الصلاة داخل كنيسة القيامة خشية أن يراه المسلمين فيستحوذوا عليها لاحقا، وأدى الصلاة بدلاً من ذلك بتواضع على الدرجات في الخارج، ثم ألصدر مرسوماً بتحريم مصادرتها.

بل سمح العهد الإسلامي الجديد في القدس لليهود بالعيش في المدينة بعد أن كان ذلك محظوراً عليهم لعقود تحت الحكم البيزنطي. في كتابه بعنوان "التاريخ المقتضب لإسرائيل"، يلاحظ المؤلف بيرنارد ريتش أنه "منذ بداية الحكم الإسلامي، استؤنف التواجد اليهودي في القدس، ومُنح المجتمع اليهودي الإذن بالعيش تحت "الحماية"، وهو الوضع المتعارف عليه لغير المسلمين في ظل الحكم الإسلامي، والذي يصون حياتهم وممتلكاتهم وحريتهم في العبادة، مقابل دفع جزية خاصة وضرائب على الممتلكات."

بعد ذلك بقرون، وفي ظل تنازع الطوائف المسيحية على أحقية الإشراف على الكنيسة، عهد السلطان صلاح الدين بمفاتيح نفس تلك الكنيسة إلى عائلتين مسلمتين، آل جودة وآل نسيبة، ظلتا على مدى 850 عاماً هما من يفتح ويغلق أبوابها بكل إخلاص ونزاهة.

"القلق الصليبي"

هذه هي القدس كما ينبغي لها أن تكون، مدينة الأمانة لا الهيمنة، والتوقير لا التطهير.

إلا أن المعركة على روح القدس لم تنته، بل إنه الصراع الأكثر رمزية على الإطلاق، بين الغزاة وأهل البلاد، بين دعاة الإقصاء ودعاة الاستيعاب، بين عقيدة استيطانية استعمارية تعبد النقاء الخالص عبر العنف، ومدينة كانت عظمتها ذات يوم ثمرة تعدديتها المقدسة.

ثمة تشابه مع الحروب الصليبية. ففي عام 1099، اجتاحت جيوش الصليبيين القدس وذبحت الآلاف من المسلمين واليهود. واليوم، ها هم الصهاينة يرددون نفس منطق الصليبيين، ويستعيدون صورهم، وينهجون سبيلهم. من إيماءات نتنياهو حول الهيكل إلى عقيدة الإبادة التي يحملها غينزبيرغ، ها هي الصليبية تنبعث من جديد.

إلا أن ممالك الصليبيين تهاوت. فقد حرر صلاح الدين القدس من الصليبيين بعد ثمانية عقود من الاحتلال، وانهارت المغامرة الصليبية بأسرها خلال قرنين، تاركة خلفها ندوباً عميقة، وفي نفس الوقت عزماً قوياً وثابتاً على مقاومة الغزاة.

يشعر الجنود الإسرائيليون أنفسهم بهذه المقارنة. كتب المؤرخ ديفيد أوهانا يقول إن "القلق الصليبي" يطارد النفسية الإسرائيلية – إنها الخشية الدفينة من أن الصهيونية، كما كان حال سلفها في القرون الوسطى، قد تنتهي ذات يوم وكأنها لم تكن من قبل. وهذا حق، لأن القدس لا تجوز لمن ينتهكون حرمتها.

قد تحترق غزة، وقد تنزف الضفة الغربية، ولكن تبقى القدس هي درة التاج. مهما بلغ توحش الصهيونية، فإنها لن تتمكن من طمس ما تشكل بفعل التاريخ والجغرافيا والعقيدة. تعيش فلسطين في قلوب الملايين، والقدس ليست على الهامش من ذلك، بل إنها تتربع في القلب من العالمين العربي والإسلامي.

مهما حفر الصهاينة من أنفاق، ومهما رفعوا من أعلام، ومهما بثوا من أحقاد، سوف يستمر الفلسطينيون في الإنشاد، كما غردت ذات يوم المغنية اللبنانية المسيحية فيروز "يا قدس، يا مدينة الصلاة. عيوننا إليك ترحل كل يوم. تدور في أروقة المعابد، تعانق الكنائس القديمة، وتمسح الحزن عن المساجد .... وبأيدينا سنعيد بهاء القدس، بأيدينا للقدس سلام."

قد تكون مسيرة الكراهية صاخبة اليوم، ولكنها سوف تصمت يوماً لا محالة. وفي ذلك اليوم سوف تتحرر القدس من الاحتلال ومن الغلو ومن العنصرية، وسوف تعود إلى أهلها، لم تنكسر روحها، ولم تُنتقص قدسيتها.

مقالات مشابهة

  • سعد: الغائب الذي لم يَغب
  • في اليوم الذي يسمونه يوم القدس
  • ما هو «الشرق الأوسط الجديد»... الحقيقي هذه المرة؟!
  • السلطان والسفاح.. كيف واجه العثمانيون وحشية دراكولا الحقيقي؟
  • في الدرس الثاني للسيدالقائد عبدالملك بدر الدين الحوثي في شهر ذي الحجة:القلب السلم هو الذي لم يتلوث بالمعتقدات الباطلة والأفكار الظلامية
  • عرفة.. خطيب المسجد الحرام: يوم وفاء بالميثاق الذي أخذه الله على بني آدم
  • من كنيسة بليز إلى بيت الله الحرام: رحلة إيمان لا تُنسى .. فيديو
  • سلام : التعليم مفتاح التغيير الحقيقي
  • يانكون يودع جماهير الأهلي برسالة مؤثرة.. «أنتم القلب الحقيقي للنادي»
  • نعم الوضع في السودان ليس ذلك الوضع الذي يصل حد الرفاهية