إيناس عبد الوهاب
فليسرع الجميع وليصعد مركبي فلي معكم قصص وحكايات …
أي حكايات تقصد!
………..
أعرني مسامعك وأنصت ….
ها أنا ذا كُلي أذانّ صاغية، فقل ما عندك ، هل رأيت الأفق البعيد؟….هناك .
أين؟
ذلك المكان البعيد، حيث تنفح رائحة العزة وتلمع الكرامة ما بين الصخور ليصل ضوئها للسماء، تلك المنطقة التي نُقشت على جُدرانها الحقيقة ورُفعت على منصاتها الأصالة، وكُسرت فيها حواجز الخوف، وبدأ من داخل أسوارها الضوء الذي بدد الظلام، أي منطقة تقصد؟
شوقتني لمعرفتها ومعرفة السر في حديثك عنها بكل هذا الفخر.
يا عزيزي عندما يتحول المرء من شخص تائه لا مبالٍ وغير مسؤول، كل ما يهتم به هو التركيز على بعض العبادات، ويتمنى الوصول لدرجة من المستوى الدراسي الذي يطمح إليه، وجُل ما يسمو إليه النجاح في تكوين أسرة سعيدة، ويسعى جاهدًا ليحصل على وظيفة مرموقة ليؤمن مصدر رزقه، هذا كل ما يتمناه وانتهى الأمر، إلى شخص لا يتوقف عند حدود في الارتقاء في السلّم الإيماني، يعرف كيف يصارع كل أنواع المسخ الشيطاني، ويقف أمام كل الزوبعات التي تريد أن تشكك في مبادئه وعقائده الثابتة، وكل ما يرجوه أن يكون الشخص الذي أراد له الله أن يحمل كل معاني الخير، ويستشعر المسؤولية التي حمّله الله إياها، ويعرف معنى وجوده على هذه الأرض، مستعد أن يقدم أغلى ما يملك بأن ينتزع قلبه من بين ضلوعه حتى يحمي دينه ويدافع عن أرضه وعرضه وعن المستضعفين، ويعرف أين الهدف الحقيقي الذي يتمنى تحقيقه، ألا يستحق كل ذلك الفخر.
لدي هنا سؤال يفرض نفسه … كيف تغير هذا المرء كل هذا التغيير؟
عندما يريد الله أن يُنزل فضله وخيره على عبده الشكور الذي ما يزال يحمل بذور الخير في نفسه ويتقبل الحق، فلا يستطيع أحد أن يمنع إرادته عز وجل، فمن هذه المنطقة التي وضع الله فيها السر، الذي أنطق الجدران، وفجّر البركان، وخرق الواقع، الذي وصلت إليه الأمة من الخنوع والخضوع للظالم، إلى أمة غيرت وجه التاريخ.
كيف كان ذلك؟
بداية بالفهم الحقيقي للمشروع القرآني من خلال رجلٌ عظيم أٌطلق عليه (قرين القرآن)، حمل همّ الأمة وارتبط الارتباط الحقيقي بخالقه وحمل على عاتقه نُصرة الدين وعزة المستضعفين، يعز عليه أن يسمع آهات الثكالى وأنين الجرحى دون أن يحرك ساكنا، عرف أين تكمن المشكلة وأوجد الحل الذي أخرج الناس من قوقعة الخوف والتيه والظلام والمصالح الشخصية، ومن عالم مدّجّن يقوده الطاغوت، مهزوم النفسية منكسر الجناح يستحوذ عليه ويطوقه اليأس، إلى أمة وقفت في وجه الطاغوت، ليرتعب من خطواتها ويهتز جبروته من صرخاتها، لتكون بداية لمشروع جسده قرين القرآن صرخة في وجه المستكبرين (شعار الصرخة) الذي كان كالفتيل الذي أوقد صاروخ العزة والكرامة ليسقط بحممه المحرقة والمشتعلة على رؤوس أعداء الأمة .
وهذه حكاية الحقيقة، التي تحمّل فيها قرين القرآن الأعباء والمتاعب، وضحى بحياته في سبيل أن يوصل الهدى والمنهج القرآني للعالم، وكانت منطقة (صعدة) هي المركز التي قدم منها الشهيد القائد الدروس للعامة الموضحة للمنهج القرآني والدافعة بالناس لصُنع الثقة بالله عز وجل لتنتشر دروسه التي كشفت الحقائق وأزاحت الغمة، لتصل إلى كثير من مناطق الجمهورية ومنها إلى كثير من بقاع هذا العالم، رغم ما واجهه من تحديات حيال ذلك، ليتحول من احتضن هذا المشروع وآمن به، كالصاروخ لا يوقفه أحد، لتكون بداية الرحلة ما بين الصرخة والانتصار، وصرخة الأمس هي صاروخ اليوم الذي زاد من وهجّه واستعاره البحر الأحمر الذي لقن العدو الدروس والعبر لمن تحدى هذا القائد ومشروعه العظيم لتزداد يوما بعد يوم الانتصارات بفضل الله وعونه ومنته، لتظل الصرخات عالية والقبضات مرتفعة، لتستمر الرحلة ما بين الصرخة والانتصار
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: ما بین
إقرأ أيضاً:
رئيس أكاديمية الأزهر: التجديد الحقيقي في الفكر لا في الثوابت
عقدت أكاديمية الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ بالتعاون مع مركز الإمام الأشعري للدراسات العقدية والفكرية، اليوم الثلاثاء، ندوةً علميةً بعنوان: «آفاق تجديد الفكر العقدي الإسلامي في مواجهة تحديات العصر».
جاء ذلك بحضور الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء، رئيس مركز الإمام الأشعري، والدكتور حسن الصغير، رئيس الأكاديمية، والدكتور رضا الدقيقي، أستاذ العقيدة والفلسفة المساعد بكلية أصول الدين بطنطا.
وأكد الدكتور حسن الشافعي، أن الأمة الواحدة والعقيدة الجامعة والصف الموحد من بركات العقيدة الإسلامية، موضحًا أن التوحيد ليس فقط إقرارًا عقليًّا، بل هو توحيد للقلب والروح والصف والأمة، مشددا أن التكفير هو بداية استحلال الدماء، وأنه لا يقوم على منهج قويم، بل على تطرف وتشدد يبرأ منه الإسلام، مبينًا أن دعوة الوسطية هي الدعوة الحقيقية لجمع شمل الأمة.
وأوضح فضيلته أن الوسطية التي دعا إليها الأئمة الكبار كالأشعري والماتريدي أنقذت الأمة قديمًا وتنقذها اليوم ومستقبلًا، مشددًا على أن التجديد في الدين لا يكون في العقائد والعبادات، بل في الوسائل الاستدلالية، من خلال إحياء التراث الإسلامي وتكامله مع العلوم الحديثة، مع العمل على إنشاء علوم جديدة تلائم تحديات العصر، مشيرا إلى أن الأزهر الشريف يؤدي رسالته في جمع كلمة المسلمين وتوحيد صفوفهم، مشيدا بجهود الإمام الأكبر شيخ الأزهر في جمع الشمل الإسلامي من خلال المؤتمرات الدولية وفي مقدمته مؤتمر الحوار الإسلامي الإسلامي الذي استضافت مملكة البحرين نسخته الأولى.
من جانبه قال الدكتور حسن الصغير، إننا أحوج ما نكون اليوم إلى أن نجتمع على كلمة سواء، لأننا أهل قبلة واحدة، مؤكدًا ضرورة التوقف عن الخلافات والانقسامات من أجل لمّ الشمل وتنمية الفكر ومواكبة تحديات العصر، مضيفا أن العقيدة الإسلامية لا تحتمل التجزئة أو الخلاف، لأنها تقوم على أصل الإيمان بالله ووحدة الأمة تحت راية الإسلام، موضحًا أن التجديد الحقيقي ليس في الثوابت أو العقائد، بل في الفكر والأسلوب الذي يُقدَّم به الدين للناس بما يتناسب مع واقعهم وتطورهم المعرفي، مشيرا إلى أن الأزهر يضطلع بدور ريادي في إعداد الأئمة والدعاة الذين يحملون هذا الفكر الوسطي المتجدد، القادر على التعامل مع الشباب بلغة عصرية تجمع ولا تفرّق، وتواجه الفكر المتطرف بالحجة والعلم والمنهج القويم.
وفي ذات السياق، أوضح الدكتور رضا الدقيقي، أن العقيدة الإسلامية هي أساس الائتلاف بين المسلمين، مشيرًا إلى أن علم الكلام نشأ لحماية العقيدة من الشبهات التي واجهتها الأمة عبر تاريخها الطويل، مبينا أن دعوة الأزهر للوحدة والائتلاف تنطلق من مفهوم عقدي أصيل، بعيد عن التكفير والإقصاء، مضيفا أن العقيدة الإسلامية لا يمكن أن تكون سببًا في الفرقة أو النزاع، بل في تحقيق الأخوة الإيمانية، مستشهدًا بـ وثيقة المدينة التي جمعت بين الطوائف المختلفة على وحدة الهدف والمصير، داعيا إلى تجديد الخطاب العقدي بما يقرب بين المذاهب الإسلامية، وإلى إعداد مقررات تعليمية مشتركة تُبنى على المشتركات بين المذاهب، تحقيقًا لوحدة الصف الإسلامي.
تأتي هذه الندوة في إطار الجهود المتواصلة التي يبذلها الأزهر الشريف لترسيخ منهجه الوسطي في تناول قضايا العقيدة والفكر، وإبراز قدرة المنهج الأزهري على الجمع بين الأصالة والتجديد، ومواكبة التحولات الفكرية والثقافية التي يشهدها العالم المعاصر.