لاحظت هذا العام والأعوام التي سبقته إعلان الكثير من الجامعات والمؤسسات الطبية والاقتصادية عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات وهو مجال مهم للغاية سبقتنا إليه الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وأن كثيرًا من أطباء العالم يستخدمون «الروبوت» في الجراحات الدقيقة سواء في جراحات المخ أو الصدر أو حتى في الجراحة العامة ولو اطلعنا على مستشفيات العالم من خلال مواقعها الألكترونية فسوف يتبين لنا أن آلاف الأطباء يستخدمون هذه التقنية العالية، ووصل الأمر من بعض الأطباء إلى إجراء أكثر من خمسة آلاف جراحة دقيقة وكل هذا نتاجًا طبيعيًا للبحث العلمي الذي قطعت فيه أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية شوطًا كبيرًا.
فيما يتعلق بعالمنا العربي الذي تتسابق فيه مؤسساتنا في الإعلان عن استخدام هذه التقنية الجديدة لكن يبقى السؤال المهم: هل لدينا مراكز بحثية متخصصة في هذا المجال؟ وهل لدينا معرفة وافية بهذه التقنية العجيبة التي بذلت من أجلها المراكز البحثية في العالم جهودًا مضنية علمية ومادية في سبيل الوصول إلى استخدام هذا العلم في معظم مجالات الحياة؟ ألاحظ أن كل مؤسساتنا العربية التي أعلنت عن إعمال هذه التقنية جاء على سبيل استخدام البرامج التي يستخدمها الأوروبيون، ولم يحدث أن دولة عربية قد أسست مركزًا بحثيًا وأنفقت عليه من الأموال وتأهيل الكفاءات الفنية والعلمية لكي يكون لها دور في هذا الاكتشاف الذي عم العالم المتقدم على الرغم من أن بعض دولنا العربية لديها من الأموال التي لو أنفقت جزءًا قليلاً منها، وخصوصًا بعد أن رأينا أجيالاً جديدة من الشباب الذي امتلك قدرًا كبيرًا من العلوم التجريبية، كثيرون منهم تلقوا تعليمهم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ورغم ذلك فقد اقتصر طموحنا على مجرد استخدام البرامج التي ابتكرها غيرنا والعجيب في سياساتنا أن بعض دولنا العربية التي لديها فوائض مالية ضخمة راحت تتبارى في إقامة المهرجانات الفنية بطريقة مستفزة وتنفق عليها مئات الملايين لمجرد الإعلان وإلهاء الناس.
العجيب في الأمر أننا في كل أعمالنا رحنا نقلد الولايات المتحدة الأمريكية سواء في برامجنا التعليمية والأكاديمية أو في سياساتنا العامة، ولعل ظاهرة إنشاء كليات الإعلام تعد واحدة من التجارب الفاشلة حينما خصصنا كليات وأقسام علمية يدرس فيها الطالب 4 سنوات ليحصل بعدها على مايسمى بالشهادة الجامعية في علوم الاتصال، بينما الواقع العلمي يؤكد أننا ننفق من الوقت والمال في دراسة كان في استطاعتنا أن نخصص لها عامًا دراسيًا واحدًا عقب المرحلة الجامعية يحصل فيها الدارس على تقنيات وفنيات علوم الاتصال بكل تفاصيله ، فالمشتغل في الإعلام في الصحافة والتلفزيون وحتى العلاقات العامة في حاجة لأن يكون مجيدًا في اللغة العربية وبعض اللغات الأجنبية فضلاً عن اهمية الثقافة بمعناها الفني والسياسي والتاريخي والاجتماعي بعدها يمكن أن يكون إعلاميًا بارعًا بعد حصوله على القدر المناسب من التدريب وإعادة التأهيل وخصوصًا وأن التجربة المعاشة في كل مجالات الإعلام تؤكد أن غالبية من امتهنوا هذا العمل لم يأتوا من خلفية أكاديمية متخصصة في الإعلام وإنما في معظمهم جاءوا من مجالات تعليمية اخرى سواء كان دارسًا للغات الإجنبية أو متخرجًا من أقسام اللغة العربية والتاريخ أو حتى في مجالات العلوم التجريبية، والملاحظ أن الكثيرين من الشباب بعد حصولهم على الثانوية العامة يتسابقون إلى الالتحاق بهذا التخصص ثم بعدها يبحثون عن عمل فلايجدون مايحقق أحلامهم.
نحن في حاجة إلى إعادة النظر في برامجنا التعليمية وهو مايستوجب إعادة النظر في برامج دراسية أخرى من قبيل أقسام الوثائق والمكتبات التي لا أعتقد أنها في حاجة إلى دراسة 4 سنوات يستغرق الطالب في دراسات فنية لاتؤتي ثمارها في سوق العمل ، فهي كأقسام الإعلام التي لاتحتاج إلى 4 سنوات من عمر الشباب، واقترح أن يلتحق الطالب بعد تخرجه من أي فرع من فروع الدراسة الجامعية لكي يدرس بعدها لمدة عام واحد في الجوانب الفنية المتعلقة بهذا التخصص وخصوصًا في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرامج المتعلقة بهذا المجال(الوثائق والمكتبات)، وقد أتيح لي أن أتعرف على الكثيرين في العالم ممن يعملون في هذا المجال في معظم المكتبات الكبرى وتبين لي أن معظمهم قادمون من تخصصات ما بين التاريخ والفلسفة والاجتماع بعدها يحصلون على إعادة تأهيل لفترة ربما لاتتجاوز عدة أشهر.
نحن في حاجة إلى سياسات تعليمية جديدة ابتداءً من العاملين بحقل التعليم في المرحلة قبل الجامعية (وقد سبق أن كتبت في ذات الصحيفة مقالاً عن هذه القضية ) أو العاملين في مجال الإعلام والمكتبات والأرشيفات الوثائقية ، جميعهم بحاجة إلى تأهيل أساسي في أي فرع من فروع العلم لكي يمتلك الدارس بعدها مقومات المعرفة بمعناها العلمي والثقافي قبل التحاقهم بأي عمل في هذه المجالات ، فمن غير اللائق أن يلتحق الإعلامي بالعمل في أي مجال دون أن يكون لديه رصيد ثقافي ومعرفي وإجادة وافية للغة العربية وبعض اللغات الأجنبية، وهو ماينطبق على المشتغلين في حقل المكتبات والوثائق.
أعتقد أننا في حاجة إلى إعادة النظر في هذه السياسات، وهو ما يستوجب إرادة قوية قد لاتستطيع جامعاتنا ومؤسساتنا أن تقدم على هذه الخطوة التي أعتقد أنها ضرورية، بل ملحة لعل أحوالنا تنصلح.
د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة هذه التقنیة فی حاجة إلى
إقرأ أيضاً:
مدير تعليمية أبوتشت يقود جولات ميدانية مفاجئة لتعزيز الانضباط ورفع جودة التعليم
أجرى عبدالرؤوف عبدالواحد مدير تعليم أبو تشت، اليوم الأحد، جولة ميدانية مفاجئة على مدرستي الرواتب الابتدائية والرواتب الإعدادية، يرافقه هاني الملقب مدير العلاقات العامة والإعلام، وأحمد برعي مدير المتابعة وتقويم الأداء، تنفيذًا لتوجيهات هاني عنتر الصابر وكيل وزارة التربية والتعليم بقنا، ودعمًا لرؤية الدولة في تطوير المنظومة التعليمية وتحسين جودة الخدمات التربوية المقدمة للطلاب، في إطار حرص إدارة أبو تشت التعليمية شمالي محافظة قنا على تعزيز المتابعة الميدانية وضبط الأداء المدرسي ورفع كفاءة المدارس وتحسين بيئتها التعليمية .
بدأ مدير عام الإدارة جولته بتفقد مدرسة الرواتب الابتدائية، التي تضم 21 فصلًا دراسيًا بإجمالي 909 طلاب وطالبات، حيث اطلع على انتظام الطلاب والمعلمين داخل الفصول الدراسية، وسجلات الإدارة المدرسية وسجلات إعداد المعلمين والمعلمات وسجل 5 سلوك، بالإضافة إلى كتب التقييمات وكراسات الواجبات المنزلية، مشددًا على تعزيز مهارات القراءة والإملاء لدى الطلاب كركيزة أساسية لتطوير قدراتهم اللغوية وتحسين مستوى تحصيلهم الدراسي.
واستكمل عبدالرؤوف عبدالواحد جولته بتفقد مدرسة الرواتب الإعدادية، التي تضم 14 فصلًا دراسيًا بإجمالي 649 طالبًا وطالبة، حيث تابع سير العملية التعليمية داخل الفصول واطلع على أساليب الشرح وأسئلة الطلاب لتعزيز الفهم، مقدمًا التوجيهات اللازمة لتطوير أساليب التدريس. وشدد على الالتزام الدقيق بالتعليمات والقرارات الوزارية وخطط الاستعداد للاختبارات الشهرية، مع رفع كفاءة المتابعة الفنية للمعلمين وضمان تهيئة بيئة مدرسية آمنة وجاذبة للطلاب. كما أكد الالتزام بالكتب الدورية المنظمة لأعمال التقييمات وتصحيحها أولًا بأول، مع رصد الدرجات الفعلية للطلاب لضمان تكافؤ الفرص وتحقيق العدالة التعليمية بين الجميع.
وأشار مدير عام الإدارة إلى أن هذه الجولات المفاجئة تأتي لضمان سير العملية التعليمية بفاعلية داخل المدارس، وتعزيز الانضباط، وتحقيق أعلى جودة تعليمية للطلاب.
محافظ قنا يوجه بمتابعة حالة الطفل المصاب داخل إحدى المدارس وتقديم تقرير عاجل للنيابة
وجه الدكتور خالد عبدالحليم محافظ قنا، بمتابعة حالة الطفل عمر ياسر الذي تعرض لإصابة بالغة داخل مدرسته بعد اعتداء أحد المعلمين عليه، ما تسبب في إصابة خطيرة بعينه يشتبه أن تخلف عاهة مستديمة.
وجاء توجيه المحافظ فور إخطاره بالواقعة، في إطار حرصه على حماية الطلاب وضمان سلامتهم داخل المؤسسات التعليمية.
وفي استجابة سريعة، كلف المحافظ وحدة حماية الطفل بالديوان العام برئاسة سميحة سعد مدير وحدة حماية الطفل بالمحافظة، بالتوجه فورًا لمعاينة حالة الطفل على الطبيعة، والتواصل مع أسرته، وإعداد تقرير اجتماعي وصحي شامل عن حالته لتقديمه إلى النيابة العامة صباح الغد تنفيذًا لطلبها الرسمي.
كما ناقشت اللجنة العامة لحماية الطفل الواقعة خلال اجتماعها الأخير، وأكدت أنها تتابع الإجراءات القانونية المتخذة تجاه المتسبب في الحادث، في إطار التصدي لأي أشكال للعنف داخل المدارس.
وأوضحت وحدة حماية الطفل أنها ستقدم دعما نفسيًا متكاملًا للطفل عمر لمساعدته على تجاوز الآثار النفسية التي خلفتها الواقعة، مع متابعة حالته الصحية بالتنسيق مع الجهات المختصة.
وتؤكد محافظة قنا أن سلامة أبنائها الطلاب أولوية قصوى، وأنها لن تتهاون مع أي انتهاك يمس حقوقهم أو يعرضهم للخطر داخل مؤسسات التعليم.