لجريدة عمان:
2025-05-06@18:42:34 GMT

نحو سياسة تعليمية جديدة

تاريخ النشر: 29th, June 2024 GMT

لاحظت هذا العام والأعوام التي سبقته إعلان الكثير من الجامعات والمؤسسات الطبية والاقتصادية عن استخدام الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات وهو مجال مهم للغاية سبقتنا إليه الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، وأن كثيرًا من أطباء العالم يستخدمون «الروبوت» في الجراحات الدقيقة سواء في جراحات المخ أو الصدر أو حتى في الجراحة العامة ولو اطلعنا على مستشفيات العالم من خلال مواقعها الألكترونية فسوف يتبين لنا أن آلاف الأطباء يستخدمون هذه التقنية العالية، ووصل الأمر من بعض الأطباء إلى إجراء أكثر من خمسة آلاف جراحة دقيقة وكل هذا نتاجًا طبيعيًا للبحث العلمي الذي قطعت فيه أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية شوطًا كبيرًا.

فإعمال الذكاء الاصطناعي ليس قاصرًا على العمليات الجراحية وإنما يتجاوز ذلك إلى العديد من المجالات بما فيها العمل الصحفي والبحث العلمي سواء في العلوم التجريبية أو في العلوم الإنسانية.

فيما يتعلق بعالمنا العربي الذي تتسابق فيه مؤسساتنا في الإعلان عن استخدام هذه التقنية الجديدة لكن يبقى السؤال المهم: هل لدينا مراكز بحثية متخصصة في هذا المجال؟ وهل لدينا معرفة وافية بهذه التقنية العجيبة التي بذلت من أجلها المراكز البحثية في العالم جهودًا مضنية علمية ومادية في سبيل الوصول إلى استخدام هذا العلم في معظم مجالات الحياة؟ ألاحظ أن كل مؤسساتنا العربية التي أعلنت عن إعمال هذه التقنية جاء على سبيل استخدام البرامج التي يستخدمها الأوروبيون، ولم يحدث أن دولة عربية قد أسست مركزًا بحثيًا وأنفقت عليه من الأموال وتأهيل الكفاءات الفنية والعلمية لكي يكون لها دور في هذا الاكتشاف الذي عم العالم المتقدم على الرغم من أن بعض دولنا العربية لديها من الأموال التي لو أنفقت جزءًا قليلاً منها، وخصوصًا بعد أن رأينا أجيالاً جديدة من الشباب الذي امتلك قدرًا كبيرًا من العلوم التجريبية، كثيرون منهم تلقوا تعليمهم في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ورغم ذلك فقد اقتصر طموحنا على مجرد استخدام البرامج التي ابتكرها غيرنا والعجيب في سياساتنا أن بعض دولنا العربية التي لديها فوائض مالية ضخمة راحت تتبارى في إقامة المهرجانات الفنية بطريقة مستفزة وتنفق عليها مئات الملايين لمجرد الإعلان وإلهاء الناس.

العجيب في الأمر أننا في كل أعمالنا رحنا نقلد الولايات المتحدة الأمريكية سواء في برامجنا التعليمية والأكاديمية أو في سياساتنا العامة، ولعل ظاهرة إنشاء كليات الإعلام تعد واحدة من التجارب الفاشلة حينما خصصنا كليات وأقسام علمية يدرس فيها الطالب 4 سنوات ليحصل بعدها على مايسمى بالشهادة الجامعية في علوم الاتصال، بينما الواقع العلمي يؤكد أننا ننفق من الوقت والمال في دراسة كان في استطاعتنا أن نخصص لها عامًا دراسيًا واحدًا عقب المرحلة الجامعية يحصل فيها الدارس على تقنيات وفنيات علوم الاتصال بكل تفاصيله ، فالمشتغل في الإعلام في الصحافة والتلفزيون وحتى العلاقات العامة في حاجة لأن يكون مجيدًا في اللغة العربية وبعض اللغات الأجنبية فضلاً عن اهمية الثقافة بمعناها الفني والسياسي والتاريخي والاجتماعي بعدها يمكن أن يكون إعلاميًا بارعًا بعد حصوله على القدر المناسب من التدريب وإعادة التأهيل وخصوصًا وأن التجربة المعاشة في كل مجالات الإعلام تؤكد أن غالبية من امتهنوا هذا العمل لم يأتوا من خلفية أكاديمية متخصصة في الإعلام وإنما في معظمهم جاءوا من مجالات تعليمية اخرى سواء كان دارسًا للغات الإجنبية أو متخرجًا من أقسام اللغة العربية والتاريخ أو حتى في مجالات العلوم التجريبية، والملاحظ أن الكثيرين من الشباب بعد حصولهم على الثانوية العامة يتسابقون إلى الالتحاق بهذا التخصص ثم بعدها يبحثون عن عمل فلايجدون مايحقق أحلامهم.

نحن في حاجة إلى إعادة النظر في برامجنا التعليمية وهو مايستوجب إعادة النظر في برامج دراسية أخرى من قبيل أقسام الوثائق والمكتبات التي لا أعتقد أنها في حاجة إلى دراسة 4 سنوات يستغرق الطالب في دراسات فنية لاتؤتي ثمارها في سوق العمل ، فهي كأقسام الإعلام التي لاتحتاج إلى 4 سنوات من عمر الشباب، واقترح أن يلتحق الطالب بعد تخرجه من أي فرع من فروع الدراسة الجامعية لكي يدرس بعدها لمدة عام واحد في الجوانب الفنية المتعلقة بهذا التخصص وخصوصًا في مجال تكنولوجيا المعلومات والبرامج المتعلقة بهذا المجال(الوثائق والمكتبات)، وقد أتيح لي أن أتعرف على الكثيرين في العالم ممن يعملون في هذا المجال في معظم المكتبات الكبرى وتبين لي أن معظمهم قادمون من تخصصات ما بين التاريخ والفلسفة والاجتماع بعدها يحصلون على إعادة تأهيل لفترة ربما لاتتجاوز عدة أشهر.

نحن في حاجة إلى سياسات تعليمية جديدة ابتداءً من العاملين بحقل التعليم في المرحلة قبل الجامعية (وقد سبق أن كتبت في ذات الصحيفة مقالاً عن هذه القضية ) أو العاملين في مجال الإعلام والمكتبات والأرشيفات الوثائقية ، جميعهم بحاجة إلى تأهيل أساسي في أي فرع من فروع العلم لكي يمتلك الدارس بعدها مقومات المعرفة بمعناها العلمي والثقافي قبل التحاقهم بأي عمل في هذه المجالات ، فمن غير اللائق أن يلتحق الإعلامي بالعمل في أي مجال دون أن يكون لديه رصيد ثقافي ومعرفي وإجادة وافية للغة العربية وبعض اللغات الأجنبية، وهو ماينطبق على المشتغلين في حقل المكتبات والوثائق.

أعتقد أننا في حاجة إلى إعادة النظر في هذه السياسات، وهو ما يستوجب إرادة قوية قد لاتستطيع جامعاتنا ومؤسساتنا أن تقدم على هذه الخطوة التي أعتقد أنها ضرورية، بل ملحة لعل أحوالنا تنصلح.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة هذه التقنیة فی حاجة إلى

إقرأ أيضاً:

المرصد العربي للترجمة.. كيف تدعم السعودية ذاكرة المعرفة العربية؟

يُعد المرصد العربي للترجمة أحد أبرز المبادرات الثقافية التي أطلقتها المملكة العربية السعودية بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وهيئة الأدب والنشر والترجمة. 

يهدف المرصد إلى تعزيز دور الترجمة كوسيلة للتواصل الثقافي والمعرفي بين العالم العربي وبقية العالم، من خلال برامج وخدمات تدعم تطوير قطاع الترجمة وتوثيق حركتها.

أهداف طموحة لتعزيز قطاع الترجمة  

يركز المرصد العربي للترجمة على تحقيق أهداف طموحة تشمل رصد وتوثيق الأعمال المترجمة من وإلى اللغة العربية، مما يسهم في بناء قاعدة معرفية شاملة لحركة الترجمة في المنطقة.

 كما يهدف إلى تطوير مهارات المترجمين من خلال تدريبهم على أحدث التقنيات المستخدمة في صناعة الترجمة، مثل الترجمة الآلية وأدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT Tools).

دعم الأبحاث والشراكات الاستراتيجية  

يولي المرصد أهمية كبيرة لدعم الدراسات والأبحاث الأكاديمية المتعلقة بالترجمة، حيث يوفر البيانات والإحصائيات للمختصين والمهتمين بهذا المجال.

إضافة إلى ذلك، يعمل على إقامة شراكات استراتيجية مع المؤسسات الثقافية والمنظمات الدولية لتعزيز حركة الترجمة وتوسيع نطاق تأثيرها.

منح وبرامج لتطوير الترجمة  

تقدم المبادرة منحًا خاصة لدعم مشاريع الترجمة، مما يسهم في تطوير مهنة الترجمة وتحفيز المترجمين على إنتاج أعمال متميزة تخدم الثقافة العربية. كما تسعى هذه البرامج إلى سد الفجوة بين الترجمة التقليدية والتقنيات الحديثة.

رؤية مستقبلية تنسجم مع رؤية 2030  

ينسجم عمل المرصد العربي للترجمة مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تهدف إلى تعزيز مكانة العالم العربي على الساحة الثقافية العالمية. من خلال جهوده الرائدة، يسعى المرصد إلى بناء مجتمع مترجمين يتمتع بخبرات حديثة، ودعم الترجمة كوسيلة لجعل الثقافة العربية أكثر انفتاحًا على العالم.

رسالة ثقافية ومعرفية 

يمثل المرصد العربي للترجمة جسرًا للتواصل بين الثقافات، حيث يساهم في توثيق المعرفة وتعزيز الحوار الثقافي. ومن خلال رؤيته الطموحة، يسير بخطى ثابتة نحو تحقيق نهضة ثقافية عربية شاملة، تستند إلى الترجمة كأداة أساسية لتقريب الأفكار وتبادل المعارف.

طباعة شارك المرصد العربى للترجمة جناح معرفة

مقالات مشابهة

  • تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
  • حملة طلابية من غزة تناشد العالم: أنقذوا العائلات التي تعيش بين الركام
  • العربية للتصنيع و«البيئة» توقعان اتفاقيات جديدة لتعزيز مشروعات حماية البيئة وإدارة المخلفات
  • المكاسب التي سيحققها العراق من عقد القمة العربية في بغداد
  • الجامعة العربية تطالب بتوفير الحماية الدولية للصحفيين ضد جرائم الاحتلال الإسرائيلي
  • انطلاق ملتقى دور الإعلام في التعايش السلمي بجامعة الدول العربية.. الخميس
  • المرصد العربي للترجمة.. كيف تدعم السعودية ذاكرة المعرفة العربية؟
  • «قمة الإعلام العربي 2025».. شراكة استراتيجية مع «دي بي وورلد»
  • رئيس الأكاديمية العربية لـ صدى البلد: الذكاء الاصطناعي فرصة لتغيير الواقع
  • نقيب الإعلاميين يشارك في ملتقى "دور الإعلام في التعايش السلمي" بجامعة الدول العربية