بوابة الوفد:
2025-05-10@19:38:49 GMT

الحكمة فى حياتنا

تاريخ النشر: 29th, August 2024 GMT

يقول الحق سبحانه فى كتابه العزيز: «يُؤْتِى الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ( البقرة : 269). 
الحكمة فى حياتنا شيء عظيم ، وهى ليست من نافلة القول ، فكل ما خرج عن الحكمة من التصرفات أوقع صاحبه فى دائرة الخطأ والمشكلات.

و من الحكمة أن نتعامل مع الحياة بحكمة بل بمنتهى الحكمة وأقصى درجاتها، و لن يتأتى لك ذلك ما لم نفهم طبيعة الحياة القائمة على التغير لا الثبات، وطبيعة معطياتها، وما لم نفهم واقعنا ومتغيراته ومؤثراته ومواطنا قوتنا ومواطنا ضعفنا فى حدود طاقاتنا وإمكاناتنا وطاقات الآخرين وإمكاناتهم، وأن تكون لدينا  السعة والمرونة والقدرة على التعامل مع المتغيرات والتكيف مع المستجدات، وأن يكون كل منا  شجاعا فى قدرته على التكيف السريع مع مجريات الحياة ومتغيراتها المتسارعة وواقعه المحيط به بكل تحدياته، مدركا لطبيعة الأمور مفرقا بين ما يقتضى ثباتا وهو المبادئ الراسخة ، وما يتطلب قدرا عاليا من المرونة وهو الأدوات والوسائل التى تنفذ من خلالها للوصول إلى هدفك المنشود دون المساس بثوابتك المبدئية. 
وعليك أن تدرك أن لله عز وجل فى خلقه وكونه حِكما سننا يجريها بتقديره ومشيئته «سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا» ( الفتح : 23)
ومن فهم سنن الله فى الكون وتعامل معها وفق منهج الله عز وجل  من الأخذ بالأسباب و الرضا بما يقدره الله من النتائج بإجراء للمسببات على أسبابها أو يقدره غير ذلك ، مدركا أن الخير كل الخير فيما يقدره الله، اطمأنت نفسه وسلمت من شوائب الكدر، يقول الحق سبحانه: «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا» (النساء: 19)، و يقول سبحانه: «مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» (فاطر: 2)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإن اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ» (سنن الترمذي) . 
فعليك أن تأخذ فى كل جوانب حياتك بأقصى الأسباب ثم تفوض الأمر لمن دبره فلن ترى غير الذى قدره، وما دمت تدرك أن الأمر كله لله عز وجل فطب نفسا، فما قدره الله لك لن يمنعك منه أحد، وما لم يقدره لك لن يجريه لك أو عليك أحد .
وعليك أن تدرك أن الحياة لا تتوقف عند محطة واحدة، بل هى محطات متعددة ومتنوعة فكن مستعدا للتعامل مع متغيراتها و مستجداتها، قادرا على التكيف مع مناخات وأجواء متعددة، واضعا مرضاة ربك والرضا بما يقسمه لك نُصب عينيك، وما دمت قد أخذت بالأسباب ولم تقصر فالسعادة كل السعادة هى فى الرضا بما قسم الله لك.

الأستاذ بجامعة الأزهر 
وعضو مجمع البحوث الإسلامية 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د محمد مختار جمعة الأستاذ بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية

إقرأ أيضاً:

«التبرُّع بالأعضاء».. أمل جديد نحو الحياة

الحلم قد يصبح حقيقة، والمعاناة قد تنتهي -بأمر الله- في غضون أيام قليلة. الإقدام على التبرع بالأعضاء في الماضي كان من القرارات المصيرية الصعبة التي تظل تشعر البعض بالتوجس والرغبة في تفكير عميق، وفي النهاية تثنيه عن فكرته.

والآن، يتخذ الكثير من الناس قرارهم الصائب قبل الموت، فيوصي عائلته بأنه موافق على هذا التبرع بمحض إرادته ومن قناعة تامة بأن ما سيقدمه للآخرين ما هو إلا «واجب وطني والتزام إنساني» في سبيل المساهمة في إنقاذ روح إنسان يعاني من المرض، وحياته تهدد بالفناء في كل لحظة تمر عليه.

لقد حدد القانون أطرًا معينة وظروفًا خاصة وأسلوبًا صحيحًا فيما يتعلق بالتبرع بالأعضاء، حتى تكون العملية منظمة ومصرحًا لها وفق إطارها الصحيح. لذا فإن أي تبرع بالأعضاء يكون من رغبة الشخص ذاته وبموافقته دون أي ضغط أو إجبار على ذلك، يخرج من أي شبهة جنائية أو توجس أو ريبة. فالقرار يأتي من أصحاب الشأن ذاتهم دون خضوعهم إلى أي مؤثرات خارجية، وهذا ما يميز التبرع بالأعضاء وفق القانون والظروف الصحية المعترف بها دوليًا.

لن نتحدث عن تجارة الأعضاء، وعصابات السرقة والظروف غير الآدمية التي تجرى فيها مثل تلك العمليات المشبوهة والتي عادة ما تكون كارثية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

ولله الحمد - أصبح بالإمكان التبرع بالأعضاء في وطننا الغالي وفق نظام محدد، ويخضع المريض لظروف صحية آدمية صحيحة. وما حدث قبل أسابيع ماضية لهو إنجاز علمي وإنساني، فقد أنعم الله على أطبائنا المهرة بالإعلان عن نجاح أول عملية زراعة قلب من شخص متوفى دماغيًا في المستشفى السلطاني. والعملية أُجريت على يد فريق طبي عماني متكامل ومتعدد التخصصات.

ويعد هذا الإنجاز في سلطنة عُمان علامة فارقة في مسيرة القطاع الصحي الذي يشهد قفزات متتالية من النجاحات في مختلف التخصصات. وهذه العملية، ربما تكون معقدة ودقيقة، هي إضافة إلى أخرى لسجلات العمل الطبي، وكونها تعكس الرؤية الوطنية المتكاملة من لدن القيادة الحكيمة حول هذا الموضوع، وبالاستعانة بالكفاءات والقدرات الوطنية مع الانسجام التام مع روح العطاء الإنساني من قبل المتبرعين وحرصهم على إعطاء المريض المحتاج للأعضاء فرصة أخرى للحياة، وفتح المجال أمام تبرعات أخرى يمكنها أن تنقذ حياة عشرات أو مئات، وربما على المدى البعيد أعدادًا كبيرة من المحتاجين لزراعة الأعضاء في عُمان.

وبحسب ما تم نشره إعلاميًا خلال الفترة الماضية حول تفاصيل هذه العملية الناجحة، فقد أكدت المصادر أن «العملية الجراحية أُجريت وفقًا لأعلى المعايير الطبية والأخلاقية بما يتوافق مع القوانين الوطنية والتوصيات الدولية المعتمدة في مجال التبرع بالأعضاء».

لعلنا جميعًا ندرك حجم التحدي الكبير الذي رافق المتخصصين والأطباء في إجراء هذه العملية، والقلق من مغبة حدوث مضاعفات أو توقف في وظائف القلب أو تسارعه من الشخص المتبرع. ولكن إرادة الله ولطفه كتب لهذه العملية النجاح بعد نحو خمس ساعات من العمل، لتسجل سلطنة عُمان إنجازًا علميًا وطبيًا فريدًا، وليعيد الأطباء البسمة على وجه الشخص المتبرع له بعد معاناة طويلة من قصور في عضلة القلب -بحسب ما تم نشره .

إذا كان التبرع بالأعضاء هو فرصة أخرى لتسطير حياة جديدة لدى بعض المرضى، فإن قناعة الناس واتجاههم إلى هذا الجانب لم يكن عبثًا، خاصة وأن أمر توفير الأعضاء البشرية بات سوقًا رائجًا في بعض الدول، وتتخصص فيه عصابات تنهب أموال الناس وتزهق أرواحهم بالغش والتدليس.

دائمًا القنوات القانونية لها فوائد جمّة، فهي السبيل الصحيح نحو الاستفادة القصوى من أي عمل، سواء كان إنسانيًا أو ماديًا. بعض الناس تدفع أموالًا طائلة من أجل الحصول على أعضاء بديلة، ولكن تقع تحت طائلة القانون لأن الطرقات المستخدمة والظروف الصحية أثناء هذه العمليات غير آدمية تمامًا وغير آمنة.

وكثير من الناس ذهبت أرواحهم وأموالهم لأن تعاملهم مع أشخاص مجهولين كان هو السبب، وربما الحاجة هي من دفعتهم إلى كل ذلك. ولكن وضوح الصورة الآن، وتحت إطار قانوني وظروف طبية صحيحة، أصبح من الممكن حصول المرضى على المتبرعين الذين انتهت حياتهم وآثروا أن يقدموا شيئًا للآخرين لإنقاذ حياتهم من الهلاك.

لكن، أكثر وضوحًا وصراحة في هذا الشأن، فحتى فترة ليست بالبعيدة كان أمر التبرع بالأعضاء مجهولًا وغير محبذ لدى بعض الناس. ولكن الحاجة إلى متبرع لإنقاذ روح إنسان أصبح من الضروريات في الوقت الراهن، فهناك معاناة حقيقية لدى بعض الناس من الأمراض، وخاصة القلب والكلى والكبد وغيرها.

إن توجهات الحكومة حول فتح باب التبرع بالأعضاء جاء ليلقي الضوء حول هذا الأمر المهم والذي يلامس حياة الناس وبقاءهم على وجه الأرض. أيضًا، الأطر القانونية جعلت من عملية التبرع منظمة وهادفة إلى تحقيق النتائج الإيجابية، إلى جانب اتخاذ التدابير الطبية المعترف بها عالميًا، وفّر على المحتاجين الوقت والمال، وحماهم من الوقوع فريسة في أيدي المحتالين والنصابين في أماكن أخرى من العالم.

مقالات مشابهة

  • “حياتنا في خطر”..  كتائب القسام تنشر رسالة مؤثرة لأسيرين إسرائيليين
  • قواعد من الحياة
  • وزير الإسكان يبدأ جولة لمتابعة مشروعات الساحل الشمالي الغربي ويتفقد أعمال الطرق والمرافق والكهرباء بمنطقة رأس الحكمة
  • وزير الإسكان يتابع مشروعات الساحل الشمالي والمرافق والكهرباء في رأس الحكمة
  • عُمان صوت العقل ونهج الحكمة
  • استعدادا لموسم الصيف..محافظ مطروح يتفقد مستشفى رأس الحكمة
  • محافظ مطروح يتفقد القافلة الطبية المجانية بشمس الحكمة
  • محافظ مطروح يتفقد القافلة الطبية بمنطقة شمس الحكمة الجديدة
  • «التبرُّع بالأعضاء».. أمل جديد نحو الحياة
  • مدبولي: إجراء 21 صفقة بقيمة 6 مليارات جنيه.. ورئيس موازنة النواب: صفقات مماثلة بعد رأس الحكمة