تعتزم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن القيام بمحاولة أخيرة للتوصل إلى اتفاقات صعبة المنال لإنهاء الحرب في غزة ولبنان، لكن انتخاب دونالد ترامب قد يترك واشنطن دون نفوذ كاف لإخضاع إسرائيل والأطراف الإقليمية الأخرى لإرادتها قبل تنصيبه.

وقالت مصادر ومحللون مستقلون إن كبار المسؤولين الأميركيين الذين تنقلوا على مدى شهور بين مناطق الشرق الأوسط لإجراء مفاوضات للسلام سيواجهون على الأرجح الآن نظراء يترددون في اتخاذ خطوات كبيرة، مفضلين بدلا من ذلك انتظار تنصيب ترامب في يناير/كانون الثاني المقبل.

وعود ترامب

وعد ترامب بإحلال السلام في الشرق الأوسط لكنه لم يذكر كيفية تحقيق ذلك. وإذا كانت ولايته الأولى تحمل أي مؤشرات، فإنه سيتبنى على الأرجح نهجا مؤيدا لإسرائيل بقوة، متجاوزا حتى الدعم لقوي الذي قدمه بايدن لحليف واشنطن الأول في المنطقة، وذلك حسب تحليل لوكالة رويترز للأنباء.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أمس الخميس قبيل رئاسة ترامب الثانية "سنواصل السعي إلى إنهاء الحرب في غزة، وإنهاء الحرب في لبنان، وتعزيز المساعدات الإنسانية، ومن واجبنا مواصلة هذه السياسات حتى ظهيرة يوم 20 يناير/كانون الثاني".

لكن بعد أن أصبح بايدن الآن رئيسا محدود الصلاحيات، فمن المرجح ألا يبذل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حليف ترامب الوثيق، والقادة العرب جهدا كبيرا لتحقيق ما يصبو إليه الرئيس الديمقراطي وقد يسترشدون بمواقف خليفته الجمهوري الذي أبقت سياسته الخارجية الغريبة الأطوار في ولايته الأولى المنطقة على حافة الهاوية.

يقول براين فينوكين المستشار الكبير في برنامج الولايات المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية "أصبح نفوذهم أقل كثيرا.. ربما لا يزال الناس يردون على مكالماتهم الهاتفية، لكن الجميع يتطلعون إلى إدارة جديدة، إدارة سوف تتبنى سياسات وأولويات مختلفة".

 تجنب المخاطرة

منذ فوز ترامب في الانتخابات التي أجريت يوم الثلاثاء الماضي على نائبة الرئيس كامالا هاريس، بدأ المسؤولون العرب والإسرائيليون بالفعل تجنب المخاطرة.

وقالت مصادر أمنية مصرية إن الوسطاء المصريين الذين يعملون مع نظرائهم الأميركيين والقطريين على مقترحات لوقف إطلاق النار في غزة ينتظرون معرفة كيف ستتشكل خطط ترامب في ما يتعلق بالقطاع الفلسطيني.

وبينما كان العالم يتابع الانتخابات الأميركية، فإن نتنياهو الذي لم يترك مجالا للشك في تفضيله لترامب وأشاد بفوزه باعتباره "تاريخيا" أقال وزير الدفاع يوآف غالانت، فحرم بذلك إدارة بايدن من أحد شركائها الإسرائيليين المفضلين.

أما حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تقاتل إسرائيل منذ أكثر من عام في غزة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وحزب الله اللبناني الذي يخوض صراعا موازيا مع القوات الإسرائيلية، فيتطلعان -على ما يبدو- إلى إدارة ترامب القادمة. وأثارت الضربات الانتقامية بين إسرائيل وإيران مخاوف من حرب إقليمية أوسع.

فقد حثت حماس ترامب على التعلم من أخطاء بايدن، وقال حزب الله إنه لا يحمل كثيرا من الأمل في تحول سياسة الولايات المتحدة بعيدا عن دعم إسرائيل، غير أن مسؤولي السلطة الفلسطينية يتوقعون أن يعملوا مع مساعدي بايدن لحين تولّي ترامب منصبه.

وسعت واشنطن لدفع محادثات لوقف إطلاق النار في غزة بعد استشهاد رئيس حماس يحيى السنوار في منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن دون جدوى. وفي لبنان، قال المسؤولون الأميركيون إنهم حققوا تقدما ولكن دون التوصل إلى اتفاق نهائي.

وعندما سئل عن الرأي القائل إن نفوذ إدارة بايدن قد تآكل بعد الانتخابات، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض "لن أخوض في فرضيات".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات فی غزة

إقرأ أيضاً:

الغارديان: حرب غزة أدت لتحولات ضخمة في الشرق الأوسط

دفعت خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المؤلفة من 20 بندًا لوقف الحرب في قطاع غزة، القوى الإقليمية المتنافسة إلى التعاون وتجاوز الخلافات، بينما أعادت نتائج الحرب "رسم المشهد الجيوسياسي، وأضعفت النفوذ الإيراني، فتحت فرصًا جديدة أمام دول مثل تركيا ومصر والعراق".

وجاء في تقرير لصحيفة "الغارديان" أنه "إذا كان للحرب عواقب وخيمة على منطقة الشرق الأوسط، حيث قلبت الافتراضات الراسخة وأعادت رسم الخريطة الجيوسياسية، وأثارت تحولات هائلة في الرأي العام، فمن المرجح أن يكون لأي سلام دائم آثار بالغة الأهمية".

ونقل التقرير عن الكاتب عن مخيمر أبو سعدة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر بغزة، والمقيم حاليا في القاهرة: قوله: "لم يمضِ سوى أقل من عشرة أيام، ونحن نشهد انتهاكات متعددة لوقف إطلاق النار من جانب إسرائيل وحماس. أعتقد أنه بعد كل هذا الدمار وإراقة الدماء، سيستغرق الأمر بعض الوقت للتحرك في أي اتجاه إيجابي".


وأوضح التقرير أن "الطريقة التي انتهت بها الحرب كان لها بالفعل تأثير كبير على سياسات المنطقة. فقد أدت فكرة الرئيس دونالد ترامب لتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بدون سكانها الفلسطينيين إلى حشد القوى الإقليمية بطريقة غير مسبوقة، ثم تسارعت الأمور بعد خطة ترامب وتنفيذ مراحلها".

وأضاف أن "التوصل إلى اتفاق بشأن المرحلة الأولى من الخطة، جاء بعد الضغط الأمريكي على إسرائيل، بالإضافة إلى الضغط القوي من قطر وتركيا على حماس. وباتت قطر الآن في دائرة القوى التي يثق بها ترامب، وكذلك رجب طيب أردوغان، الزعيم التركي المخضرم، الذي أشاد به الرئيس الأمريكي في القمة التي عقدت على عجل في شرم الشيخ، المنتجع المصري، الأسبوع الماضي، ووصفه بأنه "شخصية قوية" و"صديق". 

وأشار التقرير إلى أن "هذه لم تكن دائما وجهة نظر الرئيس الأمريكي الزئبقي ولم يشاركه بها دائما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي كان ظاهريا شريكه في استضافة القمة".

وأكد التقرير أنه "مع ذلك، حدث تحول هنا أيضا، وتعتبر تركيا ومصر، وربما الأردن، من أبرز المرشحين  للمشاركة في قوة الاستقرار الدولية الجديدة في غزة. وسيتيح هذا الأمر لكل من تركيا ومصر فرصا، ولكنه ينطوي أيضا على مخاطر. وستحاولان تقليل الاحتكاك، على الأقل في المدى القريب. وقد رصد مراقبون مطلعون تفاصيل أخرى من القمة تشير إلى تحولات محتملة أكبر".

وقال "كان من بين القادة في شرم الشيخ رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، الذي يواجه معركة شرسة للفوز بولاية ثانية في انتخابات ستجرى في أقل من شهر. والتقط صورة مع ترامب ووصف توني بليرمرشح الرئيس الأمريكي لقيادة "مجلس السلام"، وهو هيئة من التكنوقراط الفلسطينيين، من المقرر تشكيلها لإدارة غزة بموجب خطة العشرين نقطة - بأنه "صديق عزيز للعراق". وربما أثار هذا  دهشة في المنطقة، بل وأبعد من ذلك".

ولفت إلى أن "العراق كان جزءا من دائرة النفوذ الإيراني منذ الغزو الأمريكي عام 2003، لكن هذا الوضع ربما بدأ بالتغير الآن، حسب مايكل نايتس، رئيس قسم الأبحاث في شركة الاستشارات العالمية هورايزون إنغيج والمحلل المخضرم في شؤون العراق".

وأضاف نايتس: "يمكنكم رؤية العراق ينجذب الآن نحو المحور العربي، وهذا تحول كبير"، مشيرا إلى أنه يفهم أن بغداد تدرس حتى المساهمة بقوات في قوة الاستقرار الدولية المخطط لها في غزة.


وعلق بيرك أن هذا التحول نحو الدول العربية، قد يغضب طهران، لكن وقف إطلاق النار يترك القيادة الإيرانية في مواجهة تقييم قاتم لنتائج 24 شهرا من الصراع، حيث كشفت حرب إيران القصيرة مع إسرائيل عن ضعفها العسكري. ولا شك أن برنامجها النووي الباهظ التكلفة قد تضرر، حتى وإن لم نكن نعرف حجم الضرر، وأُعيد فرض العقوبات الأوروبية والبريطانية والأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، يعلن وقف إطلاق النار نهاية تحالف الجماعات المسلحة المتفاوتة الكفاءة والاستقلالية والالتزام، والذي كان محور استراتيجية طهران "الدفاع الأمامي". فقد أصبح حزب الله في لبنان مجرد ظل لما كان عليه سابقا ويواجه مستقبلا غامضا، بما في ذلك احتمال نزع سلاحه. أما نظام الأسد الصديق في سوريا، فقد انتهى. وقد توقفت حماس للتو عن القتال، وقد تجبر على تسليم أسلحتها التي تهدد إسرائيل. ويعتقد نايتس أن وقف إطلاق النار قد يكون بمثابة محرك للتكامل داخل المنطقة.

وسيعيد فتح الحديث عن الروابط البرية الرئيسية من الخليج إلى البحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى الحوار الأوسع حول التطبيع [الدبلوماسي والاقتصادي] مع إسرائيل".

وفي الوقت الحالي، يقول بيرك أن كل قائد في المنطقة يدرك جيدا الغضب الشعبي إزاء حرب غزة، التي دمرها هجوم إسرائيلي أودى بحياة 68,000 شخصا. لكن وقف إطلاق النار يعني أن الحديث عن توسيع اتفاقيات إبراهيم، وهي اتفاقيات التطبيع التي اتفقت عليها أربع دول عربية قبل خمس سنوات، أصبح ممكنا نظريا، على الرغم من أن مسألة الدولة الفلسطينية المستقبلية تلوح في الأفق. وقال ترامب إن الاتفاق الذي توسط فيه يتجاوز غزة بكثير، حيث كان يشير إلى التطبيع بين أمكانية تطبيع إسرائيل العلاقات مع السعودية وإندونيسيا أيضا، وربما دول أخرى.

مقالات مشابهة

  • أكسيوس: روبيو يخطط لزيارة إسرائيل هذا الأسبوع
  • ترامب: حلفاؤنا بالشرق الأوسط يريدون فرصة لدخول غزة بـقوة كبيرة وتقويم حماس
  • فانس يصل إلى إسرائيل لـ"إنقاذ" اتفاق الهدنة في غزة
  • صلاح مغاوري: إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق ونتنياهو يواجه المحاكمة بعد الحرب
  • ترامب: تم تحقيق السلام في الشرق الأوسط للمرة الأولى ولن نرسل جنودا إلى غزة
  • الشرق الأوسط الجديد: إعلانه سهل وتحقيقه صعب
  • الغارديان: حرب غزة أدت لتحولات ضخمة في الشرق الأوسط
  • أسرار ما قبل وقف النار في غزة.. كوشنر يروي كواليس الاتفاق
  • مستشار ترامب: على إسرائيل البدء بمساعدة الفلسطينيين وتحسين مستوى معيشتهم
  • مستشار ترامب: على إسرائيل مساعدة الفلسطينيين إذا أرادت الاندماج في الشرق الأوسط