بعد أربعة آلاف عام على نشأته.. بحث جديد يكشف سرّ تأسيس معبد الكرنك وأصوله الأولى
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
ظلّ معبد الكرنك، أحد أعظم معابد مصر القديمة، لغزًا أثريًا على مدى أربعة آلاف عام. واليوم، يكشف بحث جديد قادته جامعة "أوبسالا" عن أصول هذا الموقع، موضحًا كيف تداخلت الجغرافيا مع المعتقد الديني في نشأته الأولى. اعلان
نشرت مجلة Antiquity نتائج الدراسة التي وُصفت بأنها الأكثر شمولًا حول معبد الكرنك ومحيطه الطبيعي والمائي، مقدّمة أدلة جديدة عن أصول المعبد، وصلته المحتملة بأسطورة الخلق المصرية القديمة، وكيف أسهمت تضاريس النهر المحيطة في تأسيس الموقع واستيطانه وتطوره عبر ثلاثة آلاف عام.
وفي هذا السياق، يقول الدكتور أنغوس غراهام، من جامعة "أوبسالا" وقائد فريق البحث: "يساعد هذا البحث في رسم صورة أدق للمشهد الذي أسّس عليه المصريون القدماء معبدهم قبل نحو 4000 عام".
النشأة الأولى للمعبديقع معبد الكرنك في مدينة الأقصر الجديدة، ضمن مجمّع يُعدّ من أكبر المواقع الدينية في العالم القديم وأحد أبرز معالم التراث العالمي لليونسكو. ويبعد نحو 500 متر شرق نهر النيل الحالي، قرب مدينة طيبة القديمة، التي كانت عاصمة دينية لمصر، لكن المشهد الطبيعي آنذاك كان مختلفًا تمامًا، فوفقًا للبحث، قام الفريق بفحص 61 عيّنة رسوبية من داخل المجمّع وحوله، إلى جانب تحليل عشرات الآلاف من شظايا الفخار لتحديد تسلسل زمني للتغيرات البيئية.
وكشفت النتائج أن المنطقة كانت عرضة مرارًا للفيضانات، ما جعلها غير صالحة للسكن حتى نحو عام 2520 قبل الميلاد، الأدلة تكشف عن نشاط دائم بدأ خلال الدولة القديمة (2591–2152 قبل الميلاد). وعلى مدى آلاف السنين، تحركت قنوات النيل على جانبي الكرنك، مما أتاح توسّع المجمّع الديني.
بدأت ملامح الكرنك تتكوّن حين شقّت قنوات النهر المتبدّلة مجاريها شرقًا وغربًا من مصطبة طبيعية، ما أدى إلى عزل رقعة مرتفعة من الأرض تحولت لاحقًا إلى جزيرة مستقرة. هذه الجزيرة مهّدت لظهور أولى التجمعات السكنية والمراحل الأولى لبناء المعبد، الذي سيغدو لاحقًا مركزًا روحيًا لإله الخلق آمون-رع.
أدلة جديدة في موقع المعبدأبرز ما توصّل إليه الفريق هو أن القناة الشرقية، التي ظنّها العلماء مجرد فرضية، تبيّن أنها كانت واضحة المعالم وأوسع مما ظن الباحثون، وربما أكبر من القناة الغربية التي طالما ركّزت عليها الدراسات السابقة.
يقول غراهام إن القناة الشرقية استمرت حتى العصر الروماني في القرن الأول قبل الميلاد. وتشير الأدلة إلى أن المصريين القدماء تدخلوا في هندسة المشهد الطبيعي، فقاموا بردم قناة نهرية صغيرة كانت تتراكم فيها الرواسب الطينية، بهدف توسيع مساحة المعبد وتثبيت أرضه.
Related في موعد طال انتظاره.. المتحف المصري الكبير يستعدّ لفتح أبوابه أمام العالمدراسة تكشف لغز "معبد الكرنك": كيف اختار المصريون موقعه قبل آلاف السنين؟النمو السكاني يواصل الارتفاع.. مصر تتخطى 118 مليون نسمة أسطورة الخلقتُظهر الدراسة أن مشهد المعبد الطبيعي يوازي بشكل مدهش أسطورة الخلق المصرية، حيث يُقال إن الإله الخالق تجلّى كأرض مرتفعة نابعة من "البحيرة الأولى". ويرى الباحثون أن اختيار موقع الكرنك ربما كان مقصودًا لتجسيد هذه الفكرة الكونية.
يشرح الدكتور بن بنينغتون، المؤلف الرئيسي للدراسة والزميل في جامعة ساوثهامبتون: "من المغري أن نفترض أن نُخبة طيبة اختارت موقع الكرنك ليكون مقرًّا لتجسيد جديد للإله آمون-رع، لأنه مثّل "التصوّر الكوني لنشوء اليابسة من قلب المياه".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة الصحة حركة حماس سرطان الثدي إسرائيل دونالد ترامب غزة الصحة حركة حماس سرطان الثدي فيضانات سيول معبد جغرافيا علم الآثار آثار مصر إسرائيل دونالد ترامب غزة الصحة حركة حماس سرطان الثدي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سرطان الذكاء الاصطناعي قطاع غزة كوريا الشمالية معبد الکرنک
إقرأ أيضاً:
مفاجأة.. الشمس تتعامد على وجه رمسيس بالمتحف الكبير في التوقيت القديم (خاص)
تُعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني داخل معبده في أبوسمبل واحدة من أعظم الظواهر الفلكية والهندسية في التاريخ، إذ تجذب أنظار العالم مرتين سنويًا في مشهد يخلّد عبقرية المصريين القدماء في علم الفلك والهندسة المعمارية.
رغم أن الظاهرة تُرصد حاليًا في يوم 22 أكتوبر من كل عام، كشف الدكتور مجدي شاكر كبير الأثريين السابق بوزارة السياحة والآثار، خلال تصريحات خاصة لـ "بوابة الوفد" الإلكترونية أن الظاهرة في الأصل كانت تحدث يوم 21 أكتوبر، أي أنها تأخرت يومًا واحدًا منذ ستينيات القرن الماضي، بعد عملية نقل معبد أبوسمبل الشهيرة ضمن مشروع إنقاذ آثار النوبة.
وأوضح خلال تلك العملية التي جرت تم تفكيك المعبد العملاق إلى أكثر من ألف قطعة صخرية ضخمة، ونقله إلى موقع جديد يعلو موقعه الأصلي بنحو 65 مترًا، ويبتعد عنه أفقيًا حوالي 200 متر، لحمايته من مياه بحيرة ناصر التي تشكلت بعد بناء السد العالي.
وبسبب هذا النقل الدقيق والمعقد، تغيّر ميل محور المعبد بمقدار طفيف جدًا، وهو ما أدى إلى اختلاف زاوية دخول أشعة الشمس إلى قدس الأقداس، فصار تعامدها يحدث في 22 أكتوبر بدلًا من 21 أكتوبر، وهو فارق فلكي دقيق لكنه واضح في الظاهرة السنوية.
ويُعتبر هذا التغيير دليلًا على مدى الإعجاز الهندسي الذي حققه المصري القديم، إذ ظلت الظاهرة تحدث بنفس الدقة تقريبًا رغم نقل المعبد بالكامل من مكانه الأصلي، وهو إنجاز لم يتكرر في أي حضارة أخرى.
وتتكرر الظاهرة مرتين كل عام، في 22 فبراير و22 أكتوبر، لتظل شاهدة على عبقرية تصميم الفراعنة، وعلى احترام المصريين المعاصرين لتراث أجدادهم في الحفاظ على هذه المعجزة الفلكية الفريدة.