سلطنة عُمان بيئة استثمارية جاذبة ومحفّزة للنّمو المُستدام
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
العُمانية: تواصل سلطنة عُمان ترسيخ مكانتها بوصفها وجهة استثمارية واعدة في المنطقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين أسواق آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط، ومن بيئتها الاقتصادية المستقرة، وتشريعاتها الحديثة التي تعزّز ثقة المستثمرين. وقد أسهمت «رؤية عُمان 2040» في رسم ملامح مرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي، وتفعيل منظومة الاستثمار المحلي والأجنبي وفق مبادئ التنويع والاستدامة.
وشهدت سلطنةُ عُمان خلال السنوات الأخيرة تحولات تشريعيّة وتنظيميّة جوهريّة، كان أبرزها صدور قانون استثمار رأس المال الأجنبي المرسوم السُّلطاني رقم (50 /2019) الذي أتاح التملك الأجنبي الكامل بنسبة 100 بالمائة في معظم القطاعات، إلى جانب إقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص وقانون التخصيص، بما يدعم إشراك القطاع الخاص في المشروعات الوطنية الكبرى.
وقد انعكست هذه الإصلاحات إيجابًا على تصنيف سلطنة عُمان في مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال، إذ تقدمت عشر مراتب لتصبح في المرتبة الـ68 عالميًّا.
تبسيط الإجراءات وتسريع الخدمات
وفي إطار التحول نحو الحكومة الرقمية، أطلقت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار منصة "استثمر بسهولة" التي تطورت لاحقًا إلى منصة "عُمان للأعمال"، لتصبح بوابة موحدة لتأسيس الشركات والحصول على التراخيص إلكترونيًّا في خطوات مبسطة، وسجّلت المنصة أكثر من مليوني معاملة إلكترونية حتى الربع الثالث من عام 2025 منها أكثر من 822 ألف ترخيص تجاري، ما جعل سلطنة عُمان نموذجًا ناجحًا في تبسيط الإجراءات وتسريع الخدمات.
أما على صعيد البنية الأساسية، فاستثمرت سلطنة عُمان في إنشاء وتطوير المناطق الاقتصادية والمناطق الحرة، التي تقدّم حوافز استثنائية تشمل إعفاءات ضريبية تصل إلى 10 سنوات، وإعفاءً من الرسوم الجمركية، وسهولة تملك الأراضي الصناعية والتجارية، لتشكل منظومة متكاملة تدعم موقع سلطنة عُمان كمركز لوجستي إقليمي وعالمي.
وفي مجال الخدمات والبنية الرقمية، عززت سلطنة عُمان جاهزيتها التقنية عبر نشر شبكات الجيل الخامس وتوسيع استخدام الأنظمة الذكية في المرافق والخدمات، ما أسهم في تحسين ترتيب سلطنة عُمان في مؤشر الحصول على الكهرباء إلى المركز الـ35 عالميًّا إضافة إلى ذلك استقرارها السياسي والأمني، وسياستها الخارجية المتزنة، ما يوفّر بيئة استثمارية آمنة ومستقرة تحظى بتقدير المستثمرين الدوليين.
كما طوّرت الحكومة المنظومة العقارية والتخطيطية بشكل ملحوظ؛ إذ سهّلت وزارة الإسكان والتخطيط العمراني إجراءات تسجيل الملكية وخفّضت رسوم نقل العقارات من 5 بالمائة إلى 3 بالمائة، ما جعل سلطنة عُمان في المرتبة الـ52 عالميًّا في مؤشر تسجيل الملكية، كما أُتيح للأجانب تملك العقارات في مشروعات التطوير السياحي بنظام الانتفاع حتى 99 عامًا، ما أسهم في تنشيط السوق العقارية وجذب الاستثمارات الخليجية والدولية، وقد ساعدت هذه التحولات الرقمية في رفع كفاءة الأداء المؤسسي وتقليص فترات إصدار الموافقات من عدة أشهر إلى أقل من شهر واحد.
النظام البلدي الموحد
أما في المجال البلدي، فشكّل مشروع "النظام البلدي الموحّد" نقلة نوعية في تسهيل الخدمات على مستوى المحافظات؛ إذ دمج أكثر من 300 إجراء في منصة إلكترونية واحدة، وأطلقت بلدية مسقط منصة "اعتمد" لتصاريح الحفر التي اختصرت مدة إنجاز المعاملة من 6 أشهر إلى 10 أيام، معززة بذلك بيئة العمل العمراني ودعم استمرارية الأعمال. وفي الجانب البيئي، أصدرت هيئة البيئة قرارًا بتخفيض رسوم التصاريح البيئية إلى 900 ريال عُماني كحد أقصى لمدة 3 سنوات، مع تبسيط تصنيف المشروعات بحسب تأثيرها البيئي إلى ثلاث فئات، ما يحقق التوازن بين متطلبات التنمية وحماية البيئة.
وأنشأت الحكومة مركز "استثمر في عُمان" ليكون نافذة موحّدة لتسهيل المتابعة للمستثمرين وتوفير "مدير حساب" لكل مشروع استثماري، إلى جانب إعداد خارطة استثمارية وطنية توضح الفرص المتاحة واشتراطات كل قطاع بدقة وشفافية. وتتميز التجربة العُمانية بقدرتها على المواءمة بين التحديث التشريعي والاستقرار المؤسسي، مع التركيز على جودة الخدمات، وتكامل البنى الأساسية، والتحول الرقمي الشامل، بما يجعل سلطنة عُمان بيئة استثمارية جاذبة في المنطقة، ومع استمرار تنفيذ برامج التنويع الاقتصادي في قطاعات الطاقة المتجددة، والصناعات التحويلية، والسياحة، والاقتصاد المعرفي، تتجه سلطنة عُمان بثبات نحو ترسيخ مكانتها كوجهة استثمارية مستدامة، وركيزة أساسية في منظومة الاقتصاد الإقليمي والعالمي.
تنافسية الاقتصاد الوطني
وأكد سعادة فيصل بن عبد الله الرواس رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان على أن سلطنة عُمان هيأت البيئة الاستثمارية الجاذبة المدعومة ببنية أساسية متطورة، ما عزز تنافسية الاقتصاد الوطني وجعلها وجهة مفضّلة للمستثمرين في مختلف القطاعات.
وقال سعادتُه في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن «رؤية عُمان 2040» أسهمت في رسم خارطة طريق واضح المعالم للنمو الاقتصادي، من خلال التركيز على تمكين القطاع الخاص، وجذب الاستثمارات النوعية، وتوفير بيئة أعمال محفزة تعزز الابتكار وتدعم ريادة الأعمال.
وأضاف سعادتُه أن القوانين مثل قانون الاستثمار الأجنبي، وقانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقانون الإفلاس من أبرز الأدوات التي وفرت بيئة قانونية مستقرّة وشفّافة تشجع المستثمرين على إقامة مشروعات طويلة الأمد في سلطنة عُمان، مشيرًا إلى أن غرفة تجارة وصناعة عُمان لها دورٌ مهم في دعم هذه الجهود من خلال تعزيز التواصل بين القطاعين العام والخاص، وتمكين الشركات العُمانية من التوسع في الأسواق الخارجية، واستقطاب الاستثمارات التي تعزز القيمة المضافة للاقتصاد الوطني والترويج للفرص الواعدة في القطاعات الاقتصادية الواعدة.
جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة
من جانبه أكد المكرّم الدّكتور محمد بن حميد الوردي عضو مجلس الدولة والمحلل الاقتصادي على أن سلطنة عُمان حققت إنجازات كبيرة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إذ وصلت حتى منتصف العام الجاري إلى نحو 30.3 مليار ريال عُماني مرتفعة بقرابة الضعف عما كانت عليه في بداية عام 2020م.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إن سلطنة عُمان تركز على الاستثمارات الأجنبية لتعزيز النمو والتنويع الاقتصادي بما يسهم في توفير فرص العمل وتنويع مصادر الدخل، موضحًا أن هذه الإنجازات تعود إلى عدد من الخطوات العملية التي انتهجتها سلطنة عُمان في الفترة الماضية أبرزها توفير بيئة تشريعيّة جاذبة للاستثمار الأجنبي من خلال إصدار قانون الاستثمار الأجنبي وقانون المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة، حيث عزز هذان القانونان التسهيلات الممنوحة والتشريعات القانونية التي تجذب وتحمي الاستثمارات الأجنبية، إضافة إلى إنشاء المزيد من المناطق الاقتصادية وخاصة المنطقة الاقتصادية الخاصة في محافظة الظاهرة لجذب الاستثمارات السعودية، والمنطقة الاقتصادية الخاصة في الروضة لجذب المزيد من الاستثمارات الإماراتية، وستعمل المنطقتان على استغلال الموقع الجغرافي لسلطنة عُمان مع الدول المجاورة لتعزيز الاستثمار والتجارة البينية بينهما.
وقال: إن سلطنة عُمان بدأت في إنشاء مناطق اقتصادية حرة ما يساعد في جذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المرتبطة بتلك المناطق الحرة، مضيفًا أن العامل الثالث لارتفاع إجمالي الاستثمارات الأجنبية يرجع إلى تركيز سلطنة عُمان على جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات التي تتمتع بميزات تنافسية كقطاعات النفط والغاز، والهيدروجين الأخضر، واللوجستيات، والصناعة التحويلية، ما يعزز الاستثمارات الأجنبية وإيجاد قيمة مضافة لهذه الاستثمارات وترابطها مع القطاعات الاقتصادية الأخرى والشركات العُمانية إذ بلغت الاستثمارات المخططة في قطاع الهيدروجين الأخضر قرابة 14.6 مليار ريال عُماني (38 مليار دولار أمريكي) التي إن رأت النور ستحقق قفزة نوعية وتنموية للاقتصاد العُماني من حيث تنوع هياكله وترابط وحداته المختلفة.
وأشار إلى أن العامل الرابع يتمثل في تفعيل سلطنة عُمان الدبلوماسية الاقتصادية من خلال الزيارات المتبادلة التي يقوم بها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- مع الدول الفاعلة، حيث تأتي الأجندة الاقتصادية على رأس تلك الزيارات، بالإضافة للجهود الملموسة التي يقوم بها جهاز الاستثمار العُماني ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وإيجاد الشراكات الاقتصادية مع شركات القطاع الخاص بسلطنة عُمان.
ووضح أنه بالرغم من الجهود والإنجازات الكبيرة التي تحققت لجذب الاستثمار الأجنبي يجب مواصلة العمل للتغلب على أي تحديات قائمة فما زالت أغلب الاستثمارات الأجنبية تتركز بنسبة 80 بالمائة في قطاعي استخراج النفط والغاز و9 بالمائة للصناعات التحويلية، كما أن نسبة 78 بالمائة من هذه الاستثمارات قادمة من دولتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، ما يحتم على سلطنة عُمان العمل على تنويع استثماراتها الأجنبية لتشمل قطاعات أوسع تدعم قطاعات التنويع الاقتصادي والعمل على جذب استثمارات من دول متعددة لتقليل المخاطر الاستراتيجية.
مسيرة التطور الاقتصادي
من جانبه قال عبد اللطيف محيي الدين خونجي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان ورئيس لجنة الاستثمار الأجنبي بالغرفة: إن سلطنة عُمان تواصل مسيرة التطور الاقتصادي بخطى واثقة، مدفوعة برؤية وطنية طموحة تهدف إلى جعلها مركزًا استثماريًّا وتجاريًّا مزدهرًا في المنطقة، وأصبحت البيئة الاستثمارية أكثر جاذبية بفضل الإصلاحات التشريعية والإجرائية التي أطلقتها الحكومة، والتي عززت ثقة المستثمرين المحليين والأجانب، ووفرت لهم مناخًا مستقرًّا وشفافًا؛ لتأسيس وتوسيع مشروعاتهم في مختلف القطاعات الواعدة.
وأكد على أن القطاع الخاص العُماني يأتي كشريك أساسي في التنمية من خلال دوره في جذب الاستثمارات وإقامة شراكات استراتيجية تسهم في توفير فرص عمل وتطوير الصناعات المحلية، بفضل الدعم الكبير من الحكومة في تمكين رواد الأعمال وتسهيل الإجراءات، بما ينسجم مع مُستهدفات «رؤية عُمان 2040»، مشيرًا إلى أن المناطق الحرة والاقتصادية أسهمت في فتح آفاق واسعة أمام المستثمرين، بفضل ما توفره من بنية أساسية حديثة وموقع استراتيجي يربط الشرق بالغرب.
وأضاف أن غرفة تجارة وصناعة عُمان تلتزم بدعم هذه الجهود الوطنية من خلال تعزيز التواصل مع المستثمرين، وتذليل التحديات التي قد تواجههم، وتوفير بيئة حاضنة للأعمال تواكب المتغيرات الاقتصادية العالمية، معربًا عن ثقته في أن تمضي سلطنة عُمان نحو مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي المستدام، تجعل منها محطة جاذبة لرؤوس الأموال وفرص الاستثمار الإقليمي والدولي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاستثمارات الأجنبیة الاستثمار الأجنبی جذب الاستثمارات المناطق الحرة القطاع الخاص الع مانیة الع مانی ة جاذبة من خلال ع مانی
إقرأ أيضاً:
المفوضة الأوروبية لشئون المتوسط: مصر شريك رئيسي للاتحاد الأوروبي.. ونعمل على تعزيز الاستثمارات
أكدت المفوضة الأوروبية لشئون المتوسط، دوبرافكا زويكا، أن مصر تُعد شريكًا رئيسيًا للاتحاد الأوروبي وأحد أهم الدول في الجوار الجنوبي، مشددة على أن العلاقات بين الجانبين تشهد مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي.
إطار شامل للتعاون الثنائيوأوضحت "دوبرافكا زويكا" خلال حوارها مع الإعلامي نشأت الديهي ببرنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TeN"، مساء الأربعاء، أن اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبي، التي تم توقيعها في وقت سابق، تمثل إطارًا شاملًا للتعاون الثنائي، مؤكدة أن المرحلة الحالية تركز على تنفيذ الاتفاقية وتحويلها إلى مشاريع واقعية ذات أثر اقتصادي وتنموي مباشر.
وأضافت المفوضة الأوروبية أن الاستثمار يمثل أحد المحاور الأساسية في التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي، موضحة أن الجهود الحالية تهدف إلى جذب مزيد من الشراكات الأوروبية للاستثمار في السوق المصرية، خاصة في القطاعات الإنتاجية والطاقة النظيفة والتكنولوجيا.
وقالت زويكا: "نتحدث اليوم عن الاستثمار وكيف يمكن للشركات الأوروبية أن تتوجه إلى مصر وتستثمر رؤوس أموالها بما يحقق المنفعة المتبادلة للطرفين." كما أعلنت أنه سيتم توقيع وثيقة جديدة تخص اتفاق "هورايزون الذي يُعنى بالبحث العلمي والابتكار.