تسمم الحمل.. حين يبدأ الخطر بصمت وينتهي بصرخة في غرفة الولادة
تاريخ النشر: 25th, October 2025 GMT
في بيت مصري بسيط، تستعد أم شابة لاستقبال مولودها الأول، لكنها لا تدري أن ارتفاع ضغط بسيط أو صداعًا متكررًا قد يكون أول إنذار لخطر يهدد حياتها وحياة طفلها.
وقال الدكتور عمرو حسن أستاذ أمراض النساء والتوليد – كلية طب جامعة القاهرة ، إن تسمم الحمل لا يبدأ بعنف، بل يتسلل في صمت، وفي كثير من الحالات لا يتم اكتشافه إلا بعد فوات الأوان.
وأوضح حسن ، إن تسمم الحمل ليس مجرد ارتفاع في الضغط أو تورم في القدمين، بل اضطراب عميق في المشيمة ، جسر الحياة بين الأم والجنين مشيرا الي أنه عندما تتكوّن المشيمة بطريقة غير طبيعية في الأسابيع الأولى من الحمل، تقل كمية الدم التي تصل إلى الجنين، فيبدأ الجسم سلسلة من التفاعلات تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم واضطراب وظائف الكلى والكبد والمخ ، ورغم أن الأعراض قد تبدو بسيطة، فإنها قد تتحول فجأة إلى كارثة، وقد تُفقد أم في لحظة ما كان يمكن إنقاذها بتحليل بسيط في الوقت المناسب.
وأوضح الدكتور عمرو حسن ، أن وراء كل حالة تسمم حمل حكاية إنسانية ، أم لم تجد الوقت لتتابع حملها، أو لم تتوافر لها الرعاية الكافية، أو لم تكن تعرف أن تحليل دم بسيط في الأسبوع الثاني عشر من الحمل يمكن أن ينقذ حياتها.
وقال ، في مجتمعنا، كثير من السيدات يبدأن المتابعة متأخرًا، أو بعد ظهور الأعراض ، البعض يعتبر التحاليل “رفاهية”، والبعض لا يدرك أن الوقاية في الطب الحديث تبدأ قبل المرض، لا بعده ، وهنا تأتي أهمية التوعية المجتمعية، لأن الوقاية لا تصنعها الأجهزة فقط، بل تصنعها المعرفة.
حين تدفع الأسرة الثمنوأشار أستاذ أمراض النساء والتوليد ، إلي أن تسمم الحمل لا يهدد الأم وحدها، بل الأسرة كلها ، فعندما تُصاب الأم، يتأثر الجنين بنقص الأوكسجين والغذاء، فيولد قبل موعده أو بوزن منخفض ويدخل الحضانة ، وتبدأ بعدها رحلة طويلة من القلق والتكاليف والمعاناة النفسية، بينما كانت الوقاية ممكنة.
“تحليل في الأسبوع 12 قد يُغني عن سرير في العناية المركزة في الأسبوع 32.”، عبارة تلخص الفارق بين حياة تُنقذ في لحظتها ومأساة تمتد لشهور.
التحليل الذي يمنح فرصة ثانية للحياة
واكد الدكتور عمرو حسن أن الطب الحديث أتاح لنا نافذة ذهبية بين الأسبوع 11 و13 من الحمل ، في هذه الفترة، يمكن لتحليلين بسيطين PAPP-A وPlGF أن يكشفا مبكرًا عن خطر تسمم الحمل وضعف المشيمة ، وإذا اكتُشف الخطر مبكرًا، يمكن للطبيب وصف علاج وقائي بسيط بالأسبرين منخفض الجرعة، يقلل المضاعفات بنسبة تصل إلى 70% ، هذا التحليل لا يحمي الأم فقط، بل يحافظ على بيئة صحية للجنين، فيولد أقوى ويعيش حياة أكثر صحة.
وقال حسن التوعية ليست مسؤولية الأطباء وحدهم، بل مسؤولية الأسرة والمجتمع أيضًا ، حين تعرف كل أم أن التحليل المبكر حق وليس رفاهية، وحين تشجعها أسرتها على الاستعداد للحمل والمتابعة من أول يوم، سنمنع عشرات القصص المؤلمة قبل أن تبدأ ، لافتا الي أن الوقاية من تسمم الحمل ليست فقط واجبًا طبيًا، بل سلوك حضاري يعكس وعي المجتمع بحق المرأة في حياة آمنة وكريمة.
وأكد أستاذ أمراض النساء والتوليد ، إن الأم التي تنجو لا تنقذ نفسها فقط، بل تحفظ أسرتها وتمنح وطنها جيلًا أقوى ، تسمم الحمل يمكن منعه، لكن بشرط واحد: أن نبدأ الوعي مبكرًا ، فالتحليل الذي يُجرى في الأسبوع الثاني عشر من الحمل ليس مجرد فحص دم، بل رسالة حب من الطب إلى الأم… ومن الأم إلى الحياة ، لأن كل أم تنجو، تعني أسرة تبقى ومجتمعًا ينهض بوعي ورعاية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تسمم الحمل الخطر الولادة الحمل الام الضغط تسمم الحمل فی الأسبوع من الحمل
إقرأ أيضاً:
جثامين مجهولي الهوية بغزة.. قصص معلقة بصمت المقابر وأحزان البيوت
في مقبرة جماعية صامتة بدير البلح في غزة وضعت 54 جثة فلسطينية مجهولة الهوية بلا أسماء وبلا وداع، كل جسد يحمل حكاية لم ترو بعد، من بين 195 جثمانا سلمتهم إسرائيل بعد تعذر التعرف على ذويهم، لتبقى قصصهم معلقة في صمت المقبرة وألم عائلاتهم مستمرا في كل بيت فلسطيني.
خلف كل جثمان، أم تبحث في كل وجه عن ملامح ابنها المفقود وبيت يملؤه الحزن بلا خبر قادم، والجثث التي وصلت إلى المقبرة أظهرت آثار تعذيب وإعدامات ميدانية، في حين ظل الآخرون يحملون آثار ضرب وتحطيم العظام، لتكشف المشاهد وحشية الاحتلال الذي لم يكتف بقتلهم، بل تعمد طمس هويتهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ما سر اشتباكات الأمن السوري مع "المهاجرين الفرنسيين" بإدلب؟list 2 of 2بالفيديو.. بن غفير يهدد بإعدام الأسرى الفلسطينيين داخل السجونend of listوبحسب الإعلام الحكومي في قطاع غزة، جاء دفن الجثامين بعد استيفاء المدة المحددة نحو 5 أيام، وتم توثيقها وتصويرها مع متعلقاتهم قبل وضعها في قبور مرقمة.
دُفن اليوم 54 جثمانًا مجهول الهوية من بين 195 جثمانًا سلّمتهم إسرائيل، بعد تعذّر العثور على ذويهم أو التعرف عليهم، مع الاحتفاظ بعينات لأغراض التعرف المستقبلية
بعض الجثامين التي سلّمتها إسرائيل في عملية التبادل سُرقت منها الأعضاء الداخلية، وحُشيت أكياس النايلون والقطن مكانها.… pic.twitter.com/fAFkdyjnt8
— Tamer | تامر (@tamerqdh) October 22, 2025
وقد أثارت صور الجثث غضبا واسعا على منصات التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر ناشطون أن الاحتلال رفض الإفصاح عن أسماء الشهداء وعرقل وصول أجهزة فحص "دي إن إيه" (DNA)، لتبقى مأساة الفلسطينيين بلا وداع حقيقي، وألم العائلات مستمرا في كل بيت.
وأشار ناشطون إلى أن دفن الشهداء في مقبرة جماعية جاء دون أن تعرف أسماؤهم، ودون وداع من أمهاتهم، ودون أن توضع على قبورهم لوحة صغيرة تحمل أسماءهم، ليبقى كل جسد رمزا لحكاية لم تكتمل ووجعا لعائلات تنتظر خبرا عن أحبائها المفقودين.
اليوم، يُدفن في قطاع غزة 54 جسدًا، رحلوا دون أن تُعرف أسماؤهم، دون وداعٍ من أمهاتهم، ودون أن تُوضع على قبورهم لوحة صغيرة تقول: هنا يرقد فلان ابن فلان.
كل جثمانٍ منهم حكاية لم تكتمل، ووجع لعائلة ما زالت تنتظر خبراً عن إبنها.
— محمود صابر بصل (@mahmoadbasal) October 22, 2025
إعلانوأكدوا أن هذه المشاهد تكشف حجم الألم الإنساني والمعاناة المستمرة، فكل جثمان يحمل آثار التعذيب والاعتداء، في حين تُترك عائلاتهم تواجه الصمت الرسمي والعجز عن التعرف الكامل على أحبائها، لتبقى قصصهم معلقة في صمت المقابر وأحزان البيوت الفلسطينية.
ووصف مغردون الشهداء أصحاب الجثامين بأنهم "عادوا بعد غياب بلا أسماء وبلا ملامح، كأن الحرب سرقت حتى حقهم في التعريف".
جثامين شهداء مجهولي الهوية، لا وداع لهم، ولا اسم يُكتب على شاهد قبورهم
يُوارَون الثرى في مقبرة جماعية، حيث يرقد 54 شهيدًا ممّن سلّمهم الاحتلال ضمن اتفاق وقف إطلاق النار.
وراء كل جسد منهم حكاية لم تُروَ، وبيت ينتظر خبرًا لن يأتي، وأم تنظر في كل وجه علّها تلمح ملامح ابنها المفقود. pic.twitter.com/U8WUM0SytM
— Salah Safi ???????? صلاح صافي (@iSalahSafi) October 22, 2025
وأضاف آخر "لكل جسد حكاية لم تُكمل، ولكل كفن أم لم تعرف أن ابنها قد عاد أخيرا، لكنه عاد إلى التراب".
ونقل ناشطون شهادات من أهالي تعرفوا على جثث ذويهم، حيث روت إحدى النساء الفلسطينيات أنها تعرفت على جثمان زوجها عبر أظافره والشق الأيمن من وجهه، مشيرة إلى إصابة سابقة في ظهره خلال مسيرات العودة وآثار الضرب على جسده بعد الوفاة، كما كان الجثمان بدون إصبع الإبهام.
إحدى الفلسطينيات التي تعرفت إلى جثمان زوجها بعد تسلمه من الاحتلال في غرْة السيدة أفنان القرناوي تقول :
-نعتقد أن الاحتلال لديه قائمة بأسماء وهويات أصحاب الجثامين التي أرجعها إلى غرْة ، ولكن يخفيها لكي يلوع قلب ذوي الضحايا.
-الاحتلال أخذ من كل جثمان قطعة من جسده مثل إصبع أو… pic.twitter.com/Uf4UjaCiss
— الحـكـيم (@Hakeam_ps) October 22, 2025
وأكد ناشطون أن الاحتلال أخذ من كل جثمان قطعا صغيرة لإجراء فحص DNA، لكنه استمر في إخفاء الأسماء والمعلومات الأساسية عن الشهداء، في جريمة مضاعفة ضد الإنسانية، في حين أظهرت بعض الجثث آثار تعذيب شديد من الرأس حتى القدم، وتعرضت عظامهم للتحطيم، وبعضهم صعدت فوقه الدبابات الإسرائيلية، وأيديهم مكبلة وعيونهم معصوبة.
تعذر التعرف عليهم بسبب تشوّه الجثامين من التعـ..ـذيب.. دفن جثامين 54 شهيدًا مجهولي الهوية في مقبرة جماعية جنوب دير البلح، بعد تسليمها للصليب الأحمر من قبل جيش الاحتلال. pic.twitter.com/zXPYfhis5D
— ق.ض ???? (@qadeyah_) October 22, 2025
واختتم ناشطون بالقول إن إسرائيل أعدمت الشهداء بوحشية بالغة دون أن تكلف نفسها إزالة آثار الجريمة، لأنها تعلم أن أحدا لن يحاسبها، في وقت يستمر فيه العالم بالصمت، والفلسطينيون يدفنون أحباءهم في صمت، وتبقى ذكراهم حاضرة وألم فقدانهم في كل بيت.
في دير البلح وُسدت الأرض بأجساد 54 شهيداً مجهولي الهوية. عادوا بعد غياب بلا أسماء بلا ملامح، كأن الحرب سرقت حتى حقهم في التعريف. جُمعوا في مقبرة واحدة، صفوفاً من الصمت، تحرسهم الدموع وتغطيهم السماء. لكل جسدٍ حكاية لم تُروَ ولكل كفن أم لم تعرف أن ابنها عاد أخيراً لكن إلى التراب. pic.twitter.com/1zxBJJwvWl
— ????????جَ (@za3tarpalestine) October 22, 2025
إعلانوتصل الجثامين الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي مجهولة الهوية، وتبذل السلطات في غزة جهودا مضنية للتعرف إليها بوسائل محدودة وإمكانيات بدائية.
وتشمل الإجراءات استدعاء عائلات المفقودين لمحاولة التعرف على الجثامين من علامات ظاهرية مثل الملابس أو ملامح الجسد كالطول والبنية والإصابات.
كما أطلقت وزارة الصحة رابطا إلكترونيا يضم صورا منتقاة للجثامين "تراعي كرامة المتوفى ولا تمس خصوصيته"، بهدف إتاحة الفرصة لذوي المفقودين للتعرف عليهم من بُعد.