سلطنة عُمان تتصدر دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مواجهة الجرائم المالية المعقدة والعابرة للحدود
تاريخ النشر: 9th, November 2025 GMT
شهدت سلطنة عُمان خلال السنوات الأخيرة قفزة نوعية في منظومتها التشريعية والرقابية لمكافحة غسل الأموال، جعلتها تحصد أعلى تقييم على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وفق تقرير مجموعة العمل المالي لعام 2024 نتيجة تحديثات مستمرة للقوانين واللوائح، وتعاون مؤسسي متكامل يقوده الادعاء العام، الذي تعامل خلال العام الماضي مع 154 قضية غسل أموال، مؤكدا جاهزيته لمواجهة هذه الجرائم المعقدة باستخدام أساليب تحليل مالي متطورة وتقنيات رقمية حديثة.
وللاطلاع على تفاصيل الجهود المبذولة، التقت "عُمان" بخلفان بن سعيد بن علي المعولي مساعد المدعي العام، الذي كشف عن الإجراءات القانونية والتقنية والرقابية المتبعة، وأبرز التحديات التي تواجه الجهات المختصة، والخطط المستقبلية لتعزيز الكفاءة وبناء القدرات.
وقال خلفان بن سعيد المعولي مساعد المدعي العام: إن الإطار التشريعي لمكافحة غسل الأموال في سلطنة عُمان يقوم على قانون أساسي، وهو قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 30 /2016 ، ويجرّم القانون أفعال غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ويلزم المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية باتباع إجراءات العناية الواجبة، والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، مع تنظيم صلاحيات اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والمركز الوطني للمعلومات المالية، بالإضافة إلى آلية التعاون الدولي.
وأوضح المعولي أن اللوائح التنفيذية القطاعية، قد صدرت من عدة جهات رقابية لضمان تطبيق القانون بفعالية، منها هيئة الخدمات المالية ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني ووزارة العدل والشؤون القانونية ووزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، وشملت هذه اللوائح مجالات التأمين وأسواق المال والعقار والمحاسبة والمعادن الثمينة، إضافة إلى تنظيم إجراءات معرفة المستفيد الحقيقي للشركات .
وأضاف: بحسب تقرير مجموعة العمل المالي" الفاتف" لعام 2024، سجلت سلطنة عُمان تحسنا ملحوظا في الإطار القانوني والرقابي، وحصلت على أعلى درجات التقييم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث إن التحديثات خلال السنوات الخمس الماضية، شملت أكثر من نصف المنظومة التنظيمية القطاعية الرئيسة بين 2021 و2024.
مسارات الأموال
ولفت المعولي إلى أن الادعاء العام يتبنى نهجا مؤسسيا متكاملا يجمع بين التحليل المالي والتحقيق الجزائي، استنادا إلى نصوص القانون رقم 30 /2016 ، ويقوم الادعاء العام بالتنسيق مع المركز الوطني للمعلومات المالية لتلقي وتحليل التقارير المالية حول العمليات المشبوهة، بالتعاون مع المحققين الماليين والجهات الرقابية لتحديد أنماط غسل الأموال ومصادرها.
وأفاد مساعد المدعي العام أنه تم إنشاء دائرة قضايا الأموال العامة وقضايا غسل الأموال، والتي تضم محققين ماليين وتقنيين يقومون بتحقيقات مالية موازية للتحقيقات الجزائية التقليدية، تشمل تتبع حركة الأموال وحصر الحسابات المصرفية ورصد الممتلكات، إضافة إلى إنشاء إدارة متخصصة للأموال المجمدة والمحجوزة والمصادرة لضمان إدارة الأصول وفق أفضل الممارسات العالمية.
وأضاف: يستخدم الادعاء العام أنظمة تحليل بيانات مصرفية متقدمة، وبرامج تحليل شبكات العلاقات المالية لتحديد المستفيد الحقيقي ومسارات الأموال عبر الحدود، بالتعاون مع شرطة عمان السلطانية والبنك المركزي والجهات الرقابية، مع تفعيل التعاون الدولي عند الضرورة، ووفق آخر إحصائية لعام 2024، تعامل الادعاء العام مع 154 قضية غسل أموال.
وأشار المعولي إلى أن عملية الرصد تبدأ داخل المؤسسات المالية، حيث تُلزم جميع البنوك وشركات الصرافة وشركات التأمين باتباع إجراءات العناية الواجبة ومعرفة هُوية المستفيد الحقيقي، وتعتمد هذه المؤسسات على أنظمة إلكترونية متقدمة لمراقبة المعاملات اليومية والكشف عن الأنشطة غير المعتادة.
وأوضح المعولي أنه عند ظهور مؤشرات مشبوهة، يتم إعداد تقرير عن معاملة مشبوهة STR وتحويله فورا إلى المركز الوطني للمعلومات المالية للتحليل، وبعد التحقق يُحال التحليل إلى الادعاء العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ونتيجة تكامل هذا النظام، تبلغ دقة تحديد المعاملات المشبوهة مستوى عاليا يوازي أفضل الممارسات الدولية.
وبين المعولي أن جمع الأدلة في قضايا غسل الأموال من أكثر مراحل التحقيق دقة وتعقيدا، إذ يتم تتبع مسار الأموال من مصدرها إلى المستفيد النهائي، واستخراج البيانات من السجلات المصرفية والتحويلات الإلكترونية، مع استخدام برامج تحليل متقدمة لكشف الأنماط المشبوهة.
وأكد المعولي أن الادعاء العام يستعين بخبراء التحليل المالي والمحاسبي والتقني لتفسير الوثائق، والاستماع للشهود والمبلغين لتوضيح العلاقات بين الأطراف، وفي القضايا العابرة للحدود، يتم تبادل المعلومات عبر طلبات المساعدة القانونية المتبادلة، وتحتوي معظم القضايا على نحو 150 إلى 300 مستند، بينما قد تتجاوز ألف مستند في القضايا الكبرى الدولية.
ولفت المعولي إلى أن الادعاء العام يبدأ التحقيق المبدئي فور رصد المعاملة المشبوهة، مع حجز أو تجميد الأصول والحسابات، واستجواب المتهمين وفق قانون الإجراءات الجزائية، مع ضمان حضور محامٍ لهم وإبلاغهم بحقوقهم، مشيرا إلى أنه خلال 2024 أحال الادعاء العام 99 قضية إلى المحكمة المختصة، وتم الحكم بالإدانة في 20 قضية، والبراءة في 14 قضية، بينما بقيت بقية القضايا قيد النظر والتداول في المحاكم .
العقوبات
وحول العقوبات المفروضة على مرتكبي غسل الأموال، أفاد المعولي أن القانون ينص على عقوبات تشمل السجن من 5 إلى 10 سنوات وغرامة مالية تصل إلى قيمة الأموال محل الجريمة، إذا كان المتهم يعلم أو يشتبه بأنها عائدات جريمة، كما تشمل عقوبات مخففة تتراوح بين 6 أشهر و3 سنوات وغرامات مالية أقل حسب ظروف الجريمة.
وأضاف أن المؤسسات الاعتبارية يمكن أن تتعرض لغرامات مالية كبيرة، أو الحظر عن ممارسة النشاط التجاري، أو إغلاق المقر، أو تصفية الأعمال، مع تعيين حارس قضائي للأموال. وتشمل المصادرة الأموال محل الجريمة وعائداتها والإيرادات والفوائد المتأتية منها، مع مراعاة حقوق الغير حسن النية.
التدريب وبناء القدرات
وبين المعولي أن الادعاء العام يعمل على تطوير برامج تدريبية متخصصة مع المؤسسات التعليمية والبحثية لإعداد كفاءات قانونية ومالية قادرة على مواجهة جرائم غسل الأموال بالأساليب العلمية والتقنية الحديثة، وهناك جهود مستمرة لتحديد أفضل البرامج والآليات في هذا المجال، مشيرا إلى أن البرامج التدريبية تشمل التعرف على مؤشرات غسل الأموال، ومنهجية العناية الواجبة بالعملاء، وتحليل التدفقات المالية، وورش عمل عملية للمحققين الماليين وموظفي الامتثال، إلى جانب التوعية القانونية للإجراءات المتبعة عند رصد المعاملات المشبوهة.
جرائم متطورة وأدوات جديدة
وأوضح مساعد المدعي العام أنه رغم التطور الكبير، تظل جرائم غسل الأموال معقدة وعابرة للحدود، حيث إن من أهم التحديات المتجددة أمام الادعاء العام هي : تعقيد الأساليب المالية والتقنية، وصعوبة تتبع الأموال عبر الحدود، ومحدودية الخبرات المتخصصة، وضخامة حجم البيانات والأدلة، والحاجة لتحديث النصوص القانونية لمواكبة الابتكارات المالية، وضعف ثقافة الإبلاغ عن المعاملات المشبوهة، وصعوبات التعاون الدولي أحيانا.
وأكد المعولي أن الادعاء العام يعمل على مواجهة هذه التحديات من خلال تعزيز التعاون الدولي، وتطوير أنظمة التحليل المالي والرقمي، وتكثيف برامج التدريب وبناء القدرات.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المعاملات المشبوهة التعاون الدولی غسل الأموال إلى أن
إقرأ أيضاً:
منصور بن محمد يزور معرض الشرق الأوسط للصيد 2025
دبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةزار سموّ الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، أمس، فعاليات معرض الشرق الأوسط للصيد 2025 المقام في مركز دبي للمعارض في مدينة إكسبو، والذي يستمر حتى 10 نوفمبر الجاري، بمشاركة واسعة من الشركات العالمية المتخصصة وهواة ومحترفي الصيد من داخل الدولة وخارجها، وبحضور نخبة من أبرز العلامات التجارية في مجال الصيد والرماية والأنشطة الخارجية.
وأكد سموّه، أن تنظيم هذا الحدث في دبي يجسد مكانة الإمارة كمركز دولي للفعاليات والمعارض المتخصصة، بما تمتلكه من بنية تحتية متقدمة وبيئة داعمة للابتكار وصون التراث في آنٍ واحد.
وقال سموّه: «يعكس معرض الشرق الأوسط للصيد عمق الشغف العربي برياضة الصيد والرماية، ويؤكد أهمية الحفاظ على هذا الموروث الأصيل بأساليب حديثة ومسؤولة».
وأضاف سموّه: «يعزز المعرض حضور دبي كوجهة تجمع بين الابتكار في تنظيم الفعاليات الدولية، والاهتمام بالإرث الثقافي الذي يشكل جزءاً من الهوية الوطنية. ونحن نعتز بأن تكون دبي المنصة التي تحتضن هذا التلاقي بين الأصالة والتجديد». وتفقّد سموّه خلال الزيارة، عدداً من أجنحة الشركات الوطنية وأبرز المشاركات العالمية، وتوقف سموّ الشيخ منصور بن محمد بن راشد آل مكتوم، عند عدد من الأجنحة الوطنية التي تعرض منتجات إماراتية.
كما زار سموّه منصة «مؤسسة تنظيم الصناعات الأمنية»، ومنصات مجموعة من الشركات العالمية المعروفة في مجال منتجات وتجهيزات الصيد.