عندما نسمع عن «ضحايا العنف الأسري» يتبادر إلى الذهن تلقائيًا صورة المرأة الضحية، لكن هناك كادر آخر من تلك الصورة النمطية وهو الرجل كضحية، تظهر تلك الصورة دون خجل فى بلاد الخواجات، فتشير أرقام الإحصاء الوطنى بالمملكة المتحدة، نشرتها منظمة «مان كايند–Mankind Initiative»، وهى منظمة متخصصة فى دعم الرجال ضحايا العنف الأسرى، أن رجل من كل خمسة رجال تعرض للعنف الأسرى فى حياته، وأن 27% من إجمالى تلك الجرائم التى سجلتها الشرطة كانت من نصيب الرجال، الطريف حسب ماذكرته المنظمة أنه يوجد فى المملكة المتحدة حوالى 60 منظمة توفر 436 مكانًا للإقامة الآمنة للرجال.
مجتمعاتنا العربية أشد خصوصية فى التعبير عن تلك الجريمة التى تُمارس ضد الرجال بصمت، خوفًا من السخرية والتنمر أو جرح كرامة الرجل وكسر هيبته، فى تقرير لموقع «بى بى سي» تحت عنوان «الرجال أيضًا ضحايا العنف الأسرى.. لماذا يصمتون؟»، نقلت الجمعية التونسية للنهوض بالأسرة رواية رجل تحدث عن الاعتداءات التى تعرض لها من زوجته السابقة، وقال أنها كانت تتعمد ضربه فى وجهه لترك آثار واضحة، مشيرًا أنه كان يفضل النوم خارج المنزل هربًا من المواجهات اليومية، وأشارت الدراسات حسب ما ذكره التقرير إلى تعرض حوالى 40 % من الرجال فى الدول العربية للتعنيف من زوجاتهم فى الأعوام الأخيرة.
فى 2017 توصلت دراسة «العنف ضد الأزواج» للدكتور فدى فؤاد عبد الفتاح جامعة المنصورة، إلى أن تلك الظاهرة أمست واقع ملموس لا يمكن تجاهله، وأخذت طابع العنف المعنوى أو اللفظى أكثر من الجسدى، وقد تبين من خلال المقابلات التى أجريت، أن العنف الذى تمارسه حالات الدراسة على أزواجهن اتخذ عدة أشكال منها: الإهمال والتجاهل والمماطلة فى تلبية طلبات الزوج، وتشويه سمعته وإنقاص مكانته والحط من قدره والتفنن فى ذكر عيوبه، كما تلجأ بعض السيدات إلى الهجر والخصام وحرمان الزوج من حقوقه الشرعية كوسيلة للعقاب، وذكرت إحدى الحالات أنها تستخدم ذكاءها فى تعنيف الزوج وترد له الصاع صاعين، فتعمل الأكل الذى يكرهه، وتقوم بتنظيف البيت يوم أجازته الأسبوعية.
لم تغب صورة العنف ضد الأزواج عن الشاشة فقد عرضت القناة الخامسة البريطانية الفيلم الوثائقى «زوجتى المعتدية عليّ: اللقطات السرية» العام الماضى، يروى الفيلم الإساءة المروعة التى تعرض لها ريتشارد سبنسر من زوجته على مدار عشرين عامًا، مُثبتًا ماحدث من خلال تسجيلاتٍ صوتية، ولقطاتٍ سُجلت سرًّا عبر الكاميرا، تلك المعاناة أبكت المشاهدين أمام تلك اللقطات المأساوية الصادمة، كما ذكرت «الديلى ميل–Daily Mail Online».
كما رصدت السينما فى مصر تلك الظاهرة على استحياء فى إطار كوميدى مثل فيلم «ابن حميدو»، التى جسدت فيه الفنانة سعاد أحمد دور الزوجة المتسلطة، وكانت كلمات الفنان عبد الفتاح القصرى«حنفي» مسارًا للتندر إلى الآن وهو يقول بكل قوة واقتناع وقلة حيلة «خلاص تنزل المرادى..»، وغيرها من الأعمال الدرامية التى رصدت تلك الظاهرة بشكل ثانوى، وليس فى إطارها المأساوى.
الخلاصة: نحن أمام واقع موجود، وإن كان خلف جدران من الصمت وسراديب التخفى، بسبب نظرة المجتمع الشرقى لتلك الحالات بالسلب والتندر والسخرية.
فى النهاية: المودة والرحمة التى جعلها الله بيننا كفيلة بحماية الأسرة من التفكك والضياع والانزلاق إلى مستنقع تلك الظاهرة وما يتبعها.. نحن فى حاجة إلى التخلص من ظاهرة العنف الأسرى المتبادل.. نحن فى حاجة إلى تماسك البيت المصرى فى ظل ظروف باتت صعبة.
حفظ الله مصر وأهلها من كل سوء.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تلک الظاهرة
إقرأ أيضاً:
لماذا تختلف أدمغة الرجال عن النساء؟ بحث علمي يكشف السبب
تكشف الأبحاث العلمية أن مئات الجينات في الدماغ تعمل بشكل مختلف بين الذكور والإناث بيولوجيًا، ما قد يفسّر بعض التباينات العصبية بين الجنسين.
على مدى عقود، أكدت الأبحاث وجود تباينات بين الجنسين في بنية الدماغ ووظائفه، إضافة إلى تفاوت الاستعداد للإصابة باضطرابات نفسية، لكنّ السؤال ظلّ مطروحًا حول مدى ارتباط هذه الفوارق بالعوامل الوراثية مقابل البيئية.
في عام 2017، أظهرت مقارنة بين عينات دماغية لمئات الرجال والنساء بعد الوفاة أن نحو ثلث الجينات البشرية يُعبّر عنها بدرجات مختلفة بين الجنسين في أنسجة متعددة. برزت الاختلافات بشكل أكبر في الأعضاء التناسلية، لكنها وُجدت أيضًا في العضلات والدماغ.
وفي دراسة جديدة، تبيّن وجود 610 جينات أكثر نشاطًا في أدمغة الذكور، مقابل 316 لدى الإناث.
دور الكروموسومات والهرموناترغم أن بعض الاختلافات تُعزى إلى الكروموسومات الجنسية (XY لدى الذكور وXX لدى الإناث)، فإن المفاجئ أن 90% من الجينات تقع على الكروموسومات المشتركة بين الجنسين. ويُعتقد أن الهرمونات الجنسية مثل التستوستيرون والإستروجين تتحكم في نشاط هذه الجينات.
وتتكوّن هذه الفوارق في مراحل مبكرة من النمو الجنيني، قبل تكوّن الخصيتين أو المبيضين. ففي دراسة نُشرت عام 2025 على 266 جنينًا، وُجد أن أكثر من 1800 جين كان أكثر نشاطًا لدى الذكور، مقابل 1300 لدى الإناث، وهي أنماط تتقاطع مع ما يُرصد في أدمغة البالغين، ما يرجّح أن الكروموسومات نفسها تلعب دورًا مباشرًا، إلى جانب تأثير الهرمونات.
Related المفرطون في شرب الكحول أكثر عرضة لنزيف دماغي في الشيخوخة وفق دراسةلماذا نصدق الأكاذيب؟ دراسة تكشف أسرار الخداع في الدماغ البشريكيف تزيد الإنفلونزا وكوفيد-19 وفيروسات أخرى من خطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية؟ تأثير الجينات على وظائف الدماغرغم أن اختلاف نشاط الجينات لا يعني بالضرورة اختلافًا وظيفيًا في الدماغ، فإن العلماء يرجّحون أن لهذا التنوع انعكاسات على الأداء العصبي.
تميل الجينات الأكثر نشاطًا لدى الإناث إلى الارتباط بالعمليات العصبية، بينما ترتبط الجينات الأكثر نشاطًا لدى الذكور بخصائص تركيبية في الخلايا العصبية، لكنّ هذا لا يعني بالضرورة إنتاج بروتينات مختلفة، إذ تمتلك الخلايا آليات للتعويض والحفاظ على التوازن.
ويتركز الاهتمام الأكبر حاليًا على العلاقة بين هذه الاختلافات والقابلية للإصابة بالأمراض العصبية، فالكثير من الجينات المرتبطة بمرض ألزهايمر أكثر نشاطًا لدى الإناث، ما قد يفسر ارتفاع معدلات الإصابة بين النساء، في حين تُظهر دراسات على القوارض أن الجين SRY الموجود فقط لدى الذكور قد يضاعف شدة مرض باركنسون.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة بحث علمي دماغ الصحة دراسة جندر - جنس نساء
Loader Search
ابحث مفاتيح اليوم