ما تأثير قرار محكمة العدل الدولية بشأن المناخ على كوب 30″؟
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
في يوليو/تموز 2025، أصدرت محكمة العدل الدولية قرارا تاريخيا أوضح أن جميع الدول ملزمة بموجب القانون الدولي بمعالجة أزمة المناخ التي تسبب فيها الإنسان، والتي خلص القضاة بالإجماع إلى أنها تشكل "تهديدا عاجلا ووجوديا" لأنظمة دعم الحياة على الكوكب وبالتالي للإنسانية نفسها.
وقد استند الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية إلى أحكام مئات الدعاوى القضائية المتعلقة بالمناخ في مختلف أنحاء العالم على مدى العقد الماضي أو أكثر، وأضاف المزيد من الثقل القانوني إلى القرارات القوية الصادرة عن المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان في يوليو/تموز 2025 والمحكمة الدولية لقانون البحار في مايو/أيار 2024.
ومن خلال القضية التي رفعها طلبة من دولة فانواتو الصغيرة في المحيط الهادي، نقلت محكمة العدل الدولية تحديدا، أكبر مشكلة في العالم إلى أعلى محكمة في العالم، ولاقت ترحيبا واسعا باعتبارها نقطة تحول في مجال العدالة المناخية والمساءلة، كما تقول الكاتبة نينا لاكاني في مقال بصحيفة الغارديان البريطانية.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة قد عقب على القرار في بيان بالقول "إنه انتصار لكوكبنا وللعدالة المناخية ولقدرة الشباب على تحريك الأمور".
وتضيف نينا أن المحكمة أوضحت أن الواجب القانوني الراسخ بعدم الإضرار، وخاصة الضرر البيئي العابر للحدود، واجب عالمي، ولا يتوقف على تصديق الدولة أو عضويتها في معاهدات رسمية مثل اتفاق باريس للمناخ، الذي انسحب منه دونالد ترامب في أول يوم له في البيت الأبيض.
وفي اليوم الأول من مؤتمر الأطراف الثلاثين، أصدر 25 خبيرا من الأمم المتحدة، بمن فيهم المقررون الخاصون المعنيون بتغير المناخ، والشعوب الأصلية والتعليم، ومجموعات متنوعة حقوقية، بيانا مشتركا يدعو إلى "الامتثال الكامل" لحكم محكمة العدل الدولية، إلى جانب حظر جماعات الضغط على الوقود الأحفوري، والمزيد من الشفافية كخطوات حاسمة في تحقيق عمل مناخي عادل.
إعلانوحسب الكاتبة، تعتمد مصداقية مؤتمر الأطراف الثلاثين للمناخ ككل على تحقيق نتيجة ذات معنى بشأن التخفيف والتعاون المالي والتكنولوجي الدولي، مع الإشارة بشكل خاص إلى الوقود الأحفوري والدعم ذي الصلة باعتبارهما المحركين الرئيسيين لتغير المناخ وتأثيراته على حقوق الإنسان، بما في ذلك الصحة والمساواة الاقتصادية ومستوى المعيشة اللائق والتعليم والحقوق الثقافية.
وقد أكد الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية أن على جميع الدول واجبات قانونية تُلزمها ببذل العناية الواجبة لمنع أضرار النظام المناخي وتخفيفها ومعالجتها. ويقع على عاتق الدول الصناعية الغنية، التي ساهمت بشكل كبير في الأزمة، أن تبادر بالتحرك.
كما رفض قضاة محكمة العدل الحجج المقدمة من الدول المسببة للتلوث والتي عارضت قضية محكمة العدل الدولية، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي وروسيا والمملكة العربية السعودية، بأن التزاماتها تقتصر على نظام المناخ القائم على الإجماع، أي اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وبروتوكول كيوتو، واتفاق باريس.
وأكدت محكمة العدل الدولية أن "لكل إنسان الحق في بيئة نظيفة وصحية ومستدامة"، وهو مبدأ وشرط أساسي للتمتع بالحقوق الأساسية العالمية مثل الحياة والصحة والغذاء والمياه والسكن.
كما قالت المحكمة "إن العواقب القانونية المترتبة على ارتكاب فعل غير مشروع دوليا (…) قد تشمل جبرا كاملا للضرر الذي لحق بالدول المتضررة في شكل رد الحقوق والتعويض والترضية"، في إشارة إلى تعويضات الأضرار المناخية.
لكن المحكمة لفتت إلى وجوب إثبات وجود علاقة سببية مباشرة ومؤكدة "بين الفعل غير المشروع والضرر"، وهو أمر يصعب إثباته أمام المحكمة، ولكنه "ليس مستحيلا"، كما خلص إليه قضاة محكمة العدل الدولية الـ 15، الذين اتخذوا القرار بالإجماع.
وبذلك ينبع واجب منع الكارثة المناخية من القانون الدولي بأكمله، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة والالتزامات العالمية بموجب القانون العرفي، الذي يلزم جميع الدول بمنع الضرر الجسيم العابر للحدود الذي يلحق بالبيئة وحقوق الإنسان من الأنشطة داخل حدودها.
تجنب القرار المساءلة وتمويل المناخ، تاركا للمجتمعات والدول فرادى إثبات انتهاك الدولة لالتزاماتها الدولية في المحكمة. ولم يضع إطارا أكثر صرامة للتنفيذ، أو يعالج التحدي الذي يشكله الاحتباس الحراري على التنمية في دول الجنوب العالمي.
ومع ذلك فإن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بدأ بالفعل في إعادة تشكيل التقاضي المحلي والعابر للحدود الوطنية في مجال المناخ، حيث يعتمد المدعون والمحاكم من كندا إلى البرازيل، ومن سويسرا إلى كوريا الجنوبية، على منطقها، مما يشير إلى التحول من النظرية القانونية إلى العمل.
ويقول آدم وايس، رئيس البرامج والمسؤول عن التأثير في شركة كلينت إيرث "نعيش حاليا في عالم يمكن فيه تحقيق الربح من استخراج الوقود الأحفوري وحرقه. هذا أمر مستهجن، وقد أخبرتنا محكمة العدل الدولية أن النظام القانوني الدولي لا يمكنه الاستمرار في تمكين ذلك".
إعلانوتضاف الآراء الاستشارية الثلاثة -بما فيها محكمة العدل الدولية- إلى مجموعة متنامية من الاجتهادات القضائية التي تُرسي اتجاها جديدا للقانون حول العالم. نحن في نقطة تحول قانونية.. سيكون القانون القوة التي تدفعنا نحو الاتجاه الذي نحتاج إليه.
يُوضح حكم محكمة العدل الدولية التزام دول الشمال الغنية بالتخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري لتجنب المزيد من الخسائر والأضرار، وتقديم الدعم المالي والفني لدول الجنوب للتكيف وتقليل الضرر والاستجابة للخسائر والأضرار التي لا رجعة فيها. ولكن في حين أصدرت المحكمة الأميركية لحقوق الإنسان حكما قويا بشأن التعويضات، لم تفعل محكمة العدل الدولية ذلك.
إن هذا القانون يثبت ويدعم المطالبات بالتعويضات عن الأضرار التي لحقت بأنظمة المناخ الداعمة للحياة من قبل الدول والشركات التي تلتزم قانونا بتنظيمها، ولكنه يترك الأمر للمجتمعات أو الدول الفردية للبحث عن العلاج القانوني من خلال التقاضي.
سيكون تسخير قرار محكمة العدل الدولية للمطالبة بالعدالة المناخية دورا محوريا للناشطين في بيليم، وفقا لهارجيت سينغ، الناشط الهندي في مجال المناخ، والمخضرم في مؤتمر الأطراف، والمستشار الإستراتيجي لمعاهدة حظر انتشار الوقود الأحفوري.
وأضاف "يعدّ الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية أداة للمطالبة بالتعويضات والعدالة بطريقة مختلفة تماما عما فعلناه في الماضي، ولكن لتحقيق ذلك، علينا أن نجعله رأيا عاما".
وقالت إليسا مورغيرا، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ "بعد وضوح الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية، إذا لم نتوصل إلى قرار ذي معنى بشأن الوقود الأحفوري، فلن نتمكن من اعتبار عملية مؤتمر الأطراف شرعية بعد الآن".
قال رالف ريجينفانو، وزير المناخ في دولة فانواتو، التي قادت القضية أمام محكمة العدل الدولية "على الدول المعرّضة لتغير المناخ أن تكون مستعدة، فرديا وجماعيا، لدحض مساعي الدول الملوِّثة لتشويه رأي محكمة العدل الدولية الاستشاري في الخطاب العام".
واضاف أن التعاون التزام قانوني، وليس صدقة أو معونة، وأن عدم الوفاء بما تم الاتفاق عليه في باريس -وفي كل مؤتمر للأطراف- يُعد فعلا غير مشروع دوليا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات مبادرات بيئية الرأی الاستشاری لمحکمة العدل الدولیة محکمة العدل الدولیة الوقود الأحفوری مؤتمر الأطراف بما فی
إقرأ أيضاً:
مؤتمر المناخ كوب 30 يُفتتح بقضايا شائكة وأهداف غير واضحة
مع افتتاح مؤتمر المناخ "كوب 30" اليوم الاثنين بحضور أكثر من 190 دولة ونحو 50 ألف مشارك، لم يتضح على وجه التحديد ما الذي سيناقش خلال الفعاليات التي تستمر أسبوعين في مدينة بيليم البرازيلية بمنطقة الأمازون، والنتائج التي قد تسفر عنها.
كذلك فإن كيفية تعاملهم مع القضايا الشائكة، مثل تعهد عام 2023 بالتخلي عن مصادر الطاقة الملوثة، والطلب على التمويل اللازم لتحقيق ذلك، تبدو غير واضحة حتى الآن وفقا للمتابعين والخبراء.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4الاتحاد الأوروبي يقر هدفا مناخيا مخففا قبيل "كوب 30"list 2 of 4ما الذي يمكن معرفته عن مؤتمر المناخ "كوب 30″؟list 3 of 4ناشطون ومنظمات يدعون "كوب 30" إلى التزامات مناخية أقوىlist 4 of 4"كوب 30" وسط تحديات المناخ والسياسة والمصالح والتمويلend of listلكن السؤال الأكبر، حسب المتابعين، يتمحور حول ما إذا كانت الدول ستسعى للتفاوض على اتفاق نهائي، وهو أمر صعب في عام شهد صراعا سياسيا عالميا وجهودا أميركية لعرقلة التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري.
وقد اقترح البعض، بما في ذلك البرازيل، أن تركز البلدان على جهود أصغر حجما لا تحتاج إلى إجماع، بعد سنوات من قمم مؤتمر الأطراف التي احتفلت بالوعود النبيلة فقط لترك العديد منها دون تحقيق.
وقال أندريه كوريا دو لاغو، رئيس مؤتمر الأطراف الثلاثين، في مقابلة صحفية: "أفضّل عدم الحاجة إلى قرار من مؤتمر الأطراف. إذا كانت لدى الدول رغبة عارمة في قرار من مؤتمر الأطراف، فسنفكر في الأمر بالتأكيد ونتعامل معه".
وأشار دو لاغو إلى تزايد أهمية الصين في المحادثات، في الوقت الذي تتعهد فيه الولايات المتحدة بالخروج من اتفاق باريس للمناخ في يناير/كانون الثاني، ويكافح الاتحاد الأوروبي للحفاظ على طموحاته وسط مخاوف بشأن أمن الطاقة.
وقال دو لاغو "إن الدول الناشئة في مؤتمر الأطراف تظهر هذا بدور مختلف. وتأتي الصين بحلول تناسب الجميع"، مشيرا إلى أن التقنيات الخضراء الرخيصة من الصين تقود الآن عملية التحول في مجال الطاقة في جميع أنحاء العالم.
إعلانوسينضم إلى الدول زعماء السكان الأصليين، الذين وصلوا مساء الأحد بالقارب بعد أن قطعوا حوالي 3 آلاف كيلومتر من جبال الأنديز إلى الساحل البرازيلي.
ويطالب هؤلاء الزعماء والجماعات البيئية بالمزيد من المشاركة في كيفية إدارة أراضيهم في ظل تفاقم تغير المناخ، وتوسّع صناعات مثل التعدين وقطع الغابات، وحفر النفط في أعماق الغابات.
وقال بابلو إينوما فلوريس، أحد زعماء السكان الأصليين من بيرو: "نريد أن نتأكد من أنهم لن يستمروا في إطلاق الوعود، وأنهم سيبدؤون في الحماية، لأننا كشعوب أصلية نحن الذين نعاني من آثار تغير المناخ".
وقبل ساعات من بدء القمة، دق العلماء في عشرات الجامعات والمؤسسات العلمية من اليابان إلى جنوب أفريقيا وبريطانيا ناقوس الخطر بشأن ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية وغيرها من المساحات المتجمدة في العالم.
وقال العلماء في رسالة إلى مؤتمر الأطراف الثلاثين (COP30) نُشرت اليوم الاثنين "إن الغلاف الجليدي يتزعزع بوتيرة مقلقة. يجب ألا تُلقي التوترات الجيوسياسية أو المصالح الوطنية القصيرة الأجل بظلالها على مؤتمر الأطراف الثلاثين. يعدّ تغير المناخ التحدي الأبرز للأمن والاستقرار في عصرنا".
ستكون أولى نقاط النظام في مؤتمر الأطراف الثلاثين التصويت على جدول الأعمال. وصرح دو لاغو بأن الدول تتجادل منذ أشهر حول ما يجب تضمينه، وهي عملية وصفها بأنها تبادل سليم للأولويات. ويأمل الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أن تدرس الدول وضع خطة للتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري.
وفي هذا السياق، يتساءل دو لاغو بقوله: "كيف سنحقق ذلك؟ هل سيكون هناك إجماع حول كيفية تحقيقه؟ هذا أحد أكبر ألغاز مؤتمر الأطراف الثلاثين".
وتشمل القضايا الأخرى المحتملة على جدول الأعمال تحديد كيفية خفض الدول للانبعاثات بشكل أكبر، إذ لا تلبي خططها الحالية الحد المطلوب للحد من الاحتباس الحراري الشديد.
وبحلول صباح الاثنين، قدمت 106 حكومات خططا مناخية جديدة. وقالت مصادر مطلعة على المحادثات لوكالة رويترز إن المزيد من الدول ستقدم خططها هذا الأسبوع، بما في ذلك كوريا الجنوبية والهند.
وللمرة الأولى ينتظر أن يحرص المندوبون على معالجة انبعاثات الزراعة، وهو موضوع غالبا ما يُغفل لصعوبة معالجة ممارسات الزراعة والثروة الحيوانية التي تشكل جوهر الأمن الغذائي وسبل العيش في العديد من البلدان.
وقال دو لاغو إن هناك "حركة" بين البلدان النامية لتعزيز الحلول والوصول إلى التقنيات التي يمكن أن تساعد في جعل الزراعة أكثر كفاءة وأقل تلويثا.
ويشير إلى أن البلدان تريد أيضا معالجة الأهداف المالية والعملية للتكيف مع ظروف عالم أكثر دفئا، على أمل أن تتمكن بنوك التنمية من الخضوع للإصلاح الكافي لضمان توجيه مزيد من الأموال، بما في ذلك من القطاع الخاص، إلى هذه الأهداف.