إسرائيل تغرق في غزة
الخسارة الاستراتيجية التي تتكبدها إسرائيل في حربها على غزة، تكاد تكون الأكبر والأقسى في تاريخها على الإطلاق.
الحروب لا تُقاس بعدد الضحايا والخسائر المادية، بل بنتائجها النهائية وحجم الأهداف الذي يحققه كل طرف، أي أن الحروب تُقاس بمآلاتها لا بمساراتها.
تتكبد إسرائيل في هذه الحرب خسارة فادحة، رغم المجازر الوحشية التي ترتكبها في غزة، وتستهدف النساء والأطفال والمستشفيات وسيارات الإسعاف.
إسرائيل تسجل فشلاً استراتيجياً، والقرار المفاجئ بخروج لواء «غولاني» من القطاع دليل على فشل عمليتها البرية وتريد تقليل الخسائر التي تتكبدها هناك.
الأسرى الإسرائيليين يموتون واحداً تلو الآخر في القصف، حالهم حالُ سكان القطاع، الذين يقتلون بسبب سياسة «الأرض المحروقة» التي تنتهجها إسرائيل.
* * *
الخسارة الاستراتيجية التي تتكبدها إسرائيل في حربها على غزة، تكاد تكون الأكبر والأقسى في تاريخها على الإطلاق. فالحروب لا تُقاس بعدد الضحايا، ولا بالخسائر المادية، وإنما بنتائجها النهائية وبحجم الأهداف الذي يحققه كل طرف من الأطراف المتخاصمة، أي أن الحروب تُقاس بمآلاتها وليس بمساراتها.
الحربُ الاسرائيلية على غزة تقترب من إكمال شهرها الثالث، ولم تُحقق أياً من الأهداف التي أعلنها الإسرائيليون، ولا التي تحدث عنها مجلس الحرب ولا التي كررها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مراراً.
بل إن نتائجها تذهب بالاتجاه المعاكس تماماً لتلك الأهداف، ويتكبد الإسرائيليون في هذه الحرب خسارة فادحة، على الرغم من المجازر الوحشية التي يرتكبونها في غزة، والتي تستهدف النساء والأطفال والمستشفيات وسيارات الإسعاف.
إسرائيل أعلنت هدفين لهذه الحرب على غزة:
- الأول هو تحرير الأسرى (أو الرهائن) الإسرائيليين بالقوة، من دون الرضوخ إلى التفاوض مع حركة حماس، أو غيرها من الفصائل،
- والثاني هو تدمير حركة حماس واستئصالها من قطاع غزة وإنهاءُ التهديد الأمني، الذي يأتي للإسرائيليين من القطاع.
ولذلك قررت شن حرب شاملة على قطاع غزة تضمنت اجتياحاً برياً هو الأول من نوعه للقطاع، منذ مغادرة القوات الإسرائيلية في عام 2005، وكذلك هو أول حرب برية إسرائيلية منذ عام 1982، أي منذ اجتياح بيروت البري.
أما الهدف الأول فهو يتبخر تدريجياً مع استمرار الحرب ومع تصاعد وتيرتها، إذ يتبين أن الأسرى الإسرائيليين يموتون واحداً تلو الآخر في القصف، حالهم حالُ غيرهم من سكان القطاع، الذين يموتون بسبب سياسة «الأرض المحروقة» التي تنتهجها إسرائيل، والتي تقوم على قصف كل مكان وفي أي زمان، وكذلك مسح مناطق سكنية بالكامل من الوجود، بغض النظر عن الموجودين في داخلها.
كما أن الأسير الإسرائيلي الوحيد الذي تمكن الإسرائيليون من تحديد مكانه وهو حي، كان الجندي ساعر باروخ البالغ من العمر 25 عاماً، حيث حاولت قوات من النخبة الاسرائيلية تحريره في عملية عسكرية، لكن العملية فشلت وانتهت بمقتل باروخ نفسه وإصابة اثنين من الجنود الإسرائيليين بجراح خطيرة.
واقع الحال هو أن إسرائيل فشلت في تحرير أي من الرهائن بالقوة، ومن تم تحريرهم من النساء والأطفال كان ضمن صفقة الهدنة التي تم التوصل إليها بوساطة قطرية ومصرية، وهو ما يؤكد صحة التعهد الذي أطلقته حركة حماس، وهو أن الطريق الوحيد لتحرير هؤلاء الأسرى هو التوصل إلى صفقة تبادل.
أما الحرب فلا يُمكن أن تنتهي بعودة أي منهم إلى بيته.. وما دام وعيد حماس هو الذي يحدث فعلياً على الأرض، فهذا يعني أن إسرائيل فشلت في تحقيق هذا الهدف الذي هو أساس هذه الحرب.
أما الهدف الثاني وهو تدمير حركة حماس وإنهاء وجودها العسكري، فتكفي الإشارة إلى أنه في اليوم 75 للحرب أمطرت حماس مدينة تل أبيب بالرشقة الأعنف من الصواريخ، ما يعني أن حركة حماس ما زالت تحتفظ بمركزها العسكري رغم اقتراب هذه الحرب من نهاية شهرها الثالث، وما زالت متماسكة من حيث القوة، ولا يبدو أن من السهل تدميرها، بل إن الأسهل هو التوصل الى هدنة معها.
ما يحدث حالياً هو أنَّ إسرائيل تغرق في قطاع غزة، وتسجل فشلاً استراتيجياً ذريعاً، والقرار المفاجئ بخروج لواء «غولاني» من قطاع غزة ليس سوى دليل على أن القوات الإسرائيلية فشلت في عمليتها البرية وتريد تقليل الخسائر التي تتكبدها هناك.
ومن المهم الإشارة الى أن جريدة «نيويورك تايمز» نشرت يوم الخميس 21 ديسمبر 2023 تقريراً قالت فيه، إن إسرائيل فشلت في الوصول إلى أي من قادة حماس أو أي من مدبري عملية «طوفان الأقصى»، رغم أنها قتلت أكثر من 20 ألف فلسطيني في القطاع.
كما أنها أمطرت قطاع غزة بالمنشورات التي تعرض على الفلسطينيين مكافآت مغرية، من أجل الإدلاء بأي معلومة عن هؤلاء القادة، ومع ذلك لم تستطع من تحديد مكانهم ولا الوصول اليهم.
*محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني
المصدر | القدس العربيالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: فلسطين غزة إسرائيل فشل الأسرى الأرض المحروقة الهدنة لواء غولاني تدمير حركة حماس حرکة حماس هذه الحرب قطاع غزة على غزة فشلت فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
أولمرت يؤكد أن ما تقوم به إسرائيل في غزة يقترب من جريمة الحرب
أكد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، أن ما يقوم به الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، يقترب من أن يكون جريمة حرب.
وقال أولمرت خلال مقابلة صحفية، إن "هذه الحرب بلا هدف، ولا فرصة لها لتحقيق أي شيء يمكن أن يحفظ حياة الأسرى"، مضيفا أن "الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء يقتلون، إلى جانب عدد كبير من الجنود الإسرائيليين، وهذا أمر مستفز ومثير للغضب".
وتأتي تصريحات أولمرت في ظل تصاعد الضغط الدولي على الاحتلال الإسرائيلي، واستمرار الحرب على قطاع غزة لليوم الـ 592، والتي ترتكب فيها حكومة بنيامين نتنياهو، إبادة جماعية خلفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وقبل تصريحات أولمرت، أثار زعيم حزب "الديمقراطيين" الإسرائيلي يائير غولان الممارسات التي يرتكبها جيش الاحتلال في قطاع غزة، معتبرا أن "الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين ولا تقتل الأطفال كهواية ولا تنتهج سياسة التهجير".
تصريحات غولان جاءت خلال مقابلة أجرتها معه هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، وأثارت موجة انتقادات له من جانب أصوات في الحكومة والمعارضة.
وقال غولان، وهو نائب أسبق لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي: "الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها أهدافا مثل تهجير السكان".
وأضاف محذرا: "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم.. مثل جنوب إفريقيا في الماضي إذا لم تعد وتعمل كبلد عاقل".
وأعرب عن صدمته، قائلا: "ما يحدث صادم بكل بساطة. لا يمكن أن نكون نحن، الشعب اليهودي الذي عانى الاضطهاد والمذابح والإبادة عبر تاريخه، من نتخذ خطوات غير مقبولة على الإطلاق".
وحمّل غولان حكومة بنيامين نتنياهو مسؤولية ما يجري في غزة، داعيا إلى تغييرها.
وتابع: "هذه حكومة تضم أفرادا لا علاقة لهم بالقيم اليهودية؛ أشخاصا من أتباع كاهانا، يفتقرون إلى الذكاء والأخلاق والقدرة على إدارة الدولة في أوقات الطوارئ. وجودهم يشكل خطرا على بقائنا".