مانديلا تسامي فوق المرارات لينشئ نظام ديمقراطي راسخ وعادل
تاريخ النشر: 8th, January 2024 GMT
صار العالم، بعد تقدم وسائل الاتصال قرية صغيرة. أهم سماتها ان الشعوب صارت تتعرف وتراقب، عن كثب، وبصورة دقيقة، ما يجري في الأقطار الأخرى. هذه المعرفة اللصيقة، لتلك التجارب، تجعلنا نعرف كيف نجحت تلك الشعوب أو فشلت في علاج مشاكلها. ذلك الأمر يراكم خبراتنا ومعرفتنا في كيفية تخطي العقبات، إذا واجهنا معضلات شبيهة.
كانت جنوب افريقيا من الأقاليم القليلة التي حكمتها اقلية بيضاء استعمارية. ظلت هذه الأقلية البيضاء تمارس أبشع أنواع العنصرية ضد الأغلبية السوداء والملونين والأسيويين. وشرعت القوانين التي تقنن هذا التمييز في السياسة، والاقتصاد، والتعليم، وغيرها. في عام 1948 وصل الحزب الوطني الى السلطة وهو الحزب الذي اسسه المستعمرون الهولنديون. ومنذ ذلك الحين صارت للدولة أيديولوجية شبيهة بالأيديولوجيا النازية.
تأسس حزب المؤتمر الوطني الافريقي في عام 1912. بدا الحزب المقاومة المسلحة في عام 1955 وأعلن ما عرف بميثاق الحرية، بعد مذبحة شاربفيل الاجرامية. في مارس 1960 تم اعتقال معظم قادة الحزب. وتصاعدت حرب العصابات بصورة كبيرة.
كان الانتقال الى النظام الديمقراطي التعددي صعبا، وشهد كل صور النضال العسكري والسلمي. فقد قاد النضال حزب المؤتمر ومعه قوى أخرى منها الحزب الشيوعي والجناح اليساري لحزب المؤتمر والذي عرف بمؤتمر عموم افريقيا. وشهدت البلاد خلال عقود طويلة حملات منظمة للحصول على حق الاقتراع، وسلسلة طويلة من حركات العصيان المدني والتظاهرات والاحتجاجات والاضرابات وكذلك الاعمال المسلحة. وساهمت حملات التضامن الدولي وخاصة المقاطعة دورها في ضعضعة النظام. ثم اضافت عقوبات المجتمع الدولي وخاصة قرارات الأمم المتحدة قوة إضافية للحملة من اجل الديمقراطية.
حدث تغيير هام صوب الاعتدال في صفوف الشيوعيين، فبعد ان كان جو سلوفلو (الأمين العام للحزب) وقائد الجناح العسكري لحزب المؤتمر الوطني الافريقي، يعتقد في أواسط السبعينات، ان الحزب قادر على اطاحة النظام العنصري والاستيلاء على السلطة عبر حرب العصابات والقيام بالثورة. لكنه اضحى في أواخر الثمانينات يري ان المفاوضات هي الطريق المحتملة لتحقيق اهداف حزب المؤتمر الافريقي، على الرغم من انه ظل ملتزما باستخدام العنف.
كان أساس التفاوض هو قبول الأقلية البيضاء والنخب الاقتصادية حماية دستورية للحالة القائمة لتوزيع الثروة في مقابل الاندماج السياسي لغير البيض وحصولهم على حق الاقتراع. وكان المفاوض الأساسي لحزب المؤتمر الافريقي هو رئيس اتحاد عمال المناجم.
بدأت عملية التفاوض الأساسية بين حكومة الحزب الوطني الحاكم برئاسة دي كليرك رئيس النظام العنصري ونيلسون مانديلا زعيم حزب المؤتمر الافريقي في مايو 1990ن بعد إطلاق سراح مانديلا. وانتهت هذه الجولة بتعهد الطرفين بالاستمرار في العمل من اجل وقف العنف وإزالة العقبات امام عودة المنفيين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وفي جولة أغسطس 1990 تم توسيع موضوعات الحوار ليضم وقف العمل المسلح من الجناح العسكري لحزب المؤتمر وانهاء خالة الطوارئ. وفي سبتمبر 1991 تم التوصل الى اتفاقية السلام الوطني التي وقعها ممثلون من 27 هيئة سياسية من السود والبيض.
استؤنفت المفاوضات على نحو ثنائي بين دي كليرك ومانديلا وتم توقيع ميثاق التفاهم. ثم التوصل الي دستور انتقالي ثم جرا انتخابات في 1994 وتم تشكيل حكومة وحدة وطنية. وصار مانديلا رئيسا لجنوب افريقيا ودي كليرك نائبا له. وفي عام 1995 أصدر البرلمان قانون دعم الوحدة الوطنية والمصالحة شكلت بموجبه لجنة الحقيقة والمصالحة للنظر في الانتهاكات.
هذا باختصار شديد جدا تجربة جنوب افريقيا. فقد تطور النضال المسلح والسلمي حتى خلق توازن قوة لصالح السود، ثم تواصل دعم المجتمع الدولي. وأخيرا تمت مفاوضات، رغم طولها وتعقدها، ولحظات الهبوط والارتفاع فيها، الا انها حققت المصالحة وتغيير النظام. قاوم مانديلا روح الانتقام ونجح في خلق تعايش ساعد في استقرار الدولة. وصار اقتصادها واحدا من أكبر الاقتصاديات العالمية.
siddigelzailaee@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: لحزب المؤتمر حزب المؤتمر فی عام
إقرأ أيضاً:
حزب التجمع الوطني للأحرار بمراكش يعزز التحضيرات للاستحقاقات القادمة باستقطاب الكفاءات :
تحرير :زكرياء عبد الله
في خطوة جديدة تعكس الانفتاح المتواصل لحزب التجمع الوطني للأحرار على الكفاءات المحلية والفاعلين الاقتصاديين، التحق مؤخراً مقاول معروف بمدينة مراكش بصفوف الحزب، مما اعتبره المتتبعون تعزيزاً نوعياً للدينامية التي يشهدها التنظيم استعداداً للاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
ويُعد هذا المقاول من الأسماء البارزة في مجال الأعمال والبناء . ويُنظر إلى انضمامه إلى الحزب على أنه مؤشر على جاذبية المشروع السياسي للتجمع الوطني للأحرار، خاصةً في ما يتعلق بدعم المقاولين والفاعلين الاقتصاديين، وإشراكهم في رسم السياسات المحلية والجهوية.
وأكدت مصادر من داخل الحزب أن هذا الالتحاق يأتي في إطار استراتيجية متكاملة تهدف إلى تجديد النخب وضخ دماء جديدة قادرة على مواكبة التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها المملكة، وتعزيز الحضور الميداني للحزب بمراكش عبر الاعتماد على كفاءات لها وزنها داخل المجتمع.