مسندم.. حيث يكتب الماء قصيدته
تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT
(1)
مسندم تلتقط أنفاسها، تعيد بوصلة التاريخ إلى وجهتها، تشعل قرائح الشاعر، وتلهم ريشة الفنان، وتصير حورية زرقاء، تمنح اللؤلؤ والمرجان لعاشقيها.
(2)
مسندم تفوح لبانا، تسير نحو شمس الحياة، وترسل قصائدها المفعمة بالحب إلى أحضان الوطن، وتصفو كعين صقر، شاخصة نحو البحر، تنظر موكب الماء والسماء، وتعطر أريجها بالمسك، والرياحين.
(3)
حين يتهادى يخت السلطان، ترقص النوارس طربا، وتنعق الموجات من أسر بحرها، ويبوح الماء بأسراره، يكتب رواية جديدة، يستشعر القادم، ويبارك الخطى، حيث تنفرج أسارير البحر عن موكب مهيب، وفارس نجيب.
(4)
ليس لمسندم غير الفرح، وهي تعيش لحظات من العناق الطويل، ترسم لوحة من شعر، وتكتب قصائد من عطر، وتبوح بأسرارها الأثيرة، حيث ينصب صياد شبكته، و«يندب» جبل صيحته الموغلة في القدم، وتفوح رائحة الحياة من بين الماء والساحل، وتغني غيمات البحر رقصة المطر القادم من كل الوطن.
(5)
ليس في هذا المساء سوى التفاؤل، ليس هناك من عالم سوى هذه القطرات من العشق، تتسلل إلى قلوب العاشقين، وتهتف لذلك الفارس القادم على صهوة الماء، ليعيد تشكيل خارطة المكان، ويسمو بتلك الأرواح العطشى للفرح، والمستقبل.
(6)
في مسندم تهتف الجبال حبا للوطن، تفتح السماء نافذتها لتطل على فضاء الأمل، تصطف القلوب على صعيد واحد، وتنتفض الطيور من أعشاشها، تنفض ريشها، وتطير بعيدا، حاملة أحلامها التي طالما انتظرتها على جزيرة الفيروز.
(7)
هناك..حيث لقاء السلطان المفدى بشعبه الوفي، حيث يكون الولاء في أبهى صوره، والوفاء في أجمل حلله، حيث ينتصب المواطن كرمح شامخ في وجه كل من ينوي المساس بتراب هذا الوطن المقدس.
هناك تتجلى تلك العلاقة الراسخة بين القائد والشعب، لتقول لكل العابثين: «هذا جسد واحد، وطن وسلطان وشعب لا ينكسر أبدا»..هكذا هو الولاء، والوفاء لتراب من ذهب، وقلوب من فضة.
مسعود الحمداني كاتب وشاعر عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
حسين خوجلي يكتب: العرب يتألمون والعجم يتأملون
قال تعالى (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾
إنها بيت المقدس القبلة الأولى والأقصى الشريف واسراء المصطفى صلى الله عليه وسلم ومعراجه، وقداسة التكليف التي جعلت هذه الأمة هي الأمة الشاهدة. وجعلت فلسطين هذه الأرض التي باركها الله عز وجل وبقيت أمانة في أعناق المسلمين إلى قيام الساعة. تلك الأرض التي سكب فيها الأبكار والخلص على الحق دماءً غالية، ونفوسا طاهرة استعادوها مرارا من أيدي الملاحدة والمجوس والصليبيين، وسيستعيدونها عاجلا أو آجلا بإذن الله من أيدي الصهاينة القتلة الغاصبين، ولعمري أن هذه أمة بالوعد الرباني لن تهزم ولن تقهر.
ومن المحير للمراقب لهذا الواقع المضطرب العجيب المريب أن يرى أكثر من مليار مسلم من البنغال والباكستانيين والأندنوسيين والماليزيين وقاطني جمهوريات آسيا الوسطى والايرانيين يتفرجون في لامبالاة تاريخية للصهاينة وهم يمارسون الابادة والاذلال للانسان العربي المسلم، الذي يقتل ليل نهار في الضفة الغربية وفي غزة وفي اليمن العنيد السعيد وشهدائه في جنوب لبنان التي تُدك ليل نهار في بيوتها واطفالها.
أليس من الغريب أن العرب هم وحدهم الذين يقاتلون في بسالة وشرف واعتداد؟ أليس من الغريب أن العرب الأقلية يتألمون وأن العجم الأغلبية يتفرجون؟ هي دعوة للحوار العاصف والعتاب الغاضب، فلعلهم يستيقظون من موات الهم اليومي، وهذه التظاهرات الخجولة التي لا تسمن ولا تغني من جوع والتي لا تقدم للضحايا لا دما ولا رصاصا ولا قافلة من المساندة والمجاهدين.
أليس من العار هذا الصمت العاجز والغرق
في سبل كسب العيش الرخيصة المفضية عاجلاً او آجلا إلى التراب؟
ويصبح الشعار المكتوب على قماشة الأسف الممتدة من طنجا إلى جاكارتا إن العرب يتألمون وأن العجم يتأملون.
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتساب