بوابة الوفد:
2025-10-21@21:17:12 GMT

لا تنفروا فى الحر!

تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT

كلما عُرض لى أمر مهم لا يحتمل التأجيل فى هذه الأيام شديدة الحرارة، أجدنى أميل إلى تأجيله بحجة شدة الحر، وعندما أتذكر مناسك الحج فى نفس الأجواء أميل أيضاً إلى التسويف والتأجيل، ودائمًا ما تحضرنى الآية الكريمة التى تقول:

«فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنفِرُوا فِى الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ» (81) التوبة.

ورغم أن الإسقاط ربما يكون مختلفًا فى الحالتين، (أمور الدنيا والجهاد فى سبيل الله) إلا أننى أعقد مقارنة بين حالنا هذه الأيام وحال الصحابة إبان هذه الغزوة وهى غزوة تبوك، ورغم الفارق الشديد بين الزمانين، سواء فى قدر الصحابة وقربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم من ناحية، والتحديات الصعبة التى يواجهونها من ناحية أخرى ربما أمام نفس العدو ونفس النقص فى العدد والعتاد، إلا أن الأمر يختلف هنا فى الرجال الذين وصفهم القرآن فى نفس السورة فى قوله تعالى:

«وَلَا عَلَى الَّذِينَ إذا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ» (92).

أى أنه فى الوقت الذى يتهرب فيه البعض من الجهاد ويبدون أعذارًا لا تنطلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورغم ذلك كان يأذن لهم، ولكى يخفف الله عز وجل وطأة منح الإذن على رسول الله، أوكل أمرهم إليه وقال لحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم «عَفَا اللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ»(43).

‏ورغم الفارق الضخم فى المقارنة كما ذكرنا من قبل، إلا أننا أمام تحديات فى غاية الخطورة، تتمثل فى أننا نرفض مجرد السير فى الحر وليس النفير أو الحرب، فماذا لو لم توجد الجيوش النظامية لتتولى أمر حماية الأقطار؟ فماذا نحن فاعلون فى حالة الفوضى وانهيار الأقطار لا قدر الله؟ على الرغم من أن وسائل النقل العادية أو الحربية كالغواصات والطائرات والمركبات أصبحت أكثر رفاهية بالمقارنة بالخيل والبغال والحمير، ومن لم يجدوها يتولون وأعينهم تفيض من الدمع حزنًا لأنهم لم يجدوا وسيلة تبلغهم أرض المعركة.

‏وقد ذكر المفسرون لقول الله تعالى:

«‏فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ‏»، أن هذا الأمر وهو الفرح بالتخلف عن الغزو أمر زائد على مجرد التخلف، فإن هذا تخلف محرم، وزيادة رضا بفعل المعصية، وتبجح به‏.‏‏ {«وَكَرِهُوا أن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ‏»، وهذا بخلاف المؤمنين الذين إذا تخلفوا ولو لعذر حزنوا على تخلفهم وتأسفوا غاية الأسف، ويحبون أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل اللّه، لما فى قلوبهم من الإيمان، ولما يرجون من فضل اللّه وإحسانه وبره وامتنانه‏.‏‏

وثمة سؤال يطرح نفسه عن الحروب الحالية أو حروب المستقبل، التى تعمل فيها الأسلحة النووية ذاتيًا بالذكاء الاصطناعى، فهل يجدى معها النفير فى الحر أو البرد وهل سيشفع لأبنائنا وأحفادنا مكوثهم ليلًا ونهارًا أمام الألعاب الإلكترونية مثل البابجى والأتارى؟، ليخوضوا مستقبلًا نفس الحروب المعتمدة على الذكاء الاصطناعى، والقائمة على تكنولوجيا تمتلكها دول معينة تهدد بفناء العالم؟ وهل سيجدى مع هذا النوع من الحروب عدم النفير؟ وهل لدى الدول الإسلامية مشروعات ردع مشابهة لما تقوم به بعض الدول الكبرى؟ والتى انزعج منها مجلس الأمن وعقد اجتماعًا طارئًا منذ عدة أسابيع حذر فيه من التمادى فى هذا النوع من الأسلحة التى توجه بالذكاء الاصطناعى، والتى من الممكن أن تبيد العالم، ولا ندرى هل سنردد نفس الآية «لا تنفروا فى الحر»، أم أن الموضوع أصبح معقدًا للغاية ولا تتصوره أذهاننا؟ نسأل الله السلامة والنصر من عنده، أنه ولى ذلك والقادر عليه.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: طارق يوسف مناسك الحج الأيام شديدة الحرارة الذكاء الاصطناعى فى الحر

إقرأ أيضاً:

سلام هش ..ضمانات واهية!

 

 

-لا أعلم رئيس دولة في العصر الحديث يبدي هوسه بالمال، ومسكون بداء العظمة كما هو حال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
-أحاط نفسه بمسؤولين في إدارته الحالية ممن لا يجيدون غير تمجيده والثناء على إنجازاته الخارقة ولا ينفكون يسوقونها للعالم على أنها غير مسبوقة في التاريخ.
-لا يوجد رئيس في العالم يستغل منصبه لجني الأموال ويجاهر بذلك على الملأ أكثر من ترامب وليس هناك من يدعي الذكاء المطلق والتفوق الواسع على أقرانه ويستخف بكل قادة الدول كما يفعل الرئيس إياه.
-هذا الطاغية المهرّج يسوّق نفسه اليوم على انه رجل السلام الأول على كوكب الأرض وهذا ما يردده الببغاوات من مسؤوليه ليل نهار، فيزعم انه أوقف ثماني حروب عالمية في تسعة أشهر فقط من ولايته الرئاسية الثانية الزاخرة بالأعمال العظيمة على كافة المستويات وبعض من هذه الحروب ترجع – كما يقول – إلى ما قبل ثلاثة آلاف عام ولم يقر له بهذا “الإنجاز” الغريب غير أصدقائه الصهاينة عندما حل ضيفاً عليهم محفوفاً بالتصفيق الحار والممجوج في مبنى الكنيست الأسبوع الماضي.
-بدا واضحاً من كلام ترامب، أن الرجل يتمتع بثقافة صفرية وأنه لم يقرأ في حياته كتابا واحدا ولا علم له ولا دراية إلا فيما يتعلق بشؤون الصفقات والمقاولات ولا يمتلك أدنى خلفية عن تاريخ الشعوب والبلدان ليسارع إلى منح كيان الاحتلال حق امتلاك أرض فلسطين وصك شرعية البسط والتحكم في مقدسات الديانات الثلاث وتزييف الوعي الإقليمي والعالمي بخرافات وخزعبلات دينية مصطنعة ما أنزل الله بها من سلطان.
– وصف خطته لوقف إطلاق النار في غزة باللحظة التاريخية الحاسمة التي وضعت حداً لصراع امتد لآلاف السنوات ليس في غزة وحدها وإنما في الشرق الأوسط قاطبة كما يزعم، ثم عاد بعد ذلك بأيام ليقول إن ذلك السلام وكل ما أنجزه في الشرق الأوسط على هذا الصعيد مرهون بكلمة واحدة منه وأن كل ما قدمه من ضمانات لاستمرار السلام غير المسبوق لا تعدو كونها شفهية صادرة من فخامته وحسب.
– اتفاقية السلام “الهش” في غزة رغم إحاطتها بهالة كبيرة من التضخيم وأنها أنهت واحدة من أعقد الصراعات في المنطقة ليست سوى هدنة تكتيكية مفضوحة لن يطول عمرها فهدفها كما يبدو للمتابع العادي تخفيف الضغط عن حكومة نتنياهو وما تواجهه من عزلة دولية ومنحها فرصة لإعادة التموضع مع حليفتها الكبرى في إطار الاستعداد لجولة جديدة من إشعال الحروب ليس في غزة وحدها وإنما في أكثر من منطقة في المنطقة والعالم.
– وفقاً لما تشي به التوجهات والسياسات الأمريكية في عصر الرئيس “النابغة” سيكون العالم على موعد مع العديد من الحروب والصراعات والاضطرابات التي لن تتوقف عند بلد معين أو منطقة جغرافية بعينها.

مقالات مشابهة

  • بركة سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم على الكعبة المشرفة
  • السيد القائد يكشف المعالم البارزة في شخصية الشهيد الغماري سلام الله عليه
  • كواليس الخلافات بين جاستن تيمبرليك وزوجته جيسيكا بيل
  • برنامج يومي حرص عليه النبي وأرشدنا إليه.. علي جمعة يوضحه
  • خليل الحية: رصدنا إلتزاما بدخول العدد المتفق عليه من المساعدات عبر المعابر
  • شاهد بالصورة والفيديو.. أثناء جلسة إعلان ثياب سودانية.. مصور يشبه عارضات أزياء حسناوات بكلاب “الليدو” وإحداهن تنفجر في الضحكات وترد عليه: (قل هو الله أحد)
  • سلام هش ..ضمانات واهية!
  • زوج جينيفر لوبيز السابق يهاجمها عبر الإنترنت بعد تصريحات مثيرة
  • «مصر.. هبة الله للأرض ومهد الأنبياء والتاريخ»
  • تسبيح للرزق السريع مجرب .. احرص عليه 40 مرة يوميا