ضبط شبكة تهريب إيرانية في البحر الأحمر تدعم مليشيا الحوثي
تاريخ النشر: 12th, February 2025 GMT
تمكنت قوات البحرية التابعة للمقاومة الوطنية من إحباط مخطط تهريب جديد لدعم مليشيا الحوثي، حيث ضبطت زورقاً بحرياً يحمل شحنة أسمدة مرسلة من إيران، كان في طريقه إلى ميناء الصليف بالحديدة.
وأفاد الإعلام العسكري للمقاومة الوطنية، بأن العملية أسفرت عن اعتقال 12 شخصا، بينهم 9 إيرانيين و3 باكستانيين، كانوا على متن الزورق القادم من ميناء تشابهار الإيراني.
وأورد أسماءهم وفق الجوازات ورخص البحرية التي يحملونها وهم: الإيرانيون: عبدالغني عبدالله رساني، عبدالله بار محمد، اسلم كشوك أرون، محسن شيرك أرون، مرتضى محمد آين، أنيس عثمان أربا تزادا، عبدالله محمد رئيسي، أمين إسماعيل نزار كوهين. فيما الباكستانيون هم: عبدالله صالح دادا، أوزيز عبدالعزيز صالح دادا، فرحان قادر باكش.
ويعتمد الحرس الثوري الإيراني على وسائل تمويل غير تقليدية لدعم مليشيا الحوثي، من خلال تهريب السلع مثل السماد والمشتقات النفطية والمخدرات، حيث يتم بيعها داخل اليمن واستخدام عائداتها في تمويل العمليات الإرهابية.
وجاءت العملية بعد رصد استخباراتي دقيق، حيث تلقت البحرية معلومات عن زورق مشبوه يجوب الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر، تحركت بموجبها دورية بحرية واعترضت الزورق المسمى "زيد"، حيث تبين أنه يحمل طاقماً أجنبياً حاول التستر على هويته الحقيقية وأصل الشحنة.
اعترافات
في تسجيلات موثقة بالصوت والصورة، أقر ناخوذة الزورق، الإيراني عبدالغني رساني، بأنهم كانوا في طريقهم إلى الحوثيين، وأن الشحنة تابعة لتاجر إيراني يدعى "شيخي"، والذي زودهم بأوراق مزورة تزعم أن الحمولة قادمة من باكستان، وليس من إيران.
وكشف أن زورقاً آخر، يدعى "عمران"، كان يسير برفقتهم لكنه غرق قبالة عُمان، وتم إنقاذ طاقمه وإرسالهم إلى باكستان.
ولفت الناخوذة، إلى أنهم اضطروا إلى التوقف في جيبوتي لإصلاح الأضرار التي تعرضوا لها، إلا أن مالك الشحنة أصر على استكمال الرحلة إلى ميناء الصليف، مشددا على تجنب المرور بميناء المخا تحت أي ظرف.
ورغم محاولات الطاقم نفي علاقتهم بالحرس الثوري الإيراني، إلا أن اعترافاتهم كشفت عن تورطهم في عملية تهريب ممنهجة، مدعومة من طهران لصالح مليشيا الحوثي. كما أقروا بأنهم تلقوا أوامر صارمة بالإدلاء بمعلومات مزيفة حال اعتراضهم من أي جهة أمنية.
المثير أن الزورق نفسه كان قد خضع لتفتيش أمريكي في بحر العرب، حيث تم الاطلاع على الشحنة والأوراق المزورة، لكن لم يتم اكتشاف التزوير حينها، ما سمح للزورق بمواصلة رحلته حتى تم ضبطه من قبل القوات البحرية اليمنية.
وتكشف هذه العملية عن الأساليب التي تتبعها طهران في تمويل مليشياتها، مستخدمة الغطاء التجاري لتمرير شحنات موجهة إلى مناطق النزاع.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی
إقرأ أيضاً:
إبراهيم شقلاوي يكتب: آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي
الرقص على رؤوس الأفاعي مقولة شهيرة ارتبطت بالرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، في توصيفه لواقع سياسي معقد تطلّب إدارة توازنات دقيقة داخليًا وخارجيًا. واليوم، تكاد العبارة تنطبق على المشهد السوداني، وسط تحولات إقليمية كبرى تعيد تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط. فالحرب بين إيران وإسرائيل بصرف النظر عن مالاتها تعبّر عن مرحلة جديدة تتشابك فيها المصالح، وتتنوع أدوات النفوذ، حيث أضحت المواجهة العسكرية جزءًا من مشروع استراتيجي أوسع يعيد رسم خرائط الهيمنة الإقليمية في المنطقة.
في هذا السياق، يجد السودان نفسه في موقع بالغ الحساسية، تتقاطع فيه التحديات الداخلية مع صراعات إقليمية متسارعة، تجعله جزءًا من معادلات تتجاوز حدوده.
ويأتي الحراك الأميركي في المنطقة، مدعومًا بتأييد غير مشروط لإسرائيل، وتمويل الحرب عبر قوى خليجية – بحسب مراقبين – ضمن مشروع لإعادة هندسة النظام الإقليمي، وإنتاج أنظمة سياسية عربية جديدة، لا تكتفي بالولاء، بل تندمج بالكامل في مشروع التطبيع وفق المشروع الإبراهيمي . إذ لم يعد المطلوب أنظمة موالية فحسب، بل بنى سياسية وثقافية تتماهى مع تصوّر إسرائيلي-أميركي للمنطقة، يُعيد ضبط الإقليم وفق معايير الهيمنة الناعمة والتحكم المستدام.
وسط هذه المتغيرات، يبرز السودان كحالة استثنائية تحمل إمكانات استراتيجية واعدة، إذا أُحسن توظيف التوازنات الإقليمية، واللعب على خطوط التماس بحذر وذكاء. ورغم الجراح الداخلية المفتوحة، وتعقيد الأزمات السياسية والاجتماعية، فإن السودان يمتلك موقعًا جيوسياسيًا بالغ الأهمية، وموارد طبيعية وبشرية ضخمة، وموقعًا إقليميًا يربطه بالقرن الأفريقي ومحيط البحر الأحمر والخليج العربي في آنٍ واحد. وإذا كان بعض الفاعلين الإقليميين مهددين بالذوبان أو السقوط في فوضى ممنهجة، فإن السودان، إن أحسن ترتيب بيته الداخلي، قادر على التحوّل من دولة كانت على هامش الصراع إلى دولة مركزية مؤثرة في معادلات ما بعد الصراع.
ومع اتساع رقعة الحرب في الخليج، وارتفاع كلفتها، وتزايد احتمالات الانهيار في بعض دوله، قد يصبح السودان الوجهة الأقرب والأكثر قابلية لاستقبال تدفقات بشرية واقتصادية هائلة، سواء من مواطنيه العائدين من هناك، أو من عربٍ قد تدفعهم الأوضاع إلى الهجرة بحثًا عن أمن مفقود. هذه الموجات المتوقعة من النزوح العربي والخليجي نحو السودان قد تُشكل، إذا أُديرت بوعي، رافعة اقتصادية ضخمة تسهم في تحريك عجلة الإنتاج، وتوسيع السوق المحلي، وزيادة الطلب على الخدمات والسلع والمساكن، فضلًا عن إمكانية استثمار رؤوس الأموال الهاربة في قطاعات واعدة كالتعدين، الزراعة، والطاقة والثروة الحيوانية .
إن التحول الإقليمي المقبل لا يقتصر على الاقتصاد، بل يمتد إلى بنية الأمن في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. وإذا نجح السودان في استعادة الاستقرار، فقد يتحول جيشه – بما أثبته من كفاءة قتالية – إلى ركيزة إقليمية لحفظ التوازن. ومع تراجع الأدوار الخليجية، تتعاظم قيمة السودان كفاعل استراتيجي، ويغدو جيشه طرفًا مطلوبًا في معادلات الأمن الإقليمي، بما يعزز نفوذه السياسي والتفاوضي في لحظة تعاد فيها هندسة المنطقة.
لكن جميع السيناريوهات تظل مرهونة بقدرة السودان على التقاط لحظته التاريخية، باعتبارها فرصة لتأسيس مسار استراتيجي جديد. فالنجاح مرهون بالتحرك المدروس، وتجنّب استنساخ تجارب الماضي، وامتلاك رؤية وطنية عقلانية تتجاوز الانقسامات، وتؤسس لدولة فاعلة لا منفعلة. ويتطلب ذلك قيادة تدرك حساسية التوقيت، وتبني سياساتها الخارجية على براغماتية هادئة توازن بين المصالح الوطنية والنفوذ الإقليمي ، بعيدًا عن الشعارات والاستقطاب الأيديولوجي.
السودان لم يعد فاعلًا هامشيًا في الإقليم، بل أضحى مركزًا استراتيجيًا في قلب التحولات الجيوسياسية الجارية. فالخرائط الجديدة تُرسم خلف الكواليس، والفراغ الذي خلّفه تراجع النفوذ الخليجي في البحر الأحمر لا بد أن يُملأ. وإن لم يبادر السودان إلى ملئه، فسيفعل ذلك فاعلون آخرون.
لذا، فإن اللحظة تقتضي وعيًا استراتيجيًا عقلانيًا، يتجاوز الحسابات العاطفية والماضي المثقل بالجراح، ويدرك أن التحولات الكبرى – مهما بدت مدمّرة – تحمل في طياتها فرصًا لمن يُحسن قراءتها بذكاء وواقعية.
وبحسب ما نراه من وجه الحقيقة لقد آن للسودان أن يرقص على رؤوس الأفاعي. وليس في ذلك مجازفة متهورة، بل استجابة لطبيعة اللحظة التاريخية التي لا تسمح بالتقوقع أو الانتظار. فالأفاعي تتحرك، والخرائط يُعاد رسمها، والمصالح تتبدل. ومن يمتلك القدرة على السير فوق الحبال المشدودة دون أن يسقط، هو من سيكون له نصيب في صناعة التاريخ وكتابته. وربما يكون السودان، بثقله الجيواستراتيجي، أمام بوابة مختلفة، لا تفتحها القوة وحدها، بل يُفتح قفلها بالعقل، والرؤية، والبصيرة.
إبراهيم شقلاوي
إنضم لقناة النيلين على واتساب