صحيفة الأيام البحرينية:
2025-05-23@23:33:08 GMT

في رحاب الفنان إبراهيم بوسعد

تاريخ النشر: 26th, August 2023 GMT

في رحاب الفنان إبراهيم بوسعد

يؤكد بوسعد على ضرورة تشكيل لجنة اختيار الأعمال التي تصلح لعرضها بالتنسيق بين صالات العرض والمجلس الوطني للفنون وهيئة البحرين للثقافة والآثار! يرى بوسعد الفن كحالة إنسانية راقية، لا يجوز العبث بها. كما يجب أن يكون صادقًا، ونابعًا من القلب، ولابد أن يحترم هدف الفن، ويحترم المتلقي من خلال تقديم ما هو راقٍ.

..
مرت الحركة التشكيلية في البحرين بعدة مراحل، أولها مرحلة الرواد، الذين وضعوا اللبنات الأساسية للفن التشكيلي، أما المرحلة الثانية، فهي مرحلة جيل أوائل الثمانينيات، وأغلبهم فنانون أكاديميون درسوا الفن في مصر، والعراق، وباريس، وبريطانيا.. فتأثروا بالتيارات الفنية المختلفة، وأضافوا للفن الكثير. يقول الفنان إبراهيم بوسعد، بدأنا بتأسيس جمعية البحرين للفنون التشكيلية عام 1983 وكنا نحمل رؤية مُغايرة لمفهوم الفن بمعني الرؤية الحديثة من حيث الفكر والتكنيك والتقنيات الفنية، وهنا يجب الإشارة للدور الريادى والفعَال للشيخ راشد آل خليفة الذى تولي رئاسة الجمعية وقد اتبع سياسة «الباب المفتوح» لتشجيع جميع الفنانين والمواهب، وكنت نائبًا للرئيس على مدار دورتين، ومن بداية الثمانينات إلى منتصف الألفية كان العصر الذهبي للفن التشكيلي، وكانت المثابرة والجدية لتقديم الأفضل هي السمة المميزة عند أغلب فناني تلك المرحلة. وكانت الجمعية هي الغطاء الثقافي والفني من حيث تبنيها للمهتمين بالفن وتشجيع الهواة.
دور الأسرة وتأثيرها بالنظر إلى تأثير بيئة الفنان، يخبرني بوسعد بأن تشجيع والدته كان له أكبر الأثر في نفسه، «كانت شغوفة بفن التطريز على الوسائد». أما عن مدى وعي والده إنسانيته «فقد أسهم بأثرٍ بالغ في رحلتي الفنية حيث كان يحتفظ بمجلات مرسومة بالألوان المائية تحتوى على رسوم واقعية دقيق، خاصة للوحات التبشيرية التي ساعدتني في تعلم أساسيات الرسم واللون». يحكي بوسعد بأن من أصعب المواقف التي مرّ بها، عندما رغب منه والده أن يدرس هندسة الطيران، حينها هرول لوالدته مرعوبًا، وقال «أريد الفن».. فذهبت الأم إلى الأب، وصارحتهُ بصوتٍ خائف «إبراهيم لا يريد دراسة هندسة الطيران، بل يريد الفن»، فلم يتكلم الأب، بل انسل إلى غرفته في صمتٍ تام، ثم خرج منها بالقرار: «لا استطيع إجباره على شيء، فاليختر أفضل جامعة فنية، وسأدعم رغبته». يقول بوسعد «كانت لأبي نظرة ثاقبة على الرغم من أن أغلب العائلات في تلك الفترة كانت تريد لأبنائها أن يكونوا مهندسين أو أطباء، ولم يكن يخطر على بالهم أن يكونوا فنانين، فلم يكن الفن مقبولاً آنذاك، حتى من وجهة النظر الدينية».
الفن ليس عبثًا يرى بوسعد أن للوحة أصولها، وأن الفن ليس عبثيًا، «حتى التجريد، له أصوله وتقاليده»، تقول، مستحضرًا الفنان خوان ميرو، وبيكاسو، «كان هؤلاء أكاديميون، درسوا الفن وفق أصوله»، متابعًا «هناك مفاهيم متعارف عليها، تُبنى عليها اللوحة وأهمها العمق، كما في لوحات فان جوخ، وبحثه عن جوهر الشيء، حيثُ قال (أنا لا أرسم التفاحة، أنا أرسم البذرة التي بداخل التفاحة)، فالعمل لابد أن يحمل كل القوانين والمواصفات الصحيحة لبناء العمل التشكيلي».
الفن يعالج ويعطي رؤية مغايرة يؤكد الفنان بأن الفن نسبي، والرضا والقبول بالفن ومستواه نسبيٌ كذلك. ولكن كثرة المعارض ليست مقياس لتطور الفن ومستواه؛ لذلك يجب تقنين المعارض، وتشكيل لجنة من الجهات العليا للثقافة والفنون لاختيار الأعمال الفنية لإجازة المعارض، لأن الإشكالية في الذائقة الجمالية، حيث إن الارتقاء بالذائقة الجمالية للمتلقي هي الأساس والهدف من الفن. وللوصول إلى هذه الغاية نحتاج لدراية علمية وتقنية للعمل الفني، فالعمل الفني الذي يمتلك تلك المقومات الصحيحة سيكون له الدور الريادي في تشكيل الذائقة الجمالية الإيجابية للمتلقي، فالثقافة ضرورة ومسؤولية وليست ترفًا. وعلى الفنان أن يحترم المتلقي وأحاسيسه ومشاعره. ولهذا يؤكد بوسعد على ضرورة تشكيل لجنة اختيار الأعمال التي تصلح لعرضها بالتنسيق بين صالات العرض والمجلس الوطني للفنون وهيئة البحرين للثقافة والآثار. وللنهوض بمسيرة الفنون التشكيلية في المملكة، يقترح بوسعد إنشاء معهد للفنون التشكيلية إن لم تكن كلية، وإنشاء متاحف متخصصة للأعمال الفنية المنتقاه بعناية (أعمال محلية، إقليمية، عربية، عالمية). والاهتمام بالمواهب الحقيقية الجديدة، وعمل الورش المتخصصة في جميع تخصصات الفن التشكيلي، تحت إشراف فنانين من ذوي الخبرات العالية. ويرى بوسعد بأن هذه الأنشطة لابد من تعزيزها بالندوات والمحاضرات ذات الطابع التفصيلي لفلسفة الفن واتجاهاته، وإقامة معرض فني دوري على هيئة «بينالي» لاستضافة مختلف التجارب العالمية، وأيضًا إنشاء قناة فضائية ثقافية متخصصة لتغطية الأنشطة الثقافية والفنية، وأخيرًا اختيار أصحاب العلم والخبرة والمعرفة لتقديم ما هو أفضل، فالثقافة عمل تراكمي تظهر نتائجه بعد حين.
الفن الحقيقي رسالة خالدة يقول الفنان «تأثرت بعلي القلاف الذي كان يبني السفن» فظهرعلى لوحاته كأنه يبني سفينة وليس مجرد رسم لوحة، وبعد عدة تجارب جماعية ركَز على تجاربه ومعارضه الشخصية. ويردف «كل عمل فني أخذ من عمري»، وبالشكل التراكمي أعمال بوسعد تمثل عُمره الذي قضاه في الفن، خمسون عامًا من الفن، والإنسان هو هاجسه الحقيقي، متأملاً مستقبل أفضل للبشرية. ومازال مستمرًا مُتشبثًا بالأمل بأن غدًا سيكون أفضل. وعن رسالته يصرح «رسالتي دومًا هي الارتقاء بالفن وبذوق المتلقي». أما رسالته للأجيال القادمة «علموا أبناءكم الفن منذ الصغر»، مؤكدًا أننا كدولة لها تاريخ عريق تمتلك إرثًا فنيًا تشكيليًا ومن الضروري توثيق هذه المسيرة، فالأمم تبقى بفنونها وثقافتها، لذلك التوثيق مهم ولكن لابد أن يكون توثيقًا صادقًا وأمينًا. يرى بوسعد الفن كحالة إنسانية راقية، لا يجوز العبث بها. كما يجب أن يكون صادقًا، ونابعًا من القلب، ولابد أن يحترم هدف الفن، ويحترم المتلقي من خلال تقديم ما هو راقٍ على المستوى الفكري والفني، للارتقاء بمستوى المتلقي الذي يشكل المجتمع، وبالتالي ينعكس على رقي المجتمع. وعن المغالاة في أسعار الأعمال لفنية، يقول بوسعد: «البعض يعتقد بأنهُ إذا رفع سعر عمله، أصبح عمله ذا قيمة، وهذا بالطبع ليس شرطًا. فما يعطي قيمة للعمل الفني هو التجربة والعمر وإحساس الفنان الذي يعطى تميز للعمل. أما الفنان الذي يسعى للشهرة فليس فنانًا، ومن أكبر الكبائر العبث بالعمل الفني وإعطائه صبغة تجارية». الجدير بالذكر أن أعمال الفنان بوسعد موجودة في مختلف دول العالم من ضمنها المتحف الوطني في مملكة البحرين ومتحف الفن الحديث في قطر والمتحف الوطني في الشارقة ودارالفنون والمتحف الوطني الأردني في الأردن والمتحف البريطاني في المملكة المتحدة والمجلس الوطني للثقافة والفنون في الكويت. وقد حصل على العديد من الجوائز داخل وخارج المملكة أهمها السعفة الذهبية بمعرض دول مجلس التعاون والجائزة التقديرة من وزارة الإعلام بمملكة البحرين.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا

إقرأ أيضاً:

إبراهيم بقال شخصية غريبة.. هو متمرد لئيم، ولكنه يبدو مثيرا للشفقة

لا أستطيع أن أفهم النوايا والدوافع الداخلية للرجل، والإنسان العادي بطبيعة تكوينه كائن مركب ومعقد، فما بالك بنوايا ودوافع شخص “غير عادي” بالمعنى الوصفي للكلمة. بمعنى هو ليس شخصا استنثائيا، ولكنه مختلف عن الطبيعي والسائد، وبالتالي فهو قد يكون أكثر تعقيدا (أو ربما أكثر بساطة لمن يستطيع أن يحلل شخصيته بشكل دقيق)، ولكن على العموم من حيث كونه إنسان فهو بلاشك ينطوي على قدر من التعقيد النفسي، ولذلك لا أستسهل وصف دوافعه العميقة أو أختزل شخصيته في وصف محدد من شاكلة إنتهازي/خائن/مصلحي/صادق وشجاع/مجنون …. إلى آخره.

الأسهل هو وصف وتحليل أفعاله الظاهرة:
بقال كان مؤتمر وطني وبعد سقوط النظام وقف وقفة شجاعة وواجه قحت وقطيعها في لحظة اختفى فيها كل الكيزان تقريبا. هذا يعطيك لمحة عن شخصيته.

خلال الفترة الإنتقالية ظهر له تسجيل وهو يتكلم عن حميدتي بغضب شديد وقال ما معناه إنه لن يدافع عن حميدتي مرة أخرى وحتى لو وجده في النار سيزيد حطبها. والسبب كان تهميش حميدتي وشقيقه عبدالرحيم له واهتمامه بآخرين وتفضيلهم بالمنح والعطايا. لمحة أخرى عن الشخصية.

بعد 25 أكتوبر والإطاحة بحكومة قحت عاد الكيزان إلى المشهد بقوة، وبقال الذي كان يقف في الصفوف الأولى للدفاع عن الكيزان ودفع الثمن، وجد نفسه في الهامش. وحينما بدأ في الاحتجاج تعرض لموجة من التنمر والإساءات من قطيع الكيزان، ودفعه ذلك (ربما ضمن عوامل أخرى) إلى الانسلاخ من الحركة الإسلامية ثم أصبح لاحقا من الموالين لحميدتي، بدوافع جهوية في الغالب. لمحة ثالثة عن الشخصية، وطريقة تحركها.

وهو شحص يحب الظهور مع الشخصيات العامة الكبيرة مثل رئيس مجلس السيادة وله صورة مع السفير السعودي، ولكنه صحفي في النهاية والتصوير مع الشخصيات العامة عادة منتشرة عند الكثيرين، ومع ذلك فهذه زاوية أخرى للنظر إلى شخصيته.

بعد اندلاع الحرب إنتقل من الحياد الظاهري إلى التأييد الصريح للدعم السريع وظهر كبوق إعلامي في البداية ثم أصبح واليا للخرطوم وشهدت هذه الفترة كثافة في التسجيلات المصورة التي أنتجها ضمن دعاية المليشيا الإعلامية. وكل ما ينتمي إلى المليشيا خلال هذه الحرب وخصوصا دعايتها هو مسرحي وجنوني وهناك حالة عامة من الجنون في كل ما قامت به المليشيا وبقال جزء من هذه الحالة، ولكن مع ذلك لا نستطيع أن ننفي أو نتجاهل اللمسة الجنونية الخاصة لبقال. وهنا قد يظهر لك شخص يعاني من اضطراب نفسي.

الظهور الأخير لبقال ضمن عدة فيديوهات في حالة من الصدمة والذهول جلعته يقول ما لايقال حول انسحاب المليشيا وهروبها من الصالحة، وجسد ظهوره مشهدا ملخصا لحالة الهزيمة وانهيار الأوهام لدى المليشيا. وقد تؤخذ قصة بقال بشخصيته بكل تعقيداتها وعللها ووهم الصعود والسيطرة ووالي الخرطوم والنفي الكاذب لتقدم الجيش وغير ذلك من الدعاية التي كان يرددها بقال ثم دراما هروبه الذليل وإعلانه لهزيمة المليشيا وهروبها بهذه الشكل، كل ذلك بقدر ما يكشف عن جوانب في شخصيته فهو أيضا يختصر قصة المليشيا كلها من ناحية أخرى.
بقاء بقال طوال هذه الفترة في الخرطوم وعدم هروبه أيضا يكشف أبعادا من شخصيته. الثقة في الموقف العسكري للمليشيا قد تكشف سذاجة مفرطة أو شجاعة تهور وربما عدمية.
الإلتزام والثبات مع القضية مهما كانت خاسرة في الظاهر، هذه من سمات الشخصية التي توحي بالصدق في القناعات، حدث ذلك مع المؤتمر الوطني بعد هزيمته، وأيضا مع الدعم السريع بعد الهزيمة. بقال يبقى يقاتل حتى بعد الخسارة. هذا جانب آخر للشخصية.

بعد هروبه أصبحت التسجيلات التي أطلقها حديث الوسائط ما أثار عليه موجة من الهجوم من المليشيا هذه المرة. هجوم عنيف دفعه لإصدار تسجيلات ما زالت تتوالى. وهنا يظهر لك الجانب من شخصية بقال، وهو الجانب الأكثر جوهرية. الشخصية غير الموفقة، والتي دائما بعد كل الذي تفعله لخدمة قضية معينة تجد نفسها تحت مرمى النيران من الرفاق أو الإخوة وتشعر بأن الإخوة أو الرفاق هم في الحقيقة أسوأ من الأعداء. حدث له ذلك مع الكيزان، والآن يتكرر الأمر مع الدعم السريع ولكن بشكل آخر.

في التسجيل الآخر ظهر بقال كشخص وصل مرحلة من اليأس واللامبالاة ووصل إلى حافة الحياة. كما قال هو الآن بين نارين من جهة هو مطارد العدو (أي الجيش والقوات المساندة) ومن جهة أخرى يتعرض لنقد وهجوم عنيف بسبب موقفه الأخير، وهو موقف يكشف عن شخصية بها المزيج من العصبية والهشاشة؛ موقف ألحق ضررا إعلاميا ومعنويا كبيرا بالدعم السريع. ولكنه لم يكن مخطئا في كل شيء، فقد كان صادقا في كل كلمة قالها، كانت لحظة الصدق والحقيقة أخيرا بعد رحلة طويلة من الدعاية والأكاذيب لمصلحة المليشيا: هرب الجميع، وجد بقال نفسه يواجه مصيره وحيدا. ومع ذلك لم يسلم من الأذى، وهنا انفجر في الجميع وتحدى الجميع وسبهم وسب كل شيء (ما عدا حميدتي وعبدالرحيم فهو يحتفظ بالولاء لهما وحدهما) ودعا من له شيء ضده أن يأتي ويطلق رصاصة على رأسه؛ كلام فيه توسل وابتزاز عاطفي ولكن ظاهره التحدي والامبالاة وربما الاستسلام للمصير. ولكنه يدل أيضا على شجاعة يائسة. ويظهر من كلامه أيضا الصدق في القناعات والتمسك بالقضية الخاسرة حتى النهاية.
كل ما تقدم هو تحليل أقرب إلى الوصف، يحاول أن يرسم صورة، أن يظهر الشخصية، لا أن يختزلها في نظرية أو فرضيات يسقطها عليها.
هو متمرد لئيم، ولكنه يبدو مثيرا للشفقة.

حليم عباس

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • أخبار الفن: مسلم يرد علي انتقادات بدلته وأزمة زوجته مع بلوجر شهير .. أحمد السقا فى أول ظهور بعد انفصاله
  • قائمة المنتخب الوطني لمواجهتي البحرين وأستراليا ضمن تصفيات كأس العالم
  • بطل الساحر : ابتعدت عن الفن 23 عامًا بسبب سفري للسويد وعملت هناك مدرسا
  • جاسيكا حسام الدين تنضم لفيلم إذما مع أحمد داود .. خاص
  • المطران إبراهيم إبراهيم: أسعد نكد رجل بحجم دولة وعد ووفى
  • إبراهيم بقال شخصية غريبة.. هو متمرد لئيم، ولكنه يبدو مثيرا للشفقة
  • إبراهيم صلاح: هذه فوائد معسكر الزمالك.. وما يحدث لا يليق بـ الكرة المصرية
  • أخبار الفن: تفاصيل طلاق السقا ومها الصغير للمرة الثالثة .. سعيد حامد يناشد منحه الجنسية المصرية
  • من قلوب مشتاقة إلى رحاب الحبيب.. زيارات الروضة توثق لحظات لا تُنسى لحجاجنا
  • ماذا قال نجوم الفن عن أنباء انفصال أحمد السقا ومها الصغير؟