تقرير: "شبكة العنكبوت" الأوكرانية كشفت كلفة الحرب على روسيا
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن نتائج الهجوم الأوكراني بالطائرات المسيّرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، بينت أن روسيا فقدت قاذفات قد لا تتمكن تعويضها أبدا، وأن أسطولها الجوي تلقّى ضربة موجعة قد تدفع موسكو إلى إعادة النظر في أسلوب شنّ غاراتها على أوكرانيا، إضافة إلى أن ضربات عميقة داخل الأراضي الروسية كشف كلفة الحرب الطويلة.
وأشار التقرير إلى أن صور الأقمار الاصطناعية وتحليلات الخبراء أوضحت ضخامة العملية، مضيفا أن الجرأة الأوكرانية، التي تمثلت في التخطيط السري على مدى 18 شهرا لإخفاء طائرات مسيرة داخل شاحنات بهدف ضرب قواعد جوية على بعد آلاف الكيلومترات من كييف، قابلها حجم كبير من الخسائر في صفوف سلاح الجو الروسي.
لكن الأهم بالنسبة لكييف، حسب التقرير، هو إثباتها قبيل مفاوضات وقف إطلاق النار في إسطنبول، أنها قادرة على تغيير قواعد اللعبة، وإيصال رسالة واضحة للكرملين مفادها أن الأهداف الواقعة في عمق روسيا أصبحت معرضة للخطر، حتى من دون استخدام أسلحة غربية.
ضربة "موجعة"
يقول مايكل كوفمان المحلل العسكري في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن الضربات الأوكرانية قلّصت قدرة روسيا على تنفيذ ضربات من مسافة بعيدة، عبر تدمير طائرات يصعب على موسكو تعويضها.
وأضاف:"قد لا يكون ذلك كافيا لوقف الغارات الروسية على أوكرانيا، نظرا لحجم أسطول القاذفات، لكنه يثبت أن مواصلة الحرب سيكلف روسيا الكثير، ليس فقط عسكريا، بل من حيث مكانتها كقوة كبرى".
واعتمدت عملية "شبكة العنكبوت" على تهريب طائرات مسيّرة إلى داخل روسيا، حيث تم نقلها داخل صناديق مموّهة على متن شاحنات إلى مواقع الإطلاق، قبل أن تُستخدم في استهداف طائرات قاذفة قادرة على حمل أسلحة تقليدية ونووية.
وأوردت الصحيفة البريطانية أن التقديرات تتفاوت حول عدد الطائرات التي أُصيبت. فقد أعلنت أوكرانيا أن أكثر من 40 طائرة تعرّضت للتدمير أو لأضرار جسيمة، فيما اعترفت روسيا فقط بتضرر "عدد من الطائرات نتيجة اندلاع حريق". أما المحللون المستقلون المعتمدون على مصادر مفتوحة، فيقدّرون العدد بما بين 10 إلى 12 طائرة.
خسائر الطائرات الاستراتيجية
وقال محللون لصحيفة "فايننشال تايمز" إن الطائرات التي تم استهدافها تمثل نحو 20% من القاذفات الروسية البعيدة المدى الجاهزة للاستخدام. وهي طائرات مصممة لتنفيذ هجمات عميقة داخل أراضي الخصم، وتحمل حمولات ثقيلة.
وأشار فابيان هوفمان، الباحث في جامعة أوسلو، إلى أن هذه الطائرات كانت من بين الأكثر جهوزية، بينما كانت غيرها تخضع للصيانة، ما يجعل خسارتها أكثر إيلاما.
أما ويليام ألبيرك، المسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي ويعمل حاليا في مركز "ستيمسون"، فيقول إن الطائرات المستهدفة استخدمت لقصف أهداف مدنية داخل أوكرانيا، بما في ذلك خلال الموجات الأخيرة من الهجمات.
واستنادا للتقرير، فإن روسيا تواجه الآن تحديا مزدوجا: ليس فقط تقلّص عدد قاذفاتها، بل أيضا الحاجة إلى إعادة التفكير في كيفية توزيعها.
وفي السابق، كانت روسيا تعتمد على تجميع الطائرات لتنفيذ ضربات جماعية، لكن هذا قد لا يكون ممكنا بعد الآن.
ويقول ألبيرك: "إذا اضطرت روسيا إلى توزيع الطائرات لتقليل المخاطر، فستضعف قدرتها على تنفيذ هجمات كثيفة وتجاوز الدفاعات الأوكرانية، مشيرا إلى، أن موسكو قد تتخلى تماما عن محاولة تعويض هذه الخسائر، وهو أمر قد يستغرق سنوات، وربما عقودا.
ويقول أوليكسي ميلنيك، المحلل العسكري في مركز رازومكوف وضابط سابق في القوات الجوية الأوكرانية، في تصريحات نقلتها "فايننشال تايمز": "الضربة أصابت قاذفات استراتيجية لا تستطيع روسيا تصنيعها مجددا في الوقت الحالي. لقد فُقدت نهائيا".
ويضيف: "من منظور عسكري، ما حدث يُعد فشلا ذريعا، وسيتعيّن على القيادة الروسية تقديم إجابات صعبة وربما البحث عن كبش فداء".
غضب داخلي
وأثارت العملية أثار موجة غضب داخل أوساط المدونين الموالين للحرب في روسيا على تطبيق تيلغرام.
وكتب حساب "ريبار"، الذي يتابعه أكثر من 1.3 مليون شخص ويُديره مسؤول سابق في وزارة الدفاع الروسية: "تم بناء ملاجئ بدائية للطائرات التكتيكية، لكن لم يُتخذ أي إجراء لحماية الطائرات الاستراتيجية، رغم أنها لم تعد تُنتج، وأي خسارة فيها لا يمكن تعويضها".
وبين أن "الثالوث النووي" الروسي، الذي يشمل وسائل إطلاق برية وبحرية وجوية، لطالما اعتُبرت الوسائل الجوية الأضعف والأقل موثوقية، نظرا لسهولة استهدافها. وقد يؤدي هذا الهجوم إلى تسريع التوجه الروسي نحو الاعتماد الأكبر على الغواصات والمنصات البرية.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات سلاح الجو الروسي الضربات الأوكرانية شبكة العنكبوت أوكرانيا القوات الجوية الأوكرانية روسيا وتركيا اتفاق روسيا وتركيا شبكة العنكبوت الشبكة العنكبوتية سلاح الجو الروسي الضربات الأوكرانية شبكة العنكبوت أوكرانيا القوات الجوية الأوكرانية أخبار روسيا
إقرأ أيضاً:
البعد الإستراتيجي للحرب الروسية الأوكرانية
في البداية أبوح لكم بأني متمسك برأيين حول أوكرانيا صرح بهما رجلان حكيمان بلغا قرنا من العمر كل على حدة: الأول هو المفكر الأمريكي عالم الألسنيات من أصول يهودية وما زال حيا (ناحوم تشومسكي) والثاني متوفى ويسمونه ثعلب الدبلوماسية الأمريكية مخطط لقاء (كامب ديفيد) الذي أخرج مصر من المواجهة العربية الإسرائيلية (هنري كيسنجر) وسبق أن علق الرجلان على الحرب الروسية الأوكرانية فاتفقا على أن موقع أوكرانيا المنطقي والحقيقي هو الحياد وليست مؤهلة لا للعودة الى اتحاد الجمهوريات الروسية ولا للانضمام الى الحلف الأطلسي وعضوية الاتحاد الأوروبي.
ولنحلل حالة العلاقات الدولية اليوم من خلال أوكرانيا ومخاطر حرب عالمية ثالثة تنطلق هذه المرة أيضا كسابقتيها من قلب أوروبا لتعم العالم. فقد نجح ترامب في الوصول إلى اتفاق تاريخي مع روسيا يبعدها عن التحالف مع الصين. وتذهب الخطة أبعد من ذلك حين تطالب خطة الرئيس (ترامب) نظيره الأوكراني بالتخلي عن أراضٍ ما تزال تحت سيطرتها لضمها رسميًا إلى روسيا مما يضطرنا للإقرار بأن الرئيس (زيلنسكي) حول أوكرانيا إلى ساحة صراع دولي لا يملك أي قرار فيه.
بل ترك مصير بلاده رهن حسابات قوى دولية كبرى متصارعة حين راهن على دعم أمريكي مطلق ليكتشف في النهاية أن أمريكا تتعامل معه كورقة تفاوض لا أكثر. واليوم فإن كل ما قُدم من تضحيات وكل ما خسرته أوكرانيا من أراضٍ واقتصاد واستقرار، ينتهي على طاولة تفاوض بين موسكو وواشنطن من دون أن يكون للرئيس (زيلنسكي) حق الاعتراض أو حتى مجرد الحضور!
ثم إن تجاهل واشنطن للأوروبيين في هذه الصفقة ليس تفصيلًا بسيطا لأن الأوروبيين الذين أجبرتهم واشنطن ولنقل شجعتهم على الدخول في هذا الصراع هم المتأثرون مباشرة بالحرب بين روسيا وأوكرانيا ومع ذلك جرى تجاوزهم بالكامل! وكل ما استطاعوا إظهاره للعلن في قمتهم الأخيرة المنعقدة في بروكسل هو التعبير عن الانزعاج والخيبة، في مشهد يعكس عجزهم السياسي وانكشافهم الاستراتيجي.
واشنطن لا تتعامل معهم كشركاء بل كمجال نفوذ تتغير فيه السياسات بحسب المصالح الامريكية والروسية الاستراتيجية
لقد اكتشفوا مرة أخرى أن واشنطن لا تتعامل معهم كشركاء بل كمجال نفوذ تتغير فيه السياسات بحسب المصالح الامريكية والروسية الاستراتيجية. لأن القوى النووية والاقتصادية الثلاث (واشنطن وموسكو وبيجين) لا تحمي أحدًا في الحقيقة بل تستخدم الجميع بدون اعتبارات أيديولوجية كانت سائدة قبل سقوط جدار برلين في نوفمبر1989 فيما عرف بالحرب الباردة. وما يجري اليوم مع (زيلنسكي) وأوروبا ليس إلا نموذجًا جديدًا يؤكد كيف تستدرج القوى العظمى بعض الغافلين من الحكام لتنفيذ أجنداتها ثم تتبرأ منهم عند أول فرصة! فهذا كان وما زال حال كل القوى العالمية المهيمنة على العالم ولم تختلف هذه السياسات إلا في مراحل الحكم الاسلامي للعالم منذ فجر الإسلام ودولة المدينة ثم الخلافة الأموية تليها العباسية انتهاء بالسلطان العثماني حتى سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924.
وكما يعرفني قرائي منذ بدأت أنشر ما أعتقده فأنا لست ممن يدعو الى القطيعة بين دولنا والدول العظمى ولكن تحالفنا مع إحداها لا يعني الانسياق وراء مخططات قد تعود بالضرر على بلداننا وعيا منا جميعا أن ما يحكم العلاقات الدولية هو المصلحة والمصلحة فقط وبحكم علمنا ان كل الدول العظمى في إطار رؤيتها للقرن الحادي والعشرين تسعى مثلا للسيطرة على القارة الافريقية وتحجيم الدور الأوروبي الاستعماري فيها وهو ما عبرت عنه انتفاضات عسكرية في مالي والنيجر وبوركينا فاسو وآخرها الانقلاب العسكري في غينيا الوسطى يوم 26 نوفمبر الجاري.
وشرعت الشعوب الفرنكوفونية منذ 3 سنوات في الخروج من سيطرة باريس على مقدراتها وستتبعها الأمم التي خضعت لبريطانيا بلا ريب.
ولا ننسى أن الغاية الجيوستراتيجية لواشنطن وموسكو تبقى هي القضاء على الوجود الصيني في افريقيا فقد توصل الرئيس ترامب الى اتفاق مع بوتين تضمن به الولايات المتحدة كسب موافقة (بوتين) على أن تكون موسكو شريكة لها في تحقيق ذلك.
وبالعودة الى موضوعنا الأساسي فقد حدث اتفاق بين الولايات المتحدة واتحاد الجمهوريات الروسية يدخل بموجبه الرئيسان الأمريكي والروسي في تحالف غير معلن بين القوتين العظميين في مواجهة الصين! أي ضد المنافس الصيني الأخطر وهو ما يؤدي الى قطع امدادات الطاقة عنها عبر خط سيبيريا متى طلبت واشنطن ذلك مقابل السماح لروسيا بدور متقدم حتى على أوروبا في السياسة الدولية وهو ما يرضي غرور (بوتين) ونرجسيته وحلمه القديم باستعادة الإمبراطورية القيصرية لروسيا! فبعد أربع سنوات من الحرب الروسية الاوكرانية حققت واشنطن أهدافها بإضعاف روسيا واجبارها على الدخول تحت جناحها وكان لا بد من تقديم هدية للرئيس (بوتين) وهي المتمثلة في حصوله على أراض أوكرانية أكثر مما احتل ليظهر أمام شعبه بمظهر المنتصر في الحرب.
ومن جهة ثانية اضعفت الأوروبيين وكشفت واقعهم الهزيل أمام شعوبهم وأمام العالم وأنهم بدون المظلة الأمريكية في السلم والحرب غير قادرين على فعل أي شيء بل غير قادرين حتى على حماية أنفسهم وهو ما سينعكس على سياسات أغلب الدول.
أما الصين التي كانت تفتخر بأنها القوة العالمية القادمة فقد أفشلت واشنطن كل خططها من مبادرة الحزام وطريق الحرير الى منظمة (البريكس) الى تواجدها في كثير من موانئ العالم وحاصرتها باتفاقيات وتحالفات مع كل الدول المحيطة بها وآخرها الاتفاق مع الهند وحاليا مع روسيا مما شكل هلالا يحصر الصين في مجالها الجغرافي ويجبرها على الانكفاء والتسليم بقيادة أمريكا للعالم في هذا القرن. وستشهد السنوات القادمة مزيدا من هذه الهيمنة خاصة لو خطط خبراء الاستراتيجيات الأمريكان لتفكيك خريطة العالم القديمة وهو ما يسعى لتنفيذه العنصريون المتطرفون في الحكومة الإسرائيلية حيث شرعوا في فصل الضفة عن القطاع.
وأعلن رئيس حكومتهم أنه لا يعترف بتقسيم (سايكس بيكو) لأن بريطانيا وفرنسا كانتا عام 1916 هما الامبراطوريتان الأقوى أما اليوم ونحن في سنة 2025فالعالم معترف بوحدانية القطب الأمريكي وبأن القاطرة التي تقود الشرق الأوسط هي إسرائيل! وهذا ما يجب على جميع العرب أن يعوه و يتعاملوا معه بذكاء كواقع مفروض على العالم كله.
الشرق القطرية