هل الولايات المتحدة وفنزويلا على مشارف حرب؟ خبير عسكري يجيب
تاريخ النشر: 31st, October 2025 GMT
قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن الحديث عن حرب وشيكة بين الولايات المتحدة وفنزويلا غير دقيق في ضوء موازين القوى القائمة، مشيرا إلى أن الانتشار العسكري الأميركي في منطقة الكاريبي لا يرتقي إلى مستوى التحضير لعمل عسكري واسع النطاق.
وأوضح حنا أن هذا الانتشار جزء من سياسة أميركية قديمة تعود جذورها إلى ما يُعرف بـ"عقيدة مونرو" عام 1823، وهي التي أرست مفهوم الهيمنة الأميركية على نصف الكرة الغربي، لافتا إلى أن الحشد الحالي، رغم ضخامته، لا يمثل أكثر من 10% من القوة البحرية الأميركية.
ويرى أن هذا الانتشار يهدف أساسا إلى الضغط على فنزويلا عبر خلق مناخ من التهديد المستمر، أملا في زعزعة العلاقة بين النظام والجيش أو دفع الرئيس نيكولاس مادورو إلى التفاوض مع واشنطن.
وأكد أن واشنطن تسعى من وراء هذه الخطوة إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، في مقدمتها السيطرة على جزء من احتياطي النفط الفنزويلي الهائل الذي يُعد الأكبر في العالم.
وتتزامن تصريحات حنا مع تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لا يفكر في شن ضربات داخل فنزويلا، رغم أن مسؤولا أميركيا قال للجزيرة إن هيئة الأركان قدمت للرئيس خيارات بشأن أهداف لتهريب المخدرات داخل الأراضي الفنزويلية.
ضربات محدودةوأضاف المسؤول أن الإدارة الأميركية تدرس إمكانية توجيه ضربات محدودة ضد مواقع لتهريب المخدرات، وأن حاملة الطائرات "فورد" ستصل إلى الكاريبي خلال أيام لتعزيز الانتشار العسكري هناك.
ويشير العميد حنا إلى أن السماح لوكالة الاستخبارات المركزية (CIA) بالعمل سرا داخل فنزويلا يوحي بوجود مرحلة تحضير متقدمة تجمع بين الضغط الخارجي والعمل السري الداخلي، وهو ما يعكس إستراتيجية مزدوجة تهدف إلى إنهاك النظام من الداخل.
ويضيف أن واشنطن تستخدم أدواتها في المنطقة ضمن ما يشبه "التطويق الكامل" لفنزويلا، يمتد من كوبا إلى بورتوريكو مرورا بترينيداد وبنما، في إطار محاولة عزلها سياسيا واقتصاديا.
إعلانوفي موازاة هذه التطورات، نقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن وثائق أميركية أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين المساعدة في تعزيز الدفاعات الجوية لبلاده، بما في ذلك ترميم طائرات "سوخوي" الروسية التي اشترتها كراكاس في وقت سابق.
كما كشفت الصحيفة أن مادورو تواصل مع كلٍّ من الصين وإيران طلبا لدعم عسكري ومعدات دفاعية، في محاولة لتحصين بلاده أمام أي هجوم محتمل أو ضغط أميركي متزايد.
شبكة تحالفاتويعتبر حنا أن هذه التحركات الفنزويلية تأتي ضمن سياق طبيعي لمحاولة موازنة التهديد الأميركي، مؤكدا أن مادورو يسعى إلى خلق شبكة تحالفات تردع أي مغامرة عسكرية أميركية محتملة في المنطقة.
في المقابل، يرى كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب الأميركي آدم سميث أن بلاده قد تشن في نهاية المطاف هجمات برية داخل فنزويلا بعد سلسلة ضربات جوية تستهدف عصابات المخدرات، داعيا إلى مزيد من الشفافية بشأن الأهداف العسكرية المعلنة.
ويرى حنا أن مثل هذه التصريحات قد تندرج ضمن الحرب النفسية الرامية إلى إبقاء النظام الفنزويلي تحت الضغط، مشيرا إلى أن أي تدخل بري أميركي سيكون مكلفا سياسيا وعسكريا، وقد يعيد للأذهان تجارب واشنطن الفاشلة في أميركا اللاتينية خلال العقود الماضية.
ويخلص الخبير العسكري إلى أن ما يجري في الكاريبي ليس سوى فصل جديد من سياسة "العصا القصيرة"، إذ تعتمد واشنطن على الإشارات العسكرية والضغوط الاستخباراتية لفرض وقائع سياسية جديدة بدون الانزلاق إلى حرب شاملة، لأن الحرب -وفق تقديره- ليست خيارا واقعيا في الوقت الراهن.
ويشير إلى أن الرئيس ترامب، الذي يسعى إلى إظهار حزم في ملفات السياسة الخارجية، يستخدم الملف الفنزويلي لتعزيز صورته الداخلية، معتمدا على خطاب القوة دون تحمل كلفة المواجهة المباشرة.
ويؤكد العميد إلياس حنا أن المشهد الحالي يعكس توازنا دقيقا بين استعراض القوة والردع المتبادل، إذ تحاول واشنطن فرض إرادتها عبر الضغط المركب، بينما تسعى كراكاس لتثبيت صمودها بالتحالف مع قوى دولية كروسيا والصين، في مشهد يعيد أجواء الحرب الباردة إلى سواحل الكاريبي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات حنا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تدين الضربات الأمريكية على «سفن الكاريبي»: غير مقبولة
أفادت مصادر أمريكية لصحيفة وول ستريت جورنال أن إدارة الرئيس دونالد ترامب حددت أهدافاً محتملة في فنزويلا تشمل منشآت عسكرية يُشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات، في تصعيد كبير يعكس سياسة واشنطن الرامية إلى الضغط على النظام الفنزويلي.
وأوضح المسؤولون أن أي ضربات جوية محتملة تهدف إلى إرسال رسالة واضحة للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو مفادها أن “الوقت حان للتنحي”.
وأضافوا أن الحملة الجوية قد تركز على مواقع تعتبر نقاط التقاء بين عصابات المخدرات ونظام مادورو، في إطار جهود ترامب لزعزعة استقرار النظام.
في السياق، أدان رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، الضربات العسكرية الأمريكية الأخيرة على سفن يُزعم أنها تنقل مخدرات غير قانونية من أمريكا الجنوبية، واصفًا هذه العمليات بأنها “غير مقبولة”، ومطالبًا بوقفها فورًا وإجراء تحقيق مستقل لتحديد المسؤوليات.
وقالت المتحدثة باسم مكتب حقوق الإنسان، رافينا شامداساني، خلال إحاطة صحفية في جنيف اليوم الجمعة، إن أكثر من 60 شخصًا لقوا حتفهم منذ مطلع سبتمبر في سلسلة ضربات جوية نفذتها الولايات المتحدة على قوارب في الكاريبي والمحيط الهادئ، وفقًا لما ذكرته وسائل الإعلام الغربية.
وأضافت شامداساني أن هذه العمليات “تنتهك القانون الدولي لحقوق الإنسان، وتكلفتها البشرية المتزايدة غير مقبولة على الإطلاق”، مشددة على أن مكافحة تهريب المخدرات يجب أن تظل ضمن إطار إنفاذ القانون مع الالتزام بالحدود الصارمة لاستخدام القوة المميتة.
من جهتها، أعلنت الولايات المتحدة تنفيذ ضربات ضد سفن يُشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات، بأوامر مباشرة من الرئيس دونالد ترامب. وقال وزير الحرب الأمريكي، بيت هيغسيت، إن القوات الأمريكية نفذت ضربة حركية قاتلة ضد سفينة في شرق المحيط الهادئ، ما أسفر عن مقتل أربعة أشخاص من تجار المخدرات، بعد التأكد من تورط السفينة في عمليات تهريب كبيرة.
كما أقرت واشنطن بتنفيذ 14 هجومًا خلال الأسابيع الماضية في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، أسفرت عن مقتل 58 شخصًا، إضافة إلى عمليات سرية داخل الأراضي الفنزويلية باستخدام وكالة الاستخبارات المركزية (CIA).
من جانبه، أعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن بلاده اعترضت ثلاث طائرات يشتبه في استخدامها لتهريب المخدرات، وتدمير معسكرين يديرهما ما وصفهم بـ”تجار مخدرات إرهابيين كولومبيين” في منطقة الأمازون جنوب البلاد، ويتهم مادورو الولايات المتحدة باستخدام ملف المخدرات ذريعة للتدخل في شؤون فنزويلا وفرض تغيير في النظام والسيطرة على موارد النفط، بينما تتهم واشنطن مادورو بقيادة “كارتل مخدرات”.
آخر تحديث: 31 أكتوبر 2025 - 17:49