يروي زيدان -الذي غطى الحرب الأفغانية منذ ثمانينيات القرن الماضي- أن مقارنة سوريا بأفغانستان ظالمة لكليهما، فلكل سياقه وتاريخه وأدواته الاجتماعية والسياسية.

ويؤكد أن من يعرف تضاريس قندهار وكابل يدرك أن المجتمع الأفغاني قبلي الطابع، يحتكم إلى الأعراف والقبائل أكثر مما يحتكم إلى الدولة، بينما المجتمع السوري مدني متنوع يقوم على مؤسسات تعليمية وثقافية عريقة تشكلت عبر قرون.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4رئيس الاستخبارات الأفغانية: نرفض مزاعم وجود مقاتلين أجانب في البلادlist 2 of 4هل نجحت زيارة الشرع التاريخية إلى نيويورك؟list 3 of 4إمارة أفغانستان بين الزلزال والحصارlist 4 of 4مفتي القاعدة السابق يروي قصة هروبه من الأمن الإيراني وعودته لموريتانياend of list

ويضيف الصحفي السوري خلال لقاءه في برنامج (مشارق) أن أفغانستان عاشت حربا ضد الغزو الأجنبي جعلت البندقية رمزا للهوية، بينما انطلقت الثورة السورية من مطلب الحرية والكرامة، قبل أن تتحول بفعل القمع إلى صراع مفتوح متعدد اللاعبين.

ويرى أن هذا التحول غيّر طبيعة الثورة نفسها، إذ فقدت تدريجيا طابعها الشعبي حين تدفقت عليها التنظيمات ذات الأجندات العابرة للحدود.

يستعيد زيدان بداياته مراسلا شابا يحمل آلة تسجيل صغيرة يجوب الجبهات في خوست وجلال آباد، حيث كان يلتقي قادة المجاهدين ويستمع إلى رواياتهم عن القتال ضد الاتحاد السوفياتي.

هشاشة الوعي

ويقول إن التجربة هناك كانت "مختبرا لفهم العلاقة بين الإيمان والسياسة"، لكنها أيضا كشفت هشاشة الوعي بالدولة، فكل فصيل كان يرى نفسه نواة الحكم القادم.

ويشير إلى أن سقوط كابل عام 1992 لم يكن انتصارا وطنيا بل بداية حرب داخلية جديدة، لأن النصر لم ترافقه رؤية جامعة.

ويستحضر في المقابل مشهد الثورة السورية التي افتقرت إلى القيادة الموحدة، معتبرا أن الفصائل المتناحرة كررت الخطأ نفسه حين جعلت الانتصار العسكري هدفا بحد ذاته، لا وسيلة لبناء دولة.

يتحدث زيدان عن شخصيات التقاها في أفغانستان تركت أثرا بالغا في رؤيته، من عبد رب الرسول سياف إلى برهان الدين رباني وأسامة بن لادن، ويقارنهم بقيادات الثورة السورية التي برزت لاحقا، مثل أحمد الشرع الذي التقى به في الشمال السوري.

ويقول إن الفارق بين التجربتين أن القادة الأفغان حكموا باسم الدين والعشيرة، أما قادة سوريا فكانوا أبناء مجتمع مدني يسعى لتأسيس شرعية جديدة لا تقوم على العصبية.

ويروي حادثة جمعته بالشرع في غرفة عمليات، حين دعا الأخير الحاضرين إلى الجلوس على الأرض في جلسة شورية مفتوحة، قائلا إن المشهد يرمز إلى توازن السلطة بين القائد والمقاتل، ويرى أن مثل هذه الممارسات كانت تعبيرا عن وعي سياسي متقدم مقارنة بما شاهده في أفغانستان من مركزية صارمة للقرار.

المشترك بين التجربتين

ويقول إن المشترك بين التجربتين هو الإيمان بعدالة القضية، أما الفارق فتكمن جذوره في طبيعة المجتمعين؛ ففي أفغانستان تفرض الجغرافيا والعزلة نمطا من الاستقلالية لكل وادٍ وقبيلة، بينما في سوريا تُغري المدن والاتصال الدائم بالانقسام السياسي والفكري.

كما يلفت إلى أن المجتمع الدولي تعامل مع أفغانستان بوصفها ساحة صراع ضد السوفيات، فحظيت بالدعم والاهتمام، بينما تُركت سوريا تواجه مصيرها وسط توازنات معقدة لم تسمح لأي طرف بالحسم. ويضيف أن غياب الإرادة الدولية لإنهاء الحرب جعل الثورة رهينة التجاذبات الإقليمية.

ويؤكد زيدان أن المقارنة بين طالبان وفصائل الثورة السورية غير منصفة؛ فطالبان وُلدت من رحم بيئة واحدة متجانسة جمعتها المدارس الدينية، بينما الفصائل السورية نشأت في بيئة متعددة الخلفيات والولاءات، ويرى أن فشل هذه الفصائل في بناء رؤية جامعة هو ما أطال أمد المأساة.

وفي حديثه عن الإعلام، يوضح أن تغطيته لأفغانستان علمته أن الرواية تُكتب من الميدان لا من المكاتب، وأن الصوت الذي يُسمع أولًا يملك القدرة على صياغة الذاكرة. لكنه يعترف بأن المشهد السوري أكثر تعقيدا، لأن تعدد المنابر واختلاف المرجعيات جعل الحقيقة نفسها محل تنازع.

ويستعيد زيدان صور القصف على حلب ويقارنها بمشاهد القصف على جلال آباد قبل عقود، ليقول إن التاريخ يعيد نفسه لكن بأدوات مختلفة، فبينما كانت الطائرات السوفياتية تقصف باسم الأيديولوجيا، كانت طائرات النظام السوري تقصف باسم "السيادة".

ويرى أن التجربتين علمتاه أن الشعوب لا تُهزم ما دامت تملك إرادة الوعي، وأن السلاح بلا وعي يتحول إلى عبء على أصحابه، لكنه يؤكد أن سوريا ليست أفغانستان، لأن الأولى تبحث عن دولة حديثة تحت الرماد، بينما الثانية لا تزال تحاول الخروج من عباءة القبيلة.

Published On 15/11/202515/11/2025|آخر تحديث: 21:36 (توقيت مكة)آخر تحديث: 21:36 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الثورة السوریة ویرى أن

إقرأ أيضاً:

شاهد بالصور والفيديو.. بأزياء مثيرة للجدل.. زوجة فنان الثورة السودانية تشعل مواقع التواصل في أول ظهور لها على السوشيال ميديا والجمهور يسخر: (دي القروية الكنت بتغني ليها؟)

تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان, مقطع فيديو لعروس حسناء قيل أنها زوجة فنان الثورة السودانية, أحمد أمين.

وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد أشعلت عروس الفنان أحمد أمين, الذي اشتهر بأغنية فض الإعتصام (هجمونا والبنوت نيام) مواقع التواصل الاجتماعي بإطلالتها التي وصفت بالمثيرة للجدل.

وكانت العروس الحسناء قد ظهرت بأزياء ضيقة ومن دون أكمام, الأمر الذي جعل الجمهور يسخر في تعليقاته, حيث كتب أحدهم ساخراً: (دي القروية الكنت بتغني ليها؟).

محمد عثمان _ النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شاهد بالصور والفيديو.. بأزياء مثيرة للجدل.. زوجة فنان الثورة السودانية تشعل مواقع التواصل في أول ظهور لها على السوشيال ميديا والجمهور يسخر: (دي القروية الكنت بتغني ليها؟)
  • ما حقيقة «المدينة اليهودية المقدسة»؟.. يوسف زيدان يكشف تاريخا مخفيا عبر القرون
  • إعلام عبري يكشف صفقة الشرع مع ترمب بشأن الجنوب السوري
  • المرصد السوري: أكثر من 30 توغلاً إسرائيلياً جنوبي سوريا خلال النصف الأول من نوفمبر
  • سوريا.. تحديد موقع إطلاق الصواريخ على دمشق / شاهد
  • إصابة امرأة في انفجار مجهول بمنطقة المزة في العاصمة السورية (شاهد)
  • الشيباني يفتتح السفارة السورية بلندن ويرفع العلم.. تجمع حاشد (شاهد)
  • وزير الخارجية السوري يرفع علم بلاده فوق سفارة سوريا في بريطانيا
  • شاهد بالصورة والفيديو.. زواج المطرب السوداني صاحب أغنية الثورة الشهيرة (هجمونا والبنوت نيام درشونا بالدوشكات درش)