«براكة».. نموذج للشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وكوريا
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
سيد الحجار (أبوظبي)
أخبار ذات صلةأثمرت العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا العديد من الإنجازات، من أبرزها برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، حيث تعد محطات براكة للطاقة النووية، نموذجاً للشراكة الاستراتيجية الناجحة بين البلدين، في العديد من القطاعات المهمة، وفي مقدمتها قطاع الطاقة.
وشهدت العلاقات بين الإمارات وجمهورية كوريا تطوراً ملحوظاً على مدى العقود الأخيرة، وتم تعزيزها خلال عام 2009 مع اختيار الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو) مقاولاً رئيساً لمشروع محطات براكة، والتي أصبحت عند بدء العمليات الإنشائية في محطاتها الأربع أكبر مشروع للطاقة النووية السلمية في العالم.
وانتقلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة متقدمة حين وقعت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية و«كيبكو» في عام 2016، اتفاقية الائتلاف المشترك، لضمان العمليات التشغيلية المستدامة لمحطات براكة خلال السنوات الـ60 المقبلة وما بعدها.
محطات براكة
خلال شهر سبتمبر 2024 أعلنت شركة الإمارات للطاقة النووية التشغيل التجاري للمحطة الرابعة ضمن محطات براكة للطاقة النووية.
واحتفت شركة الإمارات للطاقة النووية سبتمبر الماضي بمرور عام على التشغيل الكامل لجميع محطات براكة للطاقة النووية، التي تقوم مفاعلاتها الأربعة من طراز APR 1400 بتوفير 25% من احتياجات الإمارات من الكهرباء من دون انبعاثات كربونية، لتواصل مساهمتها المحورية في توفير كهرباء الحمل الأساسي النظيفة، وضمان أمن الطاقة واستدامتها.
وخلال اثني عشر شهراً، أنتجت محطات براكة 40 تيراواط في الساعة من الكهرباء النظيفة، التي وفّرت طاقة موثوقة وعلى مدار الساعة للمنازل وقطاعات الأعمال وقطاعات التكنولوجيا في الدولة، بينما أنتجت محطات براكة أكثر من 120 تيراواط منذ تشغيل المحطة الأولى وحتى سبتمبر الماضي، وهو ما يعادل الطلب على الكهرباء في مدينة نيويورك، بينما تواصل المحطات قيادة جهود خفض البصمة الكربونية، كونها أكبر مصدر للطاقة النظيفة في المنطقة.
وأصبحت محطات براكة نموذجاً عالمياً كأحد أكثر مشاريع الطاقة النووية الجديدة كفاءة وإنجازاً، ضمن الجدول الزمني والتكلفة المناسبة في التاريخ الحديث، وأثبتت أن مشاريع الطاقة النووية السلمية الضخمة، يمكن تطويرها بأمان وكفاءة وشفافية، مع خفض التكاليف والوقت والعمالة بنسبة 40% بين المحطتين الأولى والرابعة.
كما وفرت محطات براكة نموذجاً يحتذى به من قبل مشاريع الطاقة النووية الجديدة، حيث بلغ متوسط إنجاز كل محطة 7.9 سنة.
وكانت الأعمال الإنشائية في براكة بدأت في يوليو 2012، ومع بدء إنشاء المحطة الرابعة في عام 2015، أصبحت براكة أكبر موقع إنشائي لمحطات الطاقة النووية حول العالم، حيث تم إنشاء أربع محطات متطابقة على نحو آمن في نفس الموقع وفي الوقت نفسه. وتم الانتهاء من العمليات الإنشائية في المحطة الرابعة في ديسمبر 2023، وبدأ تشغيلها على نحو تجاري في الخامس من سبتمبر 2024.
وإلى جانب توفير ما يكفي من الكهرباء النظيفة لأكثر من 574 ألف منزل في دولة الإمارات، تقوم محطات براكة بدور ريادي في مسيرة انتقال الدولة لمصادر الطاقة النظيفة، من خلال الحد من 22.4 مليون طن من الانبعاثات الكربونية سنوياً، بينما تمكّنت المحطات من الحد مما يصل إلى 58 مليون طن من الانبعاثات الكربونية، منذ تشغيل المحطة الأولى ولغاية الآن، وهو ما يعادل إزالة نحو 12 مليون سيارة من الطرق.
وخلال السنوات الخمس الماضية، أضافت الإمارات أكبر قدر من نصيب الفرد من الكهرباء النظيفة، مقارنة بأي دولة أخرى في العالم، 75% من هذه الكهرباء المضافة أنتجتها محطات براكة. كما تقوم المحطات بدور أساسي في مساعدة الشركات الإماراتية على خفض الانبعاثات الكربونية، من خلال توفير 85% من الكهرباء النظيفة اللازمة لشهادات الطاقة النظيفة في أبوظبي.
يذكر أن مشروع محطات براكة تم تنفيذه بالشراكة مع الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو»، وتحت إشراف الهيئة الاتحادية للرقابة النووية، وشارك أكثر من 2000 إماراتي في تطوير وتشغيل المحطات منذ بداية تطويرها، بالتعاون مع خبراء دوليين.
تعاون استراتيجي
ووقعت شركة الإمارات للطاقة النووية، يوليو الماضي مذكرة تفاهم في العاصمة الكورية سيؤول، مع شركة هيونداي للهندسة والإنشاءات، وذلك لاستكشاف الفرص المشتركة في قطاع الطاقة النووية على الصعيد العالمي، وتسريع تطوير واستخدام الطاقة النظيفة من خلال الابتكار في قطاع الطاقة النووية.
ويستند هذا التعاون إلى الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا في قطاع الطاقة النووية، ويدعم الأهداف المشتركة للبلدين في تطوير الطاقة النووية السلمية، بما يتماشى مع تقديرات الوكالة الدولية للطاقة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية، بزيادة كبيرة في القدرة الإنتاجية للطاقة النووية حول العالم بحلول عامي 2030 و2050 على التوالي.
وتوفر مذكرة التفاهم بين الشركتين إطاراً شاملاً لتبادل المعارف والخبرات، والتقييم المشترك للتعاون المحتمل في مشاريع الطاقة النووية، وتقييم فرص الاستثمار الاستراتيجية، كما تشمل المذكرة أيضاً تشكيل فريق عمل مشترك لتحديد المجالات ذات الاهتمام المشترك، ودعم تطوير مبادرات الطاقة النووية المستقبلية.
وبدأت شركة الإمارات للطاقة النووية مرحلة جديدة من مسيرتها تتضمن الاستثمار والتعاون وإجراء المشاورات بشأن المفاعلات النووية الكبيرة، بالإضافة إلى تطوير تقنيات نووية جديدة محلياً ودولياً، ومع تشغيل كافة محطات براكة للطاقة النووية بكامل طاقتها، تُركز الشركة على التعاون مع شركاء عالميين لدعم تسريع نشر الطاقة النووية، وتلتزم بالعمل مع كافة الجهات المسؤولة التي تتطلع إلى تطوير واستخدام مفاعلات نووية جديدة أو توسيع قدرتها الإنتاجية من الطاقة النووية، حيث تُعدّ مذكرات التفاهم مع شركات مثل «هيونداي للهندسة والإنشاءات» دليلاً واضحاً على هذا النهج.
وكانت شركة هيونداي للهندسة والإنشاءات المقاول الرئيسي خلال مرحلة الإنشاءات في محطات براكة للطاقة النووية، ومساهماً موثوقاً به في البرنامج النووي السلمي الإماراتي، والذي أصبح الآن نموذجاً عالمياً في تطوير مشاريع الطاقة النووية على نحو آمن وفعال.
وأكسب النجاح الكبير الذي حققته مسيرة تطوير محطات براكة للطاقة النووية، شركة هيونداي للهندسة والإنشاءات إشادة واسعة من قطاع الطاقة النووية العالمي، لما تميزت به خلال هذه المرحلة في الإدارة والبناء.
وفي الوقت الذي تعزز فيه دولة الإمارات وجمهورية كوريا التزامهما بالتعاون المستقبلي في قطاع الطاقة، بما في ذلك الطاقة النووية، تخطط «هيونداي للهندسة والإنشاءات» لتوسيع آفاق التعاون الاستراتيجي مع «الإمارات للطاقة النووية»، مستفيدةً من الثقة والخبرات المكتسبة خلال مسيرة تطوير محطات براكة.
الطاقة النظيفة
وفي إطار التعاون بين شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» والشركات الكورية، أعلنت «مصدر» وائتلاف يضم شركتي «جي دي باور» و«كوريا للطاقة الكهربائية»، أغسطس الماضي، عن الإغلاق المالي لمشروع محطة «الصداوي» للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 2 جيجاواط، وهو مشروع بارز ضمن البرنامج الوطني للطاقة المتجددة الذي تشرف عليه وتقوده وزارة الطاقة في المملكة العربية السعودية.
وفي سبتمبر 2024 أعلن الائتلاف الذي يضم «إي دي أف رينوبلز» وشركة «كوريا ويسترن باور» وشريكتهما «مصدر»، عن النجاح في استكمال صفقة الإغلاق المالي لمشروع محطة العجبان المستقلة للطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 1.5 جيجاوات في منطقة العجبان بإمارة أبوظبي.
ووقعّت كل من شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر»، وشركة «كيبكو»، خلال شهر يونيو 2022، مذكرة تفاهم لاستكشاف فرص التعاون في مشاريع طاقة الرياح البحرية، بما في ذلك المشاريع القائمة حالياً أو التي تخطط شركة «كيبكو» لتنفيذها في مجال طاقة الرياح البحرية ومشاريع «مصدر» العالمية للطاقة المتجددة.
لجنة مشتركة
خلال شهر أبريل الماضي، عقدت اللجنة العليا المشتركة في مجال التعاون النووي بين حكومة دولة الإمارات وحكومة جمهورية كوريا، اجتماعها السادس في العاصمة أبوظبي، في إطار الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين في قطاع الطاقة النووية السلمية.
وتضم اللجنة العليا المشتركة في مجال التعاون النووي السلمي بين دولة الإمارات وجمهورية كوريا ثلاث مجموعات عمل هي «التعاون في محطة براكة للطاقة النووية والمشاريع الخارجية؛ والبحث والتطوير في مجال العلوم والتكنولوجيا النووية؛ وتنظيم السلامة والأمن النوويين».
وتعمل كل مجموعة عمل وفق برنامج مشترك للمشاريع لتعزيز علاقات التعاون النووي، بما في ذلك تبادل الخبرات التشغيلية، والتعاون في مشاريع الطاقة النووية الخارجية، والبحث والتطوير، وبناء القدرات، والتكنولوجيا النووية المتطورة، والأمن السيبراني، وغيرها.
وتأتي اجتماعات اللجنة العليا المشتركة في إطار اتفاقية التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، الموقعة بين البلدين، والتي تهدف إلى توسيع وتعميق الشراكة النووية بما يخدم المصالح المشتركة في مجالات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة بالإضافة إلى استعراض الإنجازات التي تحققت خلال الفترة الماضية، ومناقشة آفاق التعاون المستقبلي والمشاريع المشتركة التي تدعم التقدم في قطاع الطاقة النووية السلمية على المستويين الإقليمي والدولي.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات وكوريا الجنوبية الشراكة الاستراتيجية الإمارات كوريا الجنوبية جمهورية كوريا محطة براكة للطاقة النووية محطة براكة محطات براكة مشروع براكة للطاقة النووية شرکة الإمارات للطاقة النوویة محطات براکة للطاقة النوویة الطاقة النوویة السلمیة فی قطاع الطاقة النوویة مشاریع الطاقة النوویة من الکهرباء النظیفة الطاقة النظیفة المشترکة فی بین البلدین التعاون فی فی مجال
إقرأ أيضاً:
حصريا لـCNN: مسؤولون أمريكيون يحاولون إثناء ترامب عن استئناف التجارب النووية
(CNN) -- كشفت مصادر، لشبكة CNN، أن كبار المسؤولين عن الطاقة النووية في الإدارة الأمريكية يخططون لعقد لقاء في البيت الأبيض في الأيام المقبلة لثني الرئيس دونالد ترامب عن استئناف التجارب النووية.
وأفاد مصدران مطلعان على الأمر أن وزير الطاقة كريس رايت، ورئيس الإدارة الوطنية للأمن النووي براندون ويليامز، ومسؤولين من المختبرات الوطنية يخططون لإبلاغ البيت الأبيض بأنهم لا يعتقدون أن تفجير الرؤوس النووية، كما اقترح ترامب الشهر الماضي، أمر مقبول، وطلب المصدران عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة مسألة حساسة.
ويُعدّ هذا أحدث مؤشر على تداعيات منشور ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر/تشرين الأول، والذي وجّه فيه وزارة الدفاع ببدء اختبار الأسلحة النووية "بسبب برامج اختبار دول أخرى".
لكن الإدارة الوطنية للأمن النووي، التابعة لوزارة الطاقة، هي الوكالة المسؤولة عن بناء واختبار القنابل والحفاظ على المخزون النووي، وليست وزارة الدفاع.
وذكر مسؤول في البيت الأبيض، الخميس، أنه "نظرًا لبرامج التجارب التي تُجريها دول أخرى، أصدر الرئيس ترامب تعليماته لوزارة الحرب ووزارة الطاقة باختبار أسلحتنا النووية على قدم المساواة".
وأضاف: "لم يُستبعد أي شيء من الاعتبار، فجميع سلطات اتخاذ القرار تقع على عاتق الرئيس".
ونفى المتحدث باسم وزارة الطاقة، بن ديتريش، فكرة أن مسؤولي الوكالة سيُثنيون البيت الأبيض عن استئناف التجارب.
وقال ديتريش، في بيان: "تواصل إدارة ترامب استكشاف جميع الخيارات في سعيها لتوسيع نطاق التجارب النووية على قدم المساواة مع الدول الأخرى".
وتُجري الولايات المتحدة اختبارات على جميع أجزاء أنظمة أسلحتها النووية باستثناء المواد النووية المتفجرة في الرؤوس الحربية.
وأُجريت آخر تجربة نووية شاملة في الولايات المتحدة 1992، وحظر الرئيس السابق بيل كلينتون هذه الممارسة في 1996.
ويأتي اقتراح ترامب الأخير باستئناف الولايات المتحدة للتجارب النووية بعد أن تفاخر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر بنجاح موسكو في اختبار طوربيد نووي من طراز "بوسيدون".
وذكر ترامب لبرنامج "60 دقيقة" مؤخرًا: "سبب قولي هذا هو أن روسيا أعلنت أنها ستجري تجربة"، وأضاف: "كما تلاحظون، كوريا الشمالية تُجري تجارب باستمرار، ودول أخرى تُجري تجارب أيضًا، ولا أريد أن أكون الدولة الوحيدة التي لا تُجري تجارب".