القصبة.. قلب الجزائر العاصمة ومتحفها العابر للأزمنة
تاريخ النشر: 18th, November 2025 GMT
الجزائر العاصمة- على أعلى تلة تطل على البحر في قلب العاصمة الجزائر، مازالت "القصبة" المدينة العتيقة تستقبل زوارها كما لو أنها تفتح لهم بوابة سرية إلى زمن مضى، حيث تتوقف عقارب الساعة، وتهمس أحجار بيوتها القديمة ذات الأبواب الخشبية الصامدة منذ قرون بقصص من مروا من هناك.
بين أزقتها الضيقة وبيوتها المتراصة، تروي القصبة لمستكشفيها تاريخا من العمارة والمقاومة والحياة اليومية التي لم تنقطع، رغم التحولات والحِقب التي مرت عليها منذ أن تأسست في القرن العاشر الميلادي خلال الفترة الإسلامية الأولى، وصولا إلى تطورها خلال الحقبة العثمانية من القرن الـ16 حتى الـ18، وبروزها كمركز للمقاومة الشعبية في العاصمة الجزائرية خلال فترة الاحتلال الفرنسي.
ولا يقتصر سحر قصبة الجزائر على كونها مثالا للعمارة الإسلامية المغاربية ذات اللمسة العثمانية، أو على أزقة المنطقة المتعرجة، بل ما يجذب الزوار أيضا إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ سنة 1992.
من الجزائر العاصمة إلى القصبةإن كانت بداية جولتك باتجاه القصبة من أحد شوارع وسط العاصمة الجزائر، فلا تحتاج إلا لدقائق قليلة سيرا على الأقدام، أو بواسطة سيارة أجرة للوصول إلى المدينة العتيقة.
أما إذا كنت في إحدى ضواحي العاصمة فإن وصولك إلى القصبة سيكون أسهل بكثير مما تتوقع، عبر خط المترو الذي ينتهي في محطة ساحة الشهداء وسط العاصمة، وهي أقرب النقاط إلى المدينة القديمة.
وإن كنت تتجول وحيدا وتبحث عن متعة جماعية تضفي على الرحلة مزيدا من الحيوية، فبإمكانك الانضمام إلى إحدى المجموعات التي تشرف عليها وكالات سياحية محلية أو جمعيات ثقافية.
إعلان ساحة جامع كتشاوةغالبا ما تنطلق جولات القصبة من ساحة جامع كتشاوة، الواقعة عند أسفل القصبة، بالقرب من محطة المترو وساحة الشهداء، فمن هذا المعلم الشهير، الذي يختزل في هندسته حقبا متعاقبة من تاريخ المدينة، تبدأ الرحلات المنظمة لاكتشاف أسرار القصبة خطوة بخطوة، برفقة مرشدين يروون حكايات المكان بصوت التاريخ.
ويقول محمد، أحد المشرفين على هذه الجولات السياحية بالقصبة إن الإقبال على المدينة القديمة لا ينقطع طيلة السنة، ويزيد مع انطلاق عطلة الصيف.
ويضيف للجزيرة نت أن الزوار ممن رافقهم خلال جولاتهم في القصبة يكونون منبهرين بقصص سمعوها سابقة عن القصبة، ومتشوقين لزيارتها، ويزيد انبهارهم أضعافا عند التجول في أماكن شاهدة على قصص شخصيات، وحقب متعاقبة على المكان.
قصور القصبة صناديق الذاكرة
ما إن تخطُ أول خطواتك داخل القصبة حتى تبدأ رحلتك الحقيقية في الزمن الجميل. هناك لا مكان للسيارات ولا ضجيج الشوارع الكبرى فكل ما ستراه عيناك من أزقة ضيقة متعرجة وجدران قريبة، وبيوت متراصة، يشعرك وكأنك في متاهة تاريخية تخفي أسرارها.
التجول في أزقة القصبة لا يشبه السير في مكان آخر، وعند نهاية كل طريق ينفتح أمامك ممر جديد قد يقودك إلى ممر حجري ضيق يُفضي بك إلى شارع آخر داخل القصبة.
كما ستصادف على جانبي الطريق مداخل القصور القديمة، بعضها ما يزال مأهولا، والبعض الآخر مفتوح للزوار.
على الطراز العثمانيتجد في هذه المنطقة المميزة من العاصمة الجزائرية قصورا مشيدة على الطراز العثماني، بأبواب خشبية ثقيلة تُفضي إلى ساحات داخلية تحيط بها الأعمدة والنوافذ المزخرفة.
وفي الداخل، يختلط نور الشمس القادم من الفتحة العلوية مع ظلال الفسيفساء والزليج الملوّن، فترتسم على الجدران صور لا تتكرر.
ووسط الساحة الرئيسة لهذه القصور العثمانية الطراز توجد نافورة حجرية، تحيط بها جلسات تقليدية تضم طاولة صغيرة مصنوعة من النحاس المحمول على أعمدة حديدية، تحيط بها كراسي قماشية بسيطة كانت في الماضي ملتقى أهل الدار وضيوفهم.
ويكتمل سحر المشهد في قصور القصبة عند أعلى نقطة بها، سطوح بشرفات تطل على خليج الجزائر بمياهه الزرقاء، مما يجعله المكان المناسب لالتقاط الصور والفيديوهات.
أزياء تقليدية جزائريةوداخل هذه القصور العتيقة، لا يكتفي الزائر بالتجوال بين جدرانها المزخرفة، أو التمتع بسحر إطلالتها البحرية، بل يمكنه أيضا ارتداء أزياء تقليدية جزائرية تعيد إحياء روح الماضي، مثل الحايك النسائي الأبيض الذي كان رمزا للحياء والأناقة، أو القندورة المطرزة يدويا والبرنوس.
وبالإمكان تجربة لبس الأزياء التقليدية الجزائرية في القصبة من العيش ولو لوهلة كما عاش أهل القصبة قبل قرون.
وتصف سارة، وهي زائرة من العاصمة، زيارتها للقصبة بأنها رحلة داخل متحف مفتوح، تمر من الحاضر نحو حقب الماضي المتلاحقة.
إعلانوتقول، في تصريح للجزيرة نت، إنها تمنت لو خاضت هذه التجربة سابقا لكونها أجمل مما كانت تتصور، خاصة حين ارتدت الحايك الأبيض داخل أحد القصور.
نكهات القصبة وذكرياتهاومع انتهاء جولتك، لا تكتمل زيارة القصبة دون التوقف عند أحد المطاعم الشعبية الكثيرة التي تنتشر بين الأزقة، أو تتربع داخل بيوت قديمة تم ترميمها بعناية.
توفر لك هذه المطاعم فرصة تذوق أشهى الأطباق الجزائرية التقليدية الأصيلة مثل الكسكسي، الشربة، الدولمة، المثوم، فضلا عن أصناف الأسماك الطازجة القادمة من الميناء القريب، تُعد هذه الوجبات على الطريقة العاصمية (أهل العاصمة) بنكهتها الخاصة.
وأما الأجمل، فهو أن هذه المطاعم لن تُقدّم لك الأكلات الجزائرية التقليدية فقط، بل تُوفر لك فرصة التعرف على أنغام الأغاني الشعبية ضمن جلسات تعود بك إلى زمن "الشعبي العاصمي"، وفن "الراي القديم"، حيث تنبعث من الزوايا نغمات العود والدربوكة فتُحيي ذاكرة فنية أصيلة.
ورش فنية للهداياوفي طريق خروجك من القصبة وأنت تسير بين أزقة القصبة المتشابكة، ستُصادف محلات صغيرة أشبه بورش فنية حيّة.
هنا، لا تشتري مجرد تذكار، بل تقتني قطعة من تراث المكان مصنوعة يدويا من منمنمات نحاسية، أو فخاريات مزخرفة يدويا، أو قطع خزفية تحمل نقوشا أمازيغية وعربية، وحتى مجسمات صغيرة لمعالم الجزائر والقصبة الشهيرة، مما يجعل من تجربة التجوال في القصبة رحلة متكاملة بين الحواس والذاكرة.
وتقول مارين، وهي سائحة أجنبية، للجزيرة نت إنها سمعت كثيرا من زوجها الجزائري عن الجزائر والقصبة، وهو ما حمسها للقدوم رفقة عائلتها لخوض هذه المغامرة، وتناول الأطباق التقليدية إلى جانب التقاط الكثير من الصور رفقة زوجها وأطفالها.
ميزانية الجولةولعل ما يُميّز زيارتك للقصبة أيضا هو أنها لا تتطلب ميزانية مرتفعة، مما يجعلها في متناول أغلب الزوار، سواء كانوا أجانب أو جزائريين.
فثمن الجولة رفقة مرشد سياحي من إحدى الوكالات أو الجمعيات المحلية أو حتى سكان المنطقة يتراوح بين 800 و1500 دينار جزائري (ما بين 5 إلى 10 دولارات تقريبا)، وتختلف التكلفة بحسب مدة الجولة والمناطق المشمولة فيها.
أما وجبة تقليدية كاملة في مطعم شعبي داخل القصبة، فتتراوح أسعارها ما بين ألف وألفي دينار (ما بين 7.6 و15 دولار) وقد تزيد التكلفة حسب نوع الأطباق، وتَقِل عند المطاعم المنتشرة على طول الأزقة.
الوصول إلى القصبةويمكن الوصول إلى القصبة بسهولة عبر مترو العاصمة، بتذكرة لا تتجاوز 50 دينارا (0.3 دولار)، عبر محطة "ساحة الشهداء"، أقرب نقطة إلى قلب المدينة العتيقة.
أما إن كنت قادما من ضواحي العاصمة أو تفضل أريحية النقل الفردي، فتتراوح تكلفة سيارة الأجرة نحو القصبة بين 300 و900 دينار (2.3 إلى 7 دولارات تقريبا) حسب نقطة الانطلاق.
وبالنسبة للهدايا التذكارية من داخل القصبة، فإن أسعار القطع البسيطة تبدأ من 300 دينار فقط، وقد تصل إلى 3 آلاف دينار (23 دولارا) أو أكثر، حسب خاماتها ودقة صناعتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات العاصمة الجزائر المدینة العتیقة داخل القصبة إلى القصبة القصبة من
إقرأ أيضاً:
قرار قضائي عاجل بشأن المتهمة بتشويه وجه عروس مصر القديمة
أجلت محكمة جنايات القاهرة الجديدة، أولى جلسات محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس مصر القديمة بـ41 غرزة لجلسة 20 نوفمبر
قررت جهات التحقيق المختصة بالقاهرة، إحالة المتهمة بتشويه وجه عروس مصر القديمة بـ41 غرزة الي محكمة الجنايات.
وقالت منصورة ياسر، العروس في التحقيقات إنها ارتبطت بشاب منفصل عن زوجته السابقة، مشيرة إلى أن الأخيرة عندما علمت بخبر الخطوبة هددت خطيبها قائلة: “لو خدتها هندمك عليها وهحبسك”.
وأضافت منصورة أن المتهمة توجهت إليها يوم الواقعة أمام منزلها، واعتدت عليها بالسباب أمام المارة قبل أن تفاجئها بطعنة باستخدام شفرة حادة موس، تسببت في إصابتها بجرح عميق في الوجه.
وتابعت : تفاجأت بضربتها، ولقيت وشي بينزف دم، الناس أسعفوني ونقلوني المستشفى وخيطت 41 غرزة، مؤكدة أنها لم يكن بينها وبين طليقة خطيبها أي خلافات سابقة، لافتة إلى أن الاعتداء جاء عقب إعلان موعد كتب كتابها المقرر في 20 سبتمبر الماضي.