الدعم السريع هو مليشيا تابعة لأسرة دقلو وذات تكوين قبلي محصور ومحدود
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
إنتصار الدعم السريع غير مقبول ويعني تدمير الدولة. ونقطة قوة الدعم السريع ليست في انتصاره لأن انتصاره غير مقبول لكل السودانيين تقريباً وقادة المليشيا يدركون ذلك. يدركون أنهم لو هزموا الجيش فلن يستطيعوا أن يحكموا البلد. يدركون بوضوح أن بقاء الجيش والدخول معه في تسوية هو فرصتهم الوحيدة.
ولذلك، فإن نقطة قوة المليشيا في التفاوض، في المزايدة على مؤسسة الجيش التي ترزح تحت ركام الدولة السودانية وتتحمل كل أخطاءها؛ الجيش في وجه المدفع يمثل الدولة وفشلها بينما الدعم السريع يزايد بقضايا التهميش وينادي بالإصلاح.
بالتالي يجب سحب هذا الكرت من يد المليشيا وحلفاءها. الجيش برغم كل مشاكل الدولة هو المؤسسة القومية التي تمثل وتعبر عن كل السودانيين. الدعم السريع هو مليشيا تابعة لأسرة دقلو وذات تكوين قبلي محصور ومحدود وتضم مرتزقة أجانب من دول ليبيا وتشاد والنيجر وجنوب السودان وغيرها. وهي مدعومة عسكرياً من الخارج بهدف ضرب الدولة نفسها بجيشها ومؤسساتها، وممارساتها خلال هذه الحرب تدل على ذلك. وبالرغم من كل ذلك، فهي سترفع راية المهمشين والظلم وراية الديمقراطية ومعها حلفاءها في نفس الخط. الولايات المتحدة تدرج تجمع القوى المدنية في اديس ابابا ومفاوضات جدة ضمن ما تصفه باستعادة المسار الديمقراطي، وتحالف المليشيا مع قحت يطرح نفسه بوصفه المعبر الحصري عن هذا لمسار بينما الجيش هو العقبة، هو الذي انقلب على المسار الديمقراطي وهو المتهم بكونه جيش النظام السابق وفي الرواية الأكثر تطرفاً جيش السودان القديم، جيش المركز الذي ظلم وهمش الأقاليم وبالتالي فهو المستهدف الأساسي بعملية التفكيك والإصلاح.
الجيش عنده خياران للتعامل مع هذا الوضع. الخيار الأول هو حسم المعركة عسكرياً وتجريد المليشيا من كروت قوتها العسكرية، ومن ثم يذهب إلى عملية حوار سياسي شامل وحقيقي تُناقش وتُعالج فيه كل مشاكل الدولة السودانية بما في ذلك قضايا إصلاح الجيش نفسه، لا مانع من مناقشتها في أفق وطني خالص بعيداً عن الأجندة الخارجية التي تهدف لإخضاع الدولة السودانية والهيمنة عليها وكذلك بعيداً عن الحزبية. هذا الخيار سيكون متاحاً في حالة واحدة هي الإنتصار الحالسم.
الخيار الثاني هو المضي في التفاوض، وفي هذه الحالة فعلى الجيش أن يعد العدة جيداً لمعركة سياسية. يجب تجريد المليشيا وحلفاءها من ميزة المزايدة على الجيش بمطالب الإصلاح والديمقراطية وغيرها من الشعارات. يجب أن يكون الجيش هو من يطرح الرؤية السياسية للحل ويجر إليها الآخرين، لا أن ينجر هو إلى مطالب الآخرين من موقع المكره المجبر. سواء تعلق الأمر بالديمقراطية ورد السلطة إلى الشعب أو بالحوار السياسي الشامل أو بقضية الجيش الواحد أو غيرها من القضايا. القوة هنا تكمن في الطرح الموضوعي الصادق الذي يقدم حلولاً وطنية ولا يتنازل عنها أبداً لمصلحة أجندة خارجية أو حزبية.
الجيش سيكون في موقف أخلاقي قوي إذا تمسك بالشعب كمرجعية عليا وحيدة وأن لا يسمح أبداً لفئة محدودة مهما كانت مدعومة خارجيا أن تختطف تمثيل الشعب. إذا قلنا أن القضية هي الديمقراطية فلنتحتكم للشعب، إذا كان الحل في الحوار فليكن حواراً شاملاً بلا استثناء، إذا كانت القضية هي الإصلاح الشامل فلتكن على أسس صحيحة ومسنودة بشرعية شعبية حقيقية. بهذه الطريقة لن يكون الجيش مضطراً لتقديم أي شيء للمليشيا أو للعملاء المتحالفين معها.
الطبيعي أن مليشيا قبلية مدعومة من الخارج ولم تعرف إلا بالفساد والإجرام والانتهاكات وتحالف أحزاب عميلة تمثل أجندة قوى خارجية بأكثر مما تمثل نفسها، لا يمكن أن يكونوا في موقف سياسي وأخلاقي أفضل من الجيش القومي الذي يمثل كل الشعب السوداني. فإن تكلمنا بموضوعية لا يمكن أن يكون لعائلة دقلو ومن اتبعها أولتحالف قحت أي حق ليأحذوه لنفسهم عن طريق التفاوض ولا عن طريق البندقية. ولكن نخشى على الجيش وعلى الشعب السوداني والبلد من قيادة الجيش التي سلمت البلد من قبل لشلة من العطالى الذين لا يمثلون إلا أنفسهم وسمحت للمليشيا أن تتمدد حتى كادت أن تبتلع الدولة.
البرهان قال ذات مرة نحن (يعني الجيش) أوصياء على الفترة الإنتقالية، نتمنى أن يكون قدر هذا الكلام. حقيقة الجيش اليوم وصي على البلد ومصيرها بالحرب أو بالتفاوض مرهون بموقف الجيش. المليشيا وحلفاءها يقاتلون لمصالحهم ومصالح أسيادهم وداعميهم، ولن يأتي من جهتهم خير للدولة أو الشعب. لذلك نقول الجيش هو الوصي رغم أن هذا بحد ذاته فشل لشعب كامل بقواه الاجتماعية والسياسية.
حليم عباس
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع أن یکون
إقرأ أيضاً:
ما هو سر صراخ أفراد المليشيا وتغيير مواقف الكثير من رجالات الإدارة الأهلية ؟!!!
ما هو سر صراخ أفراد المليشيا وتغيير مواقف الكثير من رجالات الإدارة الأهلية ؟!!!
شهدت الأيام السابقة هزائم متتالية للمليشيا في محاور القتال المختلفة على نطاق مسرح الحرب السوداني مما ألقى بظلال سالبة على مليشيا الدعم السريع على مستوى القيادة والأفراد وأثر على الروح المعنوية وإرادة القتال ..
من المهم جداً تثبيت بعض المفاهيم فى العمل العسكري والتى أكدتها تجارب الحروب السابقة فى كل العالم سوى كانت حروب شاملة أو محدودة أو خاصة ….الخ ، لأنها أصبحت معياراً يقتدى ويهتدى به فى تقييم وتحليل المعارك والحروب التى دارت وتدور في جميع مسارح الحرب في العالم وليس السودان إستثناء من ذلك ، لأن العلم العسكري هو نتاج لتجارب سابقة تمت بصورة عملية ولم يخضع لفرضيات تم وضعها وتحليلها لإثباتها أو نفيها كما هو معلوم فى باقى العلوم …
من المهم جداً أن يكون لأى قوة عسكرية (نظامية/مليشيا…الخ) عقيدة عسكرية وعقيدة قتالية لتحقيق الإنضباط العسكري المطلوب …
عملية تحويل الإنسان المدني الى إنسان عسكري ينبقي أن تمر بمراحل متسلسلة متفق عليها ، ولأن النفس الإنسانية تكره القتال ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم)، كان لابد من إقناع هذا الفرد بضرورة القتال ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) ، وهنا تكمن فلسفة العقيدة العسكرية للمقاتل (لماذا نقاتل؟) ويجب أن يكون ذلك واضحاً خلال فترة التدريب الأساسي والإعدادي مرورا بفترة التدريب المشترك حتى مرحلة المشاركة في المشاريع التدريبية الكبرى ، ينبقى أن يتم تكريس هذا الفهم في عقلية الفرد العسكري(ضابط/ ضابط صف/جندي) بصفة مستديمة حتى الوصول لمرحلة التوازن النفسي والعقدي ، لأن العقيدة العسكرية أصلاً مستمدة من عقيدة المجتمع الدينية وعادات وتقاليد ذلك المجتمع والموروث الثقافي والقيمي الذي يميزه …
بعد الوصول لهذه المرحلة بهذا الفهم العقدي والمجتمعي يتم تدريب الفرد على كيفية القتال ( كيف نقاتل؟) وهى العقيدة القتالية ….
إذا أسقطنا هذا الفهم على مليشيا الدعم السريع سنجد أن هنالك إختلافاً كبيراً من حيث المفهوم والثوابت العسكرية المتفق عليها ..
هل مليشيا الدعم السريع لديها عقيدة عسكرية تقاتل من أجلها ، وما هى؟!!!
من أجل ماذا يقاتل الفرد في مليشيا الدعم السريع؟
هل من أجل جلب الديموقراطية أم محاربة دولة ٥٦ أم محارب الفلول والكيزان (بكسر حرفى الكاف والزال) أم من أجل النهب والسرقة والإغتصاب أم كل تلك الأسباب مجتمعة؟ …
مليشيا الدعم السريع في بداية هذه الحرب كانت تقاتل بالكتلة الصلبة من مقاتليها الذين تم تدريبهم وتجهيزهم لخوض هذه الحرب وتلك هى الكتلة الرئيسية التى قضى الجيش عليها تماماً ليأتي بعدها مقاتلي الفزع من الحواضن الإجتماعية ثم مرتزقة دول غرب أفريقيا وأخيرا مرتزقة من دول خارج القارة الإفريقية ..
كل ذلك أثر بشكل كبير جداً على اسلوب القتال وتكتيكه لأن التباين في طريقة وأسلوب القتال للمقاتلين كان يستوجب التدريب عليها وإتقانها خاصة وأن الحرب تدرجت من قتال في مناطق مبنية (حرب المدن) الى قتال فى مناطق صحراوية وسهول و وديان وكثبان رملية (حرب صحراوية) ومع وتيرة القتال المتسارعة لم تجد المليشيا الوقت الكافي لتدريب مرتزقتها ومقاتليها من الحواضن المجتمعية الخاصة بقبائلهم فضلاً عن إستهداف القوات الجوية لكل معسكرات التدريب في نيالا وغيرها ..
هنالك حقيقة ينبقي أن تقال لأن الشئ بالشئ يذكر وهى أن معظم المقاتلين الذين تم إستجلابهم كمرتزقة من دول غرب إفريقيا أتوا للقتال وفقاً لإتفاق مبرم مع قيادة المليشيا على أن تكون مرتباتهم عبارة عن نهب وسرقة كل ما يقع تحت أيديهم (الشفشافة) وأغلب هذه الفئة قد إنسحبت بعد أن جفت المعارك من الغنائم والفئ على حسب ما جاء على لسان أحد نظار حواصنهم الإجتماعية ..
الآن وقد شارفت المعارك على نهاية في سهول وصحاري كردفان الكبرى ودخول القوات المسلحة الى دارفور عبر عدة محاور كثر العويل والصراخ والتلاوم والقفز من سفينة المليشيا التى شارفت على الغرق …
نقولها ونحن على ثقة تامة ، على قيادة المليشيا أن تعلم جيدا أنه كلما إقتربت القوات المسلحة من الوصول الى المدن الرئيسية فى دارفور كلما كثرت الإنشقاقات بين مكوناتها القبلية (تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى) وأن إنسلاخ الكثير من رجالات الإدارة الأهلية هو مسألة وقت ليس إلا وأن ٩٥% من مواطني دارفور ضدكم وضد كل ممارساتكم وفكركم الضحل الذى لم ولن يستطع إقامة نظام إداري ب
يحفظ للمواطن مجرد حقه فى العيش بأمان …
نقول لقيادة المليشيا وداعميها أن نهايتكم لن تخرج عن السياق التاريخي لنهاية ائ مليشيا يتم تدريسها فى الكليات والمعاهد العسكرية فى كل أنحاء العالم لأنها نهايات معروفة ومتفق عليها ولن تكونوا إستثناء ..
هكذا هو التاريخ العسكري الذى نعرفه تماما ولكنكم قوم تجهلون ..
#الله أكبر الله أكبر الله أكبر ..
#نصر من الله وفتح قريب ..
عبد الباقي الحسن بكراوي