تذكر الشاعرة والفنانة التشكيلية الروائية ميسون صقر في كتابها البانورامي التاريخي والتوثيقي (مقهى ريش) بقلم شاعرة أولاً وأخيراً، أن من الأشياء الطريفة التي تُروى عن تماثيل أسود كوبري قصري النيل، أنه في يوم الاحتفال بنحتها، وقف (جاكمار)، وهو النحات الذي مَثّل هذه الأسود، وهو يتحدث عن تصميمه الفريد المتناسق، كما جاء في الكتاب، وكان النحّات أو المثّال يتباهى بمدى كمال التماثيل وخلوّها من أي عيوب كما تقول المؤلفة.
كان الطفل قادماً من قرية ريفية، وكان مأخوذاً بالتمثال، فإذ به، كما تكتب ميسون يشير إلى أحد التماثيل ويقول لأمه: «هُوَّ فيه أَسَدْ من غير شنب»، وحين انتبه المهندس الأجنبي إلى هذا الخطأ، انصرف وترك الحفل. ويُقال، كما جاء في كتاب (مقهى ريش) إنه انتحر من خيبة أمله.
لا قصتي في هذه المقالة قصة الطفل الذي اكتشف خطأ النحّات، ولا التمثال، ولا النحّات بقدر ما أن القصة هي قوّة الملاحظة عند الطفل.
أقرأ في هذه الأيام (مقهى ريش) بهدوء وتركيز، وإلى جانب الكتاب السردي والشعري والتوثيقي. أقرأ في الوقت نفسه، وبالتوازي، كتاب (وجه مدينة القاهرة) للدكتور محمد حسام الدين إسماعيل، وفي الوقت نفسه أيضاً جاءت قراءات فرعية للآداب المصرية القديمة، ثم قراءات موازية عن الواقعية والنقد الواقعي لكاتب جميل: (غالي شكري).
أقرأ في الوقت نفسه عن الأدبيات النقدية والفكرية المتشابكة والمتقاتلة حول المفاهيم والمصطلحات الفكرية والأيديولوجية في الستينات والسبعينات من القرن العشرين.
أقرأ، كما أنت تقرأ، وكما أنت قرأت عن الشعر والفن والرواية والنثر والأدب والكتابة في ذلك الزمن الذي يقال عنه: الزمن الجميل.. لماذا كان ذاك زمناً جميلاً؟
.. لأن الطفل كان سرّ الزمن، وكان سرّ الفكرة، وسرّ (التمثال).. ما من نقد إلا ويبدأ من قلب الطفل، ذلك أنه يرى في طفولته تلك، قبل أن ترى شيخوخته.
ضع نفسك، أمام طفلك، وقل له: ما الذي اكتشفته من الخطأ في التمثال.
الطفل لا يعرف النحّات، ولا يعرف التمثال. الطفل قصيدة عارية.. الطفل محكمة، والطفل مواجهة.. إنه مرآة صغيرة مصنوعة من دموع أمّه، أو أنه ولد صغير جميل يركض بين الاكتشافات. رأى الطفل خطأ النحّات،.. والنحّات أيضاً كان طفلاً على نحو ما، عرف النحات خطأه، فالقوّة لا بد أن تكتمل بالضعف، الضعف لا بد أن يكتمل بالقوة. هذه ثنائية أو أن هذه تعادلية أو تكاملية في تلك البساطة التي هي بساطة الشعر.
الطفل الذي قَصّ شنب الأسد، كان في الوقت نفسه جَزّ شعر الحيوان.
يوسف أبولوز – صحيفة الخليج
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الوقت نفسه
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى يوضح شروط صحة الأذان.. هل يجوز قبل دخول وقت الصلاة؟
أكد الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن من شروط صحة الأذان أن يكون بعد دخول وقت الصلاة، موضحًا أن الأذان قبل دخول الوقت لا يجوز شرعًا، بل يكون فعله في هذه الحالة محرمًا لأنه يلبّس على الناس ويوقعهم في خطأ.
وقال أمين الفتوى بدار الإفتاء، خلال تصريح اليوم الاثنين: "يشترط في الأذان ألا يكون إلا بعد دخول الوقت، ما ينفعش أؤذن قبل دخول الوقت، ولو أذن المؤذن قبل دخول الوقت يبقى حرام عليه فعله ده، مش الذكر نفسه حرام، لكن لأنه لبّس على الناس".
وأوضح: "الحالة الوحيدة المستثناة من هذا هي ما نراه قبل أذان الفجر، وده ليه سبب، لأنه مرتبط بعبادة تانية اسمها الصيام، الصائم بيحتاج يتسحر، وعشان كده شُرع الأذان الأول للتنبيه، وده اللي كان بيرفعه سيدنا بلال رضي الله عنه، لتنبيه الناس إن الفجر قرب".
وأضاف: "سيدنا النبي عليه الصلاة والسلام كان بيقول: 'كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم'، فكان بلال يؤذن في الفجر الكاذب، اللي هو ظهور الضوء الطولي، أما عبد الله بن أم مكتوم فكان يؤذن في الفجر الحقيقي، اللي بعده يُمسك الصائم وتُصلى فيه الفجر".
وأشار إلى شروط أخرى لصحة الأذان فقال: "لازم يكون الأذان باللغة العربية، ويراعى فيه الترتيب والموالاة، يعني ما ينفعش المؤذن يقول جملتين ويروح يعمل حاجة ويرجع يكمل".