نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مقالا، لتوماس فريدمان، كشف فيه أنه "قضى الأسبوع الماضي على متن مروحية سي أتش شينوك يتجوّل على سبع قواعد عسكرية أمريكية في غرب الأردن وشرقي سوريا، حيث كان برفقة قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط، الجنرال مايكل كوريلا".

وتابع: "على خلاف النقطة الساخنة والخطيرة بين الصين والولايات المتحدة في مضيق تايوان حيث تستعرض الطائرات الصينية قوتها كل يوم فيما تراقب البحرية الأمريكية المناطق القريبة من المضيق، فما رأه في سوريا والأردن لا يعطي صورة عن حالة توازن، بل شرق أوسط آخر بدأ على حد زعمه بعد عملية حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر".



وأضاف: "وهذا الشرق الأوسط المختلف يضع إيران وجماعاتها الوكيلة مثل حزب الله والحوثيين والميليشيات العراقية ضد شبكة صغيرة من القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا والأردن والتي انشئت عام 2014 لتدمير تنظيم الدولة الإسلامية، وضد الوجود الأمريكي البحري في البحر الأحمر وخليج عدن، التي تمر منها خطوط الملاحة الدولية". 

ويقول إن الجماعات الشيعية المسلحة في العراق والمقاتلين الحوثيين في اليمن لا تبدو أنها تهديد خطير "لكن عليك ألا تنخدع، فقد تعلموا كيف يسلحون وينبون وينشرون أنواعا متفوقة من الأسلحة في العالم، وهي الأسلحة التي تقدمها إيران وتستطيع ضرب هدف حجمه ثلاثة أقدام على مسافة 500 ميل". 

ويقضي الجنود الأمريكيون والبحارة الذين نشروا في هذه القواعد وقتهم في ألعاب فيديو لكنهم يواجهون الواقع الحقيقي، وباتوا يستخدمون أنظمة الكمبيوتر والمعدات المتفوقة لمواجهة واعتراض كل صاروخ ومسيرة تطلقها جماعات إيران عليهم.

ووفقا لفريدمان فالأمريكيون ليسوا متأكدين إن كانوا في حالة حرب مع إيران، إلا أن الحرس الثوري يعرف أنه يخوض حرب ظل مع أمريكا عبر الجماعات الوكيلة. ولو كانت إحدى هذه الجماعات الوكيلة محظوظة ووجهت ضربة للبحرية الأمريكية في البحر الأحمر أو الثكنات في سوريا والأردن، وتسببت بضحايا على قاعدة هجوم بيروت عام 1983 ضد المارينز، فسيخرج النزاع بين الولايات المتحدة وإيران من الظل ويصبح حربا مباشرة وفي منطقة يعتمد العالم على نفطها.

ويقول فريدمان إن "الشرق الأوسط الآخر بدأ في 17 تشرين الأول/ أكتوبر أي بعد عشرة أيام من عملية حماس وعندما قررت إيران تفعيل كل جماعاتها الوكيلة. وتحت غطاء الحرب في غزة والمشاعر المعادية للولايات المتحدة التي ولدتها الحرب في المنطقة، فقد حاولت إيران رؤية إن كانت تستطيع إضعاف شبكة القواعد العسكرية الأمريكية في العراق وسوريا والأردن وربما دفع كل القوات الأمريكية للخروج بشكل كامل من المنطقة". 

وتابع: "وربما كان لدى إيران دافع آخر وهو تخويف حلفاء أمريكا العرب وإظهار ما يمكن أن تسبب به من ضرر على حاميتهم أمريكا. ويرى فريدمان أن هذه أخطر لعبة ديكة في العالم ولأسباب ثلاثة:

الأول، هو حجم الصواريخ والمسيرات التي أطلقها الحوثيون والجماعات العراقية المسلحة. وبحسب القيادة المركزية، فقد تم إطلاق مئات الرؤوس الصاروخية أرض- بحر وصواريخ كروز والصواريخ الباليستية والمسيرات الهجومية والقوارب الإنتحارية السريعة والمسيرات تحت الماء على البوارج الأمريكية والقواعد العسكرية. 

وكل هذه الأسلحة جاءت من إيران واستخدمت منذ 17 تشرين الأول/ أكتوبر. ويعلّق الكاتب أن أمريكا ولحسن الحظ استطاعت اعتراض وحرف مسار معظم هذه الترسانة من خلال أجهزة اعتراض وشبكة متقدمة من الرادارات وإجراءات مضادة أخرى ونشرت في البوارج البحرية والقواعد العسكرية في الصحراء. 

ولم تكن هذه مهمة سهلة، فقد نجحت بعض الصواريخ والمسيرات بالوصول إلى أهدافها وأدت لجرح حوالي 180 جنديا حسب القيادة المركزية وتركت أضرار القواعد وهو ما شاهده الكاتب أثناء جولته. وتم تحصين القواعد المكونة من وحدات محاطة ومفصولة بمئات من الكتل الإسمنتية التي استوردتها الولايات المتحدة للحد من الضرر الذي يمكن لأي رأس صاروخي التسبب به. 


ويستطيع الجنود التواصل مع عائلاتهم عبر فيستايم ومتابعة المباريات الرياضية. وتقدم المطابخ المتقشفة اللحم البقري المعلب وربما قدمت منشآت أحسن مجموعة مختارة من الفواكه الطازجة.
ولأن هذه القواعد مصممة لكي تمنع تنظيم الدولة من إعادة تنظيم نفسه وبناء خطوط امدادات وحشد قواته، فلا تستطيع ردع أو مواجهة هجمات صواريخ حديثة وترسانة عسكرية قدمتها إيران لجماعات الوكيلة. 

ولهذا السّبب نجح هجوم إيراني لجماعة تطلق على نفسها المقاومة الإسلامية بقتل جنود أمريكيين في برج-22 بالأردن، وذلك عندما أطلقت رأس صاروخيا بزنة 20 رطلا على الموقع العسكري في 28 كانون الثاني/ يناير. 

ويقول "إنه زار برج- 22 مع الجنرال كوريلا، الأسبوع الماضي، ودهش عندما علم عن الطريقة القوية التي شجع فيها الإيرانيون جماعاتهم الوكيلة لممارسة القسوة، مما يجعل هذه الحرب خطيرة. ووصف الجنرال كوريلا ما أسماه "حوار" الردع الذي قامت به القيادة المركزية مع إيران بعد عملية برج-22 والتأكيد لطهران أنها تقوم باللعب بالنار". 

وتابع: "في 2 شباط/ فبراير شنّت الولايات المتحدة هجوما ضد شبكة من جماعات إيران الوكيلة وبعد يوم ضربت مواقع للحوثيين في اليمن، مستهدفة أكثر من 100 هدف، وباستخدام مقاتلات بي-1 وصواريخ كروز ومقاتلات انطلقت من بارجة أيزنهاور في البحر الأحمر. وقتل حوالي 40 شخصا في الغارات الانتقامية الأمريكية".

وأردف: "وتوجت الهجمات بقتل زعيم في كتائب حزب الله، وهو أبو بدر الساعدي، في محاولة للكشف عن قدرة أمريكا الاستخباراتية وما يمكن أن تنشره من قدرات في حرب الظل مع إيران. وقتل الساعدي وهو يقود سيارة في شارع بالعاصمة بغداد وبنفس الصاروخ "هيلفاير" الذي استخدم لقتل الجنرال قاسم سليماني أثناء خروجه من مطار بغداد في عام 2020".

أما الثاني، فيزعم فريدمان، أن الرد الأمريكي كان رسالة انتبهت إليها إيران ودفعتها لهدنة، مع أن حركة الحوثيين لم تلتزم بوقف إطلاق النار غير الرسمي. فقد واصلوا استهداف السفن التجارية المرتبطة بدولة الاحتلال الإسرائيلي أو المتجهة للموانئ الإسرائيلية إلى جانب السفن البريطانية والأمريكية. 


ولاحظ الكاتب، في جولته، على القواعد ملمحا آخر من حرب الظل، ففي كل قاعدة زارها كانت هناك غرفة محظورة على الصحافيين يطلق عليها مركز التكامل القتالي، ففي هذه الغرفة يقوم الجنود الأمريكيون الشباب بمتابعة شاشات كبيرة وتحديد أي هدف طائر وتحديد ما إذا كانت هناك ضرورة لتفعيل الرادار أو تجاهله وتركه يمضي نظرا لأنه لن يصل إلى الهدف. 

وعلى المشغلين في المركز القرار خلال 90 ثانية فيما إن كانت هناك حاجة لضرب المسيرة القادمة بمسيرة اعتراضية. وزار فريدمان مخيم الهول الذي يحتجز فيه حوالي 43,000 من نساء وأطفال مقاتلي تنظيم الدولة. وتحدّث الكاتب مع أمريكيات انجذبت لتنظيم الدولة وأنجبن ستة أو سبعة أطفال من عدة مقاتلين قتلوا في الغارات الأمريكية.

والسبب الثالث يتعلق بسبب بقاء القوات الأمريكية في هذه المناطق، وقبل أن يجيب وصف المشهد خلال زيارته ثكنة التنف القائمة عند نقطة التقاء الحدود الأردنية والسورية والعراقية، حيث حضر حفلا عسكرية قاده كوريلا. ثم أجاب عن سبب بقاء القوات الأمريكية في هذه المنطقة. 

ويعود للوراء حيث يقول إنه في مرحلة ما بعد الحرب الباردة وحتى عام 2000 كانت هناك آمال بإمكانية إنشاء سياسة اجتماعية وديمقراطية في هذا الجزء من العالم ونتيجة لاتفاق أوسلو ووادي عربة بين الأردن ودولة الاحتلال الإسرائيلي ثم انتفاضات الربيع العربي والاندماج الناجم عن العولمة. ولم يحدث هذا، فبدلا من الديمقراطية أنتجت المرحلة دولا فاشلة، ولم يعد الإنقسام بين الدول الديمقراطية والديكتاتورية ولكن بين الفوضى والنظام. 


ولهذا السبب فإن وجود القوات الأمريكية في شرق سوريا والبحر الأحمر يمنع من انتشار الفوضى "هناك" إلى هنا، ويعني بالفوضى الجماعات المشابهة لتنظيم الدولة والدول الفاشلة مع سوريا والتي تقضي على الدولة القطرية. ربما لم تكن الحياة جيدة في هذه المناطق للجنود الأمريكيين الذي يرتدون الدروع العسكرية طوال اليوم ويأكلون النقانق البقرية، لكنها الطريقة الوحيدة لمنع حرب الظل في المنطقة من الخروج للعلن وفي أي وقت.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية سوريا سوريا الاردن البحر الاحمر المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القیادة المرکزیة القواعد العسکریة القوات الأمریکیة سوریا والأردن الأمریکیة فی تنظیم الدولة کانت هناک فی هذه

إقرأ أيضاً:

كيف تنعكس الهجمات الإسرائيلية المتكررة ضد سوريا على استقرار الأردن؟

شددت الباحثة في أمن الشرق الأوسط بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، بورجو أوزجليك، على أن هجمات دولة الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة على الأراضي السورية تهدد الاستقرار في الأردن.

وقالت الباحثة في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" وترجمته "عربي21"، إن العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يواجه ردود فعل عنيفة تجاه اتفاقية السلام التي أبرمتها بلاده مع إسرائيل. 

فمنذ اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، قاوم الملك عبد الله الثاني، ملك الأردن، الضغوط الداخلية لإلغاء معاهدة السلام التي أبرمتها بلاده مع إسرائيل منذ 30 عاما. وبدلا من ذلك، سعى الأردن إلى الإقرار بالغضب الشعبي إزاء قتل إسرائيل للفلسطينيين مع الحفاظ على تعاونه الأمني مع جارته، حسب المقال.

وأضافت الباحثة أن الأردن يواجه الآن تحديا آخر. فمنذ أن أطاح الثوار بنظام بشار الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، عمّقت إسرائيل انخراطها العسكري في سوريا. ويحاول عبد الله إدارة العلاقات مع إسرائيل والحكومة السورية الجديدة دون إحداث اهتزازات في السياسة الداخلية - وربما زعزعة استقرار نظامه. 


ووفقا للمقال، فلطالما تميزت الملكية الأردنية ببراعتها في الموازنة بين السياسة الداخلية والمصالح الأمنية. ويتجلى ذلك بوضوح في علاقتها مع إسرائيل. في عام 1994، أصبح الأردن ثاني دولة عربية - بعد مصر - تعترف بإسرائيل. وتضمنت معاهدة السلام التي توصل إليها البلدان في ذلك العام التزامات بالتعاون في مجال الأمن ومراقبة الحدود. كما أكدت دور الأردن في رعاية الأماكن المقدسة الإسلامية في القدس. 

يُعتبر السلام الأردني مع إسرائيل سلاما فاترا، ما يعني أنه يفتقر إلى دعم الرأي العام الأردني. ورغم أن الأردن حافظ بهدوء على تنسيق استخباراتي وأمني قوي مع إسرائيل - حتى بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 - إلا أن المسؤولين الأردنيين يُعدّون من أشد منتقدي إسرائيل علنا. في السنوات الأخيرة، نظّم الأردنيون احتجاجات واسعة النطاق مطالبين الحكومة بقطع العلاقات مع إسرائيل وطرد السفير الإسرائيلي. 

وأشارت الكاتبة إلى أن إسرائيل تقبلت نهج الأردن المزدوج - حيث تتعايش الإدانة الدبلوماسية الصاخبة مع براغماتية أمنية هادئة - كثمن للسلام مع المملكة. لكن توغلات إسرائيل في سوريا قد تُقوّض هذا التوازن. 

منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر، شنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 700 غارة جوية على أهداف عسكرية في سوريا. وشملت أهداف الجيش ترسانات أسلحة كيميائية وأصولا عسكرية. والضربات الإسرائيلية في سوريا ليست بالأمر الجديد. فقد أقرّت إسرائيل سابقا بتنفيذ مئات الضربات في السنوات الأخيرة على أهداف في سوريا تقول إنها مرتبطة بإيران والجماعات المسلحة المتحالفة معها مثل حزب الله في لبنان. كما نفّذ جنود إسرائيليون عمليات توغل برية في سوريا انطلاقا من مرتفعات الجولان المحتلة. 

في حين أن إسرائيل ضربت أهدافا مرتبطة بإيران في سوريا خلال حكم الأسد، فإن الموجة الأخيرة من الضربات العسكرية واستيلاء إسرائيل على أراض سورية تقع خارج مرتفعات الجولان يُعدّان تصعيدا خطيرا. وصرح وزير الحرب الإسرائيلي إسرائيل كاتس في آذار/ مارس: "الجيش الإسرائيلي مستعد للبقاء في سوريا لفترة زمنية غير محدودة".  

الهدف العسكري الإسرائيلي المعلن هو الدفاع عن المنطقة العازلة في سوريا، التي تبلغ مساحتها 400 كيلومتر مربع، وإنشاء منطقة أمنية تتجاوزها. كانت المنطقة محظورة بالفعل على القوات السورية بموجب اتفاقية فك الاشتباك التي أعقبت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973. 

كانت المنطقة العازلة خاضعة لدوريات قوة تابعة للأمم المتحدة، مدد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تفويضها مؤخرا حتى 30 حزيران/ يونيو. لكن إسرائيل سيطرت عليها بعد الإطاحة بالأسد، بحجة أن المنطقة تتطلب إشرافا مباشرا. لا يثق المسؤولون الإسرائيليون بالحكومة السورية الجديدة، بقيادة الرئيس المؤقت أحمد الشرع، وفقا للمقال.

ولفتت الباحثة إلى أن جماعة الشرع المسلحة المنحلة الآن، هيئة تحرير الشام، كانت امتدادا لفرع تنظيم القاعدة في سوريا، على الرغم من انقسامهما لاحقا. الآن في السلطة، حل الشرع جماعته وتعهد بالحكم لجميع السوريين. كما قال إنه لا يريد صراعا مع إسرائيل. 

أقام جيش الاحتلال الإسرائيلي تسعة مواقع عسكرية داخل الأراضي السورية منذ سقوط الأسد، بما في ذلك موقعان على جبل الشيخ، أعلى قمة في المنطقة. وصرح كاتس بأن "الجيش الإسرائيلي يعمل على جعل جنوب سوريا منزوع السلاح وخاليا من الأسلحة والتهديدات". 

في الشهر الماضي، شنت إسرائيل جولة أخرى من الغارات الجوية في عمق سوريا، مستهدفة، من بين أمور أخرى، مطار حماة العسكري وقاعدة جوية عسكرية في حمص. أصاب القصف الإسرائيلي منطقة بالقرب من سد الجبالية غرب بلدة نوى وبالقرب من تسيل غرب درعا، مما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص. 

خلال الأسبوع الماضي، شنت إسرائيل العديد من الهجمات الإضافية التي زعمت أنها كانت دفاعا عن الأقلية الدرزية في سوريا. وتوغلت الضربات الإسرائيلية في عمق البلاد، بما في ذلك في دمشق، مما أسفر عن مقتل مدنيين اثنين على الأقل. 

في الأردن، أثار هذا التصعيد مخاوف. كان سقوط الأسد مصدر ارتياح للمسؤولين الأردنيين، الذين يرون في الشرع عامل استقرار محتمل في سوريا المجاورة. في الوقت نفسه، تشعر المملكة بالقلق من أن الإسلام السياسي الذي يتبناه الزعيم السوري الجديد قد يكتسب زخما جنوب الحدود، وفقا للكاتبة.

انتقد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي استيلاء إسرائيل على مناطق سورية في المنطقة العازلة، واصفا إياه بانتهاك للقانون الدولي واعتداء على سيادة سوريا. وطالب هو ونظيره المصري إسرائيل بالانسحاب من المنطقة. 

توترت علاقة الأردن بسوريا في عهد الأسد بسبب انحيازه لإيران ووكلائها، وكذلك بسبب تهريب سوريا للأسلحة والمخدرات - بما في ذلك الكبتاغون - على طول الحدود الممتدة بين البلدين لمسافة 233 ميلا. يستضيف الأردن حوالي 1.3 مليون سوري، كثير منهم لاجئون. 

ولاحتواء التهريب، بنى الأردن تحصينات حدودية وأنظمة مراقبة، وأجرى عمليات استخباراتية سرية. في كانون الثاني/ يناير، شنّت طائرات حربية أردنية غارات جوية على قرية شعاب جنوب سوريا، مستهدفة عمليات تهريب أسلحة ومخدرات. وفي آذار/ مارس، أفاد الجيش الأردني بمقتل أربعة مهربين ومصادرة كميات كبيرة من المخدرات والأسلحة. 

يشارك الأردن إسرائيل بغضها للنفوذ الإيراني، حسب المقال، سواء في سوريا أو الضفة الغربية المحتلة. على مدار العام الماضي، أحبط الأردن محاولات تهريب أسلحة من قِبل ميليشيات موالية لإيران في سوريا ولبنان، وكانت بعض الأسلحة موجهة إلى الضفة الغربية. ومن المرجح أيضا أن الجهود الإسرائيلية لإضعاف البنية التحتية العسكرية السورية وشبكات حزب الله المتبقية قد قللت من التهديدات المحتملة للأردن على طول حدوده مع سوريا. 

ولكن مع تصعيد إسرائيل لعملياتها في سوريا - بالتزامن مع هجوم عسكري موسع على غزة - فقد يُجدد ذلك المعارضة الشعبية لمعاهدة الأردن مع إسرائيل، ويؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار السياسي في المملكة، وهو أمر لا يستطيع الملك عبد الله تحمّله، على حد قوله الكاتبة.

وأوضح المقال أن الملك عبد الله يأمل بالتأكيد أن تتمكن حكومة الشرع المؤقتة من تولي السيطرة السيادية على حدودها الجنوبية. من شأن ذلك أن يُطمئن الأردن بأنه يستطيع الاعتماد على شريكه الجديد في دمشق بدلا من الاعتماد على الضربات الإسرائيلية لتحييد التهديدات الموجهة للأردن في جنوب سوريا. لكن نجاح الشرع سيُشكل أيضا خطرا على الأردن. 

بحسب الكاتبة، فإن  شبح التعبئة السياسية الإسلامية يثير قلق الأردن. فأكبر حزب معارض في البلاد - جبهة العمل الإسلامي - مرتبط بحركة الإخوان المسلمين العابرة للحدود الوطنية. وقد حقق الحزب مكاسب في الانتخابات البرلمانية العام الماضي بفضل برنامجه المؤيد للفلسطينيين بشكل علني.
 
حظر الأردن جماعة الإخوان المسلمين فجأة الشهر الماضي، واعتقل 16 عضوا من أعضائها بزعم أنهم خططوا لشن هجمات داخل المملكة. وكشفت دائرة المخابرات العامة الأردنية أن خلايا الإخوان المسلمين هذه كانت تحت المراقبة منذ عام 2021، وأنها متورطة في تصنيع واستيراد الصواريخ والمتفجرات، بالإضافة إلى تشغيل موقع لإنتاج المسيّرات ومستودعات سرية. وبحسب ما ورد، تلقى بعض المخططين تدريبا وتمويلا في لبنان. 


ومن المُرجّح، وفقا للمقال، أن يكون تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل قد دعم عمليات السلطات الأردنية، لا سيما على الجبهة اللبنانية. نفت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن أي علم لها بالمؤامرة المزعومة أو تورطها فيها. 

وأوضحت الكاتبة أن كل هذا قد يمهد في نهاية المطاف الطريق للأردن لحل حزب جبهة العمل الإسلامي بتهم الإرهاب، مما يُحدث تحولا جذريا في المشهد السياسي في المملكة. وإذا حدث ذلك، فسيُثير غضبا شعبيا من الأردنيين الذين سيعتبرون هذه الخطوة هجوما على الإسلام السياسي.

ومن المرجح أن يُحمّلوا إسرائيل - واتفاقية السلام التي أبرمتها مع الأردن - مسؤولية حملة القمع التي شنتها المملكة على الحزب، مما يُغذي احتجاجات شوارع جديدة مناهضة لإسرائيل وللنظام الملكي في وقت يشهد فيه الوضع الإنساني في غزة أسوأ حالاته، حسب المقال.

وشددت الكاتبة على أنه "عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، يبدو أن الأردن لا يستطيع الفوز. إذ تبدو إسرائيل مصدر متاعب النظام الملكي، وأحد حُماته في الوقت نفسه. ورغم أن اتفاقية السلام لعام 1994 تُسهم في الحفاظ على الأمن في الأردن، إلا أنها تُهدد باستمرار بزعزعة المناخ السياسي الداخلي في الأردن. هذه الثنائية سمة متأصلة في العلاقة بين إسرائيل والأردن، وخلل دائم في النظام".

مقالات مشابهة

  • كانت في طريقها للحوثيين.. ضبط 14 بحارا وسفينتين على متنها قطع حربية مهربة
  • تعرض محطة كهرباء عطبرة لهجوم بمسيرات المليشيا وانقطاع التيار عن نهر النيل والبحر الأحمر
  • جولة رابعة من المحادثات بين أمريكا وإيران في سلطنة عُمان
  • مليشيا الحوثي تنشر تفاصيل وأرقام العمليات العسكرية التي نفذتها تجاه القوات الأمريكية وما تعرضت له من غارات جوية
  • الضغط العسكري ومؤشرات تخلي إيران عن الحوثيين (تقرير)
  • كيف تنعكس الهجمات الإسرائيلية المتكررة ضد سوريا على استقرار الأردن؟
  • روسيا تعمل مع العراق وإيران لإنشاء ممر بري للطاقة يمتد الى سوريا
  • الخارجية الأمريكية: الاتفاق مع الحوثي أولي ويهدف إلى وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر
  • ولي العهد يؤكد متانة العلاقة التي تربط الأردن واليابان
  • مصدران لـCNN: ترامب يخطط لتغيير تسمية أمريكا للخليج.. وإيران تحذر