دلالات عودة مبعوث ترامب.. وامتنان بوتين لحماس
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
يبدو أن الوقت الذي منحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لإنجاز مهمته في قطاع غزة ينفد، بعد عودة آدم بولر؛ المبعوث الخاص لشؤون الأسرى لمهامه التي أبعد عنها بعيد لقائه قادة حركة حماس في الدوحة وعلى رأسهم موسى أبو مرزوق في آذار/ مارس الماضي، وذلك بعد أن أشاد بالمرونة التي تبديها حركة حماس في التعامل مع ملف الأسرى وخصوصا الأسير الأمريكي عيدان ألكسندر.
عودة بولر ارتبطت بكشف حركة حماس فقدانها الاتصال بالأسير عيدان الكسندر عقب استهدافه بغارة إسرائيلية يوم الثلاثاء الفائت، ما دفعه للتصريح يوم الأربعاء بأنه متأكد من أن عيدان ألكسندر في مكان آمن، وأن "حماس لن تجرؤ على المساس بشعرة من رأسه"، في محاولة منه لطمأنة عائلة الأسير الأمريكي الذي كان من المتوقع إطلاق سراحة إلى جانب أربع من جثث الأسرى آذار/ مارس الماضي، وهي معلومة ما كان لبولر أن يتحدث واثقا فيها إلا نتيجة تواصله المباشر مع قيادات حركة حماس.
ليس هذا هو السبب الوحيد لعودة بولر، فالانخراط بملف الأسرى الذي أُبعد عنه عقب إطرائه على قادة حركة حماس بالقول: "إنهم رجال طيبون"، جاء بناء على رغبة كامنة لدى الرئيس الأمريكي ترامب بخفض التصعيد تمهيدا لزيارته إلى المنطقة مطلع أيار/ مايو المقبل، حيت يُتوقع أن يعقد العديد من الصفقات التجارية مع دول المنطقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تشمل اتفاقا لنقل التكنولوجيا النووية ذات الطبيعة المدنية للمملكة العربية السعودية؛ وعد به وزير التجارة الأمريكي كريس رايت، إلى جانب عدد آخر من الاتفاقات التي تقدر قيمتها بمليارات الدولارات التي يحتاجها دونالد ترامب لمعالجة المديونية المرتفعة لبلاده، والعجوزات المقلقة في الموازنة الفيدرالية والميزان التجاري، والتي تعد ثغرة هائلة في جدار دفاعاته في الحرب التجارية التي يشنها على الصين.
ويضاف إلى ذلك رغبة ترامب في إحداث اختراق حقيقي نحو اتفاق نووي جديد مع الجانب الإيراني الذي عرض عليه فيها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي استثمار أربعة تريليونات من الدولارات في حال التوصل لاتفاق نووي مُرض لطهران، اتفاق سيتجاوز العلاقة مع إيران نحو روسيا التي يرغب ترامب أن تكون شريكا له في إنجاز الاتفاق النووي، بما يضمن إبعاد طهران وموسكو في وقت واحد عن الصين، أو على الأقل الحد من علاقاتهم العسكرية والاقتصادية.
فالشراكة يمكن أن تمتد نحو إسهام روسي في اتفاق فلسطيني مع الكيان الإسرائيلي لوقف الحرب والعدوان على قطاع غزة، وهو ما ألمح إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال استقباله يوم الأربعاء الأسير الروسي السابق لدى المقاومة ساشا تروبونوف، بالقول: إن إطلاق سراحه كان ممكنا بفضل علاقات روسيا المستقرة والمديدة مع الشعب الفلسطيني وممثليه، ومختلف منظماته، شاكرا حركة حماس التي التقت في منتصف الطريق مع روسيا للقيام بهذا التصرف الإنساني.
تزامُن تصريحات بوتين مع زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد لموسكو، حيث أكد عدم التزام الكيان الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في كانون الثاني/ يناير الماضي، مع عودة المبعوث الأمريكي بولر للواجهة السياسية؛ لا يتوقع أن يكون مصادفة، فالوقت ينفد من نتنياهو الذي يواجه ضغوطا داخلية متدحرجة تدفع نحو ما يشبه العصيان المدني غير المعلن داخل الكيان؛ يقوده جنود الاحتياط الذين انضم إليهم أكاديميون وأطباء ورجال أعمال، وهو عصيان يفاقمه الفشل المتكرر لاستراتيجيته التي ألقى فيها آخر ما في جعبته من شروط لنزع سلاح المقاومة وآخر ما فيها من إجرام بالقصف والتجويع.
ختاما.. وقت نتنياهو ينفد على نحو سريع، فأجراس التحذير تلاحقه من موسكو إلى واشنطن حيث يقبع آدم بولر الذي قرع جرس التحذير الأخير بعودته إلى المشهد التفاوضي؛ حاثا الأطراف على عقد صفقة كبرى يطلق فيها سراح جميع الأسرى دفعة واحدة مقابل ضمانه شخصية بوقف الحرب، موحيا بإمكانية الاستجابة لدعوة حركة حماس الذهاب إلى صفقة نهائية وليست جزئية، كما جاء على لسان القيادي في الحركة محمود مرداوي يوم الخميس، وهو اتفاق بات ممكنا في حال انضم الروس وقدموا الضمانات من جهتهم كما هو الحال مع إيران في الاتفاق النووي.
x.com/hma36
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء ترامب حماس روسيا صفقة اسرى حماس روسيا صفقة ترامب قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حرکة حماس
إقرأ أيضاً:
تنتقد النزعة الملكية لترامب.. إلى أين تتجه حركة لا ملوك بأميركا؟
واشنطن- تزامنا مع عرض عسكري غير مسبوق نظمه الرئيس الأميركي دونالد ترامب السبت الماضي في واشنطن بمناسبة الذكرى الـ250 لتأسيس الجيش، نزل ملايين الأميركيين إلى الشوارع في أكثر من ألفي مدينة رافعين شعارا واحدا "لا ملوك".
ويعكس الزخم الذي رافق هذا الشعار منذ تولي ترامب، وتوالي الحركات الاحتجاجية الرافضة لما تعتبره "نزعة ملكية" في أسلوب حكمه، تنسيقا فعالا بين عشرات المنظمات والنقابات على مستوى الولايات المتحدة.
كما يثير الحشد الجماهيري الذي يلتف حول الشعار تساؤلات حول مستقبل حركة "لا ملوك" وهل يمكن أن تتحول من ظاهرة احتجاجية ظرفية إلى معارضة سياسية منظمة؟ وما الذي يميزها أو يحد من أثرها مقارنة بحركات بارزة سابقة مثل حركات "حياة السود مهمة" أو "احتلوا وول ستريت"؟
السياق السياسيرغم أن شعار "لا ملوك" استُعمل لأول مرة على نطاق واسع خلال الموجة الاحتجاجية المُنظمة التي انطلقت في الخامس من أبريل/نيسان الماضي، فإنه لم يكتسب زخمه الرمزي الكامل إلا في الاحتجاجات التي رافقت العرض العسكري في 14 يونيو/حزيران.
وتحوّل الشعار إلى العنوان الأبرز لرفض ما يعتبره المتظاهرون "مظاهر سلطوية استبدادية" في أسلوب حكم ترامب.
ونشأت هذه الحركة الاحتجاجية نتيجة تنسيق شبكي واسع بين عدد من المنظمات المدنية والنقابات أبرزها حركة "50501" التي دعت في أبريل/نيسان إلى 50 احتجاجا في 50 ولاية خلال يوم واحد، إلى جانب "اتحاد الحريات المدنية الأميركي" ونقابات مثل "الاتحاد الأميركي للمعلمين" و"اتحاد عمال الاتصالات الأميركي".
ويعرّف روبرت ويلكينغ، ناشط في حركة "50501" بواشنطن حركة "لا ملوك" بأنها "ائتلاف مدني واسع يجمع منظمات ونشطاء من خلفيات مختلفة، يتوحدون حول رفضهم لمبدأ السلطة المطلقة، ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن الحركة "تعبّر عن وعي سياسي مشترك وقلق متزايد من أن تتحول مؤسسة الرئاسة إلى مركز قوة من دون ضوابط".
إعلانوتأتي هذه التعبئة في سياق سياسي يتسم بعودة التوترات المؤسسية بين السلطة التنفيذية ومراكز الرقابة المجتمعية، خاصة بعدما أعاد ترامب تشكيل إدارته في ولايته الثانية بمنطق أكثر تصادمية تجاه خصومه سواء داخل المؤسسات أو في الشارع.
ومن بين أبرز ما يُغضب المحتجّين ما يرونه توجّها متزايدا لدى إدارة ترامب نحو توسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية في مواجهة الحراك الشعبي، لاسيما عقب نشر قوات من الحرس الوطني ومشاة البحرية للتصدي للاحتجاجات التي شهدتها مدينة لوس أنجلوس، وهو ما اعتُبر عودة إلى منطق العسكرة في مواجهة المطالب الاجتماعية والسياسية.
وتشير تقديرات "ائتلاف رصد الحشود" -وهو مشروع أكاديمي يوثّق الاحتجاجات بالولايات المتحدة منذ 2017- إلى أن مظاهرات "لا ملوك" استقطبت ما بين 4 و6 ملايين شخص في أكثر من 2100 مدينة وبلدة أميركية، أي ما يعادل 1.2% إلى 1.8% من سكان البلاد.
وتم جمع هذه البيانات من نحو من 40% من مواقع الاحتجاجات، مما يرجّح أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى، وهو ما يجعل هذه الحركة ضمن أضخم التعبئات الجماهيرية في تاريخ الاحتجاج السياسي الأميركي المعاصر.
ويرى محللون أن هذا الانتشار يعكس اتساع دائرة السخط الشعبي على السياسات الفدرالية، لا من منطلق الخلاف الحزبي التقليدي، بل باعتبارها أزمة تتعلق بتجاوز حدود السلطة التنفيذية ومركزية القرار.
وتقول إيمان عوض المديرة الوطنية للسياسات في مؤسسة "إيماج" (Emgage) المعنية بتعزيز المشاركة السياسية للمجتمعات المسلمة في واشنطن إن "ما شهدناه نهاية الأسبوع الماضي يعتبر مثالا واضحا على قدرة الحركة على حشد الناس بسرعة استثنائية، وتتابع -في حديث للجزيرة نت- أن "الملايين الذين شاركوا دليل على القوة العددية والطاقة المتوفرة، لكن التأثير الحقيقي لن يتحقق إلا إذا تم الانتقال من الاحتجاج إلى إيجاد مسارات عملية للتغيير".
وتؤكد عوض أن هذه الحركات -مثل "لا ملوك"- التي تنشأ من تنظيم رقمي لا مركزي تمتلك قدرات هائلة للتحول إلى قوة سياسية مؤثرة، وترى أن الشرط الأساسي لتحقيق ذلك هو "العمل الآمن والمنظم، خاصة في ظل تصاعد مقلق لعمليات المراقبة التي تطال المجتمعات المدنية".
وفي المقابل تؤكد دانا فيشر أستاذة علم الاجتماع بالجامعة الأميركية أن "التحول من حركات مركزية إلى حركات شبكات لا مركزية سمة مميزة للاحتجاجات في حقبة ما بعد 2020" وتوضح -في تصريح لمجلة "وايرد"- أن انتشار هذه الحركة من خلال أدوات رقمية مثل "ديسكورد" و"سيغنال" و"Mobilize.us" -رغم فعاليته في تسريع التعبئة- فإنه لا يضمن بالضرورة تطورها إلى قوة ضغط منظمة أو فاعل سياسي مستقر.
من بين أبرز الحركات الاحتجاجية الأميركية التي لاقت صدى واسعا خلال العقد الأخير، تبرز حركة "حياة السود مهمة" التي تعتبر نموذجا ناضجا للتأثير السياسي الذي يمكن أن ينتج عن الحراك الشعبي.
إعلانفرغم انطلاقها في سياق احتجاجي عاطفي بعد مقتل جورج فلويد على يد شرطي بولاية مينيسوتا، سرعان ما طوّرت فروعا محلية، وشبكات ضغط، ومطالب تشريعية واضحة، ونجحت في بناء قنوات تواصل مع صانعي القرار على المستويات الفدرالية والمحلية، مما منحها قدرة نسبية على التأثير في الخطاب والسياسات.
ورغم الانتشار اللافت لحركة "لا ملوك" فإن أحد أبرز الأسئلة التي تُطرح بشأنها: إلى أي مدى يمكن أن تتحول من موجة احتجاجية عارمة إلى قوة سياسية منظمة ومؤثّرة؟ خاصة أنها حتى اللحظة، تفتقد لقيادة موحدة أو هيكل تنظيمي قادر على خوض معارك مؤسسية واضحة.
تقول المسؤولية في مؤسسة "إيماج" إن حركة "لا ملوك" تشترك مع حركات شعبية سابقة في سعيها لمساءلة القادة، وتعتبر أن الرسالة التي تحملها "واضحة وتستند إلى تاريخ طويل من مقاومة تغوّل السلطة".
وترى أن مستقبل الحركة سيعتمد على قدرتها على التوازن بين الزخم الشعبي وبين بلورة قيادة واضحة وإستراتيجية منظمة، مؤكدة أن "الحركة تملك إمكانات كبيرة إذا نجحت في ذلك".
ومن جهتها ترى الباحثة السوسيولوجية زينب توفيقجي في كتابها "تويتر وتير غاز" (Twitter and Tear Gas) أن "التنظيم الرقمي يمكن أن يُنتج تعبئة جماهيرية فورية، لكنه لا ينتج تلقائيا بُنى مؤسسية قادرة على خوض معارك طويلة الأمد".
وتضيف أن "ما يمنح الحركات قوة الانطلاقة هو نفسه ما يضعف قدرتها على الاستمرار: السرعة والمرونة وغياب المركزية".