علماء للجزيرة نت: البحر الأحمر جف تماما قبل 6 ملايين سنة
تاريخ النشر: 29th, October 2025 GMT
اكتشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن البحر الأحمر شهد اضطرابا هائلا منذ نحو 6 ملايين سنة، مما أدى إلى جفافه تماما. قبل أن يمتلئ مرة أخرى فجأة بفيضان كارثي من المحيط الهندي.
وقدمت الدراسة، التي نشرت في دورية "كومينيكيشنز إيرث آند إينفيرومنت"، دليلا قاطعا على حدوث الجفاف، ووضعت حدا زمنيا دقيقا لحدث جيولوجي كبير غيّر بشكل دائم معالم البحر الأحمر، ويوصف بأنه أحد أكثر الأحداث البيئية تطرفا على وجه الأرض.
وفي تصريح خاص للجزيرة نت حول الكيفية التي توصل بها الباحثون لمعرفة حدوث جفاف البحر الأحمر منذ حوالي 6 ملايين سنة، تقول الدكتورة تيهانا بينسا الباحثة في قسم العلوم والهندسة الفيزيائية بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية والباحثة المشاركة في هذه الدراسة إن "استخدام التصوير الزلزالي كشف عن سطح عاكس قوي يمتد عبر حوض البحر الأحمر بأكمله".
وتضيف: "يخترق هذا السطح طبقات ملح وأنهيدريت تعود إلى عصر الميوسين القديم، وتغطيه بشكل حاد رواسب بحرية أحدث. يشير هذا الشكل الهندسي إلى أن قاع البحر كان معرضا للتآكل في السابق، مما يدل على أن الحوض قد جف تماما".
وفي تصريح للجزيرة نت يقول الدكتور عبد القادر عفيفي أستاذ هندسة وعلوم أنظمة الأرض في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا والباحث المشارك في الدراسة، إن اكتشاف عدم وجود توافق زاوي في البيانات الزلزالية يشير إلى أن قاع البحر الأحمر تعرض للتآكل تحت الظروف الجوية.
وذكرت الدراسة أن الجفاف من المرجح أن يكون قد حدث بسبب بداية أزمة الملوحة الميسينية في البحر الأبيض المتوسط، وهي الفترة التي تحوّل فيها البحر المتوسط تقريبا إلى صحراء مالحة عملاقة، وانهارت الحياة البحرية في أغلب مناطقه.
إعلانوفي البداية، كان البحر الأحمر متصلا من الشمال بالبحر الأبيض المتوسط عبر حاجز ضحل، لكن هذا الاتصال انقطع، مما أدى إلى جفاف البحر الأحمر وتحوله إلى صحراء ملحية قاحلة.
وتظهر الأدلة الحيوانية بالبحر الأحمر تحولا من أنواع البحر الأبيض المتوسط إلى أنواع المحيط الهندي، مما يؤكد الصلة الجنوبية الجديدة.
ويضيف عفيفي أنه بعد حدوث الجفاف اخترقت المياه من خليج عدن الحواجز البركانية في جزر حنيش وباب المندب في فيضان كارثي ونحتت واديا تحت الماء بطول 320 كيلومترا.
ويقول إن أبحاث البحر الأحمر تحظى بمكانة خاصة لدى جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وذلك لموقع الجامعة على ساحل البحر الأحمر وقوتها في مجال البحوث البحرية.
وأظهر الباحثون أن هذا التغيّر الهائل حدث في فترة لا تتجاوز مئة ألف عام، وهي وفقا للدراسة فترة قصيرة جدا بالنسبة لحدث جيولوجي ضخم.
فقد تحوّل البحر الأحمر من بحرٍ متصل بالبحر الأبيض المتوسط إلى حوضٍ جافٍ مليء بالأملاح، قبل أن يتسبب فيضان ضخم في اختراق الحواجز البركانية وفتح مضيق باب المندب ليُعيد اتصال البحر الأحمر بالمحيطات العالمية.
وما زال الخندق البحري الذي تسبب هذا الفيضان في حفره بطول نحو 320 كيلومترا، مرئيا حتى اليوم في قاع البحر.
ويمثل هذا الجفاف وما حدث بعده من فيضان الانفصال النهائي للبحر الأحمر عن البحر الأبيض المتوسط والاتصال الأولي بالمحيط الهندي والذي استمر حتى الآن.
تاريخ البحر الأحمرتكوَّن البحر الأحمر نتيجة انفصال الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية قبل نحو 30 مليون سنة. في بدايته، كان عبارة عن واد صدعي ضيق مليء بالبحيرات، ثم اتّسع تدريجيا ليصبح خليجا واسعا عندما غمرته مياه البحر الأبيض المتوسط قبل 23 مليون سنة.
ويعد البحر الأحمر مختبرا طبيعيا فريدا لفهم كيفية نشوء المحيطات، وتراكم الترسبات الملحية العملاقة، وكيفية تفاعل المناخ مع الحركات التكتونية عبر ملايين السنين.
وتضيف هذه الدراسة فهما عميقا لعمليات تكوّن البحار والمحيطات واتساعها على كوكب الأرض.
كما تؤكد هذه الاكتشافات الترابط الوثيق بين تاريخ البحر الأحمر وتغير المحيطات العالمية، وتُظهر أن المنطقة قد شهدت من قبل ظروفا بيئية قاسية، لكنها تمكنت في نهاية المطاف من استعادة نظامها البيئي البحري المزدهر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الملک عبد الله للعلوم البحر الأبیض المتوسط البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
« البحر الأحمر»: عرض أفلام عالمية في دورة 2025
البلاد (جدة)
كشف مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن برنامج “اختيارات عالمية” ضمن دورته الخامسة، الذي يضم نخبة من أبرز أفلام عام 2025، التي حظيت بإشادة النقاد والجماهير في المهرجانات الدولية، ويُعرض عدد منها للمرة الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بواقع تسعة عروض أولى، إلى جانب فيلمين مصريين يُعرضان لأول مرة في المملكة.
وأوضح الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي الدولي فيصل بالطيور، أن برنامج “اختيارات عالمية” يجسّد موسمًا سينمائيًا استثنائيًا هذا العام؛ إذ يضم 12 فيلمًا عُرضت في كبرى المحافل السينمائية العالمية، وانتقاها فريق المهرجان بعناية لتُعرض في قلب جدة التاريخية، في إطار سعي المهرجان إلى مدّ الجسور بين الشرق والغرب، وتقديم تجارب سينمائية تُثري المشهد الثقافي.