إجراءات تسليم مواطن فلسطيني إلى فرنسا على جريمة يتهم بارتكابها قبل نحو 43 عاما تسير بمراحلها النهائية، كما كشف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في مقابلة لصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، إن "الإجراءات القانونية" الخاصة بتسليم المواطن الفلسطيني محمود خضر عبد العدرا، المعروف باسم هشام حرب، إلى فرنسا "وصلت إلى مراحلها النهائية".

وبرر رئيس السلطة عملية التسليم المحتملة بأنها تأتي بعد اعتراف فرنسا بدولة فلسطين مما "هيأ إطارا مناسبا للتعاون القضائي"، وجاءت تصريحات عباس على هامش لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه بالعاصمة باريس، حيث ناقشا ملفات سياسية وقضائية عدة، منها قضية حرب.

وأكد قصر الإليزيه أنه "لا توجد مشكلة قانونية في تسليمه، بل في قابلية التنفيذ"، في إشارة إلى التنسيق الجاري مع الجانب الفلسطيني لضمان الإجراءات القانونية السليمة.

عملية مطعم "جو جولدنبرغ" الباريسي

تعود القضية المتهم بها هشام حرب إلى 9 أغسطس/آب من عام 1982، حين وقع انفجار وإطلاق نار في مطعم "جو غولدنبرغ" بالحي اليهودي في باريس، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 22. ووفق التحقيقات الفرنسية، فإن هشام حرب، الذي كان آنذاك عضوا في فصيل "فتح – المجلس الثوري" بقيادة صبري البنا (أبو نضال)، يُشتبه بأنه لعب دورا محوريا في التخطيط والإشراف على العملية.

وتعتقد السلطات الفرنسية أن ما بين 3 إلى 5 أشخاص نفذوا العملية.

وكانت فرنسا أصدرت مذكرات اعتقال دولية بحق 3 متهمين، منهم زهير محمد حسن خالد العباسي المعروف باسم "أمجد عطا" اعتقل في عام 2015 في الأردن وأفرج عنه لاحقا بكفالة، ووليد عبد الرحمن أبو زيد المعروف باسم "سهيل عثمان" المقيم في النرويج واعتقلته السلطات النرويجية في عام 2020، بالإضافة إلى هشام حرب.

وكانت "منظمة أبو نضال" نشطة خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي. وحملت المسؤولية عن سلسلة من الهجمات عبر العالم خلفت 900 قتيل على الأقل بحسب تقرير سابق لـ"بي بي سي". ومات أبو نضال في العراق في عام 2002 وسط تقارير بأنه انتحر.

تحقيقات متعثرة وتحديد هوية حرب

وبعد أعوام من التحقيقات المتعثرة، تمكن القاضي الفرنسي مارك تريفيديك في عام 2007 من إعادة فتح ملف مطعم "جو غولدنبرغ" الباريسي، وحدد هوية حرب بفضل شهادتين سريتين من عضوين سابقين في التنظيم، عرفا بـ"الشاهدين 93 و107″، أكدا أنه كان قائد المجموعة المنفذة على الأرض والمشرف على التنفيذ المباشر.

إعلان

كما تعرف إليه أحد الناجين من الهجوم، ويدعى غي بناروس، الذي كان يبلغ 16عاما وقتها، مؤكدا أنه رآه يطلق النار عليه أثناء فراره من المكان.

وتنقل هشام حرب بين عدة دول عربية بعد العملية، قبل أن يستقر في غزة عقب تأسيس السلطة الفلسطينية عام 1994، ثم انتقل إلى رام الله حيث عاش بعيدا عن الأضواء سنوات. ويتحدر من بلدة يطا في محافظة الخليل جنوب الضفة الغربية، وهو من مواليد عام 1955.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أوقفت السلطات الفلسطينية، هشام حرب، بعد الاشتباه بإشرافه على تنفيذ هجوم شارع روزييه في باريس استجابة لطلب قضائي رسمي من باريس.

ورغم أنه صدرت في عام 2015، 3 مذكرات توقيف دولية بحق أعضاء الكوماندوس، منهم حرب، لكن السلطة الفلسطينية رفضت تسليمهم آنذاك بدعوى أن فلسطين ليست دولة معترف بها، إلا أن اعتراف فرنسا الرسمي بدولة فلسطين غيّر المعادلة، وفتح الباب لتسليم حرب.

وبحسب عائلة العدرا، فإن اعتقاله لدى الشرطة في مركز البالوع برام الله جاء بظروف غامضة، دون توجيه اتهام رسمي واضح حتى الآن.

وقالت العائلة في بيان إن "العميد المتقاعد يعاني من أمراض صعبة أبرزها سرطان المثانة وشبكيات في القلب، وأنهى قبل 3 أشهر فقط علاجه الكيميائي، وكان مقررا أن يبدأ علاجا إشعاعيا جديدا خلال أسبوعين وفق البروتوكول الطبي ويحتاج لرعاية طبية حثيثة لا يمكن توفيرها في مكان احتجازه الحالي".

وأكدت عدة جهات حقوقية وقانونية ومحامي العائلة أن حرب "لا يستوفي الشروط القانونية لتسليمه لفرنسا". وبأن هذه الخطوة "قد تكون ذات خلفية سياسية وليست قانونية".

من جانبها رأت 13 منظمة حقوقية وأهلية على رأسها "الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" والمؤسسات المنضوية تحت مظلة "مجلس منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية" في بيان مشترك أن "أي إجراء يفضي إلى تسليم مواطن فلسطيني إلى جهة أجنبية يعد انتهاكا صارخا للقانون الأساسي الفلسطيني، الذي نص بوضوح على أنه :"لا يجوز إبعاد أي فلسطيني عن أرض الوطن أو حرمانه من العودة إليه، أو منعه من المغادرة أو تجريده من الجنسية أو تسليمه إلى أي جهة أجنبية".

وأضافت المنظمات أن "حق المواطن في محاكمة عادلة أمام قضاء وطني مستقل هو ركيزة أساسية في المنظومة الحقوقية الفلسطينية التي لا يجوز تجاوزها أو التنازل عنها تحت أي ظرف".

كما أكد محامي حرب، محمد الهريني في تصريحات صحفية، أن عملية تسليمه لفرنسا "أمر غير ممكن قانونيا"، وأن "الشق السياسي" في القضية لا يمكن أن يجد له مكانا في القضاء الفلسطيني.

ووفقا لمختصين قانونيين فإن الاتهام الموجه إلى حرب سقط بالتقادم منذ سنوات عدة، كما لا توجد أي اتفاقية نافذة تسمح للسلطة بتسليم فلسطيني لدولة أجنبية لمحاكمته على عمل "نضالي نفذ في إطار منظمة التحرير" بحسب خبراء تحدثوا في هذه القضية.

ويتهم إعلاميون السلطة بأنها تتعمد "توسيع الهامش السياسي على حساب القانون"، وتسعى إلى تنفيذ "رغبات أطراف خارجية"، وخصوصا فرنسا التي قدمت مذكرة الاسترداد تزامنا مع إعلان اعترافها الرمزي بدولة فلسطين.

ومن المتوقع أن تتم محاكمة حرب، في حال إتمام عملية التسليم، لدى محكمة الجنايات الفرنسية قريبا.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات السلطة الفلسطینیة هشام حرب فی عام

إقرأ أيضاً:

المستشار الألماني يتحدث عن سياسية الترحيل.. هؤلاء في مأمن

قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس إن الأشخاص الذين يتعرّضون للاضطهاد السياسي أو الديني مسموح لهم بالبقاء في ألمانيا.

وأضاف ميرتس، خلال فعالية سياسية لكتلته المحافظة، أنه بالنسبة لأولئك الذين يتعرّضون للاضطهاد السياسي أو الديني، فإن ألمانيا "لن تقوم بترحيلهم. هذا واضح تماما".

كما أكد أن اللاجئين الذين طلبوا الحماية من الحروب الأهلية يجب أن يعودوا إلى بلدانهم الأصلية بمجرد انتهاء الصراعات.

وقال ميرتس "أولئك الذين فرّوا إلى هنا مؤقتا من الحروب الأهلية يجب أن يعودوا إلى وطنهم بمجرد انتهاء الحرب الأهلية".

وأعلن ميرتس أنه سيتحدث مع الرئيس السوري حول ما يمكن القيام به لضمان إمكانية مساهمة الأشخاص الموجودين هنا في إعادة إعمار سوريا بعدما انتهت الحرب الأهلية.

وأشار إلى أن هناك حاجة إلى الكثير منهم في سوريا، وبالتالي يجب أن يكون لديهم حافز للعودة إلى وطنهم.

وفي النهاية، تحدث ميرتس عن احتمالات البقاء للاجئين المندمجين بشكل جيد، مضيفا أن "الكثيرين موجودين هنا وهناك حاجة إليهم هنا، فقد أصبحوا أطباء، على سبيل المثال، أو يعملون في مهن مختلفة. نريد أيضا أن نمنحهم إمكانية البقاء هنا إذا تم دمجهم، وإذا كانوا قادرين على كسب عيشهم هنا مع أسرهم".



واستقبلت ألمانيا خلال موجات اللجوء من الشرق الأوسط أعدادا كبيرة من الفارين من الحروب، وكان السوريون في مقدمتهم بحثا عن الأمان وفرص الحياة المستقرة، غير أن مستقبلهم بات اليوم غامضا بعد إعلان الحكومة الألمانية، التي تبنت سياسات أكثر تشددا في ظل صعود اليمين المتطرف، أن الوقت قد حان لعودة جزء منهم إلى سوريا، سواء بشكل طوعي أو عبر الترحيل الإجباري.

وخلال ذروة أزمة اللاجئين بين عامي 2015 و2016، استقبلت ألمانيا نحو مليون سوري في عهد المستشارة السابقة أنجيلا ميركل، فيما يعيش اليوم في البلاد ما يقارب 1.3 مليون لاجئ، من بينهم نحو 25 ألفاً وُلدوا على الأراضي الألمانية.

مقالات مشابهة

  • المستشار الألماني يتحدث عن سياسية الترحيل.. هؤلاء في مأمن
  • هيكل عرض مع المستشارة الفرنسية الاعتداءات الإسرائيلية والانتهاكات المتواصلة
  • زيارة سياسية تطالها فبركات
  • جائزة الغونكور الفرنسية: كيف تصنع عشرة يوروهات مجدا أدبيا وملايين المبيعات؟
  • مصادر سياسية:الأيام المقبلة ستشهد حالات استبعاد لعدد من الفائزين
  • أهمية الشراكة بين فيات كرايسلر ومجموعة PSA الفرنسية للسيارات ؟
  • سلفاكير يُقيل نائبه في خضم أزمة سياسية متصاعدة
  • خلال لقائه السفيرة الفرنسية.. العليمي يشدد على تعزيز الرقابة على تهريب الأسلحة للحوثيين
  • عباس يؤكد قرب تسليم معتقل فلسطيني لباريس.. متهم في هجوم عام 1982