أمريكا تريد أن تبقى وحدها في العالم
تاريخ النشر: 15th, November 2025 GMT
جلسة دونالد ترامب في مكتبه بالبيت الأبيض، واصطفاف رؤساء وزعماء العالم، في الجانب المقابل مثل التلاميذ، أو ربما المتَّهمين، هي صورة مصغَّرة عن أمريكا الحاضر والماضي أيضا، فهي ما عادت تقبل بالثنائية، بل تريد أن تبقى وحدها في العالم، ليس قيادة معنوية ومادية فقط، وإنما لا تريد للآخرين أن يكونوا، سواء قبلوا بهيمنتها على الكرة الأرضية أم رفضوها.
هناك من يخدّر نفسه بالقول إن الولايات المتحدة حليفة له، تقف إلى جانبه، كما توهَّم الكثيرون، ومنهم المخزن، لكنهم جميعا يعلمون أن الولايات المتحدة هي أسوأ استعمار يخطر على البال، فهي لا تترك حتى البلاد التي تدخلها تستعيد عافيتها، فمهمَّتُها نسف كل أسباب الحياة من طلقة واحدة. وما حدث لأفغانستان وللعراق وسوريا دليلٌ على ذلك.
الحقيقة أن السياسة الأمريكية، على الأقل منذ الحرب العالمية الثانية، صارت تكرّس لأن تبقى وحدها في الكرة الأرضية، فهي لا تعتذر عما تقترفه من جرائم وكوارث، ولا هي تتوقف عن عمليات التسلح الوحشي المبيد للكائنات الحية، وإنتاج الأسلحة التي جرّب الكثير منها الكيانُ الصهيوني في السنتين الأخيرتين، في غزة وإيران واليمن وسوريا ولبنان…
لقد اعترف الأمريكيون بأن حربهم على العراق التي تسبَّبت في فتنة أودت بحياة أكثر من مليون عراقي ودمار شامل لبلاد التاريخ والحضارة العريقة، كانت لتفكيك أسلحة الدمار الشامل التي زعمت بأن الرئيس صدام حسين يمتلكها، ثم عادت لتقول إن الرئيس العراقي السابق لم يمتلكها أصلا، ومع ذلك لم تعتذر.
ويقال إن قنبلة هيروشيما التي أطلقتها القوات الأمريكية على اليابان أودت بحياة 140 ألف بين قتيل في الحال ومحترق بالإشعاعات النووية بعد أيام الانفجار، ومع ذلك لم نسمع مرة واحدة اعتذارا أو اعترافا بالذنب من الولايات المتحدة الأمريكية، وأكثر من ذلك أتبعتها بقنبلة أخرى في نكازاكي.
والطيار الأمريكي نفسه، “بول تيبيتس”، الذي قاد الطائرة المدمِّرة لهيروشيما، والمتسبِّبة في كل هؤلاء الضحايا وذاك الدمار، عاش إلى غاية 2007 مقدِّما محاضرات وكتبا، لم “يتكرّم” ولو مرة واحدة بالاعتراف بالذنب، بل كان يعتبر ما قام به رجولة وشهامة وخدمة للإنسانية.
أمريكا مقتنعة بأنها هي من أنقذت العالم من أسامة بن لادن وصدام حسين ومن شوكة إيران ومن حماس وحزب الله، ومن حقها أن تأخذ نصيبها المالي والمعنوي من كل بلاد العالم، وأن تبقى تسيِّر الكرة الأرضية كما تراها ويراها قادتها، على أن تنسف كل من يقاوم سياستها وربما حتى من يرفع الراية البيضاء، كما حدث مع نشأة هذه البلاد التي جعلت من الهنود الحمر قصة أثرية قديمة، وهي تسعى إلى أن تُلحِق بهم كل المقاومين والثائرين المطالبين بحقوقهم وحرياتهم.
عودوا إلى جلسة الرئيس الأمريكي في مكتبه، وهو يؤنِّب الرؤساء وأحيانا يسخر منهم، لتعرفوا أن هذا الأسلوب الذي سيتحول إلى أسلوب سياسة خارجية في البيت الأبيض، لا تفسير له سوى أن الولايات المتحدة تريد أن تبقى وحدها.. وحدها فقط في العالم.
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه ترامب الولايات المتحدة الولايات المتحدة الاحتلال ترامب الحروب الامريكية مقالات مقالات مقالات اقتصاد صحافة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة تتوقف عن سك البنس بعد أكثر من 230 عاما
تستعد الولايات المتحدة، الأربعاء، لإصدار آخر دفعة من عملتها المعدنية من فئة السنت الواحد، بعد أكثر من 230 عاما من الإنتاج المتواصل، بحسب ما أعلنته وزارة الخزانة الأمريكية. وستظل هذه العملات متداولة، لكن الحكومة بدأت خطة التخلص التدريجي منها، وسط توقعات بتأثيرها على الأسعار، إذ أبلغت بعض الشركات المستهلكين عن صعوبة الحصول على بنسات.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عند الإعلان عن الخطة في شباط/فبراير الماضي: "نريد اقتلاع الهدر من ميزانية أمتنا العظيمة، حتى لو كان ذلك بنسا واحدا في كل مرة".
وتشير بيانات وزارة الخزانة إلى أن تكلفة إنتاج البنس الواحد، المصنوع من الزنك المطلي بالنحاس ويحمل صورة الرئيس إبراهام لينكون، بلغت نحو أربعة سنتات للقطعة، أي أكثر من ضعف التكلفة قبل عقد من الزمن، ما يجعل الاستمرار في سك هذه العملة غير اقتصادي. وتقدر الوزارة أن وقف سك البنس سيوفر نحو 56 مليون دولار سنويا.
وتوضح الوزارة أن نحو 300 مليار بنس ستظل متداولة، وهو رقم يفوق بكثير ما هو مطلوب لإجراء المعاملات التجارية اليومية. وينتهي المطاف بالكثير من هذه العملات خارج التداول، إذ تبقى حوالي 60% من البنسات المتداولة مخزنة في المنازل ضمن حصالات الأطفال، لعدم جدواها في الاستبدال، وفق تحليل حكومي صدر عام 2022.
وتشير الدراسات إلى أن الشركات قد تقوم بتقريب الأسعار لتسهيل المعاملات النقدية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع كلفة المشتريات، إذ قد يكلف هذا المستهلكين نحو ستة ملايين دولار سنويا، وفق دراسة أجراها فرع بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند.
وقد سبقت الولايات المتحدة دولا أخرى في هذا الاتجاه، حيث أوقفت كندا إنتاج البنس عام 2012، فيما سحبت أستراليا ونيوزيلندا عملات السنت والسنتين في تسعينيات القرن الماضي، كما أوقفت نيوزيلندا إنتاج عملات "خمسة سنتات" عام 2006.
أما المملكة المتحدة، فاقترحت التخلص من عملات البنس الواحد عام 2018 لكنها تراجعت عن القرار، قبل أن توقف الإنتاج لاحقا في 2024 بسبب انتشار المعاملات الإلكترونية.
ويتركز الاهتمام الآن على عملة النيكل الأمريكية، التي تبلغ قيمتها خمسة سنتات، لكن تكلفة إنتاجها تصل إلى نحو 14 سنتا، ما يجعلها أكثر تأثيرا على المستهلكين. وتشير تقديرات بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند إلى أن سحب هذه العملة قد يكلف المتسوقين نحو 55 مليون دولار سنويا.