لجريدة عمان:
2025-12-12@10:02:06 GMT

تطبيقات الاقتصاد السلوكي

تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT

الاقتصاد السلوكي هو أحد فروع الاقتصاد ومزيج من علمي الاقتصاد والنفس ويهدف إلى فهم سلوك الأشخاص على أرض الواقع وليس نظريا، وعبر إجراء التجارب الحقيقية، لا عن طريق الاستبيانات والاستطلاعات وأدوات القياس الأخرى، ووفقا لعدة مصادر فإن علم الاقتصاد السلوكي ليس حديث النشأة ولكنه تطوّر بسبب استمرار التجارب حوله وذلك بفضل العالمين كانمان وتفيريسكي اللذين درسا انحيازات الحدس (biases of intuition) ودوره في التأثير على اتخاذ القرارات.

ولم يكن علم الاقتصاد السلوكي يحظى بقبول كبير خلال السنوات السابقة خاصة من قبل الاقتصاديين التقليديين، لكن مفهوم الاقتصاد السلوكي بدأ يتردد كثيرا في أذهان الأشخاص والدارسين لتطورات علوم الاقتصاد والنفس والاجتماع أيضا، ويهتم العالم بعلم الاقتصاد السلوكي الذي تعدى مرحلة فهم توجهات الاقتصاد ومتغيراته إلى مرحلة فهم مشاعر المستهلك وعواطفه ليتعرف على التوجهات النفسية وذلك لاتخاذ القرارات المالية، غالبا لا نعطي رأينا الفعلي أو سلوكنا الحقيقي حول موضوع أو قضية معينة وليس القصد من ذلك المراوغة أو الخداع وذلك لأن الأشخاص يميلون إلى العقلانية والمثالية في تفاعلهم مع الأحداث المحيطة بهم وذلك لاختلاف سلوكهم النظري عن العملي.

وحقيقة الأمر أن كثيرا من قراراتنا اليومية تتأثر بالعوامل النفسية والعاطفية خاصة في القرارات المالية، وهنا نستحضر إحدى نظريات الاقتصاد وهي نظرية الخيار العقلاني أو النظرية العقلانية التي توضّح أن الأشخاص يحققون درجة عالية من الرضا عند إتاحة خيارات عدة أمامهم كون أن الشخص مؤهل عقليا لاتخاذ القرارات الملائمة والمناسبة له وأنه قادر على السيطرة على عواطفه وعدم السماح لها بالتحكم في قراراته، إلا أن الاقتصاد السلوكي يرى أن العاطفة تستطيع التأثير على اتخاذ القرارات وأنهم غير مؤهلين لاتخاذ قرارات صائبة بسبب الظروف والمتغيرات التي يمرون بها؛ فالتباين في الآراء حول الاقتصاد السلوكي وتطبيقاته الذي بدأ يحظى باهتمام لدى كثير من الأشخاص والمتخصصين حتى وصل الاهتمام إلى مستوى الحكومات لوضع السياسات الاقتصادية والمالية، إلا أن القرارات المتخذة وفقا لتطبيقات الاقتصاد السلوكي والدراسات حوله هي عاطفية بدرجة كبيرة كونها لا تنظر إلى التوقعات المستقبلية وربما تكون قرارات اتخذت في حالات مختلفة تمر على الأشخاص مثل حالات الغضب والفرح؛ فمثلا أن يشتري المستهلك منتجا ليس من ضمن احتياجاته الأساسية أو أن يشتري مركبة أو يقتني منزلا أكبر من قدرته المالية مما يسبب له أزمة اقتصادية مستقبلية ولكن بسبب فكرة عابرة خطرت على باله أو وضع نفسه أمام مقارنة مع الآخرين اضطر لاتخاذ مثل هذه القرارات، ومثال على ذلك، اختيار ألوان معينة عند شراء بعض السلع بالرغم من تفاوت الأسعار ونفس جودة المنتج، كذلك عند شراء سلعة معينة من محل ثم تتفاجأ بأن سعرها أقل في محل آخر فإنك ستتأثر عاطفيا ونفسيا بأنك خسرت جزءًا من المال كان بالإمكان الاحتفاظ به في حال اشتريت السلعة من المحل ذات السعر الأرخص.

من تطبيقات الاقتصاد السلوكي هي الإعلانات التي تطلقها المحال وشركات التسويق أو حتى ما يطلق عليهم مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي؛ فمثلا إذا كان ميول المستهلكين تناول الوجبات السريعة فإن المطاعم تستطيع اتخاذ قرارات تستهدف ميولهم وتحقيق أكبر قدر من الأرباح، أما المثال الآخر فهو اتخاذ المستثمرين قرارات غير مدروسة ظنا منهم أنهم قاموا بتحقيق صفقة استثمارية ناجحة وذلك بإيهامهم بوجود تخفيضات بنسب كبيرة على الوحدات السكنية أو التجارية أو الصناعية، ولكن لو تم تحديد سعر الوحدات بنفس سعرها بعد التخفيضات لن تحقق الأرباح المتوقعة، لنفترض أن سعر الوحدة السكنية 100 ألف ريال عُماني ثم جرى تخفيضها بنسبة 15% ليصبح سعرها 85 ألف ريال، فإن إقبال المستثمرين على مبلغ 85 ألف ريال أكبر من سعر 100 ألف ريال، لكن لو تم تحديد سعر 85 ألف للوحدات السكنية، فإن الإقبال على شراء الوحدات لن يكون كبيرا وذلك لأسباب يظن خلالها المستثمر أنه حقّق صفقة استثمارية ناجحة.

أما التطبيق الثاني للاقتصاد السلوكي فيتمثّل في أن كثرة الخيارات تقلل نسبة الشراء بسبب تردّد المستهلك في الاختيار وتشتت ميوله العاطفية والنفسية تجاهه ولذلك نجد كثيرا من الإعلانات تحاول معالجة هذا التحدي عند المستهلكين عبر وضع عبارة، مثلا اشتر علبة واحدة لتوفّر شراء 3 علب، أما المثال الآخر وهو من أهم تطبيقات الاقتصاد السلوكي فهو إذا كان البائع يعاني من ضعف مبيعات المنتجات ذات الحجم الكبير فبالإمكان وضع خيار آخر للمستهلك وهو الحجم المتوسط وسعره يقترب من سعر المنتج ذي الحجم الكبير فإن المستهلك سيلجأ للمنتج بالحجم الكبير وذلك ظنا منه أنه كسب من صفقة الشراء وكان خيارا أفضل.

يعد علم الاقتصاد السلوكي أحد علوم الاقتصاد الشائقة كونه مزيجا من علوم الاقتصاد والعلوم الإنسانية مثل علمي النفس والاجتماع، وأصبح مهما في تحديد خيارات الأشخاص وفي اتخاذ قراراتهم المختلفة عبر دراسة سلوكهم وتحديد ميولهم؛ ولذلك أصبح إطلاق الإعلانات التسويقية لا بد أن يكون مبنيا على دراسة السلوك والعاطفة للأشخاص، وأرى من المهم تكثيف التعريف بالاقتصاد السلوكي حتى تترسّخ تطبيقاته لدى أفراد المجتمع والتوعية بدوره في اتخاذ القرارات غير المدروسة أحيانا كونها قرارات غير عقلانية وغير واقعية وإنما اتخذت نتيجة عامل عاطفي أو نفسي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: اتخاذ القرارات ألف ریال

إقرأ أيضاً:

الصبيحي: متى يتدخل الرئيس لإيقاف شلّال التقاعدات المبكرة القسريّة في أمانة عمّان.؟

صراحة نيوز- خبير التأمينات والحماية الاجتماعية
الحقوقي/ موسى الصبيحي
عدد كبير من موظفي ومستخدمي أمانة عمان الكبرى تم إنهاء خدماتهم وإحالتهم على التقاعد المبكر بشكل قسري خلال الفترة الماضية، بعد أن أخذ الأمين الضوء الأخضر من الحكومة السابقة بالهيكلة والترشيق، التي تتطلب التخلص من (7) آلاف موظف ومستخدم بإحالتهم على التقاعد المبكر بشكل قسري.

الموظفون المحالون حتى الآن رفعوا أصواتهم عالياً واستنجدوا بالنواب والإعلام والأحزاب للوقوف إلى جانبهم ورفع الظلم عنهم ولكن بدون أي فائدة.

بالأمس صدر قرار الأمانة بإحالة (53) موظفاً على التقاعد المبكر اعتباراً من 31-01-2026، ولا تزال القرارات تصدر بصيغة خاطئة لا تتوافق مع قانون الضمان الاجتماعي، فليس من صلاحية أي كان أن يحيل موظفاً على التقاعد المبكر، لأن قرار التقاعد المبكر قرار خاص بالموظف المشترك بالضمان نفسه، ولا أحد يملك أن يقرّر عنه، فالصيغة السليمة للقرار تكون بإنهاء خدمات الموظف كونه مستكملاً لشروط التقاعد المبكر فقط لا غير، وقد سبق أن صحّحت الكثير من القرارات سابقاً ولكن دون فائدة أيضاً.!

الآلاف من موظفي الأمانة تم إحالتهم وجزء منهم بمدد خدمة واشتراكات تقل كثيراً عن الثلاثين عاماً، لا بل لا تتجاوز خدمة بعضهم أل (25) عاماً ما جعلهم يحصلون على رواتب تقاعد مبكرة ضعيفة خفّضت دخلهم بنسبة وصلت إلى النصف في بعض الحالات.!

هناك ظلم كبير واضح لحق بالغالبية العظمى من هؤلاء الموظفين المحالين، وآن الأوان لكي ترفع الحكومة “الكرت” الأحمر في وجه الأمانة وتُلزمها بوقف الإحالات المبكرة على التقاعد لموظفيها إلا إذا كانت بناءً على طلبهم فقط، لا سيما وأن الحكومة اعترفت أخيراً على لسان وزير العمل بأن التقاعد المبكر القسري لموظفي القطاع العام ألحق بهم الضرر وأصابهم بالظلم كما أثّر سلباً على المركز المالي للضمان.

فهل يتدخل دولة رئيس الوزراء جعفر حسان ويوقف تقاعدات الأمانة فوراً رأفةً بالموظف أولاً ثم رأفةً بالضمان ثانياً.؟!

مقالات مشابهة

  • أنت المسؤول عن قراراتك!
  • عاجل ـ خلال لقائه اليوم برئيس الوزراء.. رئيس هيئة الدواء يكشف خطة التوسع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل المنظومة الدوائية
  • قيادة عُمانية لحدث عالمي
  • نصف مليار عملية.. «أنواء» يتصدر تطبيقات الطقس بالشرق الأوسط
  • القائم بأعمال وزير الاقتصاد يشدد على تنفيذ قرارات مقاطعة البضائع الأمريكية وتوفير البدائل
  • ضبط سيدتين تروّجان لأعمال منافية للآداب عبر تطبيقات الهاتف فى الإسكندرية
  • لماذا تحتاج المؤسسات المالية إلى الأخلاق؟
  • جامعة قنا تشرع في إطلاق تطبيقين لاستخراج الوثائق وأرشفة القرارات
  • الصبيحي: متى يتدخل الرئيس لإيقاف شلّال التقاعدات المبكرة القسريّة في أمانة عمّان.؟
  • حكم الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في طلب الفتوى.. الإفتاء توضح