غضب الطبيعة.. رسالة إلى خلق الله
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
فجأة استيقظ العالم، «هزار» غضب الطبيعة الذى حول المدن إلى حطام، ليكتشف أن جزءا منه مازال يعيش بعيدا عن عجلة التاريخ، المكان مختلف والدمار واحد، أبت الطبيعة إلا أن تمسح المكياج الذى يستر جزءا كبيرا من عوراتنا وعيوبنا وتوقظ الضمائر التى ربما ثملت كثيرا حتى أصبحت غارقه فى سبات عميق.. غضب الطبيعة يعصف بالنصف الثانى من العام على منطقة الشرق الأوسط، لم تفق البلاد من صدمة زلزال المغرب، حتى أتى إعصار «دانيال» يجتاح ليبيا.
إنما هى هزّة ربانية تهتزّ لها قلوب النّاس ليعلمُوا أن الله قوى وأنهم ضعفاء، وأن الأرض ما هى إلا جند من جنود الله ونحن نعصيه على أرضه وجنده حتى يعودوا إليه.
ماذا ننتظر؟ فقد رأينا الرويبضة، رأينا خللا فى ميزان العقل والمنطق، رأينا ما لا عين رأت ولا أذن سمعت فى المجاهرة بالمعصية. رأينا حوادث قتل دموية فى الأسرة الواحدة، رأينا وسمعنا شذوذ الطبيعة وشذوذ الجسد ورأينا جحود الأبناء، ورأينا جند العراق وجند الشام وجند اليمن، ورأينا التطاول فى البنيان ورأينا الأرض الخربة تخرج كنوزها، ورأينا حصار العراق والشام ورأينا أبنية مكة تعلو الأخشبين، ورأينا الأمين يخون والخائن يؤتمن، والصادق يُكذَّب والكاذب يُصدَّق ورأينا الأمانة أصبحت مغنماً، ورأينا استحلال الحرام والحرير والخمر. رأينا الرجل الأنثى وأيضا أشباه الرجال فى الطبع والمنظر والميوعة حتى رأينا العجب ولم نعد نفرق إن كان رجلا أو أنثى إلا بالتحاليل.. والأنثى التى استرجلت وأصبحت تقوم بكل الأدوار والمسئوليات حتى اختفى دور الرعية وأصبح فى الوبا.. ورأينا ورأينا...
هزّة أرضية وأعاصير أرعبت قلوب الناس، فـكيف لو استيقظنا والشمس تشرق من مغربها وباب التوبة قد أغلق ما حالنا عندها؟ اللهم اهدنا وتب علينا واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.. هكذا هى الحياة تحمل فى طياتها الكثير من الأقدار حلم يتحقق وحلم يتعثر ولقاء بلا موعد وفراق بلا سبب، لا البدايات التى نتوقعها ولا النهايات التى نريدها، ولكن تستمر الحياة، واللهم ارزقنا حسن الخاتمة.
رئيس لجنة المرأة بالقليوبية
وسكرتير عام اتحاد المرأة الوفدية
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: غضب الطبيعة
إقرأ أيضاً:
صفة عباد الرحمن .. تعرّف عليها واحرص أن تكون منهم
كتب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف منشورًا جديدًا عبر صفحته الرسمية على فيس بوك قال فيه: قال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ (الفرقان: 63). فكانت أولُ صفةٍ لعبادِ الرحمن أنهم يمشون على الأرض هونًا.
وأوضح أن الهونُ في اللغة: الرفقُ واللين. ومنه ما جاء في الحديث: «أَحْبِبْ حبيبَكَ هونًا ما، عَسَى أَنْ يكونَ بَغيضَكَ يومًا ما، وأَبْغِضْ بَغيضَكَ هونًا ما، عَسَى أَنْ يكونَ حبيبَكَ يومًا ما» [رواه الترمذي]، أي: حبًّا مقتصدًا لا إفراط فيه ولا تفريط.
ويُروى مُرسَلًا عن مكحول أنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: «المؤمنون هَيِّنون لَيِّنون كالجملِ الأنف: إن قِيدَ انقاد، وإن أُنيخَ استناخَ على صخرة»؛ وذكره البيهقي في [شُعَب الإيمان]، والمراد: أن المؤمن لينٌ سهلٌ.
وبين ان فمعنى الآية: أن مشيَهم على الأرض يكون في لينٍ وسكينةٍ ووقارٍ وتواضع، وهذا كله ضدُّ الكِبر، وهو يتفق مع قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا﴾ (الإسراء: 37).
أشار إلى أن عدمُ الكِبر يجعل الإنسانَ يعرف حقيقتَه وأنه محدودٌ؛ فيلتفت إلى وظيفته الحقيقية في هذا الوجود، وهي: عبادةُ الله، وعمارةُ الكون، وتزكيةُ النفس.
ويتفق ذلك مع وصيةِ لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾ (لقمان: 18).
وقال زيد بن أسلم: كنتُ أسأل عن تفسير قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا﴾ فما وجدتُ فيه شفاء، فرأيتُ في المنام مَن جاءني فقال لي: هم الذين لا يريدون أن يفسدوا في الأرض. (القرطبي)؛ وقيل: يمشون بالوقار والسكينة.
وهو معنى جليلٌ نبه إليه كثيرٌ من المفسرين. فقال القشيري: «وقيل: لا يمشون بإفسادٍ ومعصية، بل في طاعة الله، والأمورِ المباحة من غير هوك» (والهوك: الحمق). وقال ابن عباس: بالطاعة والمعروف والتواضع.
وقال الحسن: حلماءُ إن جُهل عليهم لم يجهلوا. وقيل: لا يتكبرون على الناس. وهذه كلها معانٍ متقاربة، ويجمعها العلم بالله، والخوف منه، والمعرفة بأحكامه، والخشية من عذابه وعقابه. (تفسير القرطبي)
ونوّه أن الهونُ هنا صفةٌ لعباد الرحمن، وليس صفةً للمشي وحده؛ لأن الإنسان قد يمشي برفقٍ وفي حقيقته وذات صدره هو ذئب؛ كما قيل:
كلُّهم يمشي رويدًا ** كلُّهم يطلبُ صيدًا
والنبي ﷺ يقول للسيدة عائشة رضي الله عنها: «إنَّ الرفقَ لا يكونُ في شيءٍ إلا زانَه، ولا يُنزعُ من شيءٍ إلا شانَه» (رواه مسلم).
فهذه صفةٌ تحتاج إلى كثيرٍ من ضبط النفس والتربية. وما أحوجَنا إليها في عصرنا الحاضر؛ حتى نخرج من مصائبِ الكِبر الذي ما دخل في أمةٍ إلا أهلكها، ومن مصائبِ الفساد الذي ما شاع في قومٍ إلا أخرجهم من دائرة الرضا والقناعة إلى دائرة الطمع والحمق. فإن أساس الإفساد في الأرض وارتكاب الحرام وظلم الناس إنما هو ذلك الطمع، وما يكتنفه من عنفٍ في طلبه.
قال تعالى: ﴿تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ (القصص: 83).
ونلاحظ هنا أن الله سبحانه وتعالى نهى عن مجرد إرادة العلو، فما بالك بنفس الفعل. وفي الحديث: «ألا أُخبرُكم بأهلِ النار؟ كلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مستكبر» (رواه البخاري ومسلم).
والعُتُلّ: قيل هو الغليظ العنيف، الشديد الخصومة في الباطل، والجَوّاظ: قيل الكثير اللحم المختال في مشيته (وقيل فيه غير ذلك).
ويحتاج الأمرُ منا إلى تتبع مادة "فسد" في القرآن الكريم لرسم ملامح ذلك الفساد المنهي عنه، وكذلك في السنة؛ لأن تحديد المفاهيم أصبح من الواجبات الكبار؛ فكثيرٌ من الناس يرى المنكر معروفًا، والمعروف منكرًا، ويرى الصلاح فسادًا، والفساد صلاحًا. ويمكن تحقيق ذلك بأن نتتبع ما يحبه الله وما لا يحبه في القرآن الكريم حتى نحدد مفهوم الصلاح والفساد.